طباعة

عيبان السامعي: جماعة الحوثي متورطة فـي تنفيذ مشروع «ثورة مضادة» بالتحالف مع صالح وعصبته

  • الاشتراكي نت / الثوري

الخميس, 12 شباط/فبراير 2015 18:11
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

 

التقاه: سام أبو اصبع

ضيف «الثوري» هذا العدد عضو مؤتمر الحوار الوطني وعضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الرفيق عيبان السامعي أحد شباب الحزب الذين استطاعوا أن يثبتوا أن هذا الحزب العريق ما زال قادراً على إنتاج قادة لديهم من الرؤى والأفكار الكثير، فإحدى وظائف ومهام الأحزاب إنتاج قادة.

• كيف يقرأ الرفيق عيبان المشهد القائم فـي البلد، وما تفسيرك لذلك؟

- إجمالاً يمكن القول إن الشعب اليمني يخوض مساراً كفاحياً غايته النهائية استعادة سلطته على قراره وسيادته على ثروته؛ وبحكم موروثات الدولة الميراثية والاقتصاد الريعي وما يستند عليه من بنية اجتماعية بطريركية (أبوية) متخلفة, وتسيد ثقافة المحاذير والانغلاق المعرفي على قطاعات واسعة من المجتمع اليمني فإن هذا المسار الكفاحي لا بد أن يأخذ طابعاً متواتراً, أي «ثورة مستمرة». بيد أنّ جملة من العقبات والعوائق تقف في الطريق, هادفة إلى فرملة عجلات الثورة وإيقاف مسارها, وما تكشفه المجريات الراهنة من ظهور جماعات مليشاوية تُحْكِم قبضتها على مؤسسات الدولة وتضيّق مساحة العمل السياسي وتدفع الناس دفعاً للاحتماء بهوياتهم الصغيرة (المذهبية والمناطقية والقروية) هو أحد تجليات تلك المساعي التقويضية.

من هذه الزاوية, نذهب إلى القول بأن جماعة الحوثي متورطة في تنفيذ مشروع «ثورة مضادة» بالتحالف مع صالح وعصبته, وهو تحالف يسعى إلى الانتقام من الشعب اليمني لأنه خرج منتفضاً في وجه النظام الاستبدادي الميراثي العصبوي الفاسد, وإجهاض الربيع اليمني, ولئن كان الأمر في اليمن كذلك, فهو أمر يصعب فصله عما يجري في بلدان الربيع العربي الأخرى (مصر وسوريا وليبيا وتونس), فهذه البلدان شهدت عودة النظام القديم بكيفيات مختلفة, القاسم المشترك فيها إجهاض الربيع وإسدال الستار على الانتفاضات الشعبية الطامحة إلى دولة المواطنة.

• فـي بلدان الربيع العربي استطاعت الأنظمة الاستبدادية العودة فـي بعض هذه البلدان كما هو الحال فـي مصر وتـونـس وفـي بعضها كحال ليبيا وسوريا دخلت حرباً أهلية مفتوحة تبدو إلى اليوم بغير انتهاء أما فـي النموذج اليمني فيمكن اعتباره هجيناً من النظام القديم الذي ما زال يحكم، ومن تفجر بؤر الحرب الأهلية فـي أكثـر من جغرافيا يمنية، ليجعلنا ذلك أشبه ما نكون أمام معادلة الاستبداد أو الموت. ما تعليقك على ذلك وهل بالإمكان تغيير المعادلة عبر السياسة كما تحاول أن تقنع به الأحزاب السياسية؟

- إجابة على الجزء الأول من سؤالك, أود التأكيد على أن عودة النظام القديم في بلدان الربيع ليس خاتمة الحكاية, لأن الثورة الشعبية اليوم تواجه حالة صراع في داخلها وخارجها, وهناك إفرازات تنشأ في ظروف معينة وتواجه أي مجتمع يشهد وضعاً ثورياً, فالثورة عملية تحويلية وتغييرية ممتدة تعصف بالمجتمع وتصل إلى عمقه فتعمل على إخراج كل الأعطاب والتقيحات الكامنة فيه (الطائفية, والمناطقية, والعصبوية, والنزوع الاستبدادي, والفاشي, والعسكرتاري... إلخ) وتقذف بها إلى السطح, مما يضع قوى الثورة أمام تحدٍ فعلي لمواجهة تلك الأعطاب والتقيحات وتصفيتها والتخلص منها لإنقاذ الكيان الجمعي من الهلاك وبالتالي ضمان حياة جديدة لمجتمع متعافٍ.

ولو أجلينا النظر في الخارطة العربية سنجد أن مسار الثورة قائم ومستمر وهو يرتبط باستمرار الإرادة الشعبية رغم ما يعترضها من خضات وعوائق تكاد أن تنسفها, فالشعب اليمني اليوم يناهض بعزيمة كبيرة كل المساعي الهادفة لتقويض مسار ثورته ووحدته الوطنية, فاضحاً في الوقت نفسه كل الوسائل التحايلية والشعبوية الخادعة الرامية إلى استعادة المركز العصبوي المقدس لسلطته الاستحواذية المقيتة, فيما الشعب المصري يخرج رافضاً إعادته إلى حضيرة الاستبداد العسكري, وأما الشعب السوري فما يزال يواجه بكل عنفوان إنساني فاشية الأسد ودمويته الاستثنائية, والأمر نفسه ينطبق على الشعب الليبي الذي يكافح في سبيل وحدته الوطنية. إذاً نحن أمام إرادة شعبية عربية جبارة وهذا هو الجوهري في المعادلة القائمة.

وفيما يتعلق بالجزء الثاني من السؤال, فإنني أرى أن السياسة فعل إنساني شامل, ولا معنى للفصل بينها وبين قضايا الثورة والتنوير والديمقراطية والمدنية في حالتنا العربية, نظراً لجسامة وتعدد المهام الاجتماعية والسياسية والثقافية والقومية التي تواجهها شعوبنا, فضلاً عن الطبيعة التعددية لعصرنا الراهن.

• ما تفسيرك لعودة الـناس لملاذاتهم وعصبياتهم الما دون وطنية وكيف تقرأ هذا الانبعاث للهويات المحلية الانعزالية؟

- يجري إرجاع سبب انبعاث الهويات الفرعية في أي مجتمع إلى غياب الكيان الوطني الجامع (الدولة), وهو تفسير نتفق معه, غير أنّ الاقتصار على هذا السبب يجعل منه (خطيئة أولى) وتفسيراً أحادياً لا يتسق مع الخصوصية اليمنية التي تحمل أسباباً إضافية منها:

1. وجود كيانات (القبيلة, المذهب, المنطقة, الجهة) واقتحامها للمجال السياسي ما يجعلها كيانات تحمل طبيعة مناوئة لسلطة الدولة.

2. فشل الدولة الوطنية المنبثقة عن الاستقلال الوطني في تحقيق وعودها, وعلى الأخص فشلها في إنجاز التنمية الوطنية الشاملة.

3. تزايد الاحتقان الاجتماعي لدى أبناء (مناطق الظل) كاستجابة للقهر السياسي الذي مارسته السلطة بحقهم.

4. قيام السلطة الاستبدادية بتشييد عمرانها السياسي والوطني على مراكز قوى ونفوذ, جاعلة منهم بديلاً عن الشعب والمجتمع.

5. انحسار الدور الوطني للأحزاب السياسية بوصفها المعادل الموضوعي للسلطة الرسمية.

• كنت سأسألك رفيق عيبان عن تقييمك لدور الأحزاب السياسية وأدائها خلال فترة ثورة فبراير الشعبية السلمية وأداء الشباب فيها وامتداداته حتى الآن أقصد الشباب والأحزاب؟

- جاءت الثورة ترميزاً لمعنى الشعب؛ إذ يرتبط هذا المعنى بقدرته (أي الشعب) على تملّك المجال العام وحراكه الحر في إطاره, وقد مثّل الشباب بمختلف مشاربهم القوة الاجتماعية المبادئة في ذلك, وهو دور قلّ نظيره في التاريخ الاجتماعي اليمني المعاصر.

ورغم جسامة التضحيات وروح الإقدام والشجاعة التي أبداها الشباب طيلة فترة الثورة, فإن النتائج والمآلات لم تكن بمستواها, ويعود السبب إلى القصور الذاتي في حركة الشباب؛ إذ حكمتها العفوية وانعدام التنظيم, ناهيك عن غياب الفكر العلمي الثوري وقلة الخبرة السياسية والتنظيمية وتسيد النزعة الزعاماوية والأنانية المفرطة التي ألهتهم عن إنتاج شكل قيادي للثورة بغية استكمال مهامها, بل الأنكى من ذلك أنها أدخلت الكثيرين في مضمار للتسابق والهرولة وراء المواقع والأضواء وحولت البعض إلى محاسيب لدى أطراف سياسية بعيدة عن روح الثورة.

أما دور الأحزاب السياسية, فمن وجهة نظري, أن الأحزاب التي كانت جزءاً من الثورة مارست دوراً مهماً ومسؤولاً في فترة ما, تمثل هذا الدور في تجنيب البلاد الانفلات إلى المسار الكارثي الذي نشهده عياناً في سوريا وليبيا, أقول هذا الكلام وأنا أدرك تماماً مدى الاستعداد الحربي والقتالي الذي كان يحضّره النظام السابق لزج البلاد في حرب شاملة لا تُبقي ولا تذر.

• كنت قد تكلمت فـي فقرة سابقة من إجابتك عن انحسار دور الأحزاب الوطنية برأيك لماذا هذا الانحسار مع أننا عشنا مرحلة ثورية بامتياز؟

- انحسار الدور الوطني للأحزاب لم يكن نابعاً عن حالة إرادوية, أو نتاج قرار اتخذته قيادات هذه الأحزاب, وإنما هناك أسباب موضوعية لذلك, فالبيئة اليمنية القائمة بيئة طاردة للعمل السياسي, لأنها بيئة عنيفة مسلحة وغير آمنة. وسبب آخر يعود إلى الطبيعة المشوهة لكثير من الأحزاب الموجودة في البلاد, التي يصعب علينا أن نصفها بأنها أحزاب سياسية, ناهيك عن كونها وطنية, فمثلاً من الصعب أن تصف كياناً خرج من رحم السلطة ويضم في صفوفه مجاميع من الطفيليين والزعماء القبليين والعسكرتاريين والبيروقراطيين والفاسدين وأصحاب السوابق بـ«حزب سياسي», الأمر ذاته ينطبق على كيان آخر يستند إلى الدين ومراكز نفوذ اجتماعي, كما يصعب عليك أيضاً أن تعتبر قوة ناشئة تمنح الأفضلية للناس بناء على السلالة وصلة القرابة والعشيرة والمذهب والمنطقة الجغرافية أنها قوة سياسية أو وطنية.

ومع هذا, هناك أحزاب سياسية فعلية, تملك حضوراً وطنياً ولديها رصيد نضالي وتاريخ عريق وتضم في صفوفها أبناء الطبقات الشعبية, وهي وإن كانت تعاني من إشكاليات تنظيمية وتواجه تحديات موضوعية مختلفة, فإن ما يؤخذ عليها أنها تضع كل بيضها في سلة واحدة, وتُسقط الخيار الشعبي من أجندتها, وهي مسألة غير مقبولة وغير منطقية.

• برأيك ما السبيل اليوم للخروج من هذا السديم المعتم الذي غلف حياة المواطن بعدم وصوله للدولة المدنية الحديثة؟

- ليس هناك من سبيل آخر, غير الاستمرار في الحراك الشعبي, والتمسك بالمطالب الشعبية المشروعة, والاستعداد لتقديم تضحيات وأكلاف ضرورية لإنجاز هذا المسار, فالدولة الديمقراطية المدنية الاتحادية الحديثة ليست مائدة تهبط من السماء, كما يستحيل تحقيقها عبر تسويات فوقية, بل عبر مسار نضالي ديمقراطي طويل وشاق يصاحبه خطاب وطني اجتماعي يرتفع فوق التعابير المناطقية والطائفية والعصبوية ويناهض المساعي التمزيقية ويؤكد على حقيقة أنه يستحيل تحقيق الخلاص الجمعي بغير الوطنية اليمنية, هويةً وانتماءً ونضالاً تحررياً إنسانياً.

• واضح من كلامك ان رهانك الشعبي ما زال هو الحل الوحيد للمشكلة اليمنية ولكن هل بإمكاننا اليوم بالفعل استعادة لحظة ثورة فبراير الذهبية وتحشيد الجماهير التي تم تفريخ طاقاتها طوال السنوات الأربع الماضية وصبها فـي مجرى الثورة المضادة ومجاري خاصة تفوح منها عفونة الطائفية والمناطقية؟

- في تقديري, إن جذوة الثورة لم تُهمد بعد, وهي وإن كانت قد خفتت نسبياً, فإنني ما زلت أضع كل رهاني عليها, قد يعتبر البعض أن هذا رهان اعتباطي, وقد يعتبره البعض الآخر ضرباً من الرومانسية الثورية, لكن إذا أدركنا أن الأزمة القائمة قد وصلت إلى نقطة قصوى, وإذا أضفنا إلى ذلك ثقل وطأة الأعباء المعيشية على قطاعات واسعة من الشعب اليمني وتفاقمها يوماً عن يوم, فإن الرهان على اشتعال جذوة الثورة مرة أخرى يغدو رهاناً واقعياً ومنطقياً إلى حد كبير.

أما ما يتعلق بلجوء القوى المضادة إلى تحشيد جموع من الشعب والفقراء منهم على وجه التحديد وراء شعارات ظاهرها شعبوي وباطنها يخفي نزوعاً طائفياً واستحواذياً مقيتاً, حيث لا يرى في الشعب سوى قطعان تُساق سوقاً إلى معاركها الخاصة , فهو مسعى محكوم عليه بالفشل الحتمي, ولا أتوقع أن يُعمَّر طويلاً.

إن ما راكمته الحركة الشعبية في مسارها الطويل, ابتداءً من انتفاضة الحراك السلمي الجنوبي في 2007 وصولاً إلى تفجر ثورة 11 فبراير من العام 2011, قد أنتج حقائق جديدة ووعياً سياسياً واجتماعياً يصعب تجاوزه أو القفز عليه, وأصبح الشعب يتخلق شيئاً فشيئاً كعلاقة حقوقية وسياسية, وهو ما يظهر جلياً من خلال الإصرار والعزم الشعبيين لبلوغ دولة المواطنة, الدولة التي تتحقق فيها كيانية المواطن الفرد, المالك لمصيره المتأتية من علاقته الحقوقية المباشرة بالدولة والتي تجعله مستغنياً عن اللجوء إلى القبيلة أو الطائفة أو الدين أو المذهب أو الجهة للتعبير عنه وعن حاجاته وآماله الإنسانية.

• بقي هناك سؤال حول الوضع الراهن للحزب الاشتراكي وما هي أولوياتكم القادمة كشباب وأعضاء لجنة مركزية؟

- ليس بخافٍ على أحد أن حزبنا الاشتراكي اليمني يواجه تحديات جمة على المستوى التنظيمي وعلى المستوى الوطني العام, وبهذه المناسبة أجدني أدق ناقوس خطر أمام قيادة الحزب وأعضائه وشبابه المناضلين القابضين على جمر الموقف الوطني والاجتماعي من أن هناك مساعي خبيثة تقف وراءها جهات مليشاوية سلطوية تهدف إلى إحداث شروخ داخل البنية الحزبية, وما تم قبل أيام من إعلان ما يسمى (تيار اليسار الوطني الحر) هو إحدى تجليات تلك المساعي, ومع إيماننا المطلق بأن حزبنا الاشتراكي سيظل صامداً وسيبقى كما عهدناه حزباً تقدمياً معبراً عن قضايا الشعب والوطن اليمني ومواجهاً لكل الدعوات الطائفية والمناطقية والمشاريع الصغيرة, فالواجب الحزبي يقتضي اليقظة والحذر من مثل تلك المساعي التي تريد أن تحرف مسار الحزب وتجره إلى اتجاهات أخرى تمس بتاريخه وتاريخ مناضليه.

قراءة 2602 مرات

من أحدث