أضرار الحرب على رواتب موظفي الدولة وسبل التعافي

الخميس, 13 نيسان/أبريل 2023 01:24 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

بعد انقلاب سبتمبر 2014  ، تصاعد الصراع العسكري بين تيارين : أحدهما بقيادة الحركة الحوثية والمسمى بأنصار الله حاليا والآخر بقيادة الرئيس المنتخب لقيادة الفترة الانتقالية حسب المبادرة الخليجية الخاصة بتسوية الوضع اليمني بعد ثورة فبراير 2011. وأدى ذلك لسيطرة الانقلابيين على العاصمة صنعاء وهروب الرئيس عبدربه إلى عدن ثم إلى الرياض وبالتالي سيطرة الانقلابيين على كافة المحافظات الشمالية لليمن والتمدد نحو المحافظات الجنوبية والاستيلاء على عدن وبعض المحافظات الجنوبية ، الأمر الذي أعقبه تشكيل ما اسمي بالتحالف العربي الداعم للشرعية تحت مبرر استعادة الدولة وبالتالي حرب طاحنة استمرت حتى الوقت الحالي. .. ونتج عن ذلك انقسام البلاد إلى جزئين : أحدهما تحت سيطرة مكون أنصار الله الحوثية متخذا من العاصمة صنعاء مركزا له والآخر تحت سيطرة الطرف الآخر ، الذي يحظى بالشرعية الدستورية  والاعتراف الدولي  متخذا من عدن مركزا له بمسمى العاصمة المؤقتة عدن . .....وبناء على هذا الانقسام تشكلت سلطتين : احداها بدعم إيراني والأخرى  بدعم دول التحالف العربي بقيادة السعودية  والإمارات. ... حيث سيطرت حركة أنصار الله الحوثية على كافة مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء ومن بين هذه المؤسسات البنك المركزي اليمني. وبقت السلطة الشرعية المعترف بها دوليا خارج البلاد متخذة من الرياض مقرا أساسيا لها بفعل التناقضات التي شكلت طيف المعارضين للانقلاب بتكوينات سياسية وايديولوجية  وعسكرية مختلفة الأمر الذي أدى إلى عدم استقرار السلطة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن  واتساع رقعة الصراع في إطار الشرعية والفشل في إعادة بناء مؤسسات للدولة التي يمكنها أن تحل محل  مؤسسات الدولة المسيطر عليها من قبل أنصار الله الحوثية. .وكل ذلك قد مكن الحركة الانقلابية من احكام السيطرة على مؤسسات الدولة في صنعاء  والاستيلاء على أرصدتها من العملات المحلية والأجنبية في البنك المركزي اليمني والتصرف بها .  ومع انهيار الدولة وتوقف تدفق  الإيرادات العامة لخزينة البنك المركزي فقد توقف صرف رواتب موظفين الدولة  بالكامل خلال فترة عامين تقريبا منذ أن توقفت . ..ومع اشتداد تدهور  أوضاع الموظفين ومطالباتهم باستعادة دفع الرواتب أعلنت السلطة الشرعية نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن بمبرر استعادة البنك وصرف رواتب الموظفين. .إلا أن عملية النقل لم تكن مدروسة ولم تجد قيادات واعية ومسئولة  قادرة على إدارة خزائن الدولة باعتبارها صاحبة الحق بإدارة   السلطة الشرعية وبإعتراف دولي ، الأمر الذي أدى إلى فشل هذه السلطة في دفع كافة رواتب موظفي الدولة فاقتصر الصرف للموظفين الواقعين في المحافظات التي  تحت نفوذها وبعض الاستثناءات لقطاعات من الموظفين بمبررات مختلفة،  كما أنها مع انهيار الأوعية الإيرادية وفشلها في السيطرة التامة على هذه الأوعية عجزت عن الاستمرار بالوفاء بدفع الرواتب بصورة منتظمة مما أدى إلى صعوبة بناء مؤسسات الدولة وممارستها لأعمالها بصورة طبيعية. ومع اشتداد الاحتجاجات والمطالبات بانتظام دفع الرواتب لجأ البنك المركزي في عدن للاصدارات النقدية الجديدة للريال اليمني بطبعته الجديدة ، مما أدى إلى تسارع انهيار قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأخرى وارتفاع أسعار السلع والخدمات وتاكل كبير لقيمة دخول الأفراد والأسر وتصاعدت أضرار  آثار الحرب على الجانب الإنساني. بحيث وصلت  لمستويات كوارث إنسانية أبرزها المجاعة. .....

وكل ذلك قد مكن سلطة صنعاء من فرض أمر واقع جديد على مستوى المناطق الواقعة تحت نفوذها بما في ذلك انقسام الجهازين المالي والمصرفي وكذا سعرين للريال اليمني مع استمرار امتناع  السلطتين سلطة صنعاء وكذا سلطة عدن من دفع رواتب الموظفين في المؤسسات الحكومية  الواقعة  تحت نفوذ حكومة صنعاء ومع مرور الوقت واشتداد سوء الأحوال المعيشية لموظفي حكومة صنعاء  قررت أن تدفع من  وقت لآخر مبالغ مالية بسيطة لموظفيها   قدرت  بنصف راتب شهري  بعد أن عملت على فرض سعر جبري للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بطبعته القديمة ومنع تام لتداول الريال اليمني بطبعته الجديدة،  الأمر الذي أدى  إلى ثبات سعر صرف الريال في مناطق نفوذ سلطة صنعاء واستمرار تدهوره  في مناطق نفوذ سلطة عدن. ....ويمكننا إيضاح ذلك التدهور  من خلال  عرض مستوى التدهور السنوي خلال سنوات الحرب الماضية  (( 2015 - 2022 )) من واقع بيانات البنك المركزي والتي حصلنا عليها من فرع البنك المركزي في تعز. ..حيث تتبعنا متوسط سعر الدولار السنوي خلال الفترة المذكورة وكانت النتيجة كما يلي :

  معدل التدهور السنوي                     السنة

    2014                                     --  

2015                                       16.3

2016                                       40.0

2017                                       15.7

2018                                       37.0

2019                                         8.1

2020                                       25.0

2021                                       24.7

2022                                       41.2 

يتضح من بيانات الجدول ومتوسط السعر السنوي للدولار  ما يلي :

اولا)   أن الريال في العام الأول للحرب فقد من قيمته نسبة 16.3% وفي العام الثاني  نسبة 40 % و العام الثالث نسبة 15.7 % والرابع نسبة 37 % .وتراجع  هذا المؤشر في العام الخامس 2019 .حيث بلغ  نسبة 8.1 %  وذلك بسبب تغذية البنك المركزي في عدن  بالوديعة السعودية البالغة 2 مليار دولار. ...إلا أن هذ  التراجع في نسبة التدهور   عاد  بالارتفاع في العام التالي ،   فقد بلغت نسبة التراجع السنوي  25% في عام 2020  ونسبة 24.7 % في عام 2001 وفي العام 2022  بلغت 41.2% 

ثانيا  ) تدهور قيمة   الريال اليمني خلال الفترة  ((2015 - 2022  )) تقدر بعدد 6.2 مرة. ....ويشير ذلك إلى أن تاكل  قيمة رواتب الموظفين خلال فترة الحرب  يزيد عن ست مرات. وبالتحديد 6.2 مرة  استنادا للمعطيات المشار إليها سابقا.

خلاصة تحليلنا للموضوع يمكن ايجازها  بما يلي :

أ)  انقطاع رواتب جميع موظفي الدولة  لمدة حوالي سنتين تقريبا ،  الأمر الذي أدى لمعاناة شديدة لهم ولأسرهم وفقدان كل ما اكتسبوه  من المدخرات والمقتنيات الثمينة،  القابلة للبيع وتشرد الكثير منهم

ب) عودة رواتب جزء من موظفي الدولة مع تأكل كبير لقيمته الشرائية. 

 ولعودة وضع موظفي الدولة  إلى ماكان عليه في عام 2014 ،  ينبغي أن يتزامن تسوية الوضع السياسي والاقتصادي بعد وقف الحرب وعودة السلام الأخذ بواحدة من آليتين ، وذلك لتعافي وضع رواتب الموظفين وهاتين الآلتين  نراها كما يلي :

الأولى :  اتخاذ حزمة من إجراءات السياسات المالية والنقدية الكفيلة بإعادة القوة الشرائية للريال اليمني إلى ماكانت عليه في عام 2014 .وذلك من خلال إعادة سعر صرف الدولار الأمريكي لمبلغ 215 ريال للدولار الواحد .

الثانية : تسوية رواتب الموظفين، بحيث يتم رفع الرواتب لمستويات تعوض ما فقد من قيمتها خلال سنوات الحرب الماضية  (2015 - 2022 ) .وذلك من خلال عملية حسابية بسيطة للغاية ، تتضمن ضرب راتب الموظف في عام 2014 بعدد 6.2.

ويعني ذلك أن من كان راتبة مبلغ 60 الف ريال يضرب بعدد 6.2 ليصبح في الوقت الحالي مبلغ  372  الف ريال يمني. ومن كان راتبة الشهري يصل لمبلغ 100  الف ريال يصبح مبلغ يساوي 620  الف ريال يمني. ...وهكذا يتم تسوية وضع  كل موظفي الدولة المدنيين والعسكريين وكذا  المتقاعدين .

مع  تمنياتي لأي سلطة قادمة بالهداية والتوفيق.

 

قراءة 4880 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة