ياسين الزكري

ياسين الزكري

الثلاثاء, 12 تشرين2/نوفمبر 2019 17:41

اتفاق الرياض.. الفرصة الأخيرة

 

65 يوما كانت كافية للخروج بنتيجة يربح بمقتضاها الجميع، انتقال الجنوب من موقع التابع إلى موقع الشريك استحقاق طال انتظاره.. وكذلك انتقال اليمن عامة إلى مربع الدولة.

بداية أخرى جيدة تخرج بعد المبادرة الخليجية من ذات المكان.. قصر اليمامة في المملكة العربية السعودية.

بداية يتعين على اليمنيين التقاطها وضبط إعداداتها التنفيذية خطوة بخطوة للحيلولة دون انحراف مسارها المفترض. يقول منطق الحاجة والضرورة معاً.

اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي في الخامس من نوفمبر الجاري مكسب لليمن ونجاح سعودي حظي باحترام وتأييد العالم، وتأسيس لمبدأ حل المشكلات عن طريق الحوار.

بنود الاتفاق كثيرة الأهمية لليمنيين، و«الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لكافة أبناء الشعب اليمني».. بحسب البند الرابع، استحقاق جامع ظل لزمن في خانة الحلم المؤجل. يقول الشارع السياسي.

تكمن أهمية هذا البند في كونه محورا أساسيا حين يتعلق الأمر بمبدأ نشوء الدول الناجحة.

تُعد المواطنة منبع تلك المفاهيم الكبرى التي كثيراً ما نرددها بطريقة تشبه حديث شاعر ما، عن أنواع من الزهور التي لم يحظ يوما بالتعرف عليها، «المواطن والوطن والوطنية» مكاسب تمر من بوابة المواطنة.. تفيد قواعد السياسة وتعزز مواثيق الحقوق.

يبدأ الأمر من مقدرة الناس على تداول العملة أو «القدرة الشرائية»، العملية وثيقة الارتباط بوجود سوق قادرة على تحقيق دورة نقدية وسلعية منتظمة، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل أجواء عدم الاستقرار.

قراءة متأنية لبنود الاتفاق تكشف جملة إشراقات أو حاجات عميقة لهذا البلد المكلوم بالحرب، المغبون بصراعات القوى والنفوذ من نصف قرن، كما تحكي كتب التاريخ المعاصر.

ينظم الملحقان الثاني والثالث في الاتفاق روافع تحقيق الاستقرار «تنظيم مؤسستي الجيش والأمن لاستكمال معركة إسقاط الانقلاب وتوفير ملعب سياسي من ناحية، وتحقيق الأمن والاستقرار وتسوية هذا الملعب من ناحية ثانية»، الحاجة الأساس لتكريس مفهوم الوطنية في أي بلد كان.

ثمة فرق بين أن تسمع حديثاً عن الهمبرجر وبين أن تتذوقه، بين حديث ترفي عن حقوق المواطنة وبين برنامج مزمَّنٍ في الطريق إليه، غير أن جدية المواطن في الحرص على تحصيل هذه الحقوق يظل المحك الأساس وهنا تتبين أهمية الإعلام، البند الخامس من الاتفاق.

بالنظر إلى البنود «الخامس والسادس والسابع» في الملحق الأول تتبين عوامل تحقيق الوجه الآخر للمواطنة، مفهوم المواطن.

تنظم البنود الثلاثة على التوالي مسائل من نوع «تنظيم وإدارة موارد الدولة، تفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، إعادة تشكيل وتفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى» ما يمكن وصفه بمداميك توفير الخدمات والحقوق العامة «فرص العمل، القوة الشرائية، السوق الآمن».

مع انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015 تبين الحضور الجاد والمسؤول لدول التحالف العربي بقيادة المملكة، أن تكون جاداً مسؤولاً تلك هي القضية.. يقول دور التحالف وتعزز بنود الاتفاق.

تنفيذ الاتفاق المزمَّن أمر ملزم، وحق ملح كما هو الحق في الحياة من نظر اليمني، لكن السير في ذلك ليس بالأمر السهل بل أشبه بالسير وسط حقل ألغام بغير خريطة.

وجود مراكز قوى منافسة لقوة السلطة، مشكلة مُزمِنة في اليمن، تعوق ما يتطلع إليه هذا الشعب المثخن.

تشكيل لجنة من دول التحالف العربي الداعم للشرعية بقيادة المملكة للإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق بحسب البند السابع منه، أمر مطمئن.. يقول نبض الشارع اليمني، ذات الشارع الذي يؤكد في المقابل ضرورة التعامل الحاسم مع عوائق التنفيذ الداخلية، والتصدي الصارم لتلك الأجندات التي تنشط من أجل إعاقة التنفيذ بهدف إحراج دول التحالف العربي.

أن تفعل ذات الشيء في كل مرة لا يمكِّنك الحصول على نتيجة مختلفة، يقول مبدأ الإنجاز، وكذلك تطبيع الحياة في اليمن، يحتاج التطبيع إلى الدولة أو على الأقل حضور مظاهرها بشكل مبدئي فاعل، ما يعني أولوية تنظيم وتفعيل عمل المؤسسات والقانون بالقدر الذي يعزز ثقة الشعب بسلطته، تقول تجربة تعز 2018.

لم يعد بمقدور اليمنيين احتمال الفشل، ثمة فوهة ضيقة كحال العيش، تشخص منها عيون اليمنيين صوب هناك.. حيث تشكيل الحكومة الجديدة في انتظار إجابة للسؤال.. الكفاءة أم حسابات التدوير؟

 

*صحيفة عكاظ - الاثنين 11 نوفمبر 2019

السبت, 14 أيلول/سبتمبر 2019 20:23

الوطن اللغم

 

 

كما لوكان مجرد خبر عادي تداولت القنوات الفضائية قبل بضعة أيام قضية من العيار الثقيل.. الحوثيون يفرضون قسم الولاء على الطلاب في طابور الصباح ووضع المحررون خلفية للخبر نصت على "يأتي ذلك بعد قيام مليشيا الحوثي في وقت سابق بإدخال تعديلات/ تغييرات في المناهج التعليمية تتضمن التمجيد لقياداتهم الأمر الذي من شأنه تعميق الطائفية في اليمن".. وبغض النظر عن طريقة الاستنتاج المرتجل كما هو خط سير التحرير الاخباري في كثير من القنوات

لاحظ عزيزي القارئ مفردتي "تعديلات، تغييرات" الم يخالجك شعور مشابه لذاك الذي يحدث عند قراءتك شطر بيت في قصيدة غزلية؟ 

ثم ماذا عن الرسالة التي تصلك من خلال مفردات من هذا النوع هل تراها تزيد عن مجرد حديث عن تغيير لون الاغلفة او تغيير عدد الصفحات؟ الأمر ببساطة أن العبارة تتحدث عن دس أكثر من 180 لغما طائفيا داخل مناهج التعليم المدرسي الملغومة اصلاً. تخيل!..

حين تعصف الحروب والصراعات ببلد ما وتعمل مؤسسات الاعلام والتربية والتعليم والثقافة بعكس دورها المفترض بالأداء او الصمت في المنطقة الخطأ تكون هذه المؤسسات بطريقة ما شريكة في القتل والدمار والتخريب واطالة أمد الفوضى.. هذا مايقوله منطق الأشياء 

خمس سنوات من الكارثة لم نجد خلالها ملمحا واحدا يشير الى وجود خطة او رسالة لدى أي من هذه المؤسسات يمكنها بعث القليل من الأمل. 

عن قريب وحين تسأل طفلك ماذا تريد ان تصبح في المستقبل ويرد عليك.. "مجاهد" لا تستغرب فتلك هي النتيجة الطبيعية للعبث الحاصل الان. والوزارة المختصة ..نائمة ربما على ذات السرير الذي صحت منه الفتنة قبل سنوات خمس...

هذا الشطر من الخبر عاد بذاكرتي الى خبر بثته قناة عربية شهيرة تزامنا مع القصف الذي أحرق العاصمة العراقية في مارس 2003م وكان مطلعه" تلألأت العاصمة العراقية بغداد منتصف هذه الليلة تحت أضواء القصف الجوي والصاروخي لقوات التحالف الدولي .... الخ "لاحظ تلألأت " ..في الحقيقة كان 70 ألف مواطن عراقي يحترقون حتى الموت في تلك الليلة.

تجميل الجريمة شكل من اشكال التضليل الإعلامي وكارثة تربوية واجتماعية 

الحديث هنا عن 9 الاف مدرسة تقع تحت سيطرة مليشيا الانقلاب يكرر طلابها أداء قسم الولاء والطاعة "العمياء" لسيد الجماعة المتمردة الانقلابية، وبشكل آخر فإن ما وراء الغزل يتحدث عن ملايين الانتحاريين الجاهزين للتفجير خلال فترة زمنية وجيزة.. يتحدث الخبر عن احداث شرخ في الوعي الاجتماعي يهيئ لتقسيم الشمال الى جغرافيتين شيعية وسنية متناحرة في قادم الأيام.

كل هذا مرّ كمجرد خبر عابر في صياغة شاعرية وضيف يعيد ماقاله الخبر من باب عدم خدش "برستيج" نشرة الاخبار ربما ليس أكثر.

خبر كهذا يفترض به أن يصاغ كخبر صحفي لا كخاطرة شعرية.. يفترض به أن يشغل وسائل الاعلام لأسابيع واشهر.. تخضع خلالها وزارة التربية والتعليم لما يشبه المحاكمة في بلاط صاحبة الجلالة لحثها الخروج برؤية عملية واقعية إزاء هذا الخطر الداهم.

لا اقصد بالاسابيع والاشهر هنا مناقشة الخبر وابعاده فهذا ترويج أكثر خطرا وأسرع انتشاراً للمضمون من المناهج والطابور الصباحي، ما أعنيه هو مناقشة خطط الحكومة الشرعية وتحديدا وزارة التربية والتعليم وبرامجها لحماية اليمنيين في مناطق سيطرة المليشيا من فقد الانتماء والتحول الى احزمة ناسفة. وهو الدور الغائب او المغيب لا فرق.

خلال العام الدراسي 97/98 قدم الكاتب للوزارة المشار اليها أول مشروع مكتوب بخصوص انشاء وحدة للتعليم عن بعد وبعدها وفي نفس العام كان المعلم الوحيد من درجة البكالوريوس الذي مثَّل الميدان على مستوى الجمهورية في لجنة اعداد خطة المناهج الدراسية للصفوف التعليمية  1-12 رفقة فريق من الاكاديميين المتخصصين في مجال مناهج التدريس من مختلف الجامعات اليمنية الرسمية.. 

 الأمر هنا تمهيداً لمابعده..حيث تحول المشروع الى لافتة على باب مكتب مغلق في احد قطاعات الوزارة مع فتح حنفية تمويل خارجي تحت ذات العنوان لسنوات لاحقة 

 على الصعيد الآخر حظيت خطة المناهج تلك بمرتبة أفضل خطة تعليمية من اجل مستقبل اليمن من قبل خبراء محليون واقليميون ودوليون حيث تضمنت الخطة لأول مرة في اليمن مصطلح حوسبة التعليم المدرسي وفصلّت خطوات ومراحل وكيفيات إحداث قفزة تعليمية في البلد 

كانت تلك مرحلة انجاز الخطة أما الخطوة التالية والمتمثلة في اعداد المناهج على أساس الخطة فقد سارت الأمور فيها على نحو آخر 

نصف الفريق الذي انجز الخطة او أكثر ولي شرف أن كنت أحدهم اعتذرنا عن الخطوة التالية وهي اعداد المناهج، لماذا لأن التوجيهات جاءت كالتالي   

اذهبوا الى المكتبة ورشحوا فصولا من المناهج الأردنية والمصرية والعراقية ليتم بترها من كتب المكتبة وتدبيسها بترتيب معين وارسالها لمطابع الكتاب المدرسي لإعادة طباعتها كمناهج دراسية! تخيل كمان مرَّة!

اذا كنت ممن التحقوا بالمدرسة بعد هذا التاريخ فلن يدهشك الامر بالطبع كونك احد الضحايا لتلك المناهج المكونة من فصول لا علاقة لها ببعضها سوى وجودها متجاورة في كتاب واحد.. على أية حال فقد سارت الأمور حينها بتلك الطريقة.. مناهج لاعلاقة لها بالخطة وخطة لا من قريب ولا من بعيد ونحمد الله أننا لم نكن جزءا من ذلك الفريق الذي فهم الحوسبة كما يبدو نسخ لصق، وللتوضيح أكثر فقد تبين لاحقا ان موضوع اعداد المناهج بتلك الطريقة كان بغرض اخلاء مبلغ 80 ألف دولار مقدمة كمنحة من البنك الدولي تحت عنوان تطوير التعليم في اليمن!!

الحديث عن التعليم في اليمن يشبه إعلانات مساحيق التنظيف.. اصناف كثيييييرة كـ "القذارة". مع شديد الاعتذار على ايراد هذه اللفظة.

برنامج للتعليم عن بعد يمكنه الاسهام في انقاذ الكثيرين في تلك المناطق وسحبهم من دائرة التأثير في حال تحدثنا عن الأمور من منطلق مفهوم الدولة.

على مدى ستين عاما قامت المناهج التعليمية في اليمن على أساس تعطيل العقل من خلال تحويل الطالب الى نسخة مكررة من الكتاب، حيث ظلت أسئلة المقرر تتكرر نهاية كل وحدة من الكتاب المدرسي على الشكل. "ماهي؟ ، أذكر اهم ؟... مانوع؟ فيما اشتملت مناهج الالفية الثالثة على "قفزة" عجيبة تمثلت في إضافة السؤال "ناقش في ضوء ما درست في المقرر!...الخ وكانت نتيجة التعليم البنكي ذاك ماوصلنا اليه اليوم.. طلاب ومعلمون قتلة وثكنات عسكرية على شكل مدارس.

وعلى مدى ثلاثة عقول ظل العالم ينفق على تحديث المناهج لمحاربة الأفكار المتطرفة في حين كانت منابع التطرف طرق التدريس وتلك قضية أخرى لها تناول آخر

الحدث الأبرز هنا ان التطرف يدخل المناهج التعليمية الأن بشكل علني ومكشوف وليس على استحياء كما كان لتعززه منابع التطرف الأكثر تجذرا منذ عقود الا وهي طرق التدريس المعمول بها حتى اليوم.

لكأن الابداع بدعة محرمة في هذا البلد حين تحدث أشياء من هذه ليس في زمن الجاهلية بل في الوقت الذي تباع فيه الفوط المجنحة وشامبوهات برتي بلس وشيكولاتة جلاكسي في مقصف المدرسة!

كانت تلك فِعلة المناهج التي قيل انها "متوازنة" ترى كيف سيكون حال المستقبل مع مناهج تحث علانية على تفخيخ الوطن والدولة.. تشرعن الاقتتال الداخلي ..تشجع على خطاب الكراهية ،وتصف كل ذلك بأنه شكل من اشكال البطولة والتقرب الى الله.. سؤال نطرحه على الحكومة الشرعية ورعاة السلام الدوليين.

الخميس, 15 آب/أغسطس 2019 17:52

لحساب من يعمل هذا الاعلام

 

"لا اضع سيفي حيث يصلح مالي ، ولا اضع مالي حيث يصلح لساني"

"معاوية بن أبي سفيان"

بعد ثمان سنوات من فشله في تسكين صورة الرئيس المنتخب في واجهة الذاكرة الجمعية وتصدير صورة الرئيس السابق الى خانة التاريخ في خلفية المشهد 

وبعد نحو خمس سنوات فشل خلالها فشلا ذريعا في بناء القدر المفترض من الثقة بين الشعب وسلطته الشرعية بات من الصعب من وجهة نظري على الأقل القول بأن الاعلام الرسمي بأدواته وتركيبته وتوجهاته الحالية يمكنه القيام بما ينبغي عليه فعله.

حين يدخل الاعلام خانة الاستقطاب يصبح السؤال "لماذا يحدث ما يحدث؟ سؤال بلا معنى وتبدأ مرحلة العبث العلني بقيم ومفاهيم الوطنية وسرعان ما ينسحب الأمر نحو العبث بمقدرات البلد ودماء الناس ويغدو الاعلام ذاته جزءاً مما يحدث.

في الظروف العادية يتوزع الاعلام بين رسمي ناطق باسم السلطة مهمته انتهاج استراتيجية تهدف الى التمهيد والترويج والتبرير لاستراتيجية الحكومة وبين اعلام معارض مهمته توجيه النقد لاستراتيجية الحكومة والتشكيك بمقدرتها على انجاز تلك الاستراتيجية وتقييم أدائها بشكل مستمر بحثا عن ادلة اثبات تعزز تشكيكه في مصداقية الحكومة وبين ثالث يفترض به أن يكون مستقلا بحكم طبيعة مهامه المفترضة كراصد من موقع محايد ينقل الاحداث كما هي تاركا الحكم للجمهور الذي يستخلص احكامه من خلال مقارنة الخطابين الرسمي والمعارض وطريقة كل منهما في توصيف الوقائع والافعال.

ثم هنالك الاعلام التجاري الذي يرقص لمن يدفع أكثر بتعبير محمد حسنين هيكل وهو اعلام يفترض به التركيز على الترفيه وقد ينزلق نحو صناعة الاحداث داخل مسلخٍ او صالون تجميل بحسب نظرية العرض والطلب.

أما في ظروف النزاعات والصراعات المسلحة وتحديدا الحروب الاهلية فيبدأ الامر من استراتيجيتين متناقضتين كل منها بوجهين داخلي وخارجي يعمل الخارجي على تأكيد الولاء واستمراره للحلفاء بغرض ضمان استمرار تدفق الدعم فيما يعمل الخارجي على شيطنة الخصم وتفكيك ساحته من ناحية وتحسين صورة الطرف الناطق باسمه وتعزيز لحمته.

في اليمن عليك أن تنسى أولاً كل التصنيفات السابقة، وأن تعلم أنك في بيئة صالحة لتخريب المنطق وافشال نظرياته.

في اليمن وباستثناء الصور والاسماء الواردة في النصف السفلي للصفحة الأولى لا تكاد تجد فارقا يستحق الذكر في بنية وتوجهات الخطابين الرسمي والمعارض، ذلك أن الصراع يدور في الساحة الخلفية ما بين الأدوات المدعومة من السلطة والأخرى المدعومة من المعارضة وهي ذاتها الأدوات التي تتظافر جهودها في البدء من أجل تدمير فرصة البقاء للإعلام المستقل لتنتقل لاحقاً الى مربع "راقصة هيكل" التي تختصر بدورها المجتمع الى ذات الصور المعدودة المحنطة في الصفحات الأولى لصحف السلطة والمعارضة، وتختصر قضاياه في مجموعة من الطرق المصنعة لغرض التربح لحساب القائمين على تلك الصحف، لينتقل الأمر ذاته الى شاشات التلفاز ومايكات الإذاعات وصفحات المواقع وشبكات التواصل الالكترونية. 

في اليمن وفي ظروف النزاعات والصراعات المسلحة كما هو الحال في الحرب الحالية، يدخل الاعلام الرسمي دائرة الاستقطاب ويبدأ بعلم او بغير علم رحلة حشد الخصوم ضد السلطة 

في حين يعمل الإعلام الأهلي والخاص على تفكيك وتمزيق ساحته وبالنتيجة تعزيز تماسك ساحة الخصم!

القضية هنا ليست اختيارية بقدر ما هي استجابات مستمرة لتقليص ساحة اللعب ذاتها في كل مرة 

عمل الانقلاب في اليمن على ضرب دعائم المشروع الكبير.. مشروع الدولة وتسبب استمرار الحرب في ظل تعدد منافذ الاستقطاب في تجزئة وتمزيق هذا المشروع الى مصالح صغيرة تضيق ساحتها أكثر فأكثر مع كل خلاف مستحدث بين شركاء المصلحة التي كانت بالأمس أكبر قليلاً 

الحديث عن الاعلام في اليمن أشبه بالحديث عن قائد عسكري يجيد التخطيط لإحكام الحصار على قواته والزحف بها شيئا فشيئا نحو المركز وصولا الى المعركة الحاسمة داخل غرفة عملياته الخاصة ..معركة تنتهي باخراجه من اللعبة.

ما ان بدأ الانقلاب ضد السلطة الشرعية حتى بدأ الاعلام الرسمي الذي هو اعلام الدولة المسئولة عن كل الشعب ، العمل على تحويل المساحة الأخرى الى حشد متماسك من الخصوم من ناحية وزعزعة الثقة بين السلطة الشرعية ومناصريها من ناحية ثانية.

وفي الوقت الذي بدأ فيه اعلام الانقلابين اللعبة ذاتها في بادئ الأمر لجهة تحشيد ساحة الخصم، لم يتنبه الاعلام الرسمي والمناصر له الى إمكانية استثمار ذلك الخطاب بقدر ما ذهب وجهة تمزيق الجبهة الداخلية من خلال خلق عداوات وهمية داخل الحواضن الاجتماعية المناصرة للشرعية، ما منح الخصم فرصة بناء أذرع استخبارية وجيوب ضاربة داخل مناطق الشرعية الى جانب منحه فرصة التنبه لتعديل خطابه بطريقة تجعله يخاطب الساحة الواسعة. لقد لعب الاعلام الرسمي رفقة نصيره الخاص حينها بعلم أو بغيره لحساب الخصم.

الدور ذاته لكن بقدر أكبر من السلبية لعبه الاعلام الأهليوالخاص المصنف كمساند للسلطة الشرعية، حيث بدأت هذه الوسائل العمل من اجل تعديد الرؤوس المتناقضة في مناطق الشرعية الى جانب تعديد التمثيل الخارجي على حساب رأس السلطة الشرعية والغريب أن يساهم الاعلام الرسمي في تعزيز الحال ذاته.

فشل الاعلام الحوثي حين تنقل بين استراتيجيتين توزعت بين تقديم انقلابه كثورة شعبية كون صورة الثورة الشعبية ماتزال ماثلة التفاصيل في اذهان الشارع، وبين البحث عن ترخيص دولي لتصفية خصومه واختطاف الدولة تحت عنوان الشراكة في مكافحة الإرهاب 

فشل اعلام الشرعية في إيصال رسالة للجمهور بأن اليمن يدخل مرحلة جديدة بعد العام 2011 وفشل أيضاً في لملمة جبهة الشرعية وتعزيز الثقة بينها وبين الشعب اليمني عامة وبينها وبين مناطق حضورها الفعلي على الأرض، طوال سنوات الحرب

فشل في تقديم جهود الحكومات المتعاقبة ومدهابالبدائل اوقات العثرات

كما فشل في استيعاب الصوت الجنوبي المدافع عن قضيته حين راح يستعدي أكثر من نصف مساحة الجمهورية اليمنية بلهجة اعادت الى اذهان الجنوبيين تحضيرات حرب صيف العام 94 وما رافقها وتلاها.

في المقابل فشل الاعلام الجنوبي ما قبل وبعد تشكيل المجلس الانتقالي في الحفاظ على التعاطف والتأييد الشمالي للقضية الجنوبية داخل وخارج الجنوب وتسببت التعبئة المستمرة ضد الشمال في تشجيع البعض على القيام بأفعال شوهت الصورة وشوشت الرسالة التي لاشك ستصل الى راس المال.

فشل الاعلام الأهلي والخاص المساند للشرعية في تحقيق أدنى قدر من التواصل والتفاهم الناجح بين الشمال عامة وتعز بشكل خاص وبين الجنوب عامة وعدن ولحج والضالع بشكل خاص 

وبشكل عام فشل الاعلام شمالا وجنوبا في تقديم نموذج يمكن الثقة به لجهة تكريس قيم الديمقراطية والحياة المدنية وفي المقدمة منها القبول بالتعدد والتنوع وإمكانية تحضير بيئة صالحة للتعايش مع الاخر الامر الذي أوصل للجمهور رسالة واحدة ظلت وماتزال تتعزز وتتكرر مفادها أن الجميع يعملون وإن بأشكال مختلفة، خارج فكرة الدولة وتفعيل مؤسساتها أوبشكل آخر خارج التطلع والاستحقاق الأساس للشعب اليمني وبشكل ما، خارج مصالح دول التحالف العربي على المديين المتوسط والبعيد بل وعلى المدى القريب أيضاً.

من كل ذلك يتبين مدى الحاجة الى خطاب اعلامي جديد "من مجاميعه" بالتعبير المصري 

خطاب جديد مختلف واضح الملامح والمسار يسير بالأمور في سياقها المفترض .. خطاب يجيد شل الاستراتيجية الإعلامية السياسية العسكرية للخصم وتفكيك حواضنه.. خطاب يجيد ضبط اتجاه ابرة البوصلة صوب العدو المشترك ويحشد الرأي العام صوب التحرير والدولة الاتحادية وقيم التعايش والمدنية. .خطاب يستهدف كل اليمنيين من أجل دولة اتحادية لجميع اليمنيين. . خطاب يمد جسور التواصل مع دول التحالف العربي من بوابة الدولة وليس من تلك النوافذ الصغيرة المشوشة لجماليات الصورة.. نوافذ الحزب والمجموعة والفصيل.

الأمر ذاته وإن بحيثيات مختلفة ينطبق ربما وبشكل ما، على اعلام التحالف العربي الذي يتخذ غالبا ًبقصد او دون قصد مساراً يضعه في احيانٍ كثيرة في الموقع الثاني تاركا للخصم فرصة الاخذ بزمام المبادرة وهو أمر لا ينسجم وحقيقة تفوق التحالف العربي في السيطرة العسكرية التامة والشاملة على الأرض والسماء ما قد يتسبب في عدم إيصال الرسائل الموجهة لإيران بذات القوة التي يحكيها التفوق العسكري. 

ختاماً قد يكون من الجيد التذكير بأن استراتيجية إعلامية أفضل يمكنها حلحلة الكثير من المشاكل العالقة مزمنة وطارئة ، وتكثيف عناصر القوة اللازمة لتحقيق ضربات موجعة في ساحة الخصم رفقة توفير كثير من قطع السلاح والنفقات المالية.

السبت, 14 تشرين1/أكتوير 2017 00:02

اعلام الشرعية وخطر سلطة الاسم

يحرص صالح وعبد الملك الحوثي على تكريس الظهور الاعلامي بشكل مستمر ويعمل هادي خارج الاضواء متجاوزاً كما يبدو لحسابات من نوع ما خطورة غياب الرئيس عن واجهة المشهد في بلد يعشق السياسة حد العمى.

في العام 1978 وصل صالح الى سدة الحكم برتبة مقدم بعد حادثة اغتيال المقدم أحمد الغشمي الذي جاء الى الحكم بعد اغتيال سابقه المقدم ابراهيم الحمدي ..

عمل الغشمي على تغيير مسمى دائرة القرار الاولى من مجلس القيادة الى رئاسة الجمهورية لكن فترة الاشهر السبعة التي قضاها في الحكم لم تكن كافية لإحلال المسمى الجديد مكان القديم

في ذاكرة المواطن

. كانت عبارة "فخامة الرئيس المقدم.." في الصحف ونشرات الأخبار ماتزال كافية لاستحضار صورة الرئيس الحمدي في ذهن الجمهور ابان وصول صالح الى كرسي الرئاسة

كوّن صالح وبشكل ما دائرة من الخبراء والاعلاميين والمثقفين الشباب الطامحين حوله كمستشارين غير رسميين ثم خلال فترة وجيزة من حكمه تفاجأ الشعب بدخول صالح في حرب مع الشطر الجنوبي من اليمن آنذاك.

كان واضحا أن صالح يدرك مسبقا انها حرب خاسرة لكن الهدف لم يكن كما يبدو كسب الحرب..

تعزيز ثقة الحلفاء في المحيط بشخص الرئيس كان يومها مطلبا ملحا ولاشك للوصول السلس الى الامريكان، كان المحيط حليفا للمعسكر الرأسمالي الغربي المعادي للمعسكر الاشتراكي" الذي ينتمي اليه الجنوب اليمني يومذاك وكانت الحرب كافية للفت الانتباه أما الحلول فجاءت من مؤتمر الكويت الطارئ

كانت دول الخليج تقبلت صالح  بضمانة بعض مشايخ القبل اليمنية النافذة كما يشير حديث للشيخ عبدالله بن حسين الاحمر، وأراد صالح التقرب أكثر من هذه الدول..أراد أن يقول في عنوان عريض إنه الرجل الذي يمكن الاعتماد عليه في مواجهة ماكان يعرف بالزحف الاحمر ..اراد ايضا أن يفعل ماينبغي لرجل في موقعه ان يفعله ..أن يتقدم خطوة على مشايخ القبل الضامنة غير أن الاهم من هذا وذاك بحسابات الاعلام ،كان الهروب من خطر سلطة الاسم

من المحتمل أن  مستشاري صالح أدركوا مبكراً تلك الخطورة التي تشكلها سلطة الاسم في اذهان الجمهور فظهر صالح في غضون فترة قصيرة برتبة عقيد ..العقيد صالح رئيسا للجمهورية وهو وصف لايشبه وصف "المقدم الحمدي رئيس مجلس القيادة" لتبدأ الصحافة رحلة هدم السلطة الاسمية للمقدم الحمدي في اذهان الجمهور و ليبدأ اسم صالح بالتشكل رفقة صورته في اذهان اليمنيين ،وهو ما لم ينصح به مستشارو الرئيس هادي رئيسهم خلال ست سنوات مضت!.

في العام 2011 وفي ظل تزايد زخم الثورة الشبابية السلمية المطالبة بإسقاط نظام صالح توافقت القوى السياسية على نقل سلطات الرئيس صالح الى نائبه "عبد ربه منصور هادي"وفق بنود ماعرف حينها بـ المبادرة الخليجية والتي تم التوقيع عليها في العاصمة السعودية الرياض في نوفمبر من نفس العام

سارع صالح الذي كان انشأ قناة اعلامية خاصة حينها الى ترقية نائبه "هادي" لرتبة مشير وهي ذات رتبة صالح لكن احدا لم يتساءل حينها عن سر تلك السرعة من قبل شخص مماطل وعنيد وهنا كان مكمن الخطر رقم واحد من وجهة نظر اعلامية

"لا اتحدث هنا عن البرتكولات بل عن بعد محدد هو الاعلام ودوره في تكريس أو هدم سلطة الاسم"

في المقابل حقق هادي خطوة متقدمة على صالح حين دعا لانتخابات رئاسية حظي خلالها  بنحو سبعة ملايين صوت وهي نتيجة لم يقترب منها سابقه طوال ثلاثة عقود ..

نجح هادي في اشعار شعبه بأنه يكرس منذ الخطوة الاولى مفهوم المسئولية التي افتقدها البلد لوقت طويل ،كما نجح في كسر رابطة  الرئيس ونائبه التي تكرست في الاعلام في ذات الوقت تشبث صالح برئاسة حزب المؤتمر الشعبي لتظل صفة الرئيس مقترنة باسمه في وسائل اعلامه

دخل هادي مقر البرلمان لأداء القسم رئيسا للجمهورية اليمنية منتخبا من الشعب لكن هذا "المنتج" الكبير لم يتم تسويقه بالشكل الصحيح قبل الحديث عن الشكل الجيد

تكمن "أزمة المنتج الجيد في سوء تسويقه " الامر الذي يحول النتائج وجهة "خدمة المنافس" بتعبير ستيف جوبز

عين الرئيس الجديد مستشاريه الرسميين فكان كمن يحصل على ورقة يانصيب فارغة إذ ان قيادات الاحزاب السياسية يتوزعون من وجهة السياسة الاعلامية على مسارين .."قسم يعيش زمن الفاكس في عصر الانترنت" وآخر" يدرك اهمية الاعلام لكنه يجهل كيف يتجدد" غير أن المسارين يلتقيان عند نقطة واحدة  "وراثة الخطاب الاعلامي لصالح" وهنا كان الخطأ رقم اثنين او قل  الطامة الكبرى التي استمر هادي يدفع ثمنها حتى اليوم.

تنظر قيادات القوى السياسية مجتمعة من موقع العجز ومنفردة ربما من موقع الرغبة في التفرد ،تنظر الى خطاب صالح الاعلامي الذي سامها سوء العذاب سنوات وجودها في موقع المعارضة بأنه افضل منتج يلبي حاجتها في حين لايحتاج أي خبير اعلامي لكثير جهد لمعرفة أن خطاب صالح تم "تفصيله" على مقاسه هو ليكون صالحا لخدمته سواء كان على راس السلطة او خارجها

لا يمكن للسلاحف أن تمنحك الفوز في سباق الارانب" يقول منطق الاشياء ،ماجعل الشارع السياسي يصف اختيار هادي لأدواته بأنه عمل بعكس المنطق !

انطلقت ثورة فبراير 2011  من اجل اقامة الدولة اليمنية "الحلم المؤجل للشعب اليمني منذ نصف قرن،وخرج الحوار الوطني الذي شاركت فيه جميع القوى السياسية بوثيقة تحدد شكل الدولة "دولة اتحادية" عدا بند واحد لم يتم حسمه وهو ماتحول لاحقا الى بوابة الحرب الحالية  ألا وهو "الأقاليم" عددها وكيفية توزيعها

في مارس 2015 دخل التحالف العربي في الحرب بدعوة من الرئيس هادي الذي تم الانقلاب عليه وفي نفس العام اقرت القوى السياسية في مؤتمر الرياض مبدأ المحاصصة الذي كان بفترض أن يفضي الى تعاون تلك القوى في الحشد للمقاومة في مواجهة الانقلاب لكن تلك القوى كانت قد تحولت الى الشكل النخبوي أكثر.

مع اندلاع الحرب أصبحت وسائل الاعلام في اليمن في ايدي اطراف الصراع وصار الاعلام جزء من الصراع فخرج الشعب ومعاناة المجتمع عن دائرة الضوء

في أجواء النزاع يفترض بالاعلام "المستقل"البحث عن الاصوات الجديدة ووضع تجارب دول اخرى للخروج من دائرة صراع شبيه على الطاولة والعمل من اجل تماسك النسيج الاجتماعي غير أن الحرب كشفت عن غياب الاعلام المستقل في اليمن فغرق البلد بالشائعات وتاهت المعلومة كما حال المجتمع في الزحام.

 لأسباب تعنيها ولاشك ،حجبت  قيادات الاحزاب السياسية الموالية للرئيس المنتخب هادي كفاءاتها عن الاضواء وعملت على ضخ حشود من ذوي القربى وأولئك الدائرين في أقرب فلك اليهم "من يرتقون بمؤهلات الولاء والطاعة بعقل اعمى" ودفعوا بهم الى الوظائف العليا ومايليها حتى اسفل السلم مغلقين الطريق تماما أمام أي عقل مبدع او شباب مبادر الامر الذي يضمن بقاء اللعبة كماهي في يد العقل التقليدي المتمرس في انتاج المشكلات والصراعات التي يفشل في حلها على طول الطريق.

قدمت الاحزاب بحسب نقد كادرها المتمرس و رأي غالبية كتابها والشارع السياسي أردأ مالديها في وقت يعيش فيه الوطن وضعا استثنائيا يصعب أن يدار بعقل تقليدي لكنه مبدأ السير بعكس المنطق يحصل عليه الرئيس هادي من بوابة محاصصة تسير بعكس الاتجاه

المسئولية التي اراد هادي تكريسها مطلع عهده نسفتها المحاصصة دون رحمة لدرجة  بات الشارع اليمني  يتندر بقول مامعناه  " حسن علاقتك مع أسوأ جيرانك فلاشك أن بعضهم سيحصل على قرارات تعيين في وقت قريب".

يعتمد هادي على دول التحالف العربي الى حد كبير وهذا كما يبد قدره الذي لم يحاول أو لم تتح له فرصة تغييره بقدر ما تكرسه قرارات التعيين يوما بعد آخر، ذلك أن الادوات والخطاب والادارة التي ثار عليها الشعب في 2011 لن تقنع الشارع بان نظام صالح قد ولَّى ،خاصة حين يتم تعزيز كل ذلك بقوالب ومفردات خطاب اعلامي فصِّل خصيصا لتعزيز صورة صالح وسلطته الاسمية في الاذهان

ما ان تسمع عبارة "فخامة رئيس الجمهورية المشير... حتى تستحضر ذاكرتك الصورة والاسم للرئيس السابق" تقول اجابات الجمهور في استطلاع اجراه الكاتب قبل عام من الآن ،ما يعني ان اعلام هادي مستمر في تكريس سلطة الاسم لصالح وصورته الذهنية "لااميل لنظريات المؤامرة لكني أؤمن بالعلم وبأن اختيارك من يفعلون ذات الشيئ في كل مرة لن يعطيك نتيجة مختلفة بحسب قانون اينشتاين"

على خلاف مايحدث في جبهة هادي يظهر الحوثيون كما لو انهم  تنبهوا للأمر فاختاروا مسارا مغايرا مكن مسميات جماعتهم من التمدد على حساب مساحة حليفهم صالح في اذهان المتلقين خلال وقت قصير.

فطغى اسم اللجان الشعبية على اسم الحرس وتقدمت اللجان الثورية المشهد على حساب حزب المؤتمر وصار اسم عبد الملك ربما مضارعا لاسم صالح ان لم يكن يتقدمه لدى ذهنية الشارع  

مع بداية الحرب الحالية في اليمن ومن وجهة النظر الاعلامية بدا ان طرف تحالف الحوثي صالح قد رتب اوراقه بشكل افضل مقارنة  بطرف السلطة الشرعية التي ظهرت دون استراتيجية اعلامية خلال الحرب بعكس الطرف الخصم الذي اراد كما يبد من خلال اطلاق صفة "دواعش" على خصومه السياسيين اذنا دوليا بقتل الخصوم تحت مظلة الشراكة في مكافحة الارهاب وفي الوقت الذي كان يفترض بسلطة هادي وحلفائه بناء استراتيجية اعلامية تحت عنوان "اسقاط الانقلاب واعادة السلطة الشرعية " لاسقاط احلام الخصم ظهر خطاب هادي وحلفائه مشتتا تماما بين محاربة "المجوس والرافضة والحوثعفاشيين..." وعددا من العناوين والمسميات ذات الصلة بمتناقضات جانبية حجبت المتناقض الاساس "سلطة شرعية وانقلاب" الامر الذي تسبب بشكل ما في تعزيز لحمة جبهة الخصم واضعاف بعض روابط جبهة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي

عمل اعلام هادي وحلفائه ومايزال على مسارين متلازمين: الحد من تكريس صورة واسم الرئيس مباشرة أو من خلال استخدام ادوات تكريس سلطة الاسم لسابقه ،والعزف على اوتار استجلاب الدعم من أسفل الطاولة واعلاها لكن ..بعيدا عن بوابة الدولة او بالتوازي معها .. بصورة أخرى تقليص مكانة الرئيس أمام الحلفاء ليجد هادي أحزابه الحليفة تتقدمه في مخاطبة الدول بعكس المنطق مرة ثالثة "الدول لاتتخاطب مع أحزاب بل تخاطب الدول".

في ذات الوقت كانت القنوات الخارجية التي تناصر جبهة "هادي" تسلمت كما يبد من جهة ما قوائم  بأسماء عدد من الصحفيين وبدائلهم في كل محطة تم التعامل معهم حصرا كمحللين سياسيين مابين لندن والقاهرة والرياض وعمَّان ودبي وغيرها وكان اللافت في الأمر ،توحد خطابهم جميعا حول أمرين اثنين "هز ثقة حلفاء الرئيس بالرئيس "هادي" وتعزيز فكرة الثقة بصالح لدى حلفاء صالح وهو غاية ماكان يريده الاخير من خصومه وإن كان ابعد ما يفترض به تخيله "مرة اخرى لا اؤمن بفكرة المؤامرة لكني لا اجد تفسيرا محددا لما حدث ويحدث ،وحتى في حال وضع  فرضية ان ذلك ربما يكون شيئ من خطة ما لخداع ما اعلامي - سياسي فإن اختيارها لايمكن ان يوصف الا بجملة واحدة "إنها الخطة الخطأ".

في الداخل استمر اعلام هادي وحلفائه يصدُق في اختيار مسارات حجب الرئيس عن شعبه ويكذب فيما تبقى خدمة لمشاريع واحلام  تفردية صغيرة ولّى عليها الزمن اوهذا ماتبد عليه ملامح الصورة في نظر متابعين

فتحت الحرب في اليمن دائرة الاستقطاب بأوسع مساحة ممكنة وضُخت اموال كثيرة من اجل تعزيز الخطاب الاعلامي لجبهة هادي "أوهذا ماكان يفترض أن يحدث" فظهرت عشرات المواقع الالكترونية التي كان يمكنها احداث فارق لو انها امتلكت استراتيجية لخطاب وطني جامع غير انها اختارت لسبب ما يعلمه القابضون على خيوط اللعبة ان تغرد خارج السرب

اعادة انتاج وتسويق شائعات الخصم و توجيه الراي العام المؤيد لهادي صوب معارك جانبية وهمية تفتت جبهته وتحرف الخطاب عن المسار الناظم المفترض! هو ماسارت عليه تلك الوسائل التي ظلت تعمل باسم قوى سياسية متنافسة على التفرد في الزمن الخطأ دون صدور أي نفي من قبل هذه القوى يفيد بعدم تابعية ذلك الخطاب الاعلامي لها حتى انفجار الازمة  داخل البيت الخليجي.. حين اصدر التجمع اليمني للإصلاح بيانا يصف فيه كل تلك الحملات الاعلامية بأنها"عفاشية" نسبة لصالح ومشيدا بدور الامارات التي كانت وماتزال هدف تلك الحملات!

فشل اعلام هادي وحلفائه في نيل ثقة الشارع وتعزيز الصورة الذهنية للرئيس في ذاكرة الجمهور خلال ست سنوات استمر خلالها هذا الاعلام يستخدم ذات القوالب ومفردات الخطاب المعززة لسلطة الاسم الخاص بسابقه

بلغ عدد الصحف أواخر مرحلة صالح 375 صحيفة جلها تسبح بحمده وتحظى بدعمه وكان أول عمل يقوم به الحوثيون بعد اجتياح صنعاء اغلاق وسائل الاعلام غير الموالية مايعني بشكل ما ضمان تغذية الراي العام بخطاب واحد موجه يخدم استراتيجيتهم الاعلامية للحرب في حين لم يتساءل احد كما يبد حول مسألة  فشل وزارة الاعلام في حكومات بن دغر ومن سبقوه، في اصدار صحيفة منتظمة واحدة حتى الان ،ومع أن المفترض أن تنشأ وسائل اعلام مكافئة الا أن الاعلام ظل في جبهة الشرعية ومايزال خارج التغطية..

 

 

الأربعاء, 01 حزيران/يونيو 2016 17:50

الاعلام الأحول

 

حينما وصل "صالح" إلى سدة الحكم فيما كان يعر ف بالجمهورية اليمنية العام 1978 سارع للخروج من رتبة مقدم حيث تمت ترقيته الى رتبة عقيد العام .1979

كان صالح وصل الى رأس السلطة بعد اغتيال رئيسين يحملان ذات الرتبة "مقدم" هما المقدم إبراهيم الحمدي والمقدم احمد الغشمي فهل كانت مسافة عام واحد فقط في سبعينيات القرن الماضي تكفي لكي يدرك مستشاروه الإعلاميين أهمية الخروج من رتبة مقدم ؟

حينما سلم صالح العلم اليمني للرئيس عبد ربه منصور هادي في 25 فبراير 2012اصر على ترقيته الى رتبة مشير وهي ذاتها الرتبة التي يحملها صالح من فترة غير طويلة  سبقت خلعه من منصبه على اثر حالة ثورية شعبية عارمة حولتها المساعي السياسية الى  نصف ثورة

لست هنا بصدد الحديث عن الاستحقاق ذلك أن الرئيس هادي يمتلك ولاشك من مؤهلات استحقاق الترقية مايزيد عن إمكانيات صالح ..مايعنيني هنا هو تحليل الامر من وجهة نظر إعلامية

معروف أن المفردات اللغوية تعمل  كحوافز لاستحضار الصورة واللون والطعم والرائحة لدى الانسان وبالعودة للموضوع الأساس فإن كلمة "مقدم" في بداية حكم صالح نهاية السبعينيات كانت ولاشك تنشط لدى المتلقي عملية استحضار صورة الرئيس الحمدي التي ترسخت بقدر أكبر في ذاكرة الجمهور خاصة مع بداية ظهور البث التلفزيوني الذي استغله الحمدي في إيصال وتكريس صورته حتى لدى مناطق الأطراف في الريف اليمني تلي ذلك وبقدر اقل صورة الغشمي

مثل ذلك حدث ويحدث في كلمة مشير التي ظلت تحفز عملية استحضار صورة صالح في ذاكرة الجمهور على حساب التكريس المفترض لصورة الرئيس هادي

العلاقة بين "صالح" والاعلام وثيقة الى حد بعيد كما لو  أن صالح يدرك انه دون أضواء الاعلام اقرب الى النكرة

يستطيع أي خبير او محلل اعلامي متابع معرفة بل وتحديد ملامح الدور الذي لعبه الاعلام في صناعة وتكريس صورة صالح غير المطابقة لحقيقته وكيف امكن لصالح الى جانب عوامل أخرى صناعة ذلك القدر من الكتل النافذة والداعمة لحكمه

حين لم يكن امام صالح سوى خيار واحد تمثل في ترك موقعه كرئيس للجمهورية سارع فوراً الى إيجاد معالجة لابقاء صفة الرئيس قرين اسمه فبدأ الحديث عن رئيس المؤتمر الشعبي العام 

غادر صالح دار الرئاسة لكنه فسارع الى تأسيس قناة وصحيفة " اليمن اليوم" لكي يحافظ على بقائه في المشهد السياسي من خلال تكرار الحضور في المشهد الإعلامي

عمد صالح لمرات كثيرة على صناعة احداث هدفها تبرير ظهوره الاعلامي  وعمل الفريق الإعلامي له على استمرار لقب الرئيس لصيق اسمه الى جانب لقب الزعيم

مع بدء الانقلاب على السلطة الشرعية في البلاد برئاسة هادي بدأت صحيفة اليمن اليوم الانتقال من لقب الزعيم الى لقب الرئيس لصيق اسم صالح في مانشتاتها وعناوينها الرئيسة في محاولة تعزز في الاذهان فكرة عودة صالح الى واجهة الحكم

منذ توقيع صالح اتفاق نقل السلطة في العاصمة السعودية الرياض مرورا بتسليمه العلم واحتفاضه فعليا بالسلطة والنفوذ في 25 فيراير 2012 وحتى اللحظة لم يطرأ أي تغيير في شكل ومضمون الاعلام اليمني ترافقا مع التغيرات على الصعيد السياسي

في الوقت الذي ظلت فيه وسائل اعلام المؤتمر الشعبي تواصل مسارها المعتاد في تكريس حضور "صالح" في المشهدين الإعلامي والسياسي حافظ الاعلام وبخاصة الرسمي على ذات القوالب والايقاعات والتوصيفات والمفردات التي تمثل في الحقيقة تعزيزا يوميا لما يمكن وصفه بـ "سلطة الاسم" بمعنى أن اعلام الرئيس هادي حافظ بشكل غير مبرر على كافة المحفزات الإعلامية لاستمرار استحضار صورة "صالح" ترافقا مع مفردات من نوع "الرئيس، رئيس الجمهورية، فخامة الرئيس، المشير" وهي قضية ينبغي علميا ومنهجيا وسياسيا واخلاقيا التوقف امامها بكثير من المسئولية لتحليل أسباب غياب المسئولية في هذه المفارقة العجيبة

وهي القوالب والمفردات والايقاعات والتوصيفات التي ظل الاعلام يكرسها في ذاكرة "المتلقي" داخليا وخارجيا كقطعة واحدة مع اسم وصورة "صالح" لأكثر من ثلاثة عقود ما أعاق عملية زرع صورة الرئيس هادي في ذاكرة المتلقي على مدار نحو أربعة أعوام ذلك أن المسار الإعلامي هو ذاته المعزز لصورة واسم صالح في ذاكرة الجمهور مايجعل من السهل على الذاكرة تنشيط المعتاد الجاهز بدلا من تكوين مشهد جديد

لم يحدث للإعلام في أي بلد عبر جهات العالم أن لعب دورا بهذا القدر من السذاجة والسلبية والسوء المكلف كما فعل الاعلام اليمني وما يزال في التعامل مع اسم وصورة ونشاط الرئيس عبدربه منصور هادي من ناحية والتعامل مع معاناة الشعب تحت القصف والحصار من قبل الانقلابيين من ناحية اخرى

الأدهى والامر هو أن الاعلام اليمني لم يتوقف عند هذا القدر من السوء بل تمدد الى مساحة أخرى إضافية من حيث الرسائل والاثار السلبية.

في المسافة بين حرب عمران وسيطرة الانقلابين على العاصمة صنعاء من داخلها بقيادة الوية الحرس الرئاسي اتخذ الاعلام الرسمي منحا ضعيف التأثير شديد الكلفة حيث عمل من ناحية بقدر ظاهر اما من السذاجة او من السلبية في تخليق وتعزيز الايحاءات المتوالية وجهة وضع  الرئيس هادي في مربع الضعف والادانة ومن ناحية أخرى ساهم خلال الأيام الأخيرة ماقبل السيطرة على العاصمة في تبرير استخدام  الانقلابين فيما بعد خطابا هابطا خاليا من القيم إزاء القيادة السياسية والقوى والشخصيات السياسية المستهدفة  وبالنتيجة تعطيل الرفض القيمي لدى الجمهور المتلقي الذي اكتفى بالوقوف في مربع الحيرة

مع بدء مقاومة الشعب اليمني بقيادة رئيسه وقائده الشرعي عبد ربه منصور هادي للحرب الوحشية التي شنها الانقلابيون وحملة فكر الحكم بالقوة ضد الشعب اليمني وحقه في الحياة والمدنية والسلطة ومشروع الدولة كان يفترض بالإعلام الرسمي المملوك للشعب وبمساندة الاعلام الخاص الذي يصف مع تطلعات الشعب التحول الى اعلام الحرب ضد الانقلابيين بكيفية مغايرة لما حدث لكن المحير في الامر أن هذا الاعلام اتخذ المسار الوحيد الذي ماكان ينبغي الاقتراب منه لقد قام بعمل ما لاينبغي عليه عمله أو القيام به حيث اتخذ المسار الذي يعزز حضور صالح وحجب هادي بدلا من المسار العاكس المفترض واتخذ المسار الذي يعزز الصمت الشعبي بدلا من علو الصوت الرافض واتخذ المسار الذي يعزز لحمة الكتل الحليفة لصالح ويخلخل تماسك الكتل المساندة لهادي بدلا من اتخاذ المعاكس المفترض

وحينما دخل التحالف العربي والاعلام العربي على الخط توحد المداخلون والمحللون اليمنيون في الخارج عبر مسار مرات ظهورهم الكثيرة حول تعزيز فكرة صادمة تمثلت في نسف الثقة بالقائد الرئيس عبد ربه منصور هادي والتغزل الساذج بصالح من خلال مايمكن وصفه بردة الفعل "منحرفة التفسير"لصدمة سقوط عمران أو من خلال مفردات وتراكيب ظنوا ربما وبحسن نية انها تهاجم صالح في حين أن ترجمتها لدى الجمهور تخدمه اكثر من تلك القادمة من الاعلام التابع او الموالي له

حيث ظلت الترجمة المعززة على الدوام "إن كان حلفاء هادي لا يثقون به وهم في الخارج حيث الامان فكيف نثق نحن به ونحن تحت القصف في الداخل"

حاليا وحيث تحقق المقاومة انتصارات متتالية بقيادة الرئيس هادي يواصل الاعلام مساره في حجب الرئيس وتوزيع الانتصارات بين عدد من القوى والشخصيات السياسية والقبلية في حين تعزز مداخلات اليمنيين على الفضائيات الدفع بإخفاقات القوى السياسية والقبلية الى خانة الرئيس !

السؤال المحير وبعيدا عن الاحكام المسبقة ..لحساب من يعمل اعلام الرئيس هادي وبعض القوى اليمنية الحليفة معه؟!

لمتابعة قناة الاشتراكي نت على التليجرام

اشترك بالضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

 

الجمعة, 20 أيار 2016 17:39

رجل من ارادة

أينما وليت وجهك في قضايا الوطن والانسان تجده في الطليعة.

محمد عبد العزيز الصنوي وكيل محافظة تعز .. رجل الارادة وماكنة الانجاز.

يحارب على أكثر من جبهة ..من أجل اسقاط الانقلاب وإعادة الشرعية ..من اجل امن الوطن واستقراره.. من أجل إنسانية الانسان.. ومن أجل قيام الدولة اليمنية الفيدرالية الحديثة.

ومثلما كان في مقدمة الصفوف في ثورة فبراير 2011 تجده اليوم في مقدمة الصفوف مقاوما على صعيد السياسية وتشكيل وإدارة المجاميع المقاومة  اسنادا للواء 35 مدرع.

هو ذلك الرقم الصعب الذي يصعب تجاوزه حين يتعلق الامر بالقضايا الوطنية الكبرى منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم.. وهو القائد المحنك في ميادين السياسة والانتصار للحقوق الناس وهو الفعل الرائد في ساحات التنمية والتمدين في كل دور يلعبه لحساب الوطن وقضاياه المصيرية والحيوية ..في كل مبادرة يقودها من اجل مصالح المجتمع يعود مكللا بالنصر وحاصداً أوسمة التفوق باسم اليمن.

على مدى عقود طويلة من النضال امتلك هذا الرجل سجلا حافلا بالانجاز حتى صار في ذاكرة الناس ايقونة النجاح ومشكاة الهداية.. يكون حيث يكون الموقف الوطني الجامع ويكون الناس حيث يكون

معه يشعر الناس بالثقة ..فعلى مدار محطات نضاله الكثيرة ظل يعزز باستمرار حقيقة وأهمية الجسر الرابط بين الأجيال.. انطلاقاً من مهاراته المشهودة في التعامل مع القوى التقليدية والحداثية في آن.

يعمل بالكثير من الصمت ويتعامل بالكثير من الشفافية والمصداقية.. يعمل خارج الأضواء.. فلا وقت لديه لغير المبادرات المدروسة  وهندسة معادلات النجاح يبذل من الجهد ما يفوق طاقة سنه.. ويحافظ على ابتسامته المميزة ..في أحلك المواقف والظروف.

دون جهود هذا الرجل وآخرين الى جانبه من قادة العمل العسكري والفعل السياسي في تعز يصعب الحديث عن أية إمكانية لنشوء جبهة الضباب التي حدت من تمدد الانقلابيين صوب مديريات تعز الريفية الواقعة على خط لحج وعدن ..من الصعب أن تتحدث عن استعادة اللواء 35 عافيته ..أو الانتصار الساحق في جبهة المسراخ ..أو عن دور المقاومة الفاعل في مديريات حيفان وراسن والأقروض وغيرها.

من الصعب الحديث عن التنمية  والتمدين دون أن يشغل رصيده الوارف صدر الحديث من ميلاد هيئة التطوير التعاوني الى هيئة تطوير الحجرية مطلع السبعينيات  وحتى اليوم

يحظى هذا الرجل بالكثير من التقدير في مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية والثقافية ليس في تعز فحسب بل ولدى قادة ومناضلي الحركة الوطنية اليمنية على امتداد خارطة البلاد ..وتتعدد أوصافه ما بين المحارب الصلب ..والرجل الموقف.. والمعلم الانسان.

لمتابعة قناة الاشتراكي نت على التليجرام

اشترك بالضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

الجمعة, 11 آذار/مارس 2016 18:07

رعد الشمال.. وموسم المطر

"الوعد كالرعد والايفاء كالمطر"

مثل عربي شهير

يبدو أن مناورات "رعد الشمال" لن تكون مجرد رسالة بقدر ما هي وعد يمطر وفاؤه في وقت لاحق.

انسجام الأداء بين القوات المشاركة في ميدان المناورة لن يبعد كثيراً ربما عن انسجام من نوع ما في قاعة السياسة.

عشرون دولة تصطف قياداتها السياسية العليا دون تمييز في الصف الأول للقاعة

وبذات الطريقة تتوزع قياداتها الوسطى في جنبات ذات القاعة.

الجميع عيون شاخصة تشاهد المستقبل الذي بات أقرب ‘لى الممكن والمتاح بخلاف ما تحكيه وقائع الاحداث ما بعد الخطاب المنمق مسافة خمسة عقود سابقة .

في "رعد الشمال" لاوجود للكثير من الكلام بل هناك الكثير من العمل.. وتلك انتقالة تحدث على الحافة الحرجة أو على ذلك الخط الفاصل بين سفح الامل وقاع الإحباط.

أن تكون في السفح فإن المسافة نحو القمة تبدو ممكنة مادُمت َلا تتدحرج صوب القاع وهذا ماقالته الصورة ..الجميع ينظر إلى أعلى ..الجميع يتطلع ،وتلك بادرة جيدة.

ستمطر ذات يوم أو هكذا تبدو الأمور أو أنها تتجه تلك الوجهة الواعدة لايهم متى تمطر، المهم أن تستمر السحابة في المسير لتصل في الوقت المناسب، وهناك توجد الكثير من الرياح التي تدفعها للمطر.

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

@aleshterakiNet

 

الثلاثاء, 24 آذار/مارس 2015 15:46

المقاولون الجدد

فى كتابه "جوهر الأمن" يقدم وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وأحد المفكرين الاستراتيجيين روبرت مكنمارا مفهوم الأمن بوصفه "التطور والتنمية في ظل حماية مضمونة".

يمثل الأمن القومي لأي من الدول شرطاً للحفاظ على بقاء الدولة وتتمثل بعض وسائله في استخدام القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية وممارسة الدبلوماسية وتفعيل عمل الاستخبارات

في مارس من العام 2003 بدأ الغزو الأمريكي للعراق ولا حقا كشف أحد القادة السياسيين في ايران أن الولايات المتحدة لم تكن لتتمكن من غزو العراق وأفغانستان بتلك البساطة لولا التعاون الاستخباراتي مع ايران.

الأمر هنا لايتعلق بالعمالة ومفاهيم الاحكام المستعجلة قدر ما يتعلق بالمصالح الكبرى والأمن القومي للدول.

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 كان الامريكيون بحاجة الى أمرين نصر سريع واستعراضي يعيد ترميم الصورة الإمبراطورية للولايات المتحدة كهدف آني لم يتحقق بالقدر الكافي في أفغانستان أما الهدف البعيد فكان يتعلق بمشروع كبير عنوانه "من أجل قرن أمريكي جديد" هدفه التحكم بنمو الدول عن طريق التحكم بشريان الطاقة

يمتلك العراق خمس الاحتياطي العالمي من النفط ويقتضي المشروع الأمريكي خفض سعر النفط إلى أدنى مستوى بحيث ينهار التناسب بين سعر التكلفة وسعر البيع لدى دول منافسة كروسيا وغيرها ولأن الاحتياطي الأكبر متوفر في العراق فإن رفع انتاج هذا البلد من النفط الى 6 مليون برميل يوميا بدلا من 1.3 القائم حينها يمكن ان يحقق الغرض أما مبرر رفع الإنتاج فكان ببساطة إعادة اعمار العراق ما يعني أن هدف الحرب تمثل في تحقيق أكبر قدر من الدمار وهو ماكان..

بالنسبة للإيرانيين فإن وجود 140 الف جندي أمريكي في المنطقة أمر جيد للاستمرار في بناء المشروع النووي في أجواء آمنة "لدى الولايات المتحدة 140 الف رهينة في مرمى النيران الإيرانية يقول هاشمي رفسنجاني في حديث متلفز  مشيراً الى القوات الامريكية في العراق وأفغانستان حينها وهو أمر يحسب للسياسة الإيرانية بالمنظور الوطني

تقوم فكرة الأمن الوقائي على أساس درء الخطر قبل وقوعه ويتمثل اشغال الخصم في شأنه الأمني أحد فنون وقواعد الامن الوقائي وهو ما عملت عليه ايران من خلال تفكيك العراق وادخاله في حالة فوضى أمنية جعلت الأمريكيين منشغلين في تأمين قواتهم هناك

انسحاب القوات الامريكية من العراق العام 2011 مثل بشكل ما سحباً لورقة الضمان الآمن لإيران ولان الامريكيين لم يعودوا بصدد ارسال قوات برية الى المنطقة من جديد فإن خطر الضربات الجوية الخاطفة سيلوح ولاشك في أفق التفكير الاستراتيجي الإيراني الأمر الذي يمكن أن يزيل بعض الضبابية حول هدف الإسراع بعسكرة الثورة في سوريا ذات الحدود المشتركة مع إسرائيل ورقة الضمان البديلة كما يبدو

التحول الى الفوضى الشاملة في سوريا يحقق أمرين اشغال إسرائيل بأمنها القومي من ناحية ووصول ايران الى الحدود الإسرائيلية بشكل أشد تأثيرا من قدرات حزب الله اللبناني.

تحتاج إيران الى الكثير من المال لاستكمال بناء مشروعها النووي والدفاع عنه في آن والحظر المفروض عليها من الغرب يمكن تجاوزه ما دامت الحكومة العراقية الموالية خارج الحظر الغربي ماساعد في تخفيف وطأة الحصار الاقتصادي الغربي النسبي لإيران

انخفاض أسعار النفط مؤخراً وإبقاء المملكة العربية السعودية سقف الإنتاج مرتفعا يعني بشكل ما وضع ايران وروسيا في وضع اقتصادي سيئ وهو مايسهل فهم الفيتو الروسي على صدور قرار دولي من مجلس الامن ضد الانقلاب الحوثي على التوافق في اليمن

"الأمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها وبالتالي مواجهة تلك الأخطار بغرض توفير فرصة ملائمة لتنمية تلك القدرات سواء في الحاضر أو المستقبل" يقول مكنمارا

الذهاب باليمن الى حالة فوضى شبيهة بالحال في سوريا او ليبيا او العراق يعني اشغال مجلس التعاون الخليجي بحماية أمنه والتوسع في اسقاط ما تبقى من ملامح الدولة وتبديد الجيش في اليمن يسقط ضمان الوجود الشكلي حتى للدولة في اليمن مايفتح الباب واسعاً أمام مبررات استمرار الحروب تحت مسميات شتى "إرهاب،طائفية ,...." وربما فتح ساحة جديدة لنقل الجهاديين من سوريا الى اليمن تمهيدا لتسوية من نوع ما مع توقيع الاتفاق المتعلق بالملف النووي الإيراني"أقول ربما"

تحويل العمق الاستراتيجي للخليج الى ساحة ملتهبة يزيد من التحديات المالية أمام الخليج والمملكة تحديداً ما قد يدفع بالا خيرة إلى خفض الإنتاج النفطي بغرض معاودة الارتفاع في أسعار النفط وهو ما تبحث عنه ايران ومن ورائها روسيا مرحليا أما لاحقاً فالرغبة في نفوذ إيراني أعمق في الخليج وربما الرغبة في تقسيم المملكة ليس اجتهاداً في ظل وجود شواهد ظاهرة هنا وهناك..

لامجال هنا  للتراشق بالعمالة والوطنية ،الأمر يتعلق بمقاولين وتجار حروب يغامرون بالوطن وأمنه ومقدراته وحق شعبه في الحياة والاستقرار

محاولة اظهار الرئيس هادي خائناً وعميلاً وماشاكل ليس أكثر من "تهريج" واغراق في السطحية و استغفال للعقل فحين لا يمكن لطرف ما أن يعتذر عن المغامرة بمصير بلد لأسباب واضحة لديه فهو من يستدعي التدخل المضاد بالنتيجة ووفقا لمقتضيات اللعبة التي يعلمها جيداً والا عجزت اللغة عن تفسير هذا القدر من الغباء السياسي ..

الأمر هنا لايتعلق بحجم الإرادة السياسية -وهي منهكة- وانما يتعلق بحجم تأثير النفوذ وهو الأقوى على الجانبين وكلما كان صوت البندقية أعلى من صوت الشارع فليس هنالك ماهو أسرع من الاحتراب الداخلي في جلب التدخل الخارجي

لست مع أي تدخل خارجي ولست مع الاحتراب الداخلي وأدين الاستقواء بالخارج تماما كما أدين الاستقواء بالبندقية

 

الخميس, 02 تشرين1/أكتوير 2014 03:23

اليمن: سلطة آآآه ..دولة لأ

 

في حوار قديم أجرته قناة الجزيرة مع الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر سأل المحاور الشيخ حول ما إذا كان يتوقع عودة علي سالم البيض الى السلطة فجاءت إجابة الشيخ  بهذا المعنى "علي سالم قد معه زلط وتجارة ماعاد يشتي بالسلطة"

تلك هي القصة في اليمن ..كانت وماتزال وستظل لفترة طويلة كما يبدو.."الزلط" ..بمعنى آخر أن تبذل كل ما بوسعك للوصول الى السلطة من أجل أن توظف الموقع في سبيل صناعة النفوذ وتوظف النفوذ في سبيل النهب والاثراء الشخصي ثم شراء الذمم وافساد الاخلاق وزراعة وتغذية الصراعات كآليات انعاش مستمر لسلطة البقاء على العرش فترة أطول..

لايوجد توجه عام في اليمن لا يوجد هدف تتشكل على أساسه الهوية المأمولة ، توجد دوما سلطة مائعة فاسدة منتفخة تطفح للخارج فتذيب في كل مرة جزءاً مما يمكن وصفه بكرتونة الدولة او الدولة الكرتونية سلطة ذات بعد واحد يتمثل  بالتفرد وامتلاك البلد من خلال محطات سير محددة "النهب - بناء النفوذ -ازاحة الخصوم والمنافسين" إنها عقلية الأدغال التي يغدو معها الحديث عن الدولة حرب صريحة ضد المنطق والعقل

لا شيئ في اليمن أكثر من الحديث عن الدولة ، لكنه حديث يتكئ على موروث ينافي فكرة الدولة ويتسق وفكرة افراغ المفهوم من محتواه.. لذلك لا غرابة في أن يبدو أشبه بالطنين وأن لا ينتج غير الجلبة و الصداع.

حين يقرر شعب أن يتحول من عصر ماقبل الدولة الى عصر الدولة فإن نصف المشوار أن يريد وأن يقرر ثم يمكن البدء بالعمل  انطلاقا من كون  الانجاز إرادة وعمل.. وللتبسيط أكثر يمكن القول بأنه وفي هذه الحالة سيتعين عليك بداية التفكير في كيفية وضع مقدراتك في خدمة أقدارك هذا يعني أن عليك دراسة الفرص والتحديات – نقاط الضعف ونقاط القوة عندها تتحدد ملامح هوية الدولة المنشودة وحجم فعاليتها المتوقعة وطبيعة علاقاتها بالمحيط والعالم كما تتحدد ملامح النظام السياسي/ الاقتصادي الأعلى جدوى وجودة والأكثر فاعلية

هذه الملامح تمكنك من إيجاد إجابة للسؤال الأساس مالذي أود أن أكونه بعد 25 أو بعد 50 عاما من الآن "دولة صناعية- دولة زراعية- دولة استعمارية -...." هذا الهدف يعني ببساطة تحديد هوية الدولة ومن أجل تحقيقه سيتطلب  الأمر رسم استراتيجيتين متوازيتين تعززان بعضهما البعض.. استراتيجية بعيدة المدى تحقق في نهاية المطاف تلك الهوية الهدف وهي ماتعرف بالاستراتيجية الوطنية ترافقها استراتيجية أخرى هي الاستراتيجية الاعلامية التي تتولى التسويق التفاعلي للاستراتيجية الوطنية و.... .. "لهذا البعد تناولة قادمة"..

أنت تود الحصول على دولة صناعية يحكمها نظام ديمقراطي على سبيل المثال ..هذا إذاً ماستبنى على أساسه ومن أجله الاستراتيجية الوطنية والأخرى المساندة ابتداءً  من اعداد مناهج التعليم وما يليها أفقيا وراسياً على هيئة حلقات تمسك بأيدي بعضها بحيث توصلك الأولى إلى الثانية وهكذا..

سيتعين عليك الآن وضع الهيكل الحامل لهذه الدولة .. المؤسسات "الرئاسة – الجيش – القضاء – البرلمان – الحكومة – الانتخابات والاستفتاء - الاعلام" وسيقوم الدستور بتنظيم مجال وصلاحيات وحدود وآليات العمل والرقابة والمحاسبة فيما تتحول التفاصيل الى قوانين ولوائح ونظم..

سيحتاج هذا البناء بعد تحميله "الاستراتيجية " أو النظام بالتعبير الحاسوبي  الى بطارية تشغيل أو بمعنى آخر "السلطة"..

 لم تعد ثمة مشكلة فالبطارية مهمتها محددة ..تشغيل النظام أو بشكل آخر تنفيذ الاستراتيجية الوطنية وفقا للأليات المطروحة لا مكان للارتجال ولا مساحة واسعة للخطأ.. من حق الناس أن يلتقوا وينظموا أنفسهم على أسا س  القواسم ..الاهتمامات المشتركة .. الخبرات المتكاملة أو .... على هيئة أحزاب ،منظمات،....ومن حقهم أن يبدعوا برامج تنافسية ذات وجهة محددة تتمثل في  تنفيذ الاستراتيجية الوطنية من خلال كيفيات قابلة للتنوع والتعدد ..

سيكون من الجيد لو أن  البطارية غير مصابة بحالات تسريب للطاقة حتى لاتقل الفعالية وأن يتم تغييرها بأخرى جديدة في كل مرة كما سيتعبن أن تكون قابلة للشحن مرة كل أربع سنوات بحيث تنتهي صلاحيتها بانتهاء الشحن الثاني في الظروف المثالية  وبانتهاء الشحن الأول في حال الاداء المتواضع عبر صناديق الاقتراع

فيما يمكن نزع البطارية من الجهاز متى ما بدأت تصاب بالانتفاخ الدال على فسادها من الداخل والدفع بها الى ورشة الاصلاح أو غرفة الحجر بحسب اجراءات قضائية  صحية كي تسهل معالجة آثارها السلبية على الجهاز في وقت مبكر .. 

الإثنين, 08 أيلول/سبتمبر 2014 23:02

ما يفعله الاعلام المسموم

 

"البلد ليس بخير" ..هذا ما يقوله اليمني اليوم أينما كان وكيفما كان ..

في هذه المنطقة من العالم تبدُ المطابخ السياسية لدوائر صنع القرار مصابة بحالة مزمنة من بطء الفهم ما يجعلها تصل دوما متأخرة عن الشارع بخطوة لتطرح اليوم ما كان يفترض بها طرحه بالأمس.. أما المطابخ الإعلامية فبات واضحاً للعيان أنها مسمومة لا فرق في ذلك بين الإعلام الرسمي والأخر التابع للأحزاب والقوى السياسية المختلفة ..

"لا أختلف مع علي عبد الله صالح ميراث أو شجرة لم تقسم بيننا لكني اختلف معه بشأن سياسته الخاطئة".. بهذا المعنى إن لم تخني الذاكرة أجاب الصحفي اليمني الحر عبد الحبيب سالم على سؤال يتعلق بمبررات حملته الصحفية على سياسات صالح ضمن حوار نشرته صحيفة الجمهورية مطلع التسعينات من القرن الفائت.. وهي ذات السياسة التي ثار عليها الشعب اليمني بكافة فئاته في الحادي عشر من فبراير 2011 لكن العجيب والمحير بحق أن القوى السياسية التي نادت بالتحديث كثيراً خلال الحالة الثورية كان لسانها كما يبدو مع خطاب التحديث  وعينها على الشجرة ، حيث عمدت منذ اللحظة الأولى للمشاركة في الحكم إلى المشاركة أيضاً في اعادة انتاج نفس السياسات وبذات الآليات السيئة ..لا أعني هنا قوة سياسية بعينها بل أعني كافة القوى السياسية المكونة للخمسين في المئة القادمة إلى الحكم نهاية العام 2011 وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية..

لا توجد استراتيجية إعلامية في البلد هذا أمر لا يختلف عليه اثنان وعن نفسي ناديت كثيراً ونادى آخرون حتى بحت أصواتنا من أجل اعلام استراتيجي مسئول يساند التوجه صوب بناء الدولة واليمن الجديد لكن وكالعادة لاحياة لمن تنادي غير أن ماهو أدهى وأمر أن لا توجد في ذات الوقت مسئولية في لحظة تاريخية بالغة الصعوبة كالتي يمر بها اليمن في الوقت الحالي..

من حق أية قوة سياسية الاستفادة من ظرف ما لصياغة تكتيك ما يخدمها في توسيع ساحتها ، لكن من المسئولية أيضاً مراعاة الآثار السلبية البعيدة لذلك التكتيك المرحلي..

أن تستفيد قوة سياسية ما من خطأ قوة سياسية أخرى فهذا أمر طبيعي وحيوي لكن من الجيد التنبه إلى مسألة من نوع ..استمرار البناء على الخطأ قد يكون خاطئاً أيضاً..

حكومة الكفاءات مطلب ثورة فبراير 2011 وليست مطلب فصيل بعينه ولعل من المهم هنا تصحيح الصورة .. والبلد بحاجة لحكم مدني والمراهنة على القوة من أي كان هو أول الخسارة.

تحت شعار الثوابت الوطنية الثلاثة "الجمهورية والثورة والوحدة" انزاحت الجمهورية نحو التوريث والثورة نحو تخوين كثير من رموزها والوحدة صوب المطالب بفك الارتباط خلال العقدين الماضيين حتى فاض الكيل وخرج الشعب بكافة فئاته بطول وعرض البلد ينشد التغيير والدولة المدنية..

استخدام ذات الشعار بإخراج محسن تحت عنوان "الاصطفاف الوطني" مكن تحالفات سياسية واسعة من اخراج مسيرة بذلك الحجم  وهو ولاشك عمل سياسي ذكي وحق تكتيكي للقوى المنظمة، ففي الوقت الذي أدار الحوثي فيه ظهره لتحالفاته فقد الغطاء السياسي إلى حد مؤثر ولعل في بيان مجلس الأمن ما يوضح الصورة

في ذات الوقت سارع الإصلاح إلى اعادة  ترميم الجسور مع حلفائه الغاضبين من نسيانه إياهم سنوات العسل الحكومي فيما وصف باجتياحه الأوسع لمساحة حصص التقاسم في كشوف التعيينات السياسية الكبرى والمتوسطة والوظائف العامة وما شابه ،وهو بشكل ما حق له استناداً إلى حجم حضوره وتأثيره في الساحة اليمنية وإن كان الأمر لا يخلو من خطأ من منظور تكتيكي لجهة الموقف غداً أمام التداعيات التي كان كما يبدو يراها بعيدة واتضح أنها أقرب موعداً من المتوقع وهو سوء تقدير يحسب على قادته الذين سيجرون ولا شك مراجعة  من نوع ما أو هذ ما يفترض بهم فعله لكن ذلك الخطأ أنتج ما يحدث الآن..

في المقابل أيضاً سيجد أنصار الله أنفسهم أمام حاجة للقيام بمراجعة من نوع ما بعد ما حدث وربما يتجهون تالياً إلى استعادة مد الجسور مع مساحة أو سع من المكونات السياسية

في المقابل وبذات الحساب السياسي ذهب أنصار الله نحو الاستفادة من خطأ التوافق الحاكم واستياء القبائل المعتمدة على النشاط الزراعي من رفع أسعار الوقود في توسيع مساحة تحالفاتهم في محيط العاصمة صنعاء ..

كل هذا بالحساب السياسي وعلى الطريقة اليمنية والعربية على وجه التحديد يمكن فهمه لكن بعض الخطوات اللاحقة التي قد تبنى على تلك المكاسب والأخطاء وعلى رأسها الخطاب الاعلامي الاقصائي المتشنج يمكن أن يكون سيئا بالفعل ليس على مستوى أحزاب التوافق فقط بل وعلى الوطن ونسيجه الاجتماعي والمؤسف أن يبدو ذلك في المدى غير البعيد..

حشد كبير واحد يكفي لكسر حاجز الجليد بين تحالفات التوافق ثم هناك وسائل وآليات كثيرة للتنسيق فيما بينها إن كان الأمر بهذا الاتجاه لكن مبدأ الحشد والحشد المضاد آلية أقل مايقال فيها أنها سيئة كونها في نهاية المطاف تؤسس لشرخ عميق اضافي في الوقت الذي يحتاج فيه البلد الى التلاقي والتقارب أكثر من أي وقت مضى ..

التظاهر والاعتصام حق للمعارضة وليس للسلطة مهما تفننت الدوائر السياسية في تبديل المسميات..

الحديث حول الدفاع عن النظام الجمهوري أمر يشعرك بالصداع ذلك أن ملامح المشهد الملكي ربما تشغل مساحة أو سع  في ذاكرة التوافق الحاكم وليس في ذاكرة عبد الملك الحوثي الشاب الثلاثيني الذي ولد وترعرع في أجواء الجمهورية وربما أن مقارنة عابرة مابين كشوفات التعيين السياسي لدى أحزاب التوافق وبين تعيينات الحوثي في دوائر انصاره لن تكون في صالح الأول والشواهد كثيرة ومتناثرة على الارصفة حيث مايزال يقبع ذلك القدر الكثير   من الكفاءات والشباب الذين كان لهم دورهم الفاعل في الحالة الثورية اليمنية العام 2011 ،كونهم  ليسوا من ذوي القربى أو المقربين

الطريقة التي يتعاطى بها الاعلام الرسمي والحزبي كفيلة لوحدها بإخراج الشعب من جديد قلنا هذا كثيراً لكن أحداً لم يهتم ..قلنا أن حساب الزمن تغير بعد العام 2011 وأن الثلاثين عاما لن تزيد عن سنوات ثلاث ..قلنا هذا باكرا جداً ولم يستمع أحد وهاهي السنوات الثلاث تكتمل الآن..

لا منطق يمنح  أياً كان الحق في  تجريم أياً كان على أساس نوايا مفترضة ذلك أن القانون وضع في الأساس لمحاكمة الأفعال وليس النوايا فذلك شأن الله والله لم يوكل هذه المهمة لأحد فما  الداعي لتسميم الوعي بكل تلك الأوهام.

حين شم الشعب اليمني رائحة توريث هب وازاح صالح وأركان الأسرة عن المشهد السياسي ..ما يعني أن قضية الدفاع عن النظام الجمهوري ليست قضية فصيل سياسي  ولا حكومة تلك قضية شعب والشعب يعرف جيداً كيف ومتى يديرها وبنجاح مبهر.. أخطاء من يحكمون هي من فتحت الطريق الى ساحات جديدة هنا تكمن القضية ومن هنا تخرج الحلول.. وحين تستشعر الوجع بشكل عاجل هذا يعني أنك بخير بغض النظر مع من تتفق أو تختلف.