السير بمحاذاة العالم

السبت, 20 أيلول/سبتمبر 2014 13:53
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

منذ زمن ، كف أي شيء في العالم عن استقطاب اهتمامه. السياسة، العمل الحزبي، جلسات الأصدقاء، الشوارع التي تتكرر فيها الأنشطة اليومية ذاتها إلى حد القرف، العمل. كل هذه الأشياء أصبح لها مذاق غصيص في فمه. وهكذا وفي غياب الجاذبية التي تمارسها هذه الأشياء عليه عادة، غرق في ذاته، في هواجسه وأفكاره الشخصية، يجترها ويعيد اجترارها. من ناحية أخرى أصبح إحساسه بالزمن مختلفا. امتلك هذا الأخير وعلى نحو مفاجئ ثقل غير مألوف، ليس بوسعه أن يتحمله. فأينما حل، سواء كان بصحبة كتاب أو وسط جمع من الأصدقاء أو في المقهى يداهمه هذا الشعور المرعب بثقل الزمن، يحس به يبهظ كاهله. يضغط علي مداخل أنفاسه، يبث في صدره ضيق لا طاقة له على احتماله.

 قبل ذلك، كان توصل إلى قناعة شخصية: أن نحقق في ذواتنا ما لم نستطع تحقيقه في الآخرين وفي العالم المحيط بنا. فنحن مثلا، نحلم أن يكون العالم أكثر نزاهة وإنصافا. لكن هاتين الصفتين مستعصيتان دوما، على العالم. إذن ليس أمامنا إلا أن نجسدهما في أنفسنا. وسمت هذه القناعة شخصه بعدة صفات: البعد عن الانخراط في أية أنشطة عملية، سياسية كانت أو اجتماعية. باستثناء القراءة والتأمل، أختزل دوره في الحياة إلى متفرج محايد لما يدور حوله. أمع ذلك، حيانا يعاوده صدى طموحه القديم في تغيير العالم. فيندفع في فورة حماس شديد، وفي غمرة نسيانه القناعة التي رسى عليها، نحو أدوار وأنشطة إنسانية سرعان ما سيفقد حماسه لها، بمجرد الاصطدام بأدنى صعوبة. عندها يعاوده ما انبنت عليه قناعته المنسية: السير بمحاذاة العالم وباستقلال عنه...

قراءة 1480 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة