في مديح شباب الجريدة..

الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2014 21:30
قيم الموضوع
(0 أصوات)

(1)

لم يحدث في أيّ حزب سياسي في العالم أن يتواجد فيه أعضاء منتمين إليه وأسماؤهم في قلب لائحته التنظيمية لكنّهم وبشكل واضح وعلني يشتغلون في مهنة النطق الرسمية بأسماء أحزاب أخرى. ليس هذا فقط ،بل يقومون بتوجيه الشتائم وعبارات التجريح والتخوين في حق أعضاء حزبهم وقيادة حزبهم ويقومون بإطلاق كل هذا منطلقين من منابر إعلامية يمتلكها الحزب الذي صاروا ناطقين علنيين باسمه. لم يحدث في أيّ حزب سياسيّ في الكرة الأرضيّة أن يقوم عضو لجنة مركزية في حزب يساري بتوجيه النقد لحزبه المُفترض ومن على شاشات تلفزيون تمتلكها أحزاب يمينية. أحدهم طلع من قناة المنار اللبنانيّة وقال على الهواء مباشرة أنه غير راضٍ عن أداء الحزب الاشتراكي الذي ترهلت قيادته وشاخت وتعفنت في مواقعها وصار لا بد من استبدالها بقيادة شابّة على غرار قيادة السيّد عبد الملك الحوثي.

(2)

سيقال :هذا نوع من النقد الذاتي الذي يفترض للحزب الاشتراكي تقبّله!  لكن هناك فارقاً بين النقد الداخلي وبين توجيه الشتائم والتجريح والإهانات وعلى الهواء مباشرة. هناك فارق بين محاولة خلق وسيلة للتسوّل على أبواب أحزاب يمنيّة ولو كان ذلك عن طريق النيل علناً من الحزب المفترض انتماء ذلك العضو فيه.

لماذا لا يقدّم هؤلاء استقالاتهم إن كان الحزب الاشتراكي قد شاخ وهرم!

نجد أنفسنا الآن بحاجة لتقديم أقصى عبارات التقدير والاحترام والاعتذار أيضاً لأولئك الأعضاء الذين وجدوا في لحظة ما بأن الاشتراكي لم يعد يلبيّ طموحاتهم وأمانيهم في الوصول والترقيّ على المستويين المالي والسياسي بغير انتقالهم إلى المؤتمر الشعبي العام. هؤلاء،على الرغم من كل ما فيهم إلا أنهم كانوا منساقين مع ذواتهم ومتصالحين معها فقرروا ترك الاشتراكي في حاله بعد أن رأوا عدم جواز لعب دورين في فيلم سينمائي واحد.

لم يبقوا في الاشتراكي ليمارسوا نخرهم من داخله ومن قواعده وصولاً للتحريض ضد كوادره الشابّة عن طريق القنوات الإعلامية اليمينية نفسها.

(3)

من يقول علناً بأن هذا الحزب الاشتراكي لم يعد يمثله ولم يعد ذلك الحزب الجماهيري وحزب الناس العاديين الذي يتبنى مطالبهم، من يقول هذا عليه من باب النزاهة الفعلية أن يعلن استقالته أو تجميد عضويته على اقل تقدير. لا يصح، لا منطقياً ولا تنظيمياً أن يأتي هذا العضو بكل نواقص الدنيا والاخرة في حق الاشتراكي الذي يحمل عضويته ويقوم بتحريض الناس عليه ومطالبة أعضائه بالخروج عليه والسير في ركب مظاهرات السيّد الحوثي وأنصار الله والانضمام إلى ساحات اعتصامهم. هو أمر غريب ما يحدث وهو يحدث لمّرة أولى لم يسبق أن تمّ المرور عليها أو ملاحظاتها في سياق تاريخ الأحزاب اليسارية على وجه الخصوص. ربما يمكن تفسير هذه الإشكالية من منطلق التكوين العقائدي اليمينيّ الأساسي لهؤلاء القادمين حديثا إلى صفوف أحزاب يسارية لم يقدروا على استيعابها وهضمها ما جعلهم يخوضون فيها عن جهالة وعمى فلم يستبينوا الطريق. بقوا عملياً في عقلية السيّد وملحقاته ولم تكن تلك الانتقالة إلى اليسار سوى إجراء شكلي ومن باب البرستيج والتباهي والتقدّم باتجاه الجماهير التي سيكون عليها واجب الترحيب بذلك القادم الجديد من جبّة العلّامة وعمامته دونما حساب لحجم الكلفة التي ينبغي عليه دفعها من أجل الانتقال من جيب السيّد إلى عقل الرفيق المنفتح والمتقبل للآخرين.

(4)

وفيما يخص الثوري وإعلام الاشتراكي.

قال، بعض هؤلاء؛ المقيمين حالياً في جيب أنصار الله، بأن جريدة "الثوري"،لسان حال الحزب الاشتراكي اليمني  لم تعد تمثلهم وقد استقالوا من دوائره الإعلامية. يبدو هذا التصريح كبراءة ذمّة أو تخليص مسؤولية عن شيء سيتبعه عقاب قادم لا محالة من الجهة التي طُرح هذا التصريح أمامها. ما يشبه حسابات ربح وخسارة. لكنّ هذا التصريح في الأساس هو تحريض على الرفاق العاملين في "الثوري" بالنظر لهذا الوضع الرخو أمنياً والذي صرنا فيه والذي يمكن أن يأتي فيه أحد المتعصبين الأنصار للتصرف على أساس أن ذلك التصريح ما هو إلا فتوي. هكذا يتم الأمر في بنية الجماعات العقائدية الأصولية وهناك سوابق وأمثلة كثيرة على مدار التاريخ تؤكده.

قالوا أن عدد "الثوريّ" الخاص ب " أيلول الأسود" كان عدداً مدفوعاً من جيب علي محسن الأحمر وأن صحافيي الجريدة قد قبضوا أموالاً بسببه. هذا قول لا يمّت إلى النزاهة اليسارية بصلة. كلام كاذب ومنحط. إنه تحريض فاضح وخطير يصيب حياة الرفاق العاملين في جريدة الحزب ويضعها تحت التهديد المباشر. لن يكون من الأخلاقي حينها تبرير ما قد يحدث لهم بأنه قادم من جهة عصابات حسين الأحمر. قول كهذا فيه إهانة كبيرة لعقل أي منصت وقادر على الفهم في أدنى مستوياته. قول كهذا معيب في حق قائله من الأساس ، لو كان يدرك ذلك. لكنّ من يضع حياة غيره في الخطر لا يمكنه وضع مسائل كهذه في محيط اهتماماته أو انتباهه. من يضع مصلحته ورؤيته الشخصية الضيقة قبل كل شيء وأي شيء ، لا يمكنه أن يرى بوضوح أو أنه لا يريد، من الأساس  أن يرى.

(5)

وقبل كل هذا..

كيف أمكنهم القول وبفم مليان أن "الثوري" قد تحوّلت لجريدة محرّضة على الاقتتال والاحتراب الطائفي معتمدين في قولهم على متن الأعداد الثلاثة الأخيرة الصادرة منها. لقد تجاهلوا فكرة الحزب التي سار ويسير عليها من زمان وسعيه في طريق رفض عمليات الاقتتال الداخلي والتهييج الطائفي للحدّ من العواقب المحتملة بسببه ونتيجة له. نجدهم هنا وقد قفزوا فجأة على تاريخ هذه الجريدة وتجاهلوا عن عمد أرشيفها الذي لم يزل على قيد الحياة ويمكن تحقيق أمر العودة إليه. يمكن هناك تتبع مراحل "الجهاد" المكتوبة التي كان شباب الجريدة والحزب يفعلونها في أشدّ مراحل الحروب الستّة على جماعة الحوثي أيّام كان أفرادها محاربين ومطاردين في الجبال وأعماق الكهوف ولم يكنّ لديهم غير إعلام الاشتراكي؛ جريدة وموقعاً إلكترونيا كوسيلة وحيدة لإيصال ما لديهم من أخبار كما ولنقل صورة العناء الذي كانوا فيه والحياة الخالية من الحياة والتي كانوا يعيشونها وقد تخلّى العالم منهم وكانت "الثوري" و"الاشتراكي نت" لسان حال ألمهم وفجائعهم إلى المستوى الذي أنتج اتهامات في حقهما وبأنهما صارتا أداتين في يد الحوثي. وقد دفعت الجريدة أثماناً باهضة نتيجة لهذا وتعرّض أفرادها للملاحقات والفصل من وظائفهم. لا نمّن هنا ولا نتباهى بما كان من إعلام الاشتراكي فهو أمر من صميم فكرة احترام كرامة الناس والعمل من أجل الدفاع عنها بكافة السبل. لا نمّن هنا ، ولكنها مناسبة للتذكير فقط. مناسبة لقول كلمة: عيب. قولها في حق هؤلاء الذي طالبوا "الثوريّ بالاعتذار عن تلك الأعداد الثلاثة. عليهم بالعودة إلى الأرشيف للتأكد من مسار الجريدة على ذلك الطريق الطويل وخطواتها في مجال إزاحة فكرة الحرب ورفضها كليّة والعمل على حصرها في أضيق مساحات ممكنة ووقوفها ضد ميليشيات القتل وعصابات الاحتراب التي تمّتص أسباب حياتها وبقائها من إثارة النعرات السلالية وإذكاء المشاعر الطائفية ومن مصلحتها أن تسير "الثوري" في هذا المجال بما يعمل على إتاحة المناخ العام وتحويله لبيئة صالحة ليصبح مقبرة على هيئة بلد ورفض الجريدة وحرصها على الابتعاد عن كل ذلك والعمل في الاتجاه المعاكس منه. هذا ما أثار الحنق ضدها ودفع للتحريض في حق العاملين فيها ولو وصل الأمر إلى مستوى المساس بأمنهم وسلامتهم الشخصية. لكنّ لا يبدو أمر كهذا ، كما قلنا عاليه، بشيء يستحق الالتفات من جهة أولئك القادمين الجدد على اليسار ولا يعنيهم بشيء.

(6)

ينبغي أنه صار لزوماً على الحزب أن يجد طريقة نظامية لها أن توقف هؤلاء عن واجهة الاشتراكي وصورته أمام الناس. لم يعد أمراً محتملاً وقد انتهكوا كافة القواعد الداخلية المنظمة لسلوك المنتمين إليه وعلى وجه الخصوص في المسائل المتعلّقة بقدسية واحترام الحياة والحفاظ عليها. لقد انتهكها هؤلاء وصاروا دعاة حروب وتحريض وتهديد لحياة غيرهم من الناس. هكذا يستقيم الوضع وتنعدل الصورة بما يعمل على مواصلة "الثوري" لمهمتها في الدعوة للحفاظ على الحياة وتقديسها.

هي تلك الحياة التي تستحق الحياة.

 

 

 

قراءة 1808 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة