حرب الراتب وسيكولوجية التكوين الاجتماعي التاريخي (2-2)

الثلاثاء, 22 أيار 2018 23:14 كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 

إن المفارقة السياسية والتاريخية هنا ، أن المحافظات الجنوبية والشرقية وتحديداً الثنائي "حضرموت /عدن" هما من كان لهما السبق السياسي والفكري في الخروج من شرنقة  العزلة ، والدخول لبداية التحديث ، حيث  مثلت حضرموت وجسدت روح الدين الاسلامي المتسامح الذي بفضل ابنائها  انتشر الدين السموح والمنفتح في معظم أرجاء شرق أسيا ، والهند ، وشرق أفريقيا ، براية  المحبة والسلام  "بدون جهاد / ولا تكفير". وكان  للمدينة "عدن" بدرجة أساسية  -في التاريخ المعاصر- الدور السياسي المحوري والمركزي في إعادة الاعتبار للهوية اليمنية والانتماء لليمن ، وفي بلورة  مفهوم "الوطنية اليمنية" المعاصرة ، وصياغة  معنى الحركة الوطنية  ،والأشكال السياسية والمدنية الحديثة : النقابات الحركة العمالية الأندية الثقافية والرياضية  ونشر الأفكار الوطنية ،  والقومية والماركسية ، وفيها صنعت  هندسة ثقافة العيش المشترك  : بين الأعراق والأديان ، والأفكار ، والسياسات ، وفيها  كذلك تعلمنا حب اليمن أكثر . هل بعد ذلك نعود القهقرى للقروية والمناطقية والمذهبية ، وإلى ما قبل الوطنية ، والدولة الوطنية؟!  زيدي / شافعي / "تعزي / حجري /ضالعي /  يافعي /وهلم جرا..، كما كان الحديث في المحميات "السلطنات ،والإمارات ،والمشيخيات" عن "الأمة الحضرمية" " والأمة اللحجية" ، والأمة  العدنية ، "الجمعية العدنية" ، حين كان لكل كيان سياسي بدائي "سلاطيني" علم ونشيد بل ودستور ومسمى دولة بل وفي بعضها حتى مسمى جمهورية !! وكأن هناك من يريد أن يقول لنا أنت لست يمنياً ، بل أنت سني أو شيعي ، زيدي أو شافعي ، أنت ضالعي ، تعزي / حجري ، حضرمي ، شبواني ، أبيني ..ألخ في صورة ما يدعو له البعض اليوم ، كنا حتى الزمن القريب تعبيرين  سياسيين ، نظامين : "شمال / جنوب" عدن / صنعاء ،  وكنا نحمل اليمن في قلبنا إسماً  وهوية وقاسماً مشتركاً ، بصرف النظر عن اختلافاتنا السياسية والأيديولوجية ..، بإمكاننا أن نختلف ونصطرع وننقسم سياسياً إلى نظامين سياسيين تحت راية الانتماء للهوية اليمنية ، ولكل منا خياره السياسي في شكل نظام حكمه ودولته دون الجرأة على حذف هويتنا اليمنية . أقول ذلك حتى لا نكرر خطأ حرب 1994م القذرة التي خاضها علي صالح وأعوانه وضد الجنوب ، والاشتراكي ، وضد الوحدة السلمية في الأصل  بعد أن أعلن علي سالم البيض الانفصال و أعطى مبرراً للانفصالي الحقيقي علي عبدالله صالح ليبدو ويظهر وحدويا وهو يمارس فعل التدمير الحربي للوحدة المنشودة التي حلم بها الناس.

إن مفهوم "اليمنية " بقدر ما هو مفهوم تاريخي ، فإنه بالقدر ذاته مفهوم جغرافي ، وسياسي واجتماعي ومفهوم مصالحي واقعي ، وجميعها تتكامل وتتداخل في تحديد دور ومكانة معنى  الهوية "اليمنية"   كإنتماء  ، فليس هناك مفهوم  نظري / ذاتي تاريخي جاهز وناجز ومكتمل صالح لكل زمان ومكان ، إن "اليمنية" ، و"الوطنية" ، مفهومان متحركان يلعب الشرط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والسلطوي ، وحركة المصالح دوراً في  تجسيدهما وفي صياغة وتحديد مضمونهما ، والوطنية هنا مرتبطة بالحالة اليمنية وكيفية تعاطينا معها  في السلطة والسياسة والاقتصاد ،  فنحن نقول : الوطنية اليمنية ، اليمن وطني "بلادي" أي أن الحالة اليمنية هي الحامل  ، التاريخي الحضاري الثقافي في المقام الأول للحالة الوطنية   في تجلياتها وتمظهراتها في السياق السياسي الاجتماعي  -في المراحل  المختلفة- تقدماً ، وتقهراً . إن "اليمنية" لا تتحقق بالمولد "الجغرافي" فقط بل بقدر تمثيل اليمنية للمصالح الواقعية الكلية للناس ، اليمنية أرض ومكان "جغرافيا" وتاريخ مشترك "كيان ثقافي حضاري" ولم يكن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر موفقا في حديثه عن خلافنا التاريخي مع السعودية حول "الأرض اليمنية" بقوله هي "حفنة تراب" !!ويمكنني القول بتلخيص مكثف إن اليمن / "معنى" ، والوطنية "صورة" يتجلى فيها هذا المعنى ، أن اليمن هوية وانتماء تاريخي والوطنية حالة تمظهر لتلكم الهوية "اليمن" ، اليمن موضوع وجودي /تاريخي نهائي والوطنية حالة لا نهائية تتطور وتكتمل ابداً في مسار التاريخ السياسي /الاجتماعي للناس ، واستطيع أن اختصر تعريفي وتسميتي لليمن بأنها انتماء وجودي /تاريخي ، واسمي الوطنية اليمنية تجاوزاً بالولاء المتجدد "المتغير" المعبر عن ذلك الانتماء في أشكال مختلفة في التاريخ السياسي الاجتماعي.

"الوطنية" التي نعنيها ونقصدها ، ليست فكرة مجردة ، بل قضية سياسية صراعية كفاحية فالاستبداد والفساد يخصمان من معنى الوطنية ولذلك فالوطنية التي نعني هي : حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وكرامة انسانية.

إن مفهوم "الوطنية" اليوم غيره قبل قرون  "عند شمريهرعش "ومعد كرب الزبيدي ، وسيف بن ذي يزن ....|إلخ " ، غيره بعد ثورتي سبتمبر 1962م / وأكتوبر1963م ، وهو اليوم -يغتني بمضامين سياسية وحقوقية مدنية وعصرية وإنسانية جديدة ، رغم حالة التعثرات  والاحباطات والانكسارات  السياسية المؤقتة الحاصلة ،ثقتي بالناس وحركتهم صوب المستقبل بلا حدود.

إن التاريخ ليس كتلة صماء سلبية متحجرة وراكدة أبداً ، في تاريخنا الكثير من عوامل السلب و الإحباط والتحجر والجمود بقدر ما فيه الكثير من معطيات وعوامل الفعل باتجاه التحرر والتقدم ، خاصة مع شعب وتكوين اجتماعي تاريخي تأسست على مداميكه التاريخية بنى ثقافية ومادية وحضارية كبرى وراسخة ، مهما اعتراها من ضعف وتفكك سياسي في هذه المرحلة أو تلك انظر الموقف السياسي الوطني النقدي لقطاع واسع من اليمنيين  اليوم من قضية "التحالف"  والموقف منه  في علاقته بالحالة السياسية والوطنية اليمنية  ، وكذا الموقف السياسي الموحد وطنياً من قضية  "جزيرة سقطرى" والموقف من الثورة اليمنية /سبتمبر / أكتوبر  كاشف لهذا المعنى وفي هذا الاتجاه .  فالتحديات السالبة في مجرى الفعل السياسي الوطني اليوم كشفت عمق حضور وفعل  سيكلوجية التكوين الاجتماعي التاريخي لنا في صورة بعض ما يجري اليوم أمامنا وفي مواجهتنا من تحديات وجميعها تقول : إن عمقنا الثقافي الحضاري هو من يقاوم نيابة عن  ضعفنا  وفائض عجزنا السياسي الحاصل.

"ذاكرة ثقافية تاريخية"  ، و"نفسية اجتماعية"  وأيديولوجية سياسية وطنية ، وعمق كياني حضاري كان له سبق دور في العمران الانساني  من آلاف السنين هو من يدافع عن استمرارنا في الواقع والتاريخ ،  "بمثل ما تدافع الثقافة العربية اليوم عن ضعفنا السياسي : ضعف النظام الرسمي / والحركة السياسية ،  فما بالك حين يتساند ويتكامل ويتعاضد دورنا السياسي اليوم  بذلك العمق الثقافي والحضاري ،  "كقوة ناعمة" فإنهما معاً يصبحان مصدر قوة إضافية لنا في تجاوز تحديات الراهن ، الوحدة التفاعلية الابداعية للإنسان اليمني  بالجغرافيا والتاريخ ، لأن الإنسان وحده هو الصانع للحظة جدل الابداع في ما بينهما :"التاريخ/ والجغرافيا"  ، وحين نقمع ونصادر إرادة الناس في الحرية ،  والنقد ، هنا نرى الاشتباك السلبي والتقاطع المدمر بين الجغرافيا ، والتاريخ ضداً على إرادة التقدم الانساني.

إن علينا أن نجعل من الجغرافيا "المكان" ومن التاريخ "العمق الثقافي  الحضاري اليمني" مصدر قوة "نعمة" عوضا من أن يتحولا بجهلنا السياسي والاستراتيجي بهما ، إلى معول هدم ومصدر "نقمة" ، يستثمرها الخارج الاقليمي / والدولي لصالحهما ، وهو -إلى حد بعيد- ما هو حاصل اليوم . إن الفضاء الجغرافي "المكان" والتاريخي لا يحبان الفراغ وبسبب سياساتنا الجاهلة والقاصرة وطنياً وعربياً  ،  "وتبعيتنا للخارج" فقد تركنا فراغاً هائلاً تدخل  منه وإليه كل الثعابين و التماسيح ، فالسياسة لا تحب الفراغ ، وهنا  يجد الفراغ من يملاءه من خارجنا . ليس في ما نقوله ونكتبه جلداً للذات ، بل محاولة لقراءة نقدية لحالة الاسترخاء المطمئنة لكسلنا  السياسي  ، وسوء إدارة الاختلاف / الصراع  في ما بيننا ،لأننا لم ندرك ونستوعب الأهمية الاستراتيجية لدور ومكانة وحساسية وحدة الفعل السياسي الوطني لنا في جدل علاقة خلاقة بين الجغرافيا والتاريخ ، فراغ استثمرته القوى السياسية والاجتماعية التقليدية "الماضوية" في الداخل منا كأفضل ما يكون الاستثمار ، وكذا الخارج الاقليمي والدولي الذي ملأ الفراغ السياسي الاستراتيجي في غيابنا :  (اسرائيل  أولاً ) وهي العدو الاستراتيجي ، وكذا ايران /وتركيا  كبلدين أخذا قسطهما في ملئ الفراغ الذي تركناه  "   وعلى المستوى الدولي روسيا " كما في سوريا" بعد أن حولنا  بلادنا إلى ساحة ، وحولنا  أنفسنا إلى وكلاء للخارج لتدمير داخلنا الوطني  والقومي ، اليوم تتحرك القوة الروسية والإيرانية والتركية لتحديد مستقبل سوريا في مفاوضات لا يحضرها العرب بل ولا يمثل فيها أصحاب الأرض من السوريات ، والسوريين ، يفاوض الخارج نيابة عنا في كل مكان: سوريا ، اليمن ، ليبيا ، العراق  اليوم 18/5/2018م قاسم سليماني في العراق يتفاوض أو يحاول ان يتدخل لتحديد اسم وشكل ومضمون  الحكومة العراقية وهكذا !!.. إن جزءاً من المشكلة لدينا يكمن هنا  ، ويمكنني  دون حرج من التكرار القول  إن عمقنا الثقافي / الحضاري هو من يسد فراغ دورنا السياسي الناقص والعاجز في ما نعيشه اليوم ، في صورة مقاومة ثلاثية الأبعاد : "نفسية اجتماعية" ، "سيكلوجية  تكوين اجتماعي تاريخي" ، و"أيديولوجية سياسية وطنية" ، كامنة ومتحركة حين يستدعي ذلك الضرورة السياسية ، والوطنية.

هل كان أحد منا جميعاً يتصور مجرد تصور أن شباب الثورة السلميين والمدنيين( ثورة فبراير 2011م)هم من سيكسر حاجز الخوف من الحرية، ومن التاريخ المصمت من حولنا ،  ومن سيقرع جرس تفكيك وتفتيت بنية دولة المركز العصبوي ، وهم  من يجعلون السياسة شأناً عاماً متاحاً للجميع، "ولو لزمن معين" وهم من يوحدون الشارع، بالسياسة ، ومن ينقلون المعارضة التقليدية إلى مصاف جديدة من التفكير طيلة سنوات الثورة على الأقل (بعد أن كان كل هم المعارضة التقليدية، الحصول على قانون انتخابات من علي عبدالله صالح ، 2008م/2009م) . وهم من سيملأون الساحات اليمنية، بأجسادهم الملايينية  العارية التي تتحدى الرصاص، وبصورة سلمية ، وجعلوا من شعار" التغيير" مطلباً مركزياً،ومحورياً( الشعب يريد تغيير النظام) مقدمين الآلاف من الشهداء، والجرحى، على مذبح الحرية والعدالة، والكرامة الإنسانية، في واقع لم تكن فيه الشروط الموضوعية ناضجة بما يكفي. ونحن اليوم  بسبب جهلنا وقصور دورنا في جدل وحدة الجغرافيا "المكان" والتاريخ ، نفرط بأشياء كثيرة  "سياسية ووطنية" ، لخدمة تقدمنا في الواقع الراهن وفي التاريخ "المستقبل" . لصالح أوهام أيديولوجية ، وحسابات سياسية صغيرة ، ولذلك  لم نتمكن حتى من رفع أصواتنا مطالبين بحقنا الدستوري، والقانوني، بالراتب،-في واقع حرب الراتب الجارية وهي في داخلها  حرب وعي-  ناهيك عما هو أعلى  سياسياً ، ووطنياً ، من سقف الراتب، مع أن الحالة الموضوعية  والسياسية والقانونية حول قضية الراتب مكتملة الأركان وما نزال حائرين ومرتبكين  ومحتارين  حول كيفية عبورنا إلى شاطئ الحصول على الراتب، لأننا قطعنا قسرياً  واعتباطياً مع ما راكمته ثورة الشباب والشعب، طيلة سنوات ثلاث ..، فقدنا بعدها بوصلة الرؤية، وغاب  عنا بالضرورة الموقف السياسي السديد ، ودمرنا في الطريق شروط وحدتنا الوطنية /والحزبية  الداخلية، على صعيد  على صعيد الوطن (شمال جنوب) وعلى صعيد كل حزب، وعلى مستوى دورنا، وفعلنا، كمكونات سياسية . وكانت البداية القاتلة  حين وقفنا مشدوهين ، ومندهشين،ومرتبكين وفي أحسن الأحوال متفرجين على اختطاف ومصادرة شبه الدولة ، وإلغاء مسار العملية السياسية الذي كان،  وفرض" حوار الإكراه" على الجميع بقوة سلاح الانقلاب، الذي انقدنا له صاغرين مسلوبي الإرادة ، وعديمي القدرة على فعل ما يغاير الانقلاب  / الحرب  بعد أن قُمعتَ التحركات السياسية الميدانية لشباب الثورة في ظل صمت مطبق لقيادات المكونات التي لم تقل كلمة سياسية واحدة  حول ذلك ، ولا عن احتجاز قياداتها السياسية  العليا بعد الانقلاب ، ومن حينه فقدنا القدرة على الإمساك بخيوط الحركة المؤدية لفتح طريق أمام فعل التغيير:التغيير في الفكر، وفي الممارسة، وفي السلطة  - وليس الدعوة لاستعادة النظام القديم برموزه القبيحة اليوم  وفي صور جيوش محلية  عصبوية / قبلية ، سوى أحد  أخطر أوجه هذه الأزمة- ولم  نع من ذلك الحين وحتى اللحظة أن عته، وجنون  غطرسة القوة، وبطشها، لا يمكنها أن توقف حركة التاريخ، أو تمنع شرط التغيير من السير في طريق نقض وتفكيك النظام القديم "المركز السياسي العصبوي" وامتداداته في الراهن السياسي اليوم ، الذي ما يزال يمانع حضور نور المستقبل, بما تبقى في داخله من" حلاوة الروح"، غير مستوعبين ولا مدركين، أن من مستصغر الشرر يكون أعظم نور ونار.

إن الراتب اليوم  -في تقديري - هو مستصغر شرر النار والنور، إن استوعبت  وامسكت قيادات المكونات  بخيط ذلك  النور، الذي حتماً سيضيئ سماء السياسة المغيبة والمصادرة ، فلنجعل منه ، الراتب ضمن رؤية سياسية وطنية واضحة ، مفاتيح لضوء التغيير، )يجعل سره، في ابسط خلقه( بعد ان تخلينا عن دورنا السياسي، والكفاحي، لصالح الارتكان والارتهان  إلى ما سيأتي به الغيب، اقصد غيب مفاوضات، الشرعية "عدن" ، وسلطة الأمر الواقع "صنعاء: ، وكأن لا شأن لنا كقوى سياسية، معنية بالإصلاح، وبالتغيير..، دورنا في التاريخ الحي للناس، وفي قلب المجتمع، وهو المدخل الواقعي والحقيقي للمشاركة في التغيير بالاتجاه الذي نريده لبلادنا، وشعبنا، لأننا أهملنا وبل وأضعفنا دور أحزابنا  في الفعل السياسي وفي الإصلاح والتغيير بخوفنا  وارتباكنا ومسك بعضنا للعصا من الوسط، و ارتهاننا أولاً : للخارج الإقليمي / الدولي ،  الذي سلمنا له أمر القيادة كلية وكأننا غير موجودين أو ملحقين به . وثانياً : ارتهاننا لحساب المفاوضات التي نسمع عنها دون أي مشاركة فعلية لنا فيها، حتى بالبيان السياسي الواضح وليس المراوغ والمناور والمداور ، والملتبس الذي يحتمل الشيء ونقيضه  (لأن الحرب والصراع  الجاري كما يقول البعض لا يعنيهم ، فهم فوق مستوى الواقع والتاريخ ) مفاوضات قد تأتي نتائجها ضداً على مصالحنا  الواقعية والتاريخية كما تريده لنا اليوم بعض القوى  الداخلية ) في استدعائها لعودة قوى ورموز النظام القديم  /طارق عفاش انموذجاً) ، وكذا القوى الإقليمية، والدولية،من خلال مشاريع تسوياتها السياسية المجحفه التي لاتساوي بين الحق والباطل فحسب ،  (بين الضحية / والجلاد) بل وتجعل من كفة الباطل ، "الانقلاب / الحرب" هي الراجحة (مشروع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري حول الأقليات) خلافاً لما أصدره المجتمع الدولي من قرارات وقفز على المرجعيات الوطنية، والإقليمية، والدولية.

ولذلك يبقى السؤال أين نحن كمكونات سياسية من كل ذلك؟!

لا شيء حتى الآن  على المستوى السياسي مبشر ! نؤكد على ذلك حتى لايسقط المستقبل من جدول أعمالنا سهو اًونحن لا ندرك، ولا نعلم!!

وقد تكون المطالبة اليوم بالراتب ،  كحق  سياسي ووطني ، ودستوري، وقانوني، هو بداية" الصحوة السياسية" من سبات طال مداه -مع الأسف-  حتى  فقدنا معه ظلنا وبوصلة الرؤية، انظر إلى الموقف المرتبك والمنقسم  عند البعض  -واؤكد على التبعيض هنا- وهم الأقلية من قضية " جزيرة سقطرى" ناهيك عن عدم وضوح الرؤية السياسية والوطنية  عند "الشرعية" ولدى بعض قيادات المكونات السياسية من قضية "التحالف" وضرورة إعادة تعريف معنى ومضمون "التحالف" ، أهدافه ، دوره السياسي والعسكري ، علاقته بالشرعية ،   وباليمن واليمنيين ،  "شمال /جنوب" ومن قضية إعادة الأعمار حيث لا توجد رؤية لإعادة الأعمار بدءاً بالمحافظات الجنوبية :عدن ،لحج ، أبين ،شبوة ، لماذا لا يبدأ إعادة الأعمار  في عدن "العاصمة المؤقتة" وغيرها، هناك   مئات إن لم يكن آلاف الأسماء  والأسر لم تعد إلى مناطقها ومنازلها المدمرة ، وتعيش في  حالة نزوح . ويبقى السؤال السياسي المحوري : ما هو مستقبل اليمن /الديمقراطي والتعددي !! وجميعها قضايا بحاجة إلى تحديد موقف سياسي وطني واضح  لا مهادنه فيه ، ولا مناورة سياسية رخيصة وصولاً إلى موقفنا من  علي عبدالله صالح و –ورثته وزبانيته في الموقف السياسي – وهو الذي دمر اليمن وله "الفضل" الأعظم  والمنجز الأكبر في وصولنا إلى ما نحن عليه اليوم. وتلكم هي المشكلة.

ولذلك نقول سيبقى  سؤال الراتب في خضم ما يجري سوالاً ملحاً كشرط لاستعادتنا للسياسة وللسلام المرتـجى، وللدولة.

قراءة 1650 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة