في غير موسمها... السماء تمطر ذكرى

الأربعاء, 06 تشرين1/أكتوير 2021 19:36 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

الى : القرشي عبدالرحيم سلام

كتيب، كان يكبر كفي قليلا، لا أذكر منه شيئا، سوى اسمه، (السماء تمطر نصرا - القرشي عبدالرحيم سلام )، عثرت عليه بين الكتب التي. كنت أقراؤها، بعيدا عن عيون الكبار، خوفا من تعليقاتهم .

عرفت فيما بعد أنه ديوان شعري، حينها، لم تكن  السماء في نظري سوى تلك السحب التي تتنزل امطارا على قريتي، والتي تجرف سيولها التراب والاعبار (مجرى السيول)...

 اما النصر حتى ذاك الحين فلم اك، أعلم معناه، ودلالاته  سوى تلك (التنصيرات التي كنا نشعلها في سقوف البيوت بالقرية.. فرحة بعيد النصر -الثورة-)، أما وكيف كانت السماء تمطر نصرا، فذاك كان خيالا يفوق تَخَيله بالنسبة لي.

تلك هي اللحظات الاولى التي طبعت اسم الشاعر (القرشي عبدالرحيم سلام ) في ذاكرتي ولا زالت.

المرة الثانية، لقراءتي، البدائية  تلك، التي كان يأكل بعض حروفها، صوتي المتلعثم، مقالا عن اغنية المرأة في الريف، تحت هذا الاسم، ولأنني ابن القرية المجاورة للقرية التي اتى منها القرشي عبد الرحيم سلام، فقد كانت تلك الاغاني (الملاله) قريبة مني، حيث كانت تتردد على سمعي، من نساء وفتيات القرية.

اصه اسكتوا صوت بالنقيل داعي

لا هو الحبيب شمد له ذراعي

فمعرفتي بالنقيل كانت، لا تتعدى  نقيل النامية الذي يربط قريتي وقرية المنزل، وتلك الخطوة (مكان خطر يمر منه السائر في حذر شديد) ونلقى تحذيرات شديدة عندما كنا نذهب الى تلك المنطقة، وتوجب علينا، تلك التحذيرات،  ان نسلك طريق الجمال الأكثر أمانا.

وتأتي اغنية

جمعه وراء جمعه وعيد وراء عيد

حبيبي زلجتني مواعيد

لتعيدني للقرية بأجوائها ذلك الفرح العابر اثناء عودة المسافرين، و ما الاحظه من وجوم وكآبة في وجوه اللواتي لم يعد ازواجهن اليهن.

تلكما الاغنيتان اللتان لم تسقطا من ذاكرتي منذ العام 1973 او قبله بعام.

كانت إذاعة عدن، هي احدى وأهم وسائل تواصلي مع القرشي عبدالرحيم سلام، من خلال ما كانت تبثه إذاعة صوت الجبهة الوطنية من أشعاره، وكنت، اعتبر اي شعر شعبي يبث منها هو من شعر القرشي عبدالرحيم سلام.

وبعدها باعوام، كان للقرشي عبد الرحيم سلام، حضورا شهريا، من خلال مجلة الحكمة، عدا تلك الاشهر التي كانت تصادر فيها أعداد المجلة قبل دخولها صنعاء.

بعد الوحدة اليمنية، حصلت على بعض دواوينه التي اعود اليها بين وقت وآخر منها (ايقاعات قداس) و (مرايا الشوق) (تراتيل سبئية).

يعتبر القرشي عبدالرحيم سلام، احد واهم الاصوات الشعرية اليمنية، كلمات تتجدد في نبض الحياة املا قادما، رغم هذه السوداوية في الحضور الآني لهذا التوجع الجاثم على صدورنا.

ولا زالت السلامة (سلامتك حبيبي سلامه) التي ارادها وتمناها لنا الشاعر القرشي عبدالرحيم سلام . هي التي تُجدد فينا أمل الإستماع اليها، و هي المتدفقة نهرا من العذوبة والاخضرار في حياتنا،  وها هو في مرايا الشوق يقول لنا

(حبيبي في عيونك دي مرايا الشوق تتنقل

تتوهني وتبهرني

وترسم لي الطريق أطول...)

قبل ان يذهب بعيدا، رثى نفسه ليطل عينا من ملكوت الخلد قائلا لنا

يا أصدقائي الطيبين

تسامقوا ابداً أمامي

لا ورائي

فالمرء عوسجة المواقف

او سعيفات الرجاء

ما دون ذلك قبض ريح

في صحاري الانكفاء

قبري أنا قلبي

وأكفاني قصيدي

أنا لن أموتِ

 

تعز 3 اكتوبر 2012

قراءة 1510 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة