قليلاً من الكياسة!

الخميس, 30 كانون2/يناير 2014 21:04
قيم الموضوع
(0 أصوات)

خليل الزكري

يبدو أن السلطة و»تحالف94» ماضون في مشروعهم الهادف إلى تقسيم البلاد إلى كنتونات نفط ونفوذ وهيمنة وصراع بعيدين عن وسائل الحوار وآلية التوافق التي تضمن مشروعية أي مشروع قادم لشكل الدولة اليمنية القادمة.

يواصل الرئيس هادي عقد لقاءاته التي ترتبه له الامانة العامة للحوار مع ابناء الاقاليم المفترضين وفق مقترح حزبي المؤتمر والاصلاح حينها الذي تقدما به في اطار الفريق المصغر لحل القضية الجنوبية كرؤية مشتركة لشكل الدولة وحل القضية الجنوبية، على الرغم من أن هذا الامر ليس من اختصاص امانة الحوار.

التقى هادي بأبناء عدن وابين ولحج والضالع كإقليم مفترض وفق مشروع المؤتمر والاصلاح وقبلها التقى بأبناء تعز وإب وأكد لهم انه يفترض ان يطلقوا عليه من الآن وصاعدا اقليم الجند كما التقى بأبناء الحديدة وحجة والمحويت وريمة، بعد أن ألتقى أبناء حضرموت وشبوة والمهرة، بهذه الطريقة تريد قوى بعينها فرض مشروعها كأمر واقع، متجاهلة المشروع الآخر الذي تقدم به الحزب الاشتراكي اليمني رغم انه واضح بحيثياته ومبررات الاخذ بهذا الخيار لشكل الدولة، مع غموض وعدم وضوح المشروع الآخر.

مؤتمر الحوار الوطني فوض هادي وبطريقة هزلية لأن يشكل لجنة تنظر في شكل الدولة والمفاضلة بين الخيارين المقدمين للحوار وهما مشروع الاقليمين والذي قدمه الحزب الاشتراكي برؤية مكتملة ومقترح الستة الذي يفتقر حتى الآن رؤية واضحة تدعمه أو أي خيار يتم التوافق عليه يكون بين الاثنين والستة، وليس بهذه الطريقة والآلية التي تمارس الآن، خارج اطر التوافق والحوار.. فبعد كل هذا العبث ستكون اللجنة التي صدر بها قرار جمهوري لتحديد شكل الدولة هو من جانب شكلي لاستكمال فصول المسرحية الهزيلة التي ينتجها «تحالف94».

ألا يعد ما تقوم به الامانة العامة للحوار ممثلة بالدكتور بن مبارك ورئيس مؤتمر الحوار وقوى «تحالف94» اليوم انقلابا على تلك الوثيقة التي صموا بها آذاننا حول حل عادل للقضية الجنوبية والتي تضمنت الاسس والمبادئ العامة لشكل الدولة الاتحادية القادمة، فكيف سنطمئن على مخرجات حوار شامل وهذه العقليات تمارس انقلاباتها كالمعتاد؟، ألن يكون مصير مخرجات الحوار هذا هو مصير التوافقات السابقة بدءا من وثيقة العهد والاتفاق التي قالت هذه القوى نفسها انها داست عليها بجنازير الدبابات وغيرها من الاتفاقات؟.

ربط شكل الدولة اليمنية القادمة بالقضية الجنوبية من قبل عديد من الخبراء والساسة ليس اعتباطا وانما لمواجهة هذه القضية بحل عادل يرضي كل الاطراف وبصورة توافقية تخدم الشراكة خلال المرحلة الانتقالية القادمة أو التأسيسية، هذا من ناحية، ومواجهة الاصوات العالية التي ترتفع منذ سنوات في الشارع الجنوبي والتي تطالب باستعادة الدولة وفك الارتباط والتحرير والاستقلال ومشروع الجنوب العربي واستعادة السلطنات وووو...إلخ، لا أن تأتي قوى «تحالف94» التي أنتجت المشكلة الجنوبية ويتم القفز على هذا الواقع وبصورة توحي بالاستهتار بمصير بلد، وكأن تلك القوى لا تريد لمسار التسوية السياسية واصلاح الاختلالات التي اوجدتها أن يمضي في طريقه السليم.

من خلال هذه الممارسات والسياسة الرعناء تريد هذه القوى المضي قدما بنتائج العشرين العام الماضية وما خلفته الحرب في عام 1994 من كارثة وكأنها استحقاقات ومكاسب وطنية تدافع عنها باستماته، وتحاول إعادة انتاج نفسها بكيفيات جديدة هي من يصنع قوالبها لكي تستوعب من خلالها في المراحل القادمة.

تحاول هذه القوى تكييف الآتي لا ان تتكيف مع ما هو آت.. أمامنا مصالحة وطنية وعدالة انتقالية واسترداد حقوق وممتلكات واموال منهوبة وهذه القوى نفسها هي المعنية في هذا فكيف سيكون الوضع، وكيف سننتقل إلى مستقبل جديد بالأدوات نفسها التي لطخت الحاضر والماضي، تساؤلات مخيفة ومربكة حقيقة.. وتفتح أمامنا عدة مآلات ابرزها الذهاب بخطى حثيثة نحو الهلاك.

لا اريد ان اكون متشائما وسوداويا فبالعودة إلى ما تم التوافق عليه خلال عمل لجان وفرق الحوار المختلفة وبنظر الكثيرين يبشر بالخير ويمكن ان يشكل طوق نجاة من التعاسة التي يعيشها المواطن على هذه الارض منذ عقود مضت، وحاولت قوى التغيير ان تضع لبنات عقد اجتماعي جديد يرسي مداميك بناء الدولة التي ننشدها منذ عشرات السنين.

لكن ما يحدث وتمارسه هذه القوى اليوم من تمرير مشاريعها بطريقة مخجلة وبعيدة عن الكياسة وبتخريجات عبثية بائسة، لا يوحي بالاطمئنان على الاطلاق.. فهل سننجو؟.

قراءة 2137 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة