محمد طربوش.. مُناضلٌ جسورٌ صقلته الحياة

الخميس, 30 آذار/مارس 2017 20:03 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لم يخطرْ ببالي أن أكتبَ رثاءً في الفقيد المُناضل محمد طربوش، وفي تقديري أن رفيقنا رحل عن عالمنا المزدحم بالأحداث الجسيمة ....  رحل مُبكراً.

عرفتُ الفقيدَ محمد طربوش في مطلع السبعينيات من القرن الماضي كما أتذكرُ وكان حينئذٍ في قمة ِنشاطه الكفاحي في شمالي الوطن أي شمالي اليمن.

كان الفقيدُ واحداً من أهمِّ مَن ساهموا في إحداثِ تغييرٍ نوعيٍّ في حزبِ البعث في اليمنِ باتجاه فكِّ العلاقةِ معه نهائياً والتوجه بخطواتٍ ثابتةٍ وراسخةٍ نحوَ بناءِ حزبٍ جديدٍ تماما هو حزبُ الطليعةِ الشعبية .

كانت ثمةَ حاجةٌ موضوعيةٌ لمغادرتنا ، نحنُ وطربوش وآخرون، حزبُ البعثِ الذي أخذ توهجُه يتراجعُ بسببِ انقلابه على نفسِه وعلى القيمِ والمبادئ التي كان يبشِّرُ بها ويناضلُ في سبيلِ تحققها في الحياةِ كواحدٍ من أهمِّ فصائلِ حركةِ التحررِ الوطني العربية. لم تكنْ هذه المهمةُ - أي فك العلاقة مع البعث القومي - بالمهمةِ السهلةِ حينذاك. ولكن مغادرتنا البعثَ القوميَّ كانت حاجةً موضوعيةً تستجيبُ لطموحِ قسمٍ كبيرٍ من قياداتِ وقواعدِ البعثِ في اليمن التواقينَ الى إحداثِ تغييرٍ نوعي وعميقٍ في حياةِ شعبنا اليمني في ذلك الحين. وكان واضحاً لدينا - نحنُ البعثيينَ في اليمن- وعلى نحوٍ جليٍّ ، أن استمرارَ بقائنا في البعثِ القومي يعني قطعاً الاستمرارَ في الضياع . كما كان يعني هدراً للطاقاتِ الحيةِ التي كان يتمتعُ بها البعثيونَ في اليمن.  

 وكان الفقيدُ المناضلُ محمد طربوش في مقدمةِ هؤلاءِ الذين وصلوا الى إقتناعٍ تامٍّ وراسخٍ بأن استمرارَ بقائهم في البعثِ القومي كان يعني في حقيقةِ الأمرِ الاستمرارَ في هذا الضياع  . ولذلك كان الفقيدُ محمد طربوش  واحداً منَ الذين ساهموا مُساهمةً فعالةً في  التحضير لمؤتمرٍ يضمُّ البعثيينَ في شمالي اليمن وكان هذا المؤتمر العام ، نقطة البداية ونقطة الانطلاق نحوَ تأسيس حزبٍ جديدٍ قابلٍ للحياة ، حزب الطليعة الشعبية ، كان ذلك ، في أكتوبر من العام 1973 .وفي هذه الأجواء وتحتَ التأثير المباشر لهذا الحدثِ التاريخي العظيم ، عقد البعثيونَ في اليمن الجنوبي في 7 ابريل 1974 الكونفرس ليعلنوا بدورهم  تأسيس َحزبِ الطليعة الشعبية في اليمن الجنوبي.

كانتْ هناك كوكبةٌ منَ المناضلينَ في اليمن شماله وجنوبه وراءَ هذا الحدث العظيم أذكرُ منهم الرفاقَ يحيى الشامي وسلطان القرشي وعبد الجليل سلمان واحمد قائد الصايدي وحسن شكري وغيرهم كثيرونَ لا يتسعُ المجالُ لذكرهم .

وعلى صعيدِ الجزء الجنوبي من اليمن كانتْ هناك أيضاً كوكبةٌ منَ المناضلينَ الخيرينَ ،في مقدمتهم الشهيدُ سعيد سالم الخيبة وأحمد خضر زعبل  وناجي سالم بريك وسالم محمد عبد الواحد والمناضلُ الاستثنائيُّ حسين عاطف الذي يعود له الفضلُ في إعادة بناء منظمةِ حزبنا في حضرموت باتجاه المشاركةِ الفعالةِ في تأسيس حزبِ الطليعةِ الشعبية.

كان الفقيدُ المناضلُ محمد طربوش - الذي عركته الحياة - يحظى بحبِّ واحترامِ وتقديرِ صفٍّ واسعٍ من مناضلي حزبنا ، حزب الطليعة الشعبية ، وفي صفوف الحركة الوطنية عموماً ، بكل فصائلها وقواها السياسية لدوره الكفاحي المتميزِ سياسياً واجتماعياً.

وعلاوةً على ذلك كان الفقيدُ محمد طربوش يتحلى بأخلاقٍ رفيعةٍ وهي صفة ينبغي أن يتحلى بها كلُّ مناضلٍ ليكونَ تأثيرُه عميقاً في الحياةِ السياسيةِ والاجتماعية . الاخلاقُ الرفيعة تحمي المناضلَ منَ الانزلاق ِالى سلوكٍ يتسمُ بالانتهازيةِ وتعظم الأنا كما نلاحظه عندَ بعض مثقفينا الذين اهتموا بتلميع أشخاصهم قبلَ كلّ شيء ، على حسابِ المبادئ والقيم والمُثلِ التي يفترضُ أن يجسدوها في سلوكهم اليومي.

ومحمد طربوش جديرٌ حقاً بأن يكونَ محلَّ فخرِ واعتزازِ جميع أفرادِ أسرته، وأذكرُ منهم على سبيل المثال لا الحصر غمدان وأروى وقطعاً هناك غيرهما.

وقبل أن أختمَ كلمة الرثاء ،  أقولُ إن الحياةَ لا يخلدُ فيها إلا مَن تحلى بقيمٍ ومبادئَ ساميةٍ وأخلاقٍ رفيعة. وهكذا كان المناضلُ الجسور محمد طربوش كما عرفته.

تغمد اللهُ فقيدَنا محمد طربوش بواسعِ رحمته وأسكنه فسيحَ جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون.

 القاهرة 

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

@aleshterakiNet

 

قراءة 2129 مرات آخر تعديل على الخميس, 30 آذار/مارس 2017 20:19

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة