أخـــر الأخبــــار

 

لا لانكسار الجيش

الخميس, 22 أيار 2014 19:39
قيم الموضوع
(1 تصويت)

نحو "تحمُّل المسؤوليات بلا تنصُّلات لئيمة"

 

انكسار الجيش في حربه على الإرهاب سيكون من أفدح المصائب على البلد، البلد المثخن بما يفوق التوقعات للأسف جرّاء تركة هائلة من الأزمات والتحديات. لذلك ينبغي على هذه الحرب أن تتسم بالأولوية الوطنية؛ مع ضرورة أن تكون بلا هفوات استراتيجية وتكتيكية طبعاً ومتكاملة على كافة الصعد عسكرياً وأمنياً وإعلامياً وتعليمياً... إلخ. فلقد صارت «القاعدة» كما تشير الوقائع أشبه بوحش مرعوب؛ غير أن الإرهاب هو التحدي الأكثر ترسخاً في اليمن، ثم إن «القاعدة» عملت منذ زمن طويل على مد جذورها عميقاً في مجتمعنا المنكشف بسبب أرواح شريرة وهمجية ممسوخة وطنياً ومشوّهة جداً على صعيد الوعي فضلاً عن أولئك الأوغاد الذين ينظرون إلى المسألة باعتبارها تنمية لمصالحهم كما لأرباحهم المتنوعة.

والحاصل هو أن التعامل باستخفاف مع الحرب ضد الإرهاب عمل ساذج بالتأكيد خصوصاً أن مكر «القاعدة» لا حدود له؛ بل إنها متوغلة على أكثر من صعيد داخل المجتمع كما نعرف. بلغة أخرى ينبغي لحرب جديرة كهذه أن يتوحّد ويندمج فيها إحساس اليمنيين جميعاً مكلّلين بقداسة شعور أهمية مؤازرة أبطال الجيش وهم يجابهون البُغاة الذين يتخذون الدين قناعاً لجرائمهم الشنيعة. وفي السياق ينبغي على القبائل التي تحتضن قاعديين عدم المراوغة وتحديد موقف نهائي أكثر وضوحاً؛ لأننا قد وصلنا إلى اللحظة الحاسمة التي لا ينفع معها استمرار التعاطف البغيض مع هؤلاء الشذّاذ المأزومين. على أن الخشية تتفاقم مجتمعياً من عملية كسر الجيش في حال استئناف عمل الخيانات من داخله بالذات؛ كذلك نحذّر من خطورة الانزلاق إلى مكائد تصفية الحسابات في هذه الحرب على حساب مستقبل البلد عموماً وتدعيم «القاعدة» وخراباتها أكثر. إنها صرخة من القلب نكثفها هنا رغم أنف الإرهاب، كما من القلب أيضاً نسديها تحية عارمة إلى الجيش وتضحياته الجسيمة وهو يخوض أسمى تجليات الحس الوطني ضد مشروع متخلّف وإجرامي كـ«القاعدة». والثابت هو أن اليمنيين رغم كل شيء سيظلّون يتفقون على استنكار ممارسات مراكز قوى ونفوذ متعدّدة لطالما تواطأت مع «القاعدة» ورعتها بينما تتخذ موقفاً معادياً من مسألة محاصرة الإرهاب ودحره تحت ذرائع ومزاعم شتى كما هو واضح. وبالتأكيد لن يشفي الشعب غليله منها سوى بتوالي انتصارات الجيش واعادة اعتباره كجيش وطني يكابد أهوالاً ومفاسد تفوق التصوّر؛ ورغم ذلك يظل مفعماً بروحه الجسورة ولا يتردّد في اقتحام الصعاب في ظل قيادات وطنية شجاعة لا تعرف المهادنة والخوف. ***

 يخوض الجيش حربه ضد الإرهاب في لحظة عاصفة تعيشها البلاد؛ ويعاني الجيش عديد تحدّيات من داخله وخارجه أيضاً؛ لكن عزيمته ستظل تتحدّى الإرهاب ولن تتراجع، وفي حين تتعنّت «القاعدة» في محاولات فرض همجيتها وتكريس وعيها المشوّه الضيّق وكأنه غاية وطنية مثلي، نقول: إن هذا هراء ما بعده هراء. تعد «القاعدة» معضلة كبرى تحظى بتواطؤات مخجلة داخل المجتمع، تتلهّف لتشويه الدين عبر الإجرام والدموية، والحاصل هو أن لها مبادئ تزيّف الوعي وتجعله يقع في فخ التطرُّف، فضلاً عن أن هناك عديد أطراف للأسف لا تريد توقف الاقتتالات في البلد؛ لذلك كلّه يجب على كافة مؤسسات المجتمع والدولة عدم الرضوخ لغشم «القاعدة». والأرجح هو أن ما وصلنا إليه من تطرُّف دموي مؤسف يجيء من دون شك كحصيلة لسياسات خاطئة بلا مسؤولية طغت اجتماعياً وثقافياً سنوات طوال. على أن هذا الوعي الدخيل على مجتمعنا تتسع معارضته اليوم؛ بينما تنكشف آثاره المهولة على الأرض والإنسان، ثم ما هي الإنجازات الفعلية لـ«القاعدة» بالضبط..؟!. إنهم يزعمون كذباً وتدليساً أنهم يريدون تجسيد إرادة الله؛ لكن إرادة الله تتجسّد في البناء والسلام وليس في الهدم والترهيب، تتجسّد في تنزيه الدين وليس في استغلال الدين. وأما من ينكر أن «القاعدة» تحوّلت إلى أوراق يلعب بها بمكارة فائقة في الصراع السياسي؛ فهو غبي أو يخدم مصالحه؛ كذلك على كل القوى التي تستخدم «القاعدة» كقفازات رعناء إطلاق الضمير في وعيها وأن تتحيّز للوطن، فالشاهد هو أن الأوراق جميعها صارت مكشوفة الآن، وبالتالي يجب تحمُّل المسؤوليات بلا تنصلات لئيمة أو تأليبات مضادة ضد الجيش. نعم.. دعونا نختلف على قاعدة البرامج السياسية بدلاً من قاعدة التحريض والرصاص، بلغة أخرى إننا ندين وبشدّة مسألة «فقه الضرورة» العجيب والأكثر انتهازية سياسياً خصوصاً مع جرائم كـ«القاعدة».

وفي السياق يجب وضع حد لخطباء المساجد وفقهاء الفتوى الذين يعملون على تنمية الأصوليات خلافاً لما تحتاجه اليمن من عدم تخريب للعقول، كما على كل القوى المليشياوية ـ دون استثناء ـ التي تشنُّ حروباً داخلية على أمن اليمن واليمنيين ألا تستمر كعدوّة لتطلُّعات النهوض والتقدّم، وفي حال استمرت هكذا والغة في غيّها فيجب أن تكون هدفاً مشتركاً دائماً لكل القوى الوطنية. استطراداً نقول إن الوقت للفرز الوطني الجيّد وليس للمواقف المدنّسة المتناقضة..!!. واما بحسب المقولة الخالدة للكاتب الصحافي والبرلماني الراحل عبدالحبيب سالم مقبل: «فإن الذي لا يفهم كتاب الله وسماحة الدين؛ لن يفهم الدستور وسماحة الديمقراطية».

قراءة 1402 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة