الخليفي يتذكر:كان لانتصار اليسار الثوري أثرا كبيرا فـي اصطفاف القوى التقليدية ضدا عليه مميز

  • الاشتراكي نت/ الثوري - حاوره/ سام أبو أصبع

الخميس, 19 تشرين2/نوفمبر 2015 17:45
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إلتقينا بالرفيق محمد غالب الخليفي أبرز كوادر ومناضلي الحركة الوطنية والحزب الاشتراكي اليمني الذي كان له شرف الالتحاق بمعركة الدفاع عن صنعاء فـي حصار السبعين فـي بواكيره الأولى وهو ما يزال طالباً فـي إعدادية مدرسة السلال حينها قبل ان يتم تغييرها لاحقاً الى الشعب، ومن ثم التحق بالعمل الوطني والحزبي منذ ستينيات القرن الماضي، وحتى اليوم عرك الرفيق محمد الحياة وعاش تفاصيل صعود الحركة الوطنية انتصاراتها وانكساراتها وكان شاهداً للكثير من التحولات التاريخية التي عاشتها البلد على امتداد نصف قرن ونحن إذ نبحر معه فـي رحلة الى الذاكرة الوطنية نغوص معه ايضاً فـي خباياها الحبيسة طي النسيان. وحقيقة انك عندما تستمع للرجل تكتشف ان تاريخ البلد والحركة الوطنية لم يكتب بعد وما زال بكراً رغم شيخوخته.

• فـي بداية ترحالنا معك فـي الذاكرة الوطنية نريد ان نبدأ معك من هناك حيث البدايات، نشأتك والظروف التي أحاطت بتلك النشأة أستاذ محمد الخليفي؟.

- المحيط الذي كنت أعيش فيه كان سياسياً ووطنياً منذ بدأت الدراسة في صنعاء منذ وقت مبكر من قيام ثورة سبتمبر 1962.

عشت في شارع جمال والتحقت بالدراسة في مدرسة الاصلاح الابتدائية الكائنة حينها في ميدان التحرير وكنت أدرس صباحاً وأعمل مساء في استديو صنعاء وكان مالكه ابن عم المناضل سلطان احمد عمر وأخ المناضل الكبير عبدالرحمن محمد عمر وكانت تربطنا بهم علاقة قرابة. ثم انتقلت بعد ذلك للعمل في باب اليمن فقد قام عمي وبالشراكة مع والدي الذي كان يعمل حينها في ميناء عدن بفتح مطعم وبجواره أنشأ كشكاً لبيع السجائر وأدوات اخرى وسلمني العمل فيه، وهذان الموقعان كانا مركزين لنشاط الحركة الوطنية والسياسية في الاعوام الاولى لثورة سبتمبر. وفي الصف الرابع في عام 1964-1965 انتقلت للدراسة في معهد معين في الفترة المسائية. وبالحديث عن سنوات الستينيات كانت مرحلة نهوض ثوري، وكان الفعل الثقافي والسياسي والاعلامي في أوجه، وكانت مشاعر وأحاسيس الناس مليئة بالحماس الثوري الوطني والقومي وقد تأثرت بنشاط وفاعلية حركة القوميين العرب وخاصة منهم الضباط الذين ارتبطوا مع عمي ووالدي بعد ان ترك عدن الى صنعاء بعلاقات مميزة. مثل محمد مهيوب الوحش، وكانت المعارك العسكرية المصحوبة بمعارك إعلامية سياسية وتحريضية ضد الرجعية والاستعمار أثرت في تفكير وسلوك ومواقف مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية وكانت شريحة الطلاب هي اكثر استجابة لتلك الانشطة الموجهة. والانسان بطبعه كائن اجتماعي يؤثر ويتأثر بالمحيط الذى يعيش فيه.

وبعد نكسة 5 يونيو 1967 انسحب الجيش المصري من اليمن وبدأت قوى الإمامة والرجعية بإعداد العدة والحشد باتجاه تطويق صنعاء وإسقاطها لإعادة حكم الإمامة المتخلف الى اليمن وقامت حركة 5 نوفمبر 1967 وتم استبدال الرئيس السلال بالرئيس الارياني كرئيس للمجلس الجمهوري المكون من 5 أعضاء، وفي الثلث الأخير من شهر نوفمبر بدأت القوى الرجعية والقبائل الموالية لحكم الائمة بالإضافة الى مرتزقة عرب وأجانب بتطويق العاصمة صنعاء وهربت معظم القيادات التقليدية من الصف الجمهوري سواء كانوا مدنيين أو عسكريين متوهمين بل ومراهنين على سقوط النظام الجمهوري. في تلك الاثناء العصيبة تولى الشباب من العسكريين قيادة الوحدات العسكرية وفي مقدمتهم الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب الذي تولى رئاسة أركان حرب الجيش المدافع عن صنعاء. وبدأ الحصار على صنعاء ودام سبعين يوماً كما هو معروف، وفي تلك اللحظات التاريخية الحرجة أعلن عن التعبئة العامة وتم استدعاء الجماهير للالتحاق بصفوف المقاومة الشعبية التي ضمت في صفوفها مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية من عمال وطلاب وتجار ومهنيين من مختلف التخصصات، وكنت حينها قد أكملت الدراسة الابتدائية والتحقت بمدرسة السلال مدرسة الشعب حالياً والتي قام الرئيس السلال بافتتاحها قبل مغادرته اليمن. والتحق طلاب المدارس الاعدادية والثانوية بصفوف المقاومة والتحقت أنا بالسرية الثالثة للمقاومة الشعبية. كنا ثلاثة طلاب، أصغر الملتحقين بصفوف المقاومة انا وطالب من حجة يدعى هجوان والكبسي من وادي بنا، كنا في النهار نتلقى التدريبات العسكرية وفي المساء نقوم بأعمال الحراسة في مداخل وشوارع صنعاء. وبعد استكمال التدريبات العسكرية تم توزيع مجموعات من المقاومة على المواقع العسكرية الأمامية للدفاع عن صنعاء وكنت ضمن الفريق الذي تلقى تدريباته على مختلف أنواع المدفعية وتم إرسالنا الى موقع للدفاع الجوي م/ط 37 في موقع 11 شرق مطار الرحبة، كنا خمسة من الفريق نسكن حي باب اليمن وبعد نصف شهر تم نقلنا الى نقم وعملنا على مدافع الميدان 76 أنا وهجوان في موقع 85 في نقم حتى نهاية الحصار. وبعد فك حصار صنعاء وفتح طريق الحديدة عززنا بمقاتلين من مختلف الوحدات تم تأهيلهم في الحديدة وتعز وغيرها من المحافظات، عندها عدنا لمواصلة الدراسة في مدرسة سيف بن ذي يزن أول وثاني اعدادي.

وفي العام 1968م بدأت التوترات في الصف الجمهوري وصولاً الى أحداث 23-24 أغسطس 1968. وكان لانتصار اليسار الثوري في اليمن أثر كبير في اصطفاف القوى التقليدية ضداً عليه بسبب طرد الاستعمار البريطاني من الجنوب بقيادة الجبهة القومية وتحقيق الاستقلال واستلام السلطة في الجنوب وهزيمة القوى الرجعية الإمامية بدحر قواتها وفك الحصار عن صنعاء، وكان الدور الاكبر في هذين الانتصارين جنوباً وشمالاً لحركة القومين العرب. وبناء عليه تم إعداد العدة للتخلص من هذا التيار في الشمال بتطهير الوحدات العسكرية من القيادات التي صنعت ملحمة النصر وهزيمة قوى الإمامة الرجعية في مقدمة لاستعادة القوى التقليدية لمقاليد الهيمنة على مؤسسة الجيش والامن، وقامت في سبيل ذلك بحملة اغتيالات واعتقالات للصف الاول والثاني من القيادات والمقاتلين ثم استكملت التصفية في القطاع المدني، وتمت حملة من الاعتقالات لأعضاء وأنصار حركة القوميين العرب في آواخر 1968 والنصف الاول من العام 1969، ووصلت مجموعة من المعتقلين مدنيين وعسكريين من محافظة تعز كان بينهم أحد أقرباء والدي وهو عبدالوارث محمد عمر وكان نزيلاً في سجن الامن الوطني في حي المستشفى الجمهوري وتحديداً في الشمال الشرقي منه. وقد كلفني والدي وأقرباء المناضل عبدالوارث بأن اقوم بزيارات يومية اليه في المعتقل حاملاً له الغداء والقات وكان معه ثمانية معتقلين آخرين أحدهم مذيع كان يعمل في الاذاعة وهو خريج مصر ومتزوج من مصرية وكان هذا الاخير يستغل زياراتي اليومية ويقوم بإعطائي دروساً في الرياضيات لمدة ساعة يومياً، تلك الظروف والأحداث جعلت مني نصيراً متحمساً ومتعصباً لحركة القوميين العرب.

• كيف كان التحاقك وانضمامك الرسمي والحزبي للحركة؟.

- بعد خروج المناضل عبدالوارث محمد عمر من السجن بداية أغسطس 69م استضافه ابي ليومين وطلب من والدي ان انتقل معه الى تعز للدراسة والعمل معه في استيديو التحرير الكائن في باب موسى واعترض والدي على ذلك قبل ان يرضخ أمام إصراري على النزول فكان أن التحقت بعبدالورث بعد يومين من نزوله، وهناك كانت الخطوة الأخيرة من الإعداد والأولى من العمل الحزبي المنظم والتحقت عبر المناضل عبدالوارث بصفوف الحزب الديمقراطي الثوري اليمني الذي كان يشكل فرع حركة القوميين العرب في الشمال اليمني. وفي 21 مارس تحديداً جلس معي مساءً وبدأ في سرد أبجديات العمل الوطني مشيداً بما قمت به انا شخصياً من سلوك واعمال خدمت الحركة ابتداء من الالتحاق بالمقاومة واعمال التواصل والمراسلات بين القيادات في داخل وخارج المعتقلات، ووضع أمامي بعض الضوابط والقواعد في العمل الحزبي السري. وكان نشاطي السابق وشهادة الثقة هما جواز مروري للعمل الحزبي المنظم وتم ترتيب وضعي في حلقة حزبية في القطاع العمالي بالمحافظة.

• ما الذي أضافته لك تجربتك الحزبية الجديدة فـي تعز وما المهام التي تم تكليفك بها؟.

- انضممت ضمن الوضع الذي سبق وحدثتك عنه، إضافة الى مهام خارج الاطار التنظيمي وكان يطلب مني عدم الحديث عن تلك المهمات وكنت أقوم بتوصيل المراسلات والوثائق في إطار المدينة أو مديريات المحافظة بسرية تامة وحذر شديد حسب التوجيهات والتعليمات الصادرة لي. ومكثت في تعز حتى العام 70م وبعد استلامي استمارة النجاح الاعدادية طلب مني والدي العودة الى صنعاء لمواصلة الدراسة هناك ومساعدته في أعماله الخاصة. وفي تلك الفترة تعرفت على الكاتب والمؤرخ الكبير سعيد الجناحي وكان يعمل في مؤسسة المياه بتعز والتي غادرها الى عدن آواخر 1969 وكان يتردد على الرفيق عبدالوارث بالإضافة الى الرفيق الشهيد قائد قاسم (عبدالحكيم) والرفاق عبدالقادر سعيد وداود احمد عمر وكان يدرسنا مادة التاريخ في الصف الثالث الاعدادي بمدرسة الشعب، وتعرفت على سلطان احمد عمر في إحدى زياراته الى تعز قادماً من عدن وكذلك شخص يدعى الخرج كان يعمل مدير أمن لمبنى محافظة تعز وكان من الفدائيين المشهورين في الجبهة القومية بعدن، كما تعرفت على عبدالله سلام ناجي وكان يبيت معنا في الاستيديو لمدة اسبوع، لا أعرف من أين أتى وأهداني كتيباً يحكي سيرة جيفارا، بالإضافة الى شخص لقبه المحلوس من ابناء عدن حملني مرة وثائق ورسائل لإيصالها الى شخص كان يقطن في أطراف مدينة القاعدة وتعارفنا أكثر بعد ذلك آواخر 79-80م في عدن.

- تم تكليفنا بقيادة حلقة المرشحين للحزب من الاعضاء الجدد وكنا نشارك في كل الفعاليات السياسية والمظاهرات وقيادة الاحتجاجات المطلبية وغيرها من اشكال العمل النضالي.

• ما المهام والمسؤوليات التي أوكل اليك القيام بها؟.

- المهام التي أوكلت اليّ والمسؤوليات التي تحملتها والأوضاع التي كنت عضواً فيها في بداية مسؤوليتي القيادية هي إعداد وتدريب حلقة مرشحين من طلاب المدرسة الفنية وأخرى من طلاب المعهد الصحي.

- بعد التخرج من معهد المعلمين عام 1973 كلفت مع الرفيق عبدالرحمن هزاع بالذهاب للعمل في محافظة ذمار، الهدف من ذلك تغطية الفراغ الذي تركه استشهاد الرفيق اسماعيل الكبسي في ذمار ورحيل الهيئة القيادية فيها إلى مكان آخر وأبرزهم عبدالواسع أحمد طالب (أبو النصر)، وقاسم عبده علي. توليت مسؤولية مديرية الحداء وجهران والرفيق فيصل عبدالخالق المقدم تولى مسؤولية مدينة ذمار لمدة عام.

- كنا عبدالصمد وأنا نعمل مدرسين في مدرسة النخلة الحمراء قرية قهلان الكميم.

- بعد انتهاء العام الدراسي 73/1974 وقيام حركة 13 يونيو بقيادة المقدم إبراهيم الحمدي انسحب الرفيق عبدالصمد وكذا فيصل عبدالخالق وتسلمت قيادة منظمة الحداء كاملة وكذا مدينة ذمار وكان المسؤول المباشر عليّ هو الرفيق عبدالله علي الكميم، وقادت الاستخبارات العسكرية حملة اعتقالات لكوادر وقيادة منظمة صنعاء بداية عام 1975 ومن ضمن المعتقلين الرفيق عبدالله علي الكميم فانقطعت صلتي بالمركز القيادي، وبعد شهرين وعبر الرفيق يحيى ياسين ارتبطت بالرفيق عبدالصمد مسعد.

- وفي النصف الثاني طلب الرفيق عبدالوارث مقابلتي فأوصلني الرفيق عبدالصمد عبر مسؤول باتصال آخر، وقابلت الرفيق عبدالوارث، كانت هذه المقابلة بناءً على توصية قيادات حزبية أخرى وأيضاً حساسية وضع منظمة ذمار في الظروف تلك، فتم ضم منظمات الحزب في مديرية عنس الشرقية ووصابين وعتمة وجهران إلى مسؤولياتي، وكنت ابتداءً من النصف الثاني مسؤولاً عن منظمة الحزب في قطاع ذمار عام 1975، وكذا قمت بمبادرة مني بترتيب وضع منظمة الحزب في قطاع الطلاب في المدارس الثانوية والإعدادية والمدارس والمعاهد الفنية والتخصصية وكنت أتواصل مع الرفيق عبدالوارث مباشرة بشأن محافظة ذمار وأداء المنظمة خارج الجامعة فتم ترتيب وضعي في اللجنة القيادية لمدينة صنعاء، وكان مسؤول الوضع في صنعاء الرفيق عبدالصمد مسعد وعضوية مجموعة من الرفاق المميزين: عبدالعليم عبدالرب، علي عبدالرشيد، عبدالله مجاهد، وآخرين.

- أضيف إلى مسؤوليتي منظمة الحيمتين لمدة ستة أشهر فقط. وفي العام الدراسي 76/77م التحقت بجامعة صنعاء وفي نهاية 1977 كلفت من قبل الرفيق عبدالوارث بالتفرغ للعمل الحزبي.

(يتبع في العدد القادم)

قراءة 7169 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة