الشامي "يحيى" ظل "يحيا"صماماً للأمان وداعياً للسلام

الإثنين, 30 كانون2/يناير 2023 21:55 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

كيف لي أن أعزي عائلتك وأحباءك وأنا في أشد الحاجة لمن يمدني بكلمات المواساة والتغلب على ما يخنقني من آهات لرحيلك  ..

أخالك حياً يا أبا ليلى و شريط الذكريات يعصف بي هنا و هناك  في كل مرحلة جمعتنا بسلبياتها و إيجابياتها و بحلوها و مرها منذ عرفنا بعض في المرحلة الجامعية في القاهرة و نحن نتدفق شباباً و حماساً و روحاً ثورية لا تعرف الاستكانة.. نتحرك كخلايا نحل ..لقاءات و اجتماعات و نشاطات طلابية متعددة يمنية و عربية واسعة. كنا نحلم بوطن كبير يحتوي الجميع يقوم على المساواة و العدالة الاجتماعية و نبذ العنف وعدم  إلغاء الآخر. فواصلنا العمل معاً في مراحل العمر اللاحقة بهمة و صبر و ترفع عن الذات - مع عدم التردد في  تقديم التنازلات في كثير من المنعطفات الصعبة التي مر بهاوطننا وحزبنا - في سبيل تحقيق ذلك الحلم الكبير…  وطن رسمناه بطموحٍ كبير و من أجله ناضلنا بثبات و قدّمنا الكثير من التضحيات و وهبناه كل سنوات عمرنا حتى الكهولة مع كل الشرفاء والغيورين عليه ..

لم نكن نتخيل يا أخي وصديقي ورفيقي (يحيى) رحمة الله عليك أنّ الوطن الذي بناه ودافع عنه قادته و مواطنوه الشرفاء سينتكس ليصل إلى حافة الهاوية كما هو عليه اليوم .. فتبكي قلوبنا سراً و علنا و نحن نرى تلاحق البطش والمآسي و الويلات على شعبنا المنكوب بكل الكوارث و تعمق شراسة  الاقتتال و فجاجة الأطماع الداخلية والخارجية في ظل  غيابٍ كلي و لو لبصيص دولة. حقاً

مواجع الوطن تجعل وجع رحيل شخصيات فذة "كشخص المناضل الجسور يحي الشامي" أكثر وطأة .. فصبراً يا وطني ويا رفاقي وأصدقائي وأبنائي ..صبراً يا حزبي وأنت مع غيرك من الأحزاب الوطنية الصامدة تتجرّع المآسي الصادمة للوطن و أنت تفقد كوكبة من الرموز الوطنية بفترات متلاحقة. فتنعي وتبكي رجالات شامخة منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ..قيادات و قامات بحجم  جارالله ومقبل وباذيب ويحي الشامي وغيرهم وغيرهم من أبناء الوطن الشرفاء .. رحلوا و هم يحلمون بالوطن الكبير و بدولة مدنية حديثة ينعم فيها الجميع بعيشٍ كريم.

فأنا هنا أعزي وطني والحركة الوطنية وكل من يحمل جينات نادرة لمثل هؤلاء الأشاوس الذين عاشوا النقاء وماتوا يخلدون النقاء والعطاء.

ولأنك يا أبا ليلى تجسد الوطن بكل معانيه السامية لقد انسابت عندي وامتزجت كلمات الذكريات مع مواجع وطنك .. لهذا فإن تاريخك وتاريخ أمثالك (سيحيا يا يحي) وسيفرضه التاريخ المنصف بأحرفٍ من نور ..سيتذكر أنك كنت واحة واستراحة لكل من يعرفك وينهل الكثير من عمق مفاهيمك وثوابت أفكارك ونقاء وطهارة وطنيتك وحزبيتك ..فمن كان يأتيك مهموماً يتركك متفائلاً ومن يلجأ إليك خالي الوفاض يغادرك مستوراً مجبورا ..ومن يفقد الأمل كنت له البلسم والأمل بهدوء نبراتك ورصانتك وحكمتك وخبرتك ..

لا يختلف إثنان أنك ممن كان ييسّر الصعاب ويؤمن مع كل الغيورين والشرفاء بفتح كل أبواب الحوارات كلما شعر بصد الأبواب من قبل من تستهويهم تناسل الصراعات والإنحسارات.. كنت بعيد النظر تلهث وراء بقاء كل الأبواب مواربة لعلّ وعسى يخترقها بعض الضوء هنا وهناك  فنتفرج الأمور. وبحنكتك السياسية وخبرتك يجافيك النوم حين تشعر بذبذبات  رائحة أي مؤامرة  أو تعطش للغة البارود لأنك تدرك أن وقودها ومن سيدفع ثمنها لن  يكون إلاّ "من يستحق الحياة ". وكنت محقاً أنّ الركام والأشلاء لن تكون إلاّ ميراثاً  للوطن وأن التمزق والضياع والكوارث سيبتلع مآسيها المواطن الإنسان الضحية في كل الأحوال….من هنا يستنجد بك كل من يعرف ويحس أنّ أنفاسك لا تعرف الإسترخاء إلاّ على شواطئ عشق السلام ومرافئ الأمان  ..

وهذا هو  رصيدك اليتيم الذي ينتفخ وطنية وحكمة كما كان الكل على ثقة  أنك لم تكن يوماً  قائداً للأزمات ولا معيناً للصراعات ..وحين اشتداد المحن تهب هنا وهناك لتخفيف حدة الإنقسامات وتبادر دون ملل ولا تشاؤم في امتصاص  أي ثأرات أو احتقانات سياسية عميقة وتتحرك وبوعي وطني وبقلق واقعي كلما ظهرت على السطح معضلة جوهرية أو انقسام مثقل بالتراكمات. وهكذا قضيت العمر  تدفع الكثير من راحتك و صحتك، ومع كثرة معاناتك الشخصية ضعف سمعك لكن لم تضعف عزيمتك الوطنية والحزبية في التواجد والمشاركة في كل فعالية .. وخَذَلك بصرك لكن ظل شغفك الوطني يفرض عليك المزيد من العزيمة والتفاعل مع كل محفل ولقاء .. ثم أخيراً سقطت أرضاً من سريرك ولم تسقط كرامتك ولا همتك ولا كبرياؤك ولا وعيك بكل ما يدور ويُحاك ..لم تستكثر على وطنك وحزبك التضحيات بكل صحتك تدريجياً لكنهم استكثروا عليك العافية وبخلوا عليك بكل ما يعجّل بشفائك ووقفوا أروع مشاهدين للتدهور المتلاحق لجسمك الذي أبى الخنوع والاستجداء وظل يقاوم بكبرياء  حتى الرمق الأخير  ..

إنني أشارككم الحزن والوجع يا آل الشامي فعزاؤنا لبعضنا ومصابنا مشترك ..

     أنيس حسن يحي

 

قراءة 4451 مرات آخر تعديل على الإثنين, 30 كانون2/يناير 2023 22:11

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة