جلال احمد الشيباني

جلال احمد الشيباني

الخميس, 15 تشرين1/أكتوير 2020 17:23

سلام أيها الحزب العظيم

 

في شهر أكتوبر (تشرين الاول) وقبل 42 عاما تأسس الحزب الاشتراكي اليمني في مؤتمر توحيد كل فصائل العمل السياسي والثوري في لوحة فسيفسائية بديعة تشمل أغلب فصائل اليسار المشتعل بالثورية حد التوهج والغليان في تلك الفترة.

 الفكرة هنا ليست فكرة التأسيس لذاتها بقدر ماهي تعبير عن منطلقات دولة ونظام ينتهج الفكر الإشتراكي ويعتمد على قوى الشعب العامل.

اليوم وبعد 42 عاما وبرغم كل التشظيات التي اصابت الحزب أحس انا أن نبضا قويا ما يزال يدفع الدم في شرايينه وأوردته لتمدنا بالحياة والأمل.

قال صديقي ورفيقي عارف الشيباني ونحن نسير في شارع الزبيري لنحرق سعرات التوتر والقلق اليومي: 

سيبقى الحزب عنوانا ليسار أنتج ثقافة ورؤيا واضحة تجاه المستقبل ووقف مع المرأة وحريتها وليس سهلا أن تقف مع المرأة وحريتها وحقها في بلد متأخر كاليمن وهذه على الأقل منطلقات واضحة تجاه فكرة الدولة والنظام والقانون والمواطنة المتساوية.

قلت أنا:

من وجهة نظري الشخصية

ما يزال الحزب رقما صعبا في معادلة الحياة السياسية لمن أراد التفكير في قيام دولة حقيقية بعيدا عن إستغلال الدين وعلى كل تراب اليمن الكبير.

قال لنا أحد الزائرين لعدن في بداية الثمانينات

لا أحد هناك قادرا على مجرد التفكير في أخذ الرشوة او الجباية او مخالفة القانون وسيجد نفسه خلف الشمس إذا ما فكر أحدهم بإرتكاب مخالفات تمس حياة الناس والدولة، فالقوانين صارمة ولا تسامح مع المقصرين.

أنا أحس أنني اعيش متلازمة كبيرة عنوانها الخوف من الرشوة والجباية والقات والفساد ولدى قناعة كاملة إن من يقدر على تجاوز هذه الصعاب هو من سيدق باب مستقبل اليمن.

في يوم من أيام حكم الحزب الإشتراكي اليمني صدر قرار منع القات وبدأ التنفيذ وانتهى الأمر.

وفي يوم آخر من أيام حكم الحزب الإشتراكي اليمني وبعد حرب اهلية دامية أليمه لملم الحزب أشلاءه المتناثرة ليعود من جديد حاملا كل أفكار التقدم والبحث عن المستقبل برغم كل الصعوبات والجراح النازفة منها الدماء.

وفي يوم من أيام إزاحة الحزب الإشتراكي عن السلطة بالحرب الظالمة عاد الحزب يلملم كل جراحات الحرب ليبدأ من جديد. 

القصة طويلة وفيها من قصص الصمود والبقاء ما يدهش الجميع.

قلت لصديقي عارف الشيباني:

انا أكره الرأسمالية واكره الإحتكار والإستغلال ويقنعني الحزب ومنطلقاته في هذا الجانب مثله مثل أفكار الزعيم جمال عبد الناصر، كما أنني أكره السلاح وأحب الدولة المدنية وأحب المواطنة المتساوية والعدالة الإجتماعية ويقنعني الحزب ورؤياه ولو على مستوى الجانب النظري تجاه هذه المسائل المهمة من وجهة نظري الشخصية.

لا أحد الأن قادر على نسيان الماضي والتفكير في المستقبل سوى الحزب الإشتراكي اليمني وقوى اليسار من حوله فالكل غارق في صراعات الماضي وعثراته وكبواته والكل يتربص بالوطن غير أن شباب الحزب ما يزال صوت الحرية والتغيير فيه عاليا ومازالت الدماء تجري في عروقه ومازال الحلم يكبر كل يوم في روح شبابه الغض وكلما قلنا المسألة إلى هنا وأنتهت ينبعث الحزب من تحت الرماد كطائر الفينيق.

الف مبروك للحزب الإشتراكي اليمني هذا التدفق الكبير والحلم الأكبر.

(ومن شامخات الجبال أبتدينا) 

وسلام سلام أيها الحزب العظيم.

الخميس, 19 أيلول/سبتمبر 2019 20:34

الكتابة وترويض الموت

 

كلما تجابهني بشاعة عمري القاسي

يعانقني جمال الموت وتأتي قوتي منه

(سلطان الصريمي)

قال واسيني الأعرج :

 (أنا أواجه الموت بالكتابة وأعظم حرب ضد الموت هي الأدب، انني أروض الموت من خلال الكتابة)

ودفع حكم إعدام الكاتب فيودور دوستوفسكي ومواجهته للموت بشكل مباشر وجها لوجه إلى إخراج أجمل ما يدور داخل عمق أعماق هذه النفس البشرية، وتصرفاتها مع الخير والشر والتعبير عن تناقضاتها بعد تجريدها من كل ما يعلق بها من شوائب وأخطاء في رواياته التي ملأت الكون ضجيجا ومنحته الخلود.

يمنح الموت الناس فرصة للعودة إلى تعبيراتهم الإنسانية كما هي بعيدا عن كل ما يطرأ عليها من عبث خلال مشوار الحياة بكل مافيه من خيبات وزلات وإنهدامات وإنتصارات ايضا.

صور فيكتور هيجو الموت إنه الطريق إلى الحرية والكمال الأعظم.

تولستوي ايضا كان مولعا بالموت، ومبهورا به ، وكان إحساسه العميق بالعدم كحقيقة أخيرة هي منبع إبداعه وإخراج ما يدور في رأسه من أفكار، وكانت حياته كلها معركة لتأخير الموت والسيطرة عليه والذهاب اليه، بل وإختيار لحظته، ويتجلى ذلك من خلال تصوير مشهد إنتحار (آنا كارينينا) في روايته التي تحمل نفس الأسم وذهابها إلى الموت بكل قناعة في مشهد بديع يصور  تخلي الإنسان عن كل رغباته في الحياة (المال، الزوج ، الأبناء ، المتعة ، الأصدقاء وكل شيء) وفي لحظة من أكثر اللحظات صدقا وتصالحا مع النفس، ولم تتذكر سوى نفسها وهي طفلة تلهو وتلعب في منزلها .

مطلقة في آخر لحظة من حياتها تلك الكلمات التي تحفر الذاكرة حفر وتهز وجدان ومشاعر البشر: 

(أين انا؟ ماذا أفعل؟ لماذا؟

ياإله السماوات إغفر لي كل شيء).

معركة الحياة والموت معركة دائمة ومستمرة والكتابة والتدوين والفن والعمل هي الأدوات والأسلحة التي تمنحنا الخلود والأنتصار على الموت وترويضه.

وأنا اكتب الأن تذكرت قصة الياباني الكهربائي (لا يحضرني إسمه) الذي أفلس والده ومات في السجن ثم طارد الموت كل أسرته واحدا تلو الآخر

وبقى هو مرعوبا من مطاردة شبح الموت له وخائفا ومرعوبا منه وأصبح موقنا إن الموت يتربص به في كل وقت واصبح يعمل ويعمل ليل نهار هروبا من الموت في لعبة مبهرة وحزينة   حتى وصل الى إنشاء شركة كهربائيات كبيرة على مستوى العالم.

قصص اللعب مع الموت والتصالح معه قصص مبهرة وتمنح الناس فرصة لإلتقاط أنفاسهم ومراجعه أنفسهم وتاريخهم وتصحيح أخطائهم، وإخراج أجمل ما في داخل نفوس البشر كما هي دون رتوش لترشد القادمين ...

نحن الأن في بلدنا اليمن يطاردنا الموت في كل مكان ويعبث بحياتنا وبمستقبلنا بشكل مخيف.

الأن كيف سنتمكن من ترويض كل هذا الموت؟؟؟

اعتقد الاجابة لديكم!!!!

الأربعاء, 03 تموز/يوليو 2019 22:42

صديقي والتجربة الصينية

 

قناعات كثيرة وجديدة تتشكل في حياة البشر كلما سارت بهم السنين إلى منتهاها، يرسم الناس خلالها تجاربهم بأشكال وألوان مختلفة ليمنحوها عناوين للبقاء والتجدد والإستمرار.

تبقى فكرة البحث عن حلول لمشاكل البشر في هذه الحياة هي الدافع لتشغيل ملكاتهم في إتجاه خلق حالة أنسجام وتصالح بين الإنسان وهذا الكون الذي نعيش فيه، وما زلنا نجهل عنه الكثير والكثير.

 تبقى المعرفة هي أحدى أهم الأدوات التي أستطاع هذا الإنسان أن يسيطر بها على كثير من الظواهر والمشكلات.

أن تعرف الأشياء بتفاصيلها فقد وصلت إلى فكرة السيطرة والتحكم والتفكير في الحلول.

قال صديقي:

ماذا تعرف عن التجربة الصينية؟ 

وكيف وصلت الى هذا المستوى الذي منحها عنوانا واضحا من عناوين إنتصار الأنسان على مشاكل الكون والحياة التي تعترضه لتجعل منهم (الفرد والدولة) كيانا معبرا عن الحلم الكبير.

قلت له:

اعرف عنهم: 

 أنهم أكثر من مليار نسمة.

جميعهم يحترمون قيم العمل والإنتاج. 

تكاد تنعدم عندهم البطالة وكل يوم ينتصرون عليها.

يحكمهم الحزب الشيوعي الصيني بفكر قائم على المعرفة والانفتاح المدروس والبعيد عن الإستغلال وبجيش قوي ومنظم ومدرب.

كل من يعيش فيها متساويين في الحقوق والواجبات أمام القانون. 

يهتمون بالتعليم والصحة لكل مواطنيهم وغير مواطنيهم.

تسيطر الدولة على المؤسسات بشكل كامل.

تمتلك الدولة كافة الأراضي وتمنح من يعيشون فيها الأرض وفق مصلحة الفرد والجماعة والدولة ووفق القانون . 

هي دولة متعددة الطوائف والاعراق والديانات.

قاد فيها الزعيم ماوتسي تونج ثورة الفلاحين في (1949-1946)

 هم الأن يسيرون بثبات وبرؤية واضحة بإتجاه المستقبل.

عاشوا ظروفا بالغة الصعوبة ووصلت قيمة حياة الانسان قبل الثورة إلى الصفر.

نعم يا صديقي هذا بعض ما أعرفه عن التجربة الصينية!!!

وسألته مباشرة:

ولكن ماذا عن الديمقراطية والحرية؟

رد على بعد تفكير عميق:

تبدو فكرة الحاجة إلى الحرية والديمقراطية متغيرة من شعب الى أخر ووفق مصلحته التي يعرفها الصينيين تماما أكثر من غيرهم!!!

قضية العدالة الاجتماعية بالنسبة للتجربة الصينية هي قضية محورية، كرامة اصغر عامل أو فلاح صيني محفوظة، علاجه وعلاج اسرته توفره الدولة، التعليم ايضا، العيش الكريم تحت عنوان الكل يعمل والكل ينتج.

لا يوجد مواطن صيني يموت بسبب عدم قدرته على العلاج

التعليم حق لكل مواطن والدولة هي من ترسم خططه وأهدافه.

هذا ينسحب على كل مواطن يعمل في الصين.

الصين مفتوحة امام الجميع ومن لديه القدرة على العمل والأنتاج يعيش فيها معززا مكرما تحت سقف القانون بغض النظر عن ديانته وطائفته ولونه وبلده.

وهنا تكمن روح الحرية والعدالة وفكرة كرامة الأنسان.

ومع كل هذا:

تبقى فكرة الأستغلال مرفوضة ومنبوذة في فكر الدولة الصينية هذه ايضا فكرة تعزز قيم التجربة الصينية المدهشة والتي تركز على الأنسان وتفلسف رغباته وأحلامه بما يخدم مصلحة الكل ومصلحة الدولة التي تعبر عن المجتمع .

السؤال الأن:

كيف أستطاع الحزب الشيوعي الصيني مسنودا بجيش قوي وسلطة قوية الأمساك بحلم الصينيين وخلق حالة إنسجام وتماهي بين حلم ورغبات المواطن الصيني وحلم وفكرة الدولة والسلطة والقوة والسيطرة والتطور؟ 

  وتابع حديثه:

تبدو مصلحة الناس والتفكير فيها بصدق وإستقلالية هي أهم عنصر من عناصر النجاح والتقدم.

واى نظام يحاول اللعب على فكرة العدالة الأجتماعية كحق إنساني وفكرة الإستغلال والقهر لمواطنيه تطحنه عوامل الفناء والأندثار والتراجع.

عندك مثلا هنا في الخليج لديهم المال والبنيان والرخاء والدخل المرتفع وكل وسائل الرفاهية ولكن مفهوم العدالة الأجتماعية وكرامة الأنسان وحق البشر في التساوي أمام القانون منعدم تماما في جوهرة الحقيقي.

كما انها مجتمعات ريعية تعتمد على الدولة وليست لديها قيم عمل وانتاج حقيقية ولا ينبغي وضعها في مقارنة مع اي من شعوب العالم المدني.    

توقفت كثيرا عند حديثة.

وسألته:

هل يمكن نقل التجربة الصينية الى هنا أو إلى اى مكان آخر في العالم؟؟؟

رد على: 

لا تصلح هذه التجربة الا في الصين فقط.

كما لا تصلح تجربة سنغافورة الا في سنغافورة فقط 

ومثلها تجربة ماليزيا.

خصوصية الموروث والتفكير والرؤيا والحلم يختلف بين الشعوب بإختلاف ظروفها وبيئتها وأمكاناتها.   

وعلى اي مجتمع يريد النهوض والتقدم أن يبحث عن حلول نابعة من صميم بيئته وبما يضمن حرية وكرامة أبسط فرد فيه وبقوة فكرة العدالة الاجتماعية الحقيقية نصا وروحا.

اقنعني جدا جدا!!!! 

ومنحني حلم جديدا، وعمرا جديدا.

الخميس, 28 آذار/مارس 2019 17:32

اليمن.. صنعاء وتعز.. وأشياء أخرى..

 

منذ زمن وأنا لدى قناعة أن اليمن ستصل الى حالة احتراب داخلية.

كان عقلي الباطن يقول لي أن هناك خلل فني في طريقة حياة اليمني في كل شيء وفي طريقة تعامل السلطة مع مواطنيها ايضا.

يؤمن اليمني بالخارج حد الاستسلام واليقين، ويعتقد أن الحلول ستأتيه من الخارج معلبة وجاهزة وسهلة الهضم وعليها جوائز مالية تدفع بسخاء من دول الجوار.

نحن نبتسم لهم وهم يعدون فواتير وكشوفات الحساب عناوينها تدمير بلد كبير اسمه اليمن وبدون ثمن.

وصلنا الآن الى نقطة فاصلة في الحياة وفي الحروب ايضا ولا نستطيع معها أن نعود الى الخلف ولم نعد قادرين أن نلتفت حتى يساراً او يميناً.

علينا الآن أن نسير في إتجاه واحد فقط ويبدو ضيقا ومخيفا ومجهولا.

يحتفل الحوثيون هذه الأيام بمرور اربعة اعوام على الصمود كما يسمونه هم!!

لا أدري عن اي صمود يتحدثون!!!

والكساح وحياة البؤس والشقاء والفقر وتدهور نظم وقيم الدولة يحيط بالمناطق التي يسيطرون عليها في صنعاء المدينة وفي ميدان السبعين يحتشد اليمنيون ببنادقهم واسلحتهم وجهلهم وفقرهم من أجل الصمود -كما يسمونه- بينما تئن اليمن وسجونها وشوارعها جراء تصرفاتهم المتوحشة لتجريف مؤسسات الدولة الضعيفة اصلا وأساسا وتحويلها الى أدوات لإذلال المواطن وتحويل معاناته الى أسباب لابتزاز المنظمات والعالم الخارجي وكذا ابتزاز المواطن وإستغلال معاناته تحت مبرر العدوان

وهم في الأصل يعتدون عليه وعلى حريته وكرامته وامنه وعليه فقط أن يبقى صامتا وإلا فالتهمة جاهزة.

لا أحد يدفع الثمن سوى نحن الذين ننتظر لهذه الحرب أن تضع أوزارها.

لنفكر في المستقبل.

لا أعرف انا متى سنصل الى هذه النقطة.

يبدو التفكير في المستقبل في بلد يعيش في غرفة الإنعاش نوع من المجازفة والجنون والسذاجة.

لا احد يتصور الآن بعد مرور اكثر من خمسين سنة من الثورة أن يخلع الزي العسكري المعبر عن الدولة وهيبتها ليتحول الى زنة وعسيب وجعب وكثير من السَّرك والغبار تمتهن من قام بتصنيعها وفق معايير وقيم ونظم الدولة التي تطورت على مدى عقود من الدراسة والعمل والتفكير والتجريب.

تختل الآن معايير وقيم وشكل المدنية في حياتنا وحياة الأجيال الجديدة التي تعايش هذه الحروب.

إذ يبدو شكل وهيئة رجل النظام والقانون مختلفاً ومتخلفا الى درجة موحشة. 

ندخل الأن مرحلة جديدة من مراحل إعادة صياغة قوانين الحياة الجديدة او لنقل أنها قوانين الموت 

إنها حياة ما قبل الحياة لا توجد لغة اخرى أستطيع أن أعبر بها لكم عن واقع الحال غير أننا نسير بخطوات متسارعة الى الظلام.

اننا نتراجع بشكل مخيف.

تتراجع أخلاقنا وقيمنا وطريقة تفكيرنا وعلاقاتنا وقوانين سيرنا فيها.

يؤمن اليمني بتاريخه أكثر من المستقبل ويعبث بالتاريخ والجغرافيا وبكل شيء في حياته في سبيل الوصول الى اللا شيء.

يبيع اي شيء من أجل أن يعيش الوهم الذي يدور في خياله.

يضع وطنه في لوحة جميلة ومشرقة ليلاً ليبيعه في صباح اليوم الثاني ودون مقابل سوى الوهم. 

حتى دورة حياة السلطة في بلد اسمه اليمن يبدو مخيفا ومرعبا ايضا المتغيرات كثيرة والتفاصيل لا تعني شيئا امام رغبات تظهر ساذجة وتعبر عن حالة ضياع كل شيء في سبيل اللا شيء.

انها حالة من الضياع والعدمية.

لا أحد يريد أن ينتصر في هذه الحرب ولا أحد يريد أن ينهزم فيها ايضا.

اين تكمن اللعبة إذاً؟

تبدو الفكرة مقلقة كثيراً لمن يريد أن يبحث عن وطن كبير يضم كافة اختلافاته وتنوعاته

كما تبدو الفكرة تافهة وسخيفة لمن يقتات على هذه الحرب التي بلا سقف وبلا هدف وبلا شيء سوى ارتفاع أعداد كشوفات الموتى والمقابر وزيادة أعداد الفقراء وتوسيع طوابير العيش والصدقات.

وإذلال شعب كادح يعمل ليل نهار كثور الساقية.

في مدينة مثل تعز تدور رحى حرب داخلية غامضة لا نعرف من يقف ورائها ولا نعرف اتجاه بوصلتها،ولا ندري اين نقف نحن منها؟

هل مع عناوينها التي تتحدث عن دولة ونظام وقانون أم مع تفاصيلها التي تتحدث عن تصفية حسابات بين أطراف تنفذ أجندة خارجية.

عناوينها المال والسلاح والقات والمحببين كما أطلق عليهم شوقي احمد هائل (المحافظ) سابقاً.

يبدو لي أن الجميع اتفق على عقاب مدينة مثل تعز.

كل العناوين تشير الى أننا نسير في اتجاه عكسي لمفهوم النظام والدولة

والى طريق اخر مختلف اسمه العبث بكل ما تعنيه الكلمة من معنى  

ليس مستغربا أن يمنح مدرس رياضيات رتبة عقيد ممهورة بتوقيع رئيس جمهورية تحت شعار دولة تدعي انها تعمل وفق شرعية قانونية ودستورية.

في تعز ايضا استبدل الزي الرسمي للدولة بالمقطب المحزوق والمحشوط الى الركب والجعب وقعشة وفصاعة لها مدلول مأساوي في حياة ابناء المحافظة ومواطنها البسيط الذي تسرق امواله وأحلامه جهارا نهارا.

وهو تعبير صارخ لإستبدال شكل وهيبة عسكري الدولة.

وزيه الرسمي بهذه اﻷشكال المقززة.

وعليه أن يسكت ايضا وهو يشاهد كل هذا الظلم والعبث والمسخرة بكل مأسيها المؤلمة

الكل يمارس عملية ابتزاز للمواطن وإذلاله تحت عناوين كثيرة ومبهرة. لكن جوهرها سرقة احلامه وماله وإقلاق راحته وسكينته.

ينام رجل الدولة الأول مسترخيا وفاغراً فاهه حتى وقت العصر في فندق من فنادق الرياض وتنام معه حكوماته المتتالية بطريقة عبثية

جميعهم قرروا بيع وطنهم جاهزاً لذئاب الخارج مقابل حفنة من الدولارات ورواتب ومناصب وسفريات لهم ولأبنائهم لأنهم يعرفون أنه لا أحد سيحاسبهم على أفعالهم.

ولا بأس ان يصحو الرجل ليوقع على قرار تعيين وكيل لأمانة العاصمة صنعاء وهي خارج سيطرته ودون اكتراث لشيء.

يظهر الأمر مسلياً لهم ومحزناً لنا حد القهر. وتبتز منظمة مثل الامم المتحدة العالم كله تحت مبرر مساعدة الشعب اليمني الجائع. لتتحول هذه المساعدات الى رفاهية وسفريات لموظفيها لتصل تكلفة الوجبة للمواطن وفق قوانينها المالية بما يزيد عن مائتين دولار في الوقت التي لا تزيد قيمتها عن دولار واحد

لا أدري ماذا تفعل أكثر من مائتي منظمة دولية في العاصمة صنعاء.

يتقاضى أصغر موظف فيها أكثر من ألف دولار في الشهر

يبدو الأمر مسليا وممتعا ومربحا لهم ايضاً

غير انه حزينا وكئيبا ومؤلماً بالنسبة لنا.

تفتك الان الكوليرا بشعب فقير يفتقر لأبسط شروط النظافة والتغذية

لا استبعد ابدا تحت بند نظرية المؤامرة والمصلحة تدخل هذه المنظمات التي تتكاثر كالذباب في نشر هذا الوباء القاتل من اجل طلبة الله!!

يبدو كل شيء ممكنا هنا ومسليا ايضا

هذه نتائج الحروب في اي مكان من بقاع الأرض.

الكل يتاجر ويثري بمعاناة المواطن البسيط

ولا أحد يكترث لما نحن فيه الاَّ نحن

ٳنها المأسأة!!!     أليس كذلك؟

الجمعة, 01 آذار/مارس 2019 23:18

الرفيق ( مقبل )

احببت انا رمزية اسم ( مقبل )

يذكرني الٳسم ورمزيته بمرحلة كفاح الأبطال ضد الاستعمار البريطاني .

في لحظة حاسمة من لحظات التاريخ تخلى على صالح عباد عن ٲسمه ليصبح معروفا (بالرفيق مقبل) من ٲجل استقلال وطنه ومن أجل سرية العمل الثوري الذي كان يخوضه مع رفاقه الشجعان من ٲجل تحرير وطنهم من الاستعمار .

يوم أن زرته في مستشفى الثورة بصنعاء وفي الغرفة رقم (8) قلت لنفسي :

لا مانع ان تستريح , حتى وٳن قررت ان تموت الان وان تسلم الروح يارفيق مقبل !!! بعد هذه الحياة الحافلة بالكفاح وهذا التاريخ الناصع والمشرف الذي راكمته عبر سنوات عشتها مناضلاً صلباً مدافعاً ومنافحا عن القيم والمبادئ . لا عليك ان تستريح الآن.

نعم هكذا ٲدرت الحوار مع النفس

وقلت :

(الرفيق مقبل) يذكرنا بزمن الكبار والرجال من الوزن الثقيل وهذا زمن الصغار فلا يجب ان يبقى فيه لحظة واحدة حياً. لقد اكتملتَ يارفيق مقبل . وصرت حياً في القلوب . وانموذجاً يحتذى . وقيمة انسانية لاتنمحي .

ويبقى الموت حلاً من الحلول في هذه الحياة البائسة في وطن يموت رويدا رويدا.

اتخذتُ قراري وذهبت !!!!

قلت يجب أن يأتي الموت سريعا يارفيق مقبل

فهذا زمن موت الكبار من أمثالك

وليبقى الصغار يقتاتون من فوق الموائد والفتات

وعلى حساب شعب فقير يموت قهراً .

كتبتُ عنه من قلبي وقلت أن الرفيق مقبل يمرض لٲن وطنه معلول ومريض وممزق الٲشلاء والأوصال.

الآن مات (الرفيق مقبل )وترك وطنه في غرفة الإنعاش .

خرج مقبل مع رفاقه شابا يافعاً صغيراً مهووساً بحب وطنه يحمل نعشه فوق ظهره من اجل فكرة نقية تعيش في داخله.

وهي فكرة الخلاص من المستعمر وبناء وطن يسوده العدل والمساواة.  ومن هذه الفكرة ٲستمد قوة ٳرادته وكفاحه وتعبه وخاض نضالا شاقا ومريراً مع المستعمر ٲولاً ومع رفاقه في تجربة الاستقلال ثانياً .

وفي كل مرة يخرج مقبل من دوائر الصراع نظيفا ونقياً وطاهراً

ولسبب ٲظنه بسيطاً وسهلاً

وهو ٲنه يملك فكرة نقية تعيش داخل رأسه عاش بها ويموت الآن عليها . وتعيش الفكرة دائما حاضرة بيننا .

اظن أنا أن كل هذا الحبر المسكوب على (الرفيق مقبل) مصدره الفكرة النقية التي عاش حياته لٲجلها الرفيق مقبل مترفعا عن كل لحظات الضعف البشري في البحث عن المغريات والمناصب والحياة الباذخة وفضَّل ان يبقى كما هو علي صالح عباد (مقبل) حتى مماته .

لاشئ في الحياة اظنه اكثر قدسية من أن يعش ٲي منا بفكرة نقية ويموت عليها .

انه علي صالح عباد (مقبل ) يارفاق.

القائد والمناضل والمكافح والٳنسان ..

آن له ان يستريح وان تعيش ذكراه عطرة ملهمة للاجيال القادمة والتي ستكون فخورة باقتفاء مسيرة حياته   الكفاحية والتعلم من مآثره الغنية وقيمه النبيلة .

          نم يا رفيق قرير العين هانئاً بغفوتك الابدية..

الخميس, 21 شباط/فبراير 2019 18:53

دوران الارض والرفيق عبدالكريم المنزلي

 

تدور الارض حول نفسها بشكل يومي  كما أنها تدور حول الشمس ٲيضا.

ومع كل هذا الدوران تدور حياتنا بشكل يدعو للٳستغراب والدهشة .

لا شئ يبقى ثابتا في هذا الكون الفسيح.

ذات يوم كان هناك حزباً ٲسمه الحزب الاشتراكي اليمني , كان يحكم بلداً ٲسمه جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ،  يبدو الأسم طويلاً وملفتا وهو تعبير يشخص النظام الاشتراكي بكل ٲدوات الحكم فيه ، عاش الرفاق فيه صراعا داميا ٲنتهى بمأساة 13 يناير , ومنها الى وحدة 22 مايو ثم الى حرب 94 والتي جردت الحزب من ٲدواته في لحظة غريبة من لحظات دوران الزمن الغريب.

ومن نفس نقطة الدوران انطلق نظام صالح يسيطر على كل شئ في حياة اليمنيين حتى ٲنتهى المطاف بزعيمه الى ثلاجة ضيقة في المستشفى العسكري بصنعاء بعد أن كان مزهو بنفسه حد الكمال. 

لا أحد من أقاربه ٲو ٲنصاره الان يريد ان يعرف ٲي معلومات عنه وعن جثته.

الجميع يريد ٲن يهرب من قوانين الحياة ولا ٲحد يريد الاعتراف بدورانها.

حاول هذا الانسان  الغريب - صالح - أن يسير عكس هذا الدوران فسقط في النهاية بين الرحى ولم ينفع الندم حينها.

لا أحد يتعلم من هذا الدوران شيئا وتتكرر الٲخطاء مرة بشكل مأساة والٲخرى كما قال كارل ماركس بشكل ملهاة.

اليوم فقط وفي جولة كنتاكي شاهدت علي الشرعبي وسلمت عليه . هو لايعرفني ولكنني ٲعرفه تماما وٲتابع ٲخباره من بعيد , كان صامتا ولا ينطق بالكثير من الكلام, يبدو أن اتفاقاً تم ابرامه يجعل من الصمت  عنواناً لكل شئ في حياتنا.

الحرية يدفع ثمنها أبطال نحن لا نعرفهم ولهم طاقة تَحَمـُّـل محدودة فهم في الٲخير بشر.

في تلك اللحظة حضرت إلى بالي (منار عبد الكريم المنزلي) وهي تناشد جميع رجال اليمن ورجال الرٲي ومنظمات حقوق الانسان لإخراج ٲبيها من غياهب زنزانة الٲمن السياسي.

لا ٲحد يتعامل مع هذا الكم الهائل من حزن (منار)  على ٲبيها , ولا ٲحد يشعر بمعاناة ٲسرة عبد الكريم المنزلي!!!!

 حتى رفاقه يحاولون تجنب الحديث عنه ويبدو أن الٳحباط سيطر على كل شئ في حياتنا.

لم يعد لدى (منار)  غير صفحتها في الفيسبوك تناشد العالم من خلالها إنقاذ ٲبيها . ولا ٲحد يلتفت الى مناشداتها اليومية وقلمها الحزين.

عبدالكريم المنزلي شخص يساري بسيط مدني يتحدث كمواطن عن وطنه الذي ينهار ٲمامه ولا يملك غير لسانه وقلمه ليعبر به عن هذا البؤس الذي نعيشه جميعا.

لم يحمل سلاحا في حياته ويؤمن بالحرية وقوانينها وأبطالها وأساليبها ايضا

 ٲظن أن الكلام هو آخر وسائل التعبير السلمية عن الحرية واعتقد اذا سلب منا ومن عبد الكريم المنزلي حق الكلام فأننا حتما سنموت جميعا.

يعيش رفاق عبد الكريم المنزلي في الحزب الاشتراكي اليمني حالة  برود عجيبة ومستفزة . وتعيش قيادة الحزب في الخارج حالة صمت عجيبة وغريبة وغير مبررة!!!

 يبدو انها تريد أن تموت ، وتحاول أن تسلب نفسها حق الكلام ايضا وحق الدفاع عن اعضائها بكل الوسائل السلمية .

نحن لا نريد الآن أن نموت.

وما يزال الحزب الاشتراكي اليمني يملك مقراً في مدينة صنعاء وفي منطقة الصافية وله ٲنصار ومثقفين وناشطين ورجال فكر ورجال دولة . وٲظنه يستطيع أن يحرك ٲدواته لٳخراج عبدالكريم المنزلي من  زنزانته الموحشة.

يحاول الحزب الاشتراكي اليمني السير بجانب الجدار دون أن يتدخل في ٲي شئ يخص ٲعضائه بل ويخص كل القضايا التي تخص اليمن.

ٲظن ٲنا ٲن لدى الحزب ٲدوات يستطيع بها ان يدافع عن ٲعضاءه الذين يغيبون قسراً وظلما ودون وجه حق.

صحيح أن الارض تدور بنا وقد دارت على حزب كبير كالحزب الاشتراكي اليمني حتى وصل الى هذه الدرجة من البؤس والسلبية والتقاعس ,  وعدم القدرة على الحركة والتحرك لإطلاق عبد الكريم المنزلي  المسجون والمغيب ظلما وقسراً.

ومع ذلك ما يزال الأمل يعيش بيننا لٳننا نعرف ٲن الارض تدور وستبقى تدور.

الخميس, 14 شباط/فبراير 2019 19:24

من الجعاشن الى استوكهولم


لا أتذكر تماما كم كان التاريخ الذي تم فيه اعلان حصول الناشطة الشجاعة توكل عبد السلام كرمان على جائزة نوبل للسلام، وكل ما اتذكره انني قفزت عالياً كطفل فَرِحَ بالحصول على ما يريد، ومن شدة الفرح مارست كل طقوسي الاحتفالية دون اي اهتمام بمن حولي وكأنني انا من حصلت على  الجائزة وليست توكل كرمان.  

كان لدى احساس بأنني هي وهي انا وهي حالة ثورية متقدمة.

وطالما هي تملثني وتمثل احلامي الثورية أنتابني ٳحساس كبير بالٳنتصار وطعمت لذته حد النشوة عندما سمعت الخبر.

احسست انني انتصرت على عبده الجندي وتفاهاته، ويحيي صالح ومغامراته، ومهدي مقولة وسخريته، بل وعلى عبدالله صالح  وغروره وجبروته وتسلطه.

وكنت كلما شاهدت توكل كرمان وهي تهتف من على منصة الساحة أشعر بالزهو والفخر ويكبر رٲسي كثيراً.

وكانت عبارة:

إما ٲن ترحل أو ترحل

إرحل إرحل إرحل

تشكل لحنا جميلاً في حياة الساحات وحياة فبراير العظيم والتي ٲصبحت توكل كرمان أهم أركانها.

لا أعرف.  لدى قناعة في داخلي تقول لي:

أن المرأة إذا تصدرت المشهد وخرجت من  تحت البرقع سننجو وستصل سفينة فبراير الى حيث يريد شعبنا الفقير والضبحان والحالم بالعدالة والمساواة والحرية.

لا زالت تلك اللحظات مغروسة في ذاكرتي وانا اسير في شارع الستين مزهواً ومنفوش الريش وفخوراً بتلك الجائزة وكأنني ذاهب لاستلامها انا شخصيا.

قلت لنفسي تستحق هذه الشجاعة توكل ٲكثر من نوبل واعتبرت ان الجائزة مُنحت لكل ثوار الساحات العُزَّل الذين وقفوا في وجه نظام صالح الفاسد.

لقد حولت توكل كرمان قضية مهجري الجعاشن الى قضية رٲي عام وحولت ساحة رئاسة الوزراء الى ساحة حرية تجمع كل الناشطين والمهتمين بقضايا حقوق الانسان.

لقد آمنت توكل كرمان بالقضايا التي تبنتها بصدق وإخلاص وبشجاعة وصبر منقطع النظير ووصل صوتها عالياً، ومارست نضالها كما يكون عليه الزاهد المناضل المجتهد والصابر حتى يصل الى مبتغاه.

تصدرت توكل كرمان مشهد الثورة ومارست كل مشاهد البطولة والتضحية والشجاعة.

رٲيتها خلف القضبان وقلت لا بأس فهي تعرف كيف تدافع عن نفسها.

ولم تصل سفينة ثورة فبراير الى بر الأمان لاسباب كثيرة يعرفها الجميع.

استلمت توكل الجائزة وانا مقتنع تماما انها ستنتصر على جائزة نوبل لأنني اعتقدت انها أكبر من نوبل وأنها حلم وحالة ثورية تعرف طريقها ولا بٲس أن تمنحها قليلا من الرسمية لتشق طريقها الثوري المرسوم في ذهن المناصرين والمتابعين لها.

فكرة المناضل في رأسي فكرة قديمة  ونمطية وٲعتبر ٲنه مطلوب منه ٲن يتخلى عن ذاته ورغباته وأحلامه في سبيل الجماهير ويجب أن تبقى صورته كما هي الى أن يصبح مصدرا من مصادر الحلم والحكمة والالهام.

ربما انني مخطئ.

في داخلي تمنيت ان تبقى توكل كرمان كما هي في مخيلتي  المناضلة التي لا تلتفت الى ضجيج العالم من حولها.

ٲتابع الآن جولاتها حول العالم  وخطاباتها من بعيد ولا ٲهتم لما تقوله , لقناعتي بأنها ذهبت بعيداً وجرت وهرولت وراء دهشة الامم المتحدة وسفرياتها وعالمها الملئ بالاستغلال وتحويل قضايا الفقر والجوع الى ٲدوات سياسية وتحويل الشعوب الى طابور من الشحاتين  والفقراء والجوعى.

لقد وُضِعَت داخل صندوق زجاجي تؤدي منه دوراً برتوكوليا شاهداً على مأساتنا التي وصلنا ٳليها.

ٲصعب شئ في الحياة عندما يتخلى ٲي منا عن ذاته البسيطة ليتحول الى ممثل يتعاطى مع فقر الناس وموتهم وجوعهم على انه قضية تستدعي النقاش.

لقد خطفت جائزة نوبل منا مناضلة صلبة وشجاعة كانت تجري والميكروفون معلق على كتفها من شارع الى آخر من أجل رفع الظلم عن صحفي ٲو مضطهد ٲو مهجَّر , ٲو قضية فساد ٲو تعرية مسؤول فاسد ومغرور.

لا ٲدري لماذا تغيب النماذج من حياتنا كيمنيين وتسقط في فلك الرغبات والمجد الشخصي والمال على حساب ٲحلام وتطلعات شعب فقير وجيعان.

لطالما اقتنعت أن منظمة الامم المتحدة ٲداة من ٲدوات الرٲسمالية البشعة والقذرة , والعمل معها لا يجلب الفخر ابداً مهما كانت المبررات.

ربما أكون مخطئا في هذا الزمن الغريب ولكنها قناعاتي انا.

كما ٲنني اليوم مقتنعاً  ان الجائزة - نوبل - خطفت مِنَّا توكل كرمان.

الأحد, 10 شباط/فبراير 2019 18:24

حلم 11 فبراير

 

ٲنا مواطن يمني بسيط ٲُحب الحياة وٲُحب وطني حدَّ الجنون.

ٲعيش في مدينة صنعاء وٲعمل بها  وٲحمل جواز سفري في جيبي حتى لا تسقط في يومٍ ما جنسيتي  اليمنية المؤمن بها حد اليقين.

ٲُحب ٲنا اليمن الجميل والمتنوع والمتعدد على اختلاف تضاريسه الجميلة.

أقدس اشياء ٲسمائها:

عدالة ونظام وقانون ودستور ودولة ونهوض وبناء وعمل وفن ومستقبل لجميع ٲبناء بلدي.

لا تربطني ٲي مصلحة تخص وطني ولا ٲملك به حتى منزلا!!

لكنني ٲُحبه!!!!  نعم ٲُحبه لله في الله!!

نعم ٲنا من تعز وٲُحب وطني الكبير المسمى اليمن على تعدد ثقافاته واختلافها وٲؤمن أن التعدد والتنوع هي مصدر قوة وليست مصدر ضعف.

هكذا هي حياتي وهذه هي ٲحلامي. وتأسرني قيم العمل وروحها مهما صعبت وتعقدت.

ولا أتمنى ٲبداً لٲي مخلوق في وطني ٲن يبقى بدون عمل لإعتقادي  بأن قيم العمل تخلق وعياً وتنقل المجتمع الى مرحلة ٲكثر مدنية وتجعل من الحياة ٲكثر قيمة وعدالة.

خرجت وٲيدت ووقفت مع كل ثوار فبراير العظيم,

وعشت مع حلم الثوار أجمل أيامي الثورية.

سعدت كثيراً لتمارين فؤاد دحابة في شارع الجامعة والستين.

تذكرت جمعة يوم الزحف ٲنا ورفيقي مجيب قائد يوم أن قررنا الصلاة قريبا من بيت عبد ربه منصور لغرض الهروب السريع في حالة  ٲرتبشت الدنيا وعمَّت الفوضى، وبعد الانتهاء من الصلاة، قال فؤاد دحابة للمصلين:  (للخلف در) استعداداً للزحف الى القصر، ٳلتفَتَ مجيب صديقي وقال مبتسما جملته الشهيرة (نشرنا) ٲي ٲننا ٲصبحنا في مقدمة مواكب الزحف وحتما سنموت بعد أن كنا نحاول الهرب بسرعة وتحاشي الفوضى.

ندرك جميعا ماعانيناه من فساد وفوضى تعززت قيمها في عهد نظام صالح وليس هناك من فرصة أفضل من تلك اللحظة ليعبر البسطاء عن حلمهم الثوري في اقتلاع الفساد والفوضى وبناء وطن جديد يتسع لأحلام جميع أبناء اليمن.

يا ٳلهي لقد قلبت ثورة 11 فبراير اليمن رٲسا على عقب.

كنا جميعا ننظر الى على صالح، وٲحمد علي صالح ويحيى صالح وعمار وطارق صالح وعلي محسن وحميد ومهدي مقولة , وغيرهم ٲنهم قدرنا الذي لا يمكن الفكاك منه مهما حلمنا ومهما شطحنا وٲنهم من مسلمات الكون ومرسلين من عند الله ٳلينا . ولا ٲحد سيقدر على اقتلاعم ٲبداً.

غير أن منطق التاريخ والمستقبل ومنطق الحق ومنطق شباب فبراير قال كلمته الاخيرة.

لقد عقروها في لحظة فارقة من لحظات الزمن!!

كيف تهاوى نظام صالح وكل الٲفاقين من حوله؟ 

ربما هو قانون الحق والعدالة ؟

قال رجل حكيم في مقهى على رصيف شارع ما ونحن نشرب الشاى العدني:

لقد خَلقَ نظام علي صالح مائتيي  فاسد ٲو يزيدون وهم من يتحكمون الآن في مستقبل ثلاثين مليون مواطن يمني!!!

لقد ٲصبح هؤلاء الفاسدين هوامير مال ومراكز قوى هربوا وتوزعوا على بلدان العالم ويديرون ٲموالهم وفسادهم من أجمل وأرقى وانظف عواصم العالم بعد ان سرقوا عرق وتعب كل ابناء اليمن.

هم الآن ينهشون لحوم اليمنيين ويستمتعون بأمواله.

يعرفهم الشعب اليمني تماما ويحفظ اسمائهم عن ظهر قلب.

قال كثيراً من الناس وفي مرات كثيرة وفي ٲماكن كثيرة نذهب ٳليها:

(سلام الله على عفاش)

وقلتُ ٲنا سلام الله على ثوار فبراير الفقراء وحلمهم الذي لم يرَ النور بسبب الهوامير ومراكز القوى التي حصلت على المال والنفوذ في عهد صالح لتتحكم باليمن حتى اللحظة.

ٲعرف ٲنا إنَّ ارتدادات ثورة 11 فبراير كانت قاسية ومؤلمة وذهبت باليمن الجميل والمتعدد والمتنوع بعيداً عن ٲحلامنا وٲحلام الفقراء، غير ٲننا سنظل نحلم ونحلم بوطن يمني كبير.

 وسيٲتي الموعد حتماً ، بل سيأتي في يوم ما. ولا تظلموا ثوار فبراير لٳنهم مازالوا يحلمون.

الرحمة للشهداء واللعنة على مصاصي دماء هذا الشعب الفقير ومراكز قواه الفاسدة.

والتحية كل التحية لثورة فبراير وثوارها الٲحرار

والمجد والخلود لشهداءها الٲطهار.

الإثنين, 04 شباط/فبراير 2019 17:39

الرفيق علي اسماعيل الكودحي

 

سنويا ترفد منطقة الٲعبوس اليمن  بالآف الكوادر من الشباب والشابات.

أحب أنا هذه المنطقة وأعتبرها تعبير عن اليمن الذي نريده ونحلم به.

الفن الجميل وصوت ايوب طارش وعبد الباسط يأتينا من هناك من بين تلك الجبال في منطقة الٲعبوس.

 الفن والٲدب والسياسة أيضا يأتون من هناك، وترفد الٲعبوس منظمات الحزب الاشتراكي اليمني بأجمل وخيرة شبابها من الذكور والٳناث.

من بني علي - نجد الغليبه - أعبوس خرج علي ٳسماعيل سيف الكودحي يبحث عن دولة ونظام من ٲجل الناس البسطاء.

تعرفتُ عليه بعد حرب 94 م في مدينة اللاذقية وعشت معه ٲجمل ٲيام العمر هناك.

كان شعله من النشاط الطلابي هناك، وأسس مع الكثير من زملائه اتحاد طلاب اليمن في مدينة اللاذقية.

لقد دمرت حرب 94 ٲحلام الرفاق الجميلة بل دمرت اليمن كله.

أنا بالنسبة لي هدتني كثيراً تلك الهزيمة وجعلتني أصحو من الحلم الذي رسمته في مخيلتي لليمن الجديد.

لا شيء أصعب من مرارة الهزيمة والفشل.

عدنا معا نلملم ٲشلائنا وخيباتنا في كل شيء إلا من أمل يعيش بداخلنا ويحاول أن يعود من جديد.

ٲعتقد أنا أن الهزيمة في الحياة تخلق منطقاً ما،  وللعودة الى سياقها يحتاج الى الكثير من العزم والقوة والصلابة والٳرادة.

ترك علي ٳسماعيل الكودحي زوجته المهندسة الزراعية السورية ٳبتسام وابنه مجد علي ٳسماعيل وابنته في مدينة اللاذقية ولم يستطع العودة ٳليهم.

ذات يوم قال للرفيق عارف ٲحمد قائد لماذا لا يأتي الرفيق جلال الى مقر الحزب.

وقلتُ ٲنا انني أحتاج الى الكثير من الوقت لترميم روحي ولملمة اشلائي المبعثرة.

ٲُحب ٲنا هذا الحزب وٲُحب ٲحلام كوادره.

في يومٍ من ٲيام الله قال ٲحدهم:

ليس هناك حزباً حقيقياً يمتلك كوادر الاَّ الحزب الاشتراكي. آمنت ٲنا واقتنعت بالفكرة. وٲعرف أن الحزب اذا ٲفاق ستتغير ٲشياء كثيرة في حياة اليمن واليمنيين.

مات رفيقي علي ٳسماعيل سيف الكودحي وحيداً وفقيراً في القاهرة إلا من حلم ما يزال يعيش بداخلنا، ربما سيأتي في يومٍ ما.

متى؟

 لا ٲدري ربما سننتظر زمنا طويلاً.

تفرغ الرفيق علي الكودحي للعمل الحزبي في منظمة الحزب - الدائرة 16 - منظمة الرفيق سلطان احمد عمر (فارس).

كان يحاول ٲن ينسي كل شيء مرَّ في حياته من خلال انشغاله بالعمل والنشاط الحزبي وبقى محافظا على نقاءه الثوري.

لكل منا جانب خفي في الحياة أو لنقل نقطة ضعف تعيش بداخله،  ولا يحب الخوض فيها إلا للمقربين منه.

ذات صباح جميل وفي مقهى الرفيق عبد الكريم في جولة كنتاكي  حدثني بمرارة عن زوجته وٲبنه مجد والحنين اليهما.

تألمت كثيراً عليه وشعرت بحجم المرارة والحزن الذي يعيشه بشكل يومي.

مات رفيقي وحيداً ودون ٲن يرى زوجته وٲبنه مجد وأبنته التي لا أتذكر اسمها.

رٲيته ذات يوم في انتخاب عبد ربه منصور رئيساً للبلاد , كان متفائلاً ويحاول ٲن يقول لي:

لقد نجحنا وسوف نمضي لأكمال حلمنا.

مات صديقي ورفيقي علي ٳسماعيل الكودحي لكن الحلم لم يمت وما يزال حاضراً بيننا.

لروحك السلام يا رفيقي علي ٳسماعيل الكودحي….

الأحد, 03 شباط/فبراير 2019 19:47

ٲمسك بقلمك ياحسن

 

في هذه اللحظة الفارقة من الحياة  ٲنا ٲريد أن ٲكتب عن صاحبي حسن عبد الوارث

أتابع ٲنا ومنذ زمن قديم كل ما يكتبه ابتداءً من صوت العمال وحتى آخر منشور في الفيس بوك.

يمنحني قلمه الهدوء والطمأنينة

وكلما قرات له اشعر بقوة السلطة الرابعة وهيبتها واهميتها..

لم يعد لدى صاحبة الجلالة في بلدٍ كبير اسمه اليمن غير صفحة الكترونية وقليل من القراء يمنحوك ٲملاً أن وطناً اسمه اليمن مازال يتنفس بصعوبة بالغة , ويحاول حسن عبد الوارث أن يحصل على قليل من الهواء ليتنفس بصعوبة مع وطنه الحزين.

لقلم حسن عبد الوارث حكايات وحكايات وقصص وقصائد تمدنا بالحياة وتمنحنا القدرة على البقاءوالتنفس لمقاومة هذا التحلل والتحول الذي يدق عمق أعماقنا , ويهدد وجودنا وثقافتنا كيمنيين.

يتحرك حسن عبد الوارث وفق قوانين الحياة البسيطة ويعيش تفاصيلها برؤية الحكيم وبعنفوان الشموخ ودون تكلف ،  ويتصالح مع الحياة والموت كل صباح.

عصر داخل رٲسه الكثير والكثير من الكتب في مختلف صنوف المعرفة . فمكتبته تحوي اكثر من ستة آلاف عنوان.

لا احد في الحياة يرثي نفسه إلاَّ حسن , ليس لشئ الاَّ لانه يحلق بروحه في السماء ويعرف ماذا تعني فكرة الحياة وماذا تعني فكرة الموت.

لقلم حسن عبد الوارث من الرشاقة وقوة الفكرة ووضوحها ما يمنحك الراحة والسعادة ومساحة خضراء من الأمل وهيبة السلطة الرابعة عندما تمارس حقها في إيصال افكارها للناس.

ٲفهم أنا ويفهم القراء ماذا يريد قلم حسن عبد الوارث عندما يتحدث.

ويدرك كل متابع حصيف انه لا يبحث الا عن حلمه في خلق سلطة رابعة مسؤولة تمارس دورها دون ٲن يتدخل بها احد .

ذات صباح قال صاحبي حسن انه مازال ممسكا بالقلم.

ترن عبارته داخل رأسي وتبعث في داخلي كثير من الأمل والارتياح.

القلم هو السلاح الفعال الذي يستخدمه حسن ليتخلص من كل عبث العالم ويمنح قلوب محبيه مزيداً من صفاء اللحظة  وعشقها الأبدي

يستحق صاحبي حسن عبد الوارث اهتمام دولته التي يعيش مسؤوليها في القاهرة.

انا عن نفسي لا ٲرى مانعاً ٲن يسكنوا حتى في طوكيو

فقط كل ما يعنيني ٲن يهتموا بقلب صاحبي حسن وقلمه.

لا أظنها مسألة تحتاج الى الكثير من التخطيط والتفكير لجعل قلب حسن عبدالوارث يضخ الدم الى قلمه الذي يبعث فينا روح الكلمة ومسؤوليتها.

ويجب أن يحرص الجميع على أن يبقى حسن عبدالوارث ممسكا بالقلم ليمنحكم فرصة مراجعة اخطائكم . وما احوجكم لقلمٍ صادقٍ كقلمه.

الجمعة, 25 كانون2/يناير 2019 20:19

رجال في الذاكرة...

 

الاهداء الى بطل حصار السبعين يوماً - عبدالرقيب عبدالوهاب في ذكرى اشتشهاده الخمسين.

ٲعرف أنا إن الطريق إلى الحرية  يدفع ثمنه رجال من نوع آخر يختارهم الله بعناية فائقة ويزرع فيهم شيء من روحه التي تعني وتهتم وتعلي من شأن المبادئ والقيم الٳنسانية التي بداخلنا ليجعلهم الله مشعل للبشرية نهتدي بهم في الٲوقات الحالكة السواد ، مثل التي نعيشها الآن على وجه التحديد.

أعتقد أنا أن النزاهة ونظافة اليد هي شرط من شروط المسؤولية والعدالة وتكريس للقيم والمفاهيم الانسانية التي تمنحنا روح التضحية والفداء.

كان محمد بن عبدالله رسول الٳنسانية فقيراً وعاش ومات فقيراً إلا من مبادئه وقيمه التي فاحت في كل أرجاء الكون  وبقيت هذه القيم معلماً ونبراساً نهتدي بها كل ما ٲشتد الظلام في ٲمتنا وخيم الظلم في أوطاننا.

ليس من السهل أن يقاتل ٲي فرد منا من أجل فكرة نقية تسيطر عليه وتجعل منه بطلاً يتحدى العالم كله في سبيل فكرته التي آمن بها.

كما أعتقد إن المسؤولية تقتضي التفكير في مصلحة الجماعة وعدم الالتفات الى الرغبات والمصالح الفردية الضيقة.

كما ٲنني ٲُؤمن جازما إن الأبطال والرجال لا يسرقون المال العام ولا يفكرون بنهب الٲراضي وزيادة ٲرصدتهم الشخصية في البنوك على حساب شعوبهم الفقيرة والمتعَبة.

في لحظة من لحظات هذا الزمن الصعب مرَّت الذكرى الخمسين لإستشهاد بطل حصار السبعين عبد الرقيب عبد الوهاب بهدوء وفي لحظات فارقة من حياة الجمهورية التي بدأنا نفقد معالمها وبدأنا نحس ٲهميتها وقيمتها وروحها التي استنشقنا معها رائحة وطعم الحرية ورائحة الدولة وقيمها التي ترسخ قيم العدالة والنظام والتعايش.

وبرغم كل الهزات والنكبات والأنكسارات والارتدادات التي تعرضت لها الثورة والجمهورية الا أنها تظل عنواناً تحرس أحلامنا وأحلام المستقبل الذي نتمناه.

نشعر الآن بأهمية وقيمة الثورة والجمهورية في لحظةٍ ما من هذه اللحظات الفارقة في الحياة.

وفي لحظة مكثفة من لحظات هذا الزمن الصعب سٲلتُ نفسي: 

ماذا ترك عبد الرقيب عبد الوهاب بعد استشهاده ؟ غير فكرة وقيمة ورائحة عطرة في سيرة وقيم اليمن الكبير الذي نحلم به ليل نهار.

استشهد عبد الرقيب عبد الوهاب وهو لا يملك متراً واحداً من أرض هذا الوطن الفسيح سوى قبره فقط .

ٲعتقد أن الفكرة ٲكبر من مسالة ٲرض وشارع في مدينة دافع عنها الرجل من أجل قيمة الدولة وقيم العدالة والسلام والحرية.

تواردت ٲسئلة كثيرة بعدها:

- ماذا ترك رجل مثل محمد مهيوب الوحش؟ غير فكرة نقية وعنوان لمشروع يستحق التضحية هو الوطن.

تبدو فكرة الحرية فكرة غائرة في ٲعماق التاريخ ولا تخرج عناوينها الا على ظهور رجال نسوا انفسهم تماما من ٲجل ٲوطانهم التي وهبوها دمائهم الزكية دون انتظار ٲي فائدة سوى شجرة الحرية التي تزهر وتنمو في داخلهم لتمنحنا مزيداً من الفخر والأمل والتفاؤل.

تذكرت علي مثنى جبران

تذكرت  محمد صالح فرحان

تذكرت ٲحمد عبد ربه العواضي

تذكرت عبد الفتاح اسماعيل

تذكرت عيسى محمد سيف

تذكرت ابراهيم الحمدي

وقلت لنفسي:

 هولاء غيض من فيض حلم اليمن الكبير وحلم اليمنيين جلهم

لقد تركوا اليمن دون حسابات تذكر ودون أراضي وعقارات وبعضهم دون قبور.

ٲظن أن المسألة ٲكبر بكثير وٲعقد بكثير من مسألة ٲشخاص ودماء وتاريخ وموت.

ٲظنها شجرة الحرية التي تبقى خضراء وتزهر وتكبر في ٲعماق ٲعماقنا بفضل دماء وٲرواح هولاء الرجال الشجعان.

الثلاثاء, 15 كانون2/يناير 2019 20:15

(مقبل) والغرفة رقم (8)

 

يرقد الرفيق علي صالح عباد (مقبل ) في مستشفى الثورة بصنعاء في غرفة رقم (8) وترقد بجواره بلدة كبيرة اسمها اليمن مريضة ومعلولة وممزقة الأوصال وينهش لحمها الجميع ويتصارع عليها كل رعاع التاريخ  .

ذات صباح بعد حرب 94 قال الرفيق  علي صالح عباد (مقبل ) لجميع اليمنيين وكان (صالح) الرئيس حاضرا حينها:

أن بلدا كبيرا اسمه اليمن يسير الان الى الهاوية وسترسم هذه الحرب عنوانا بارزا للتمزق والتشظي وسيبقى الحزن والألم في كل بيت ، وقال للرئيس صالح بشكل مباشر وواضح وصريح  :

انت مسؤول عن كل الخراب الذي حل بهذا البلد وستكون مسؤولا عن ما يترتب علي هذا الحرب التي اخترت انت طريقها .

لم يصدقه احد!!!

لا يعرف صالح شئ عن قوانين التاريخ ولم يعرف حينها أن الارض تدور ولا يقرأ ابعد من حلم الحكم والسيطرة والنفوذ.

كان صالح الرئيس حينها مزهوا بالنصر حد النشوة ، وكان جميع الأفاقين يصفقون له بلا هوادة بينما بقى البعض مصدوما من هول ما جرى ،  وكيف جرى ؟ ولماذا حدث كل هذا؟    .

لازلت اتذكر احد العسس المنافقين وهو يقاطع كلمة (مقبل)  ..

يقال ان طائر الطاؤوس يثقله ريشه ولا يستطيع ان يمارس حياته الطبيعية حينما يزهو بريشه  !!!

ويقال في الحكايات أن الديناصور أنقرض لان جسمه كان ينمو في وقت لم يستطع عقله ان يواكب نمو الجسم الكبير .

اظنها قصه صالح واليمن.

لقد اصبح اليمن كبيرا عليه بعد حرب 94 واعتقد انه حسبها حسبه ارضية سيبيع ويشتري بها وفق قوانين المكسب فقط ومن اجل المال

لم يفهم صالح الرئيس كلام رفيقنا (مقبل) سوى انه حقدا اعمى وليس اكثر من كلام بقايا حاقدة تريد أن تنال من نصره المؤزر على بقايا الردة والانفصال كما أسماها هو.

بقى الرفيق ( مقبل )  يلملم شتات الحزب وجراحه مع رفيقه جار الله عمر في لحظة صعبة من لحظات التاريخ.

اظنها مهمة صعبة للغاية وانت تحاول اعادة لملمة جراح حزب مهزوم كان يبحث عن دولة ما وشكل سلمي لكل خياراته التي اعتقد انه قد اوصلها الى مرافئ الامان لكن شيطان وقبيلة ومنتفعين وعابثين وأفاقين سيطروا على كل شئ وعبثوا بوطن كان يمكن أن يرسم لوحة جميلة في لوحات البؤس العربي المنتشر من أقصاه الى اقصاه.

 خبر علي صالح عباد( مقبل ) حياة النضال وتشربها صغيرا سجن وتعذب وخاض صراعات الرفاق بكل تقلباتها ودائما ما كان يسجل موقفا ناصع البياض ليس لشئ سوى لأن الرجل يحترم وطنيته وقناعاته التي عاش معها ومازال يحملها حتى اللحظة، بقى الرجل رمزا نظيفا ونقيا من رموز الحركة الوطنية واستطاع أن يحافظ على ما تبقى من روح داخل الحزب الاشتراكي اليمني ليبقي متماسكا.

كان يمكن له أن يغرق في مال صالح وفسادة المدنس بأموال شعب فقير وبائس دمر من خلاله  الكثير من الهامات الوطنية ودمر معه قيم وطن اسمه اليمن لكن (مقبل) أختار وطنه وانسانيته وقناعاته التي ناضل من اجلها طويلا...

قال صاحبي :

يدير الان اليمن الكبير رجل مثل عبد ربه منصور ببرود لم يسبق له مثيل في تاريخ اليمن وينام حتى العصر غير مكترث باي شئ من حوله ومن غرفه صغيرة في دولة اخرى 

وقلت له أنا إن علي عبدالله صالح لم يكن ينام الا قليلا حسب ما يحكى عنه !!!

ورد صاحبي:

بالفعل لم يكن علي عبدالله صالح ينام لأنه لم يصدق انه سيحكم اليمن ثلاثة وثلاثون عاما ولا حتى يوما واحدا لهذا ظل بلا نوم غير مصدق التاريخ والجغرافيا والمنطق والعقل وكل حسابات الزمن.   

ولهذا اطلق يد العبث فيه حتى  وصلنا الى هذه اللحظة المؤلمة من تاريخنا.

ليس شيئا سهلا  أن تصمد امام مغريات المال والثروة والسلطة والتي عرضها صالح وركض الجميع ورائها وتركوا وطنا ينزف ومثخنا بجراح الحروب.

كان (مقبل) كبيرا وممتلئا بحجم احلامه الوطنية، وبقى ممتلئا بقيمه الوطنية حتى اللحظة. يرقد الأن في الغرفة رقم (8) وبجانبه وطنه المسلوب والمريض والمنهك.

لا أحد منهما الأن يستطيع ان يفعل شيئا للآخر.

 أظنها مأساة كبيرة!!

اليس كذلك؟

وصل (مقبل)  مع صديقه جار الله عمر  وفي لحظات فاصلة من تاريخ اليمن الى فكرة اللقاء المشترك التي خلقت حياة جديدة للحزب وللوطن والتي انعشت التجربة الوطنية لتمنح الناس الأمل.

طارد صالح وعسسه كل شيء جميل في حياة الحزب ورجاله وأصر ان يكمل مهمته غير الوطنية من اجل العبث وليس شيئا اخر

حرم الناس من أبسط حقوقهم واخرجهم من وظائفهم وقطع مرتباتهم وشردهم في كل مكان.

من أجل ماذا؟

لا أدرى كيف كان يفكر هو وعسسه ومخبريه!!!!

كان صالح الرئيس يفكر في عائلته وحاشيته واهله وأقاربه ومنتفعيه

وكان مقبل يفكر في وطن جميل يسوده العدل والمساواة من أجل التاريخ ومن اجل الإنسان ولملمة جراح الحرب.

امتلك صالح الرئيس كل ادوات القتل والحرب والسجون والمال واستخدم كل اسلحته في سبيل الحكم والعبث.

ولم يمتلك (مقبل) غير سلاح الوطنية وكثير من افكار وقيم يؤمن بها حد الأمتلاء.

انه صراعا غير متكافئ لكن

 (مقبل) يعرف نتائجه تماما لأنه يقرأ التاريخ جيدا ولا يقرأ صالح شيئا سوى انه يريد أن يحكم ويعبث بمقدرات شعب فقير يعيش صالح عباد (مقبل ) حالة تصالح انسانية مع الجميع ويمرض لان وطنه مريض 

ويعيش صالح الرئيس في الثلاجة تلاحقه لعنات شعب جعله عرضه للعابثين ودمر كل قيمه الجميلة.

يبقى الحزب ومقبل وكل رجالاته المخلصين أيقونة اليمن وعندما يمرض الحزب ومقبل يمرض معه اليمن بكامله

اقول أن الحزب ما يزال الحلم يغلي بداخله وعمل (مقبل) على الحفاظ عليه في لحظات اشتداد العواصف وبقى الان على الحزب أن ينهض من جديد كطائر الفينيق من تحت الرماد.

سلم الله رفيقنا علي صالح عباد (مقبل) وشفاه وجعله واحة للسلام والطمأنينة وضوء ينير طريق العابرين.