طباعة

جعفر محمد سعد.. الإبن البار لعدن

السبت, 12 كانون1/ديسمبر 2015 18:36 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

كان لحادث إغتيال البطل الغائر الاستثنائي جعفر محمد سعد، وقع مؤلم في نفسي، وقطعا عندكثيرين ممن عرفوه واحبوه.

عرفت جعفر صاحب موقف شجاع ورأي حر لا يعرف المهادنة.

هكذا كنت أجده كلما شاء الحظ ان نلتقي. وللأسف كانت لقاءاتنا قليلة ومتباعدة بسبب مشاغل الحياة الكثيرة. وكان في كل مرة نلتقي فيها يترك في نفسي إنطباعا بأن الرجل وفي جدا لبيئته الاجتماعية التي جاء منها، في احد احياء الشيخ عثمان.

   وكان جعفر، وبحق، ابنا بارا لعدن. وهو بانتمائه الى مدينته الحبيبة عدن، لم ينس وطنه الكبير أبدا.. ولذلك كان صادقا عندما  كان يدعم، وبثقة بالغة، المقاومة الجنوبية ومساندتها للمقاومة في تعز، مما يؤكد توجهه الوطني الأصيل، من أجل يمن حر، تنتصر فيه قوى الخير المحبة للأمن والسلام.

   إن الذين دبروا إغتيالة كانوا على علم بمعدن جعفر الأصيل، فخشوا منه واغتالوه. وباغتيالهم له، توهموا انهم سيغتالون أحلام شعبنا في أن ينعم بوطن يسوده الأمن والاستقرار والسلام، وفي أن ينعم شعبنا بمدينة كانت رمزا للحضارة. عدن كانت فخورة بجعفر وستظل فخورة به وبأمثاله.

   ويعرف أهل عدن الطيبون كيف مارس جعفر مهامه كمحافظ لها، بحب وتفان نادرين، منذ اللحظة الأولى لتسلمه هذه المسؤولية المحفوفة بالكثير من المخاطر.

   وكان المحيطون به، عندما يلتقونه كمحافظ لعدن، يرون فيه عدن الغد التي ستستعيد إبتسامتها الحلوة والساحرة التي إفتقدتها لسنين. وقد علق هؤلاء والشعب معهم، كل آمالهم في أن يروا عدن تنهض من جديد برسالتها الحضارية. ولكن قوى الشر التي ما فتئت تعبث بكل ما هو جميل في عدن تحديدا، وفي الوطن عموما. ارادوا، وبوعي كامل، حرمان عدن من التمتع بامتلاك قائد وطني فذ، يمتلك كل مواصفات وشروط القائد الاستثنائي.

   بكيت، كإنسان وكمواطن، جعفر عندما جاءني خبر إغتياله الذي وقع علي كالكارثة. وكان خبر إغتياله صادما، حقا، لكل الخيرين في بلادنا.

   كان جعفر كما عرفته قليل الكلام، ولكني كنت أراه صاحب رأي شجاع في كل ما يقوله. فهو فعلا لم يكن يحب أن يهادن، ويعرف جيدا حجم المسؤولية التي تقع على عاتقه كمحافظ. وكان على وعي تام بأن موقعه هذا سيجعله هدفا للعابثين بالوطن والمتربصين به. إلا أن إرادته الصلبة كانت تمده بالإصرار على مواصلة مهماته مهما كانت التضحيات، مسلحا بيقينه بالإنتصار على كل التحديات وهي جسيمة وكثيرة. وقبوله للمنصب لم يكن حبا فيه ولكن حبا لعدن ولأهلها الطيبين. والكل يدرك تماما أن ثمة من يعبث بالوطن ويتربص به شرا، فكان طبيعيا أن يدفع جعفر حياته ثمنا لعدن التي أنجبته وأحبها أيما حب.

   هل تموت أحلام شعبنا باغتيال جعفر؟ أقول، وبحزم، ويقين واصرار، لا لن تموت أحلام الشعوب، ولن تتوقف، وعلى العكس من ذلك سيواصل شعبنا حلمه الذي يعطيه القدرة على مواصلة الحياة بكرامة. وهذا هو خيار شعبنا الوحيد.

  وفي هذا السياق، فأنا على يقين بأن الفدائي الآخر عيدروس الزبيدي، ومعه الشاب الواعد الجسور، شلال شايع، سيواصلان مشوار جعفر بنفس الإصرار والتصميم لتستعيد عدن عافيتها وابتسامتها.

   واضح ان عيدروس الزبيدي، وشلال شايع، توليا منصبهما وهما يعرفان أنهما يمشيان على جمر، وأن طريقهما مزروع بالشوك ومحفوف بالمخاطر، لينتصرا لعدن وأهلها، ويعيدا الأمل للناس في امكانية أن تستمر الحياة رغم تربص العابثين بالوطن من قوى الشر والتآمر والاجرام.

   وأقول في ختام كلامي هذا، نم يا جعفر قرير العين في قبرك، لأنك ستبقى خالدا في وجداننا وعقولنا وضمائرنا. وسيتذكرك كل من يحلم بغد مشرق وضاءلعدن، وسيبادلونك الوفاء بالوفاء.

   وليطمئن عيدروس الزبيدي، ومعه شلال شايع، أننا سنحيطهما بكامل حبنا ومساندتنا لهما. فهما يستحقان منا كل ذلك، متمنيين لهما النجاح في مهامهما الصعبة بالغة التعقيد.

   والحياة حتما ستنتصر لأننا نرفض العبث من أين جاء، وكيفما أتى، وهذا هو رد شعبنا الصائب والسليم على قوى الشر التي اغتالت جعفر.

   وأقول لذوي جعفر وأهله ومحبيه من أهل عدن، ومن كل الخيرين، إن جعفر جدير حقا أن تفخروا وتفاخروا به، وهذا هو العزاء الحقيقي لفقداننا جعفر، على هذا النحو المأساوي.

   رحم الله جعفر، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان. انا لله وإنا اليه راجعون.

أنيس حسن يحيى

الثلاثاء 8 ديسمبر 2015

قراءة 2207 مرات آخر تعديل على السبت, 12 كانون1/ديسمبر 2015 18:41

من أحدث أنيس حسن يحيى