تعز.. الواقع وسبل مواجهة الحرب والحصار و آثارهما

السبت, 22 تشرين1/أكتوير 2022 18:48 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

منذ مارس 2015، تعرضت تعز لمواجهات عسكرية دامية أدت لأضرار وخسائر باهظة أبرز ملامحها:-

  1. انهيار كامل للوحدات الإدارية والاقتصادية التابعة للدولة بالمحافظة في دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء بينت أن إجمالي الأضرار والخسائر التي لحقت بهذه الوحدات بلغت اكثر من 2.6 مليار دولار أمريكي كما بينت بأن هذه الوحدات بحاجة لأكثر من 1.6 مليار دولار للتعافي.
  2. تدمير وتوقف الشبكات لأهم الخدمات العامة (الكهرباء والمياه) كما تعرضت بقية الخدمات العامة (التعليمـ والصحةـ النظافة) وخدمات التصريف الصحية وغيرها لأضرار بالغة أثرت بصورة كبيرة على أدائها، وبالإضافة لذلك دمرت أو تعرضت لأضرار بليغة ما كان متوفرا من الشوارع والطرق البينية الرابطة بين مركز المحافظة ومديرياتها وبينها وبين محافظات الجمهورية  الاخرى  .
  3.  دمرت أو تعرضت كليا أو جزئيا الكثير من المنازل والمنشئات الخاصة وتم الاستيلاء على الكثير منها من قبل التشكيلات المسلحة.
  4. تضررت بصورة بالغة الحركة التجارية لمختلف الأنشطة الإنتاجية لجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة، كما تراجعت انتاجياتها بصورة حادة الأمر الذي أدى إلى تعميق ظواهر البطالة والفقر والتسول وعمالة الأطفال وتشردهم والتسرب من المدارس وغياب الرعاية الصحية والتعليمية التي كانت موجودة قبل الحرب، كما انتشرت الأوبئة والأمراض الفتاكة ويذهب ضحيتها أعداد تفوق ضحايا الحرب.
  5.  توسعت مختلف أنواع الانحرافات الاجتماعية وغاب الأمن والاستقرار، كما ارتفعت بصورة حادة أعمال التطرف وانتهاكات حقوق الانسان .
  6. تعمقت صور الفساد في المرافق العامة بصورة فاضحة. صار من الصعوبة مواجهته والحفاظ على ما هو متوفر من الموارد المالية الخاصة بالدولة من الأوعية الإيرادية. كما انتشرت ظواهر النهب والجبايات غير القانونية الأمر الذي اثقل كاهل من بقى من المواطنين في المحافظة.
  7. فرض حصار جائر على أبناء المحافظة من كافة الاتجاهات والتضييق عليهم في التنقلات الداخلية في إطار المحافظة أو بينهم وبين محافظات الجمهورية الأخرى وكذا حركة النقل الخارجية. حيث أصبحت التنقلات مثقلة بصعوبات بالغة تنهك المواطنين وتكلفهم الكثير من المال والجهد والوقت ويعرض السكان لخسائر بشرية ومادية باهظة. كما انقسمت المحافظة إلى جزئين: أحدهما تحت سيطرة السلطة الشرعية والآخر تحت سيطرة سلطة الأمر الواقع المفروضة من الحركة الحوثية. ومع كل ذلك برزت العديد من المحاولات لفك الحصار عن المحافظة وجميعها باءت بالفشل، بما يؤكد أن محافظة تعز مستهدفة وتواجه العديد من السيناريوهات ذات الأجندة المحلية والإقليمية والدولية، بسبب كثافة سكانها وتميزهم العلمي والثقافي وأدوارهم السياسية في مختلف مراحل التطور التاريخي التي شهدته اليمن منذ ما قبل الثورات اليمنية (سبتمبر وأكتوبر)، وما بعدهما من الحركات والثورات الرامية لبناء الدولة العصرية في اليمن. وبالنظر لكل ذلك نرى بضرورة أن تتوحد جهود ابناء المحافظة بانتماءاتهم المختلفة والعمل على مواجهة الحرب والحصار المفروض على المحافظة واليمن كلها، لمواجهة كل ما تعانيه المحافظة، مما أشرنا إليه وغيرها، وفي المقدمة من ذلك مواجهة الحصار وأثاره المدمرة، ويمكن ذلك من خلال جملة من المعالجات أهمها ما يلي:

أولا:تصحيح الاختلالات ومعالجة الاخطاء التي رافقت بناء ألوية الجيش في المحور، وكذا الوحدات الأمنية المختلفة من خلال التنسيق مع اللجنة العسكرية والأمنية المشكلة من قبل مجلس القيادة الرئاسي، بهدف بناء القوات المسلحة اليمنية من كافة التشكيلات العسكرية المقاومة للانقلاب كخطوة أساسية لإعادة بناء الجيش والأمن.

ثانيا:وضع خطة لإعادة بناء الوحدات الإدارية والاقتصادية التابعة للمحافظة لفترة زمنية وجيزة, واعطائها الأولوية فيما هو متاح من الموارد الذاتية، وما يمكن الحصول عليه من الدعم المركزي والإقليمي والدولي، بالاستناد للدراسة التي نفذها مكتب الجهاز المركزي للإحصاء بعنوان (أضرار الحرب والحصار للوحدات الإدارية والاقتصادية التابعة للدولة في المحافظة) مع أهمية أن يكون القطاع الخاص التعزي والحكومة داعمين أساسيين لتنفيذ هذه الخطة.

ثالثا:التسريع بإصلاح الطرق البينية المعبدة وغير المعبدة والتي تربط مدينة تعز بمديريات المحافظة وأهمها:

أ) طريق تعزـ  التربة: حيث تربط مدينة تعز بمديريات هامة هي (المسراخ – جبل حبشي- المعافر- الشمايتين- المواسط- الصلو وسامع، وجميع مراكزها تحت سيطرة السلطة الشرعية, كما تربط مدينة تعز وكل هذه المديريات بطريق الكدحة التي تربطها بمديريات الشريط الساحلي التابع للمحافظة، كما تربطها بطرق عديدة بمحافظة لحج وعدن، أهمها طريق هيجة  العبد ـ عدن، مع أهمية استكمال شق وتعبيد طريق (الصافية ـ الزريقة ـ البريقة) حيث بدأ العمل بشق وتعبيد هذه الطريق كبديل لطريق الكدحة ـ سائلة المقاطرة بمبادرات أهلية وتوقف العمل فجأة لأسباب، تهديدات أمنية من بعض المواطنين، حسب ما تداوله من المعلومات بهذا الشأن.

ب)  طريق الكدحة: حيث أن هذه الطريق معبدة باستثناء أقل من 10 كم ترابية، وبحاجة إلى توسيع وتعبيد. وهي طريق هامة للغاية تربط مدينة تعز بجميع مديريات الشريط الساحلي للمحافظة، ومنها مديرية المخا التي يتوسطها ميناء المخا المنفذ البحري الدولي الوحيد للمحافظة. ويمكن في حالة تفعيل هذا الميناء وتحسين بنيته التحتية أن يسد حاجة المحافظة من كافة السلع المستوردة بما فيها مشتقات النفط أو الغاز عند الحاجة.

  ج) إصلاح جميع الطرق الفرعية الرابطة لمراكز المديريات المحررة بمدينة تعز من خلال المسح والصيانة المستمرة.

رابعا:  الإسراع بتنفيذ مسح مصادر الأوعية الإيرادية، والذي يتم التحضير لتنفيذه من قبل مكتب المالية بالمحافظة، لتأسيس قاعدة  بيانات خاصة للأوعية الإيرادية للمحافظة تمكن قيادة السلطة المحلية من معرفة الطاقة الإيرادية للمحافظة والعمل على توظيفها في مواجهة متطلبات إعادة الإعمار والتنمية بالتنسيق مع وزارة المالية والبنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، كما إنه من شأن مخرجات هذا المسح من تمكين الجهاز المالي في المحافظة لرسم السياسة المالية المناسبة للمحافظة.

خامسا:إعطاء العناية الخاصة والكافية لإعادة بناء جهاز التعليم الأساسي والجامعي في المحافظة وكذا منشآت القطاع الصحي وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي.

سادسا: تقديم الدعم لمزارعي الوديان المنتشرة في المحافظة وفي مقدمتها الوديان التالية:

  • وادي موزع ووادي الغيل الواقعان في مديرية الوازعية .
  • وادي الضباب الواقع في الخط الفاصل بين مديريتي جبل حبشي وصبر الموادم .
  • وادي صافية دبع الواقع في مديرية الشمايتين.
  • وادي الملك الواقع في مديرية المخا.

وكذا كافة المناطق الزراعية الواقعة تحت  سيطرة الشرعية وذلك من خلال توجيه ضرائب القات لبناء الحواجز والسدود في المناطق المطلة على هذه الوديان وبنفس الوقت تقديم المساعدات الفنية والعينية التي من شأنها إحداث نهوض للقطاع الزراعي، وتحقيق أمن غذائي ذاتي لسكان المحافظة  من انتاج القطع الزراعي دون الحاجة للاستيراد من المحافظات الأخرى أو من الخارج . ويتطلب ذلك منع دخول القات والخضروات والفواكه الواردة من الحوبان والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحركة الحوثية حتى تتم تسوية وضع الانقسام في الجهاز المصرفي وقيمة العملة الوطنية .

سابعا: العمل على توجيه المفاوضات الجارية والخاصة بفك الحصار على المحافظة باتجاه توصيل المحافظة بالمطارات والموانئ الدولية من الطرق الرسمية والمعبدة والابتعاد عن اي مفاوضات تهدف للبحث عن طرق بديلة غير الطرق الرسمية المعبدة والمعروفة وهي:

  1. طريق تعز ـ الحوبان المنتهية في جولة عدن ثم الطريقين المتفرعين من هذه الجولة نحو الشمال ونحو الجنوب . حيث ان الاتجاه نحو الشمال يربط المحافظة بكافة المحافظات الشمالية (إب ـ ذمار ـ وصنعاء وغيرها) والاتجاه نحو الجنوب يربط المحافظة بكافة المحافظات الجنوبية والشرقية (لحج ـ عدن وغيرها) كما تمكن هذه الطريق بفرعيها من توصيل المحافظة بمطار صنعاء من الشمال وبميناء ومطار عدن من الجنوب.
  2. طريق تعزـ الحديدة. حيث تمكن هذه الطريق سكان المحافظة وحركتها التجارية والدولية الاستفادة من ميناء الحديدة, بالإضافة الى تقريب المسافة بين مدينة تعز وميناء المخا بيسر وسهولة.

ثامنا :تمكين إدارتي الاحصاء والتخطيط في المحافظة (الادارة العامة للإحصاء والادارة العامة للتخطيط) من العمل بمبنى واحد ونقترح أن يسخر مباني المعهد الزراعي الواقعة في طريق عصيفرة لمكتبي الاحصاء والتخطيط ويتم اعادة بناء هذين المكتبين بحيث يعمل مكتب الاحصاء على مزاولة كافة الانشطة الاحصائية الخاصة بالمحافظة ويقدم قاعدة معلومات واقعية وتمكن مكتب التخطيط من إعداد خطط التنمية المحلية في ضوء قاعدة معلومات صحيحة وواقعية. مع أهمية العناية الكافية لتوفير الكادر المتخصص والمؤهل في كلا المكتبين.

تاسعا :العمل بأسلوب التخطيط بالمشاركة مع أهمية إعطاء العناية الكافية للتنمية الريفية في المحافظة بالتعاون بين مكتبي الاحصاء والتخطيط والصندوق الاجتماعي للتنمية. ويمكن بهذا الخصوص تشكيل لجنة علياء للتخطيط للتنمية يساهم بعضويتها:

 ـ قيادة السلطة المحلية بالمحافظة

ـ مكتب الاحصاء

ـ مكتب التخطيط

ـ الغرفة التجارية والصناعية

ـ الصندوق الاجتماعي للتنمية 

- أكاديمي متخصص في مجال التخطيط للتنمية   

 

أ.د.محمد علي قحطان

 

قراءة 1959 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة