مُقبل .. صديقي

الجمعة, 19 كانون1/ديسمبر 2014 19:28
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

أشتغل في صُحف الاشتراكي من زمان. بداية من جريدة «المستقبل» قبل عام من هجوم جيش علي عبد الله صالح على الجنوب. نهبوا تلك الجريدة وقتها ومعها ذكريات جميلة كانت مع صديقي الكبير علي الصراريّ. وبعدها اشتغلت في «الثوريّ» وما أزال. سنوات كثيرة كأنها نصف العمر الذي مرّ. نصف عُمري قضيّته مع صُحف الاشتراكي وبسببها لَمع اسمي، إن كان لُمع وتعرّفت على أُناس كُثر. صارت لديّ عائلة كبيرة في اليمن وأنا الكائن الوحيد في حياته وفي لغته وبلده. تفكّكت وحدتيّ وصارت معيّ عائلة وصلتني بها كتابتيّ في صُحف الاشتراكي.

لكنّ مع ذلك يبقى غريباً أن لا لقاء واحداً جمعنيّ بالأمين العام للاشتراكي وقتها وإلى اليوم. لم يحدث أن التقيت بالرفيق مقبل مرّة واحدة ولو حتّى مصادفة في مكان يحصل أن يجتمع فيه كبار الحزب ويكون مُقبل بينهم. لم تمنحنيّ الحياة فرصة اللقاء وما زلت أتمناه. مع هذا يبدو أمر لقاء كهذا مسألة عابرة لما تفعله اللقاءات من توثيق شخصي في السيرة الذاتية لكاتب ما. أن أُدّون في سيرتيّ: لقد قابلت مُقبل في يوم ما من أيّام حياتيّ. ستبدو هذه المعلومة مضيئة في تاريخيّ الشخصيّ. لكنّ، ومع الأيّام يبدو أنني قد استوعبت فكرة أنه ليس شرطاً أن يكون أيّ لقاء قد تحقق بمقابلة شخصين وجهاً لوجه. لقدّ تكّون في عقليّ أمر حقيقيّ ويقول بأنيّ قد قابلت مُقبل فعلاً وجرى بيننا كلام كثير وتعمّقت صداقتنا من خلاله. وعليه أرى تلك الصداقة قد تحققت منعكسة في سلوكي ومقاومتي لمصائب الحياة واختباراتها و أرى مُقبل خلالها وأجده ليمنحنيّ قليلاً من طاقته وقدرته على المقاومة لتكون نجاتي واستقامتيّ في الحياة.

تبدو حقيقة هنا بوجود صنف من الناس يمنحك دروساً في الحياة دون أن تلتقيهم وتتقاطع معهم فعلاً في يوميّاتك. تبدو مثل كتاب إرشاديّ في كيفية الخروج منتصراً وبرأس مرفوع من مواجهات يُفرض عليك الدخول فيها أو الوقوع تحت أثقالها. حين الأزمات الضخمة ورؤية الذات وقد اقتربت من انحطاطها والانخراط في شغل بدرجة: مُخبر أو شاهد زور ألقى صورة مُقبل وموقفه من جملة الاغراءات التي عُرضت عليه بلا حساب لكنّه رماها خلف ظهره ومضى. موقف كهذا،وقد حدث معيّ كثيراً إذ يظهر فجأة في الواجهة كذراع صديق عزيز امتدّت لتهديني نجاة نبيلة ولا يمكن نسيانها متحوّلة لقلادة أبدّية حتى نهاية العُمر. ولهذا أقول :مُقبل صديقي.

قراءة 1805 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة