عبدالرحمن الاهدل.. ذاكرة حية في الحركة الوطنية والإبداعية

الثلاثاء, 21 شباط/فبراير 2023 16:51 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

يقول الله عز وجل : ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾.. إن آثار الإنسان التي تبقى وتُذكَر بعده من خير أو شر - يجازى عليها.. فخلاصة الإنسان العظيم ما يتركه خلفه من آثارا عظيمة  أقواله وأفعاله وأحواله وشخصيته، ونشرِ علمه النافع، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر  معاملاته كلامه أخلاقه سلوكه صفاته فكره أدبه نضاله تضحياته تربيته استقامته نقده.. فقد ترك لإسمه وحروفه وتاريخه وسيرته أثرا عظيما.. فقلمه كان سلاحه ومناراً يترجم بؤس قلوبهم وجراحهم إلى قناديل تضيء دروب السعادة للآخرين من العظماء من يشعر المرء بحضرته أنّه صغير ولكن العظيم بحق هو من يشعر الجميع في حضرته بأنّهم عظماء..

فكل شيء بالنسبة للإنسان يزول بعد رحيله عن الدنيا،،عدا شيء واحد وهو الاثر الذي يتركه خلفه ويجعله لا يغادر ذاكرة التاريخ وذاكرة الاجيال جيل بعد جيل،،

ذلك هو استاذي القدير الاديب المناضل السياسي المفكر الفقيد / عبدالرحمن حسن الاهدل ( رحمه الله ).. ذاكرة في الاثر الكفاحي والنضالي والتربوي والاجتماعي والأخلاق الحميدة والقيم النبيلة, ومرجعية في الادب والثقافة والفكر السياسي والفلسفي والبحوث في مختلف القضايا الإنسانية والمجتمعية...انسان نبيل وقلم حر وفكر تقدمي مستنير ومعلم وقائد تربوي وفقيه وعالم مستقيم وخبير ووزير ومستشار.. ذلك الأثر جعله  ذاكرة حية في الحركة الوطنية وعلامة مضيئة في الذاكرة الإبداعية وروح يمنية تهامية اشتراكية خالدة لتاريخ مشرق..

ففي مدينة  علم ومعارف بمديرية المراوعة التهامية شرق مدينة الحديدة كانت ولادته في العام 1948م وفي بيت علم متعدد المعارف كانت تنشأته وعلى يد والده العلامة كانت علومه ومعارفه اللغوية والشرعية وفي بيئة احاطته بكوكبة من الفقهاء والعلماء كانت بداية تحركه على خارطة نضالية قيمية بدأ ضوئها بحصوله على شهادة معادلة بالثانوية العامة عام 1964م وقام بالتدريس في المراوعة عام 1964م..وفي 1967م التحق بالعمل السياسي.. وفي عام 1968م عُين مديراً للمدرسة التي درس فيها وفي عام 1969م انتقل للتدريس في مدينة الحديدة.. وفي ذات العام  1969م عمل مع رفاقه على تأسيس حزب العمال والفلاحين والذي تغيرت تسميته إلى حزب العمل اليمني، كجامع تنظيمي لأفراد الحركة الوطنية آنذاك.. وفي العام 1971م  انتقل للعمل في مؤسسة النقد ما سمي لاحقاً البنك المركزي اليمني.. وفي العام 1972م تم اعتقاله ليكون هذا اول اعتقال سياسي له ..وفي عام 1974م التحق  بالدراسة الجامعية بقسم اللغة العربية والدراسات الاسلامية في كلية الآداب ـ جامعة صنعاء.. وفي عام 1976م ساهم في تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في الحديدة.. وفي ذات العام 1976م تم اعتقاله للمرة الثانية .. وفي عام 1980م انتخب المسئول الاول للحزب في محافظة الحديدة وريمة وحجه و أنتخب في ذات العام 1980م عضواً في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني واستمر حتى وفاته في عضويه اللجنة المركزية للحزب حيث أعيد انتخابه عدة مرات متتاليه.. وفي عام 1982م تم اعتقاله وللمرة الثالثة ..

وفي عام 1984م تم نقله من عمله في الحديدة بقرار سياسي إلى  العاصمة صنعاء بمصلحة المساحة والسجل العقاري...وفي عام 1987م أنتخب في عضويه المجلس التنفيذي لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين.. وفي عام 1990م انتُخب نائباً للأمين العام للاتحاد في المؤتمر الخامس. وفي العام 1991م عين مستشاراً لوزارة الثقافة بدرجة وزير ,. ومستشاراً لرئيس مصلحة الأراضي والمساحة والتخطيط العمراني.. وفي العام 1992م تحمل مسئولية القائم بأعمال  الأمين المالي لاتحاد الادباء.. وفي عام 1993م أعيد إنتخابه في الامانة العامة للاتحاد أميناً مالياً استمر في الامانة العامة للاتحاد حتى انعقاد المؤتمر السابع في العام 1997م.وفي عام 1994م تم اعتقاله للمرة الرابعة ..وفي عام 1997م أكتفى بعدها بعضوية المجلس التنفيذي ولم يرغب في الترشح للأمانة العامة واستمر في المجلس التنفيذي للاتحاد حتى وفاته في العام 2008م...وفي 12 فبراير2008م وافته المنية وهو عضو في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني والمجلس التنفيذي لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين عن عمر ناهز ستون عاما..

يعد أحد رموز الحركة الوطنية وروافدها.. وقد التحق بالعمل السياسي 1967م وفي 1969موعمل مع رفاقه على تأسيس حزب العمال والفلاحين في 1969م والذي تغيرت تسميته إلى حزب العمل اليمني، كجامع تنظيمي لأفراد الحركة الوطنية آنذاك.. وشارك بفاعلية في الحوارات التأسيسية لتوحيد فصائل اليسار، إلى أن تُوجت بالاندماج في إطار حزب الوحدة الشعبية في الشمال (الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب).كما يعد ممن سخر قلمه في  الكتابة عن رفاقه الراحلين في إطار مساهماتهم النضالية في الحركة الوطنية ومحطاتها المختلفة، فيمساهمة منه لكتابة تاريخ الحركة الوطنية. معتبراً رفاقه المناضلين عظماء لا تستطيع الأيام المتراكمة طي صفحتهم، وما أن تحل ذكرى رحيلهم حتى نشعر بحجم الخسارة.. وها نحن اليوم نحس بحجم الخسارة برحيله..

ويعد من رواد الكفاح والنضال الوطني.. وهو أحد مثقفي اليسار اليمني، الذين صمدوا في أعتى الظروف وقاوموا شتى أصناف القمع والاستبداد، إذ اعتقل  مع ألوف الوطنيين وتعرض للمطاردات والتنكيل والسجن السياسي عدة مرات متتاليه تعرض خلال مسيرته السياسية للاعتقال اربع مرات في الاعوام 72م و76م و82م وكانت عملية الاعتقال الأكثر خطورة عليه في العام 82؛ حيث كان المسؤول الأول للحزب في محافظة الحديدة وقد وقعت الوثائق في يد الأمن وكان من المتوقع إعدامه , كما كان اعتقاله الرابع في 1994م,. هذا  بخلاف الاقامة الجبرية التي فرضت عليه في منزله أكثر من مرة والمداهمات الأمنية التي كانت تتعرض لها أسرته و فقد خلالها أخته الكبرى وتم مصادرة سيارته والعديد من مقتنايته الشخصية..

كما كان الفقيد يمثل علامة مضيئة في الذاكرة الإبداعية وأحد رموز المشهد الثقافي الادبي والشعري والفكري في سبعينيات القرن الماضي؛ حيث له عدد من الكتابات النقدية في المجلات والملاحق الثقافية، كونه كاتباً وشاعراً وناقداً، وكانت أهتماماته الأدبية ذات طابع فاعل.. وكان من  المشاركين في توحيد الاتحاد على مستوى الشطرين.. كما كان أديبا كبيرا وكاتبا متميزا أسهم بفعالية في خدمة القيم الإبداعية وتجسيد قيم التضحية والإخلاص والتفاني في خدمة الثقافة اليمنية وتقديمها بصورها المشرقة عبر إسهاماته النقدية والشعرية وغيرها.. وكانت إسهاماته وإنجازاته الثقافية والفكرية والصحفية بمثابة إضافات نوعية ستبقى علامات مضيئة في الذاكرة الإبداعية اليمنية. ستين عاماً قضى معظمه في خدمة الأدب والثقافة والتطور الوطني الديمقراطي في اليمن وله من الكتب التي صدرت «الوجه الآخر للنص - كتاب نقدي»، «تمتمات الوجد - ديوان شعر»، بالإضافة إلى كتب ما تزال تحت الطبع هي: «في الحداثة والتنوير»، «شخصيات أثّرت الحياة»، «جماليات الشعر الشعبي »،« عشق من نوع خاص »، «عشر سنوات مع موازنة الدولة»، و«قراءات في الواقع السياسي اليمني».

 وكونه ذا خبرة في قراءة الموازنات العامة للدولة، فله كتاب قيد الطبع بعنوان  «عشر سنوات مع موازنة الدولة»..

تلك كانت خلاصة جزء كبير من ستون عاما منذ ولادته في  1948م وحتى وفاته في 2008م ساهم فيها في خدمة الفكر والأدب والثقافة والعطاء والنضال الوطني والسياسي والحزبي والوظيفي والتطور الوطني الديمقراطي..

جزء كبير من ستون عام شكل فيها علامة بارزة ومضيئة بقيم عظيمة في  الإخلاص والوفاء والولاء والانتماء لله والارض والوطن والشعب والنضال من أجل الحق والحقيقة والعدالة والحرية والديموقراطية والمواطنة المتساوية والوحدة والدولة المدنية ..والعطاء والبلاء الحسن في مختلف مجالات الحياة التربوية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية والحزبية والفكرية والأدبية والثقافية والمهنية العملية ..

وها هي الذكرى الـ 15 عاما على رحيله في 21 فبراير 2023م  تحل علينا في ظل وطن ممزق وشعب مشرد ومقهور ومقتول ومجروح , وأدب مغيب وفكر مفرق  وثقافة تسحق ..وتاريخه  المشرق نستلهم منه تراثا ومرجعية في النضال والكفاح والتربية والصحافة والادب والنقد والثقافة والفكر السياسي والفلسفي والبحوث في مختلف القضايا الوطنية والسياسية والابداعية،،  وليس ذلك وحسب،، بل انه ترك خلفه اولادا واحفادا في قمة التربية والاخلاق الحميدة وفي العلم والادب والابداع والابتكار والتفوق والانجاز..

وفي ذكرى رحيله الـ 15, لا نملك الا الدعاء له بأن يرحمه ربي رحمة الأبرار وان يسكنه فسيح جناته مع الصالحين والاخيار .راجيا من الرفاق والقراء  قراءة الفاتحة على روحه الطاهرة.. مع اعتذاري لأسرته ورفاقه واصدقائه عن اي تقصير أو أخطاء كتابية أو معلوماتية وردت في موضوع هذا المتواضع عن استاذي ومعلمي ورفيقي الفقيد / عبدالرحمن بن عبدالرحمن حسن الاهدل، رحمه الله رحمة الأبرار واسكنه فسيح جناته...

 

قراءة 5196 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 21 شباط/فبراير 2023 17:01

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة