طباعة

محافظة تعز وطرق مواجهة تحديات الحرب والحصار

الأربعاء, 02 تشرين2/نوفمبر 2022 18:31 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تحتل محافظة تعز أهمية كبيرة من نواح عدة، أهمها:

أولا- الموقع :

تتصل مباشرة بالشريط الساحلي المطل على طريق المضيق الدولي (باب المندب). كما أنها تشرف مباشرة على جزيرة ميون المطلة على المضيق. ولا يخفى ما يتمتع به هذا المضيق من أهمية في التبادل التجاري الدولي عبر البحار. حيث تقدر حجم التجارة الدولية المارة بهذا المضيق بأكثر من 30 % من حجم التجارة الدولية المنقولة عبر البحار وأهمها النفط ومشتقاته. كما تقع المحافظة في وسط الدولة  اليمنية وتربط شمال اليمن بجنوبه وتتصل جغرافيتها بأهم المحافظات اليمنية من ناحية الموقع والديموجرافيا السكانية.. فهي متصلة بهذه المحافظات من كافة النواحي الجغرافية. فمن ناحية الجنوب والجنوب الغربي والشرقي مرتبطة جغرافيا بمحافظة لحج والتي تربطها مع العاصمة المؤقتة عدن ومع كافة المحافظات الجنوبية بطرق معبدة وغير معبدة وصولا لحدود اليمن مع دولتي الجوار (السعودية وعمان).. ومن الشرق والجنوب الشرقي  محافظة الضالع التي عبرها يمكن لسكان المحافظة الوصول إلى المحافظات الشرقية والشمالية للجمهورية اليمنية.. ومن الشمال والشمال الغربي محافظة إب التي تربط المحافظة بكافة المحافظات الشمالية والغربية بما فيها العاصمة صنعاء.. ومن الغرب ترتبط المحافظة بمحافظة الحديدة التي تربطها بمحافظتي المحويت وريمة وحجة  وبالخطوط البرية الدولية مع السعودية.

 وبناء على ذلك يمكن القول بأن محافظة تعز شريان وصل بين كافة محافظات الجمهورية بالإضافة إلى اطلالها على جزيرة ميون ذات الأهمية الجيوستراتيجية والمطلة على أهم الممرات العالمية في النقل البحري وترتبط بشبكة طرق معبدة واسعة الانتشار تصل المحافظة مع كافة محافظات الجمهورية وبالممرات البرية الدولية من الجنوب والشرق والغرب وكذا المنافذ الدولية الجوية والبحرية لليمن.

ثانيا- المساحة والسكان:

تقدر مساحة المحافظة بأكثر من 10 آلاف كم2ش وتهيمن على امتداد واسع من الشريط الساحلي للبحر الأحمر يقدر طوله  بأكثر من 138 كم  (حيث تمتد من الخوخة التابعة لمحافظة الحديدة وحتى نهاية الشريط الساحلي  للبحر الأحمر من جهة الجنوب،  خارج منطقة باب المندب  التابعة لمحافظة لحج). كما تتشكل تضاريس مساحة المحافظة بصورة تشمل كافة أنواع التضاريس المناخية من ناحية الجغرافيا والطقس والمناخ.. فمنها مساحات ساحلية حارة نسبيا في الصيف ومعتدلة الحرارة شتاء وتضم مساحات زراعية واسعة ومعالم سياحية خلابة ومعادن وخامات  طبيعية ذات أهمية صناعية واقتصادية كبيرة.. ومنها مناطق جبلية كثيفة السكان وذات أهمية بالغة لزراعة الحبوب والبن ومختلف أنواع  الفواكه والخضروات، بالإضافة إلى ما تزخر به من معالم سياحية متنوعة وذات جودة عالمية في التصنيف السياحي الدولي. كما تحوي مساحة المحافظة على تعدد كبير من الوديان الزراعية والاحراش الخضراء الممتدة بصورة واسعة في جميع مديريات المحافظة الجبلية والساحلية الأمر الذي يوفر للمحافظة بيئات مناسبة لتنمية الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية ومزارع النحل لإنتاج كميات هائلة من أجود أنواع العسل، بالإضافة إلى ما توفره أراضي المحافظة الساحلية والممتدة لأعماق  المياه البحرية  فرص هائلة لتنمية الثروة البحرية المتسمة بجودة عالية ومتميزة تحظى بطلب واسع داخليا في الاسواق المحلية وخارجيا في أسواق دول الجوار.

ومن ناحية السكان فإن المحافظة تحتل المركز الأول في التركيب السكاني لمحافظات اليمن حسب نتائج التعدادات السكانية. كما تحتل المراكز الأولى في المستويات التعليمية والثقافية والمهارة في القدرات العملية وفي مختلف مجالات العمل الفني والإنتاجي  والإداري.. لذا فإن المحافظة تمد بقية محافظات الجمهورية بالقوى العاملة المؤهلة والمدربة ويمتد أثرها في هذا المجال ليشمل مختلف دول الجوار (السعودية والخليج العربي).

ثالثا- التقسيمات الإدارية:

تتكون محافظة تعز من عدد 23 مديرية، تتوزع المساحة والسكان بنسب مختلفة، تحتل مديريات الشريط الساحلي معظم المساحة، حيث تقدر بأكثر من نصف المساحة وتحتل المديريات الجبلية بما فيها مديريات مركز المحافظة (مدينة تعز) أقل من نصف المساحة. حيث تتركز الكثافة السكانية للمحافظة في المديريات الجبلية وتنتشر تجمعات سكانية صغيرة في الشريط الساحلي، الأمر الذي يشير إلى أن المحافظة بحاجة لسياسة سكانية تعمل على إعادة الانتشار السكاني وبما يحقق التنمية البشرية المتوازنة مع المساحة والتضاريس والموارد الطبيعية.

وبالنظر إلى الحرب والحصار القائم على المحافظة يمكننا أن نعكس معاناة المحافظة ومعوقات التنمية البشرية والاقتصادية على النحو الآتي:

يتقاسم النفوذ على المساحة الجغرافية للمحافظة ثلاثة مكونات عسكرية، هي:

- الألوية العسكرية التابعة لقيادة محور الجيش الوطني وتسيطر على: مديريات المظفر، القاهرة، مشرعة وحدنان، المسراخ  المعافر ، المواسط  والشمايتين بصورة كاملة كما تسيطر جزئيا على مديريات صبر الموادم، صالة، جبل حبشي، سامع، الصلو ومقبنة.

- الألوية العسكرية التابعة للقوات المشتركة المنتشرة على  الشريط الساحلي للبحر الأحمر، وتسيطر على مديريات المخا ، ذو باب، الوازعية وموزع بالكامل.

- المليشيات  المسلحة التابعة للحركة الحوثية وتسيطر على: مديريات التعزية، ماوية، دمنة خدير، حيفان ، شرعب الرونة وشرعب السلام بالكامل. كما تسيطر على أجزاء من مديريات: صبر الموادم، صالة، الصلو،  سامع، جبل حبشي ومقبنة. 

ونستخلص من ذلك أن المحافظة تعتبر من أكثر المحافظات التي طالها الحرب تتعرض لتمزيق ديمجرافيتها السكانية ويعاني سكانها من ويلات هذا التقسيم، حيث تقيد تحركات السكان وتنقلاتهم ويعانون من صعوبة بالغة في التنقلات في إطار المحافظة ومن المحافظة للمحافظات الأخرى ويؤدي ذلك إلى التأثير السلبي على الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والحركة التجارية وبالتالي مضاعفة التردي للأحوال المعيشية والإنسانية.

وللتخفيف من هذه المعاناة نرى ضرورة العمل على ما يلي:

1) أن يعمل مجلس القيادة الرئاسي على: 

- ايجاد قيادة عسكرية مشتركة تدير كافة الألوية العسكرية المعادية للحركة الحوثية، بحيث تتولى هذه القيادة التنسيق الميداني الفعال بين مختلف الألوية التابعة للجيش الوطني في قيادة المحور وكذا الألوية العسكرية التابعة للقوات المشتركة والتي تنتشر في مديريات ساحل المحافظة. ويكون من مهام هذه القوات تسهيل حركة المواطنين في مختلف المديريات الواقعة تحت سيطرتهم وكذا تسهيل التنقلات للمحافظات الأخرى بالإضافة إلى التنسيق والتخطيط والتنظيم المشترك لتحرير كافة مديريات المحافظة وحمايتها من اعتداءات الحركة الانقلابية.

- التسريع بتحديث وتطوير ميناء المخا وكذا المطار المستحدث، بحيث يتمكن ميناء المخا على مواجهة مشاكل النقل البحري التي تعانيها موانئ البحر الأحمر كميناء الحديدة وغيرها وبنفس الوقت مواجهة الصعوبات والمشاكل التي يشكو منها قطاع التجارة الخارجية الخاص بالمحافظة ويسهم ذلك في تخفيض تكاليف الاستيراد والتصدير والنقل الخارجي  والداخلي وبالتالي تحسين الظروف المعيشية ومواجهة التدهور في الظروف الإنسانية التي تعصف بحياة سكان المحافظة. كما يمكن للمطار الدولي في المخا من فك عزلة المحافظة ومواجهة ما تعانيه من الصعوبات في التنقلات الجوية الخارجية وبنفس الوقت يمكن لمثل هذا المطار أن يفتح شريان جوي دولي لليمن مع العالم الخارجي يتميز بمواصفات هامة ستجعله أهم المطارات الدولية في اليمن عند تطويره وتحديثه.

- التسريع بإصلاح طريق تعز - الكدحة - المخا وصيانة  طريق الشريط الساحلي من المخا وحتى عدن.

2) أن تعمل قيادة المحافظة على:

- صيانة الطرق الداخلية بين مديريات المحافظة في الأجزاء التي تسيطر عليها.

- وضع خطة تستهدف تحقيق ما ذكرناه في الفقرة (1 ) ومتابعة التنفيذ بقدر عالي من الاهتمام والمواكبة.

- تشكيل لجنة عليا للتخطيط يشارك فيها رأس المال العامل في المحافظة والصندوق الاجتماعي للتنمية.

- تكثيف التواصل مع رجال الأعمال من أبناء تعز وكذا المغتربين وحثهم للإسهام في التنمية المحلية للمحافظة، من خلال إنشاء صناديق وجمعيات تعاونية تعنى بالتنمية الريفية في مديريات المحافظة بالتعاون مع لجنة التخطيط العليا وبالأخص الصندوق الاجتماعي للتنمية.

- إعادة بناء الوحدات الإدارية والاقتصادية التابعة لأجهزة  الدولة بالمحافظة.

ويمكن في هذا المجال الاستفادة من مخرجات الدراسة التي نفذها مكتب الجهاز المركزي للإحصاء بعنوان ( دراسة لآثار الحرب والحصار على الوحدات الإدارية والاقتصادية التابعة للدولة بالمحافظة).

قراءة 2379 مرات

من أحدث أ.د محمد علي قحطان