الأرض المحروقة "قصة قصيرة"

الأربعاء, 29 كانون2/يناير 2020 19:29 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إنك تعيق تحركنا ومحاولتنا للتسلل والعبور من المنطقة من دون أن يلاحظنا الأعداء... هكذا قال أحدهم وكان يبدو كزعيمهم من خلال أوامره لهم وتوزيعه للأدوار والمهام بينهم.

التفت إليه ذلك الفتى الهزيل، والذي يبدو عليه آثار الجوع والتعب، وقال له: لكني لا أحب ألعابكم هذه، فلا أحد يستيقظ مرة أخرى ويحاول الفوز بالمعركة مرات عديدة..

نظروا إليه شزراً وعلق أحدهم هل تظنها ألعاب فيديو...!! هذه معركة حقيقية من يمت لا يعود.. وهذه أرض قتال وليست المزرعة السعيدة.. واستطرد غاضباً أفق يا هذا، هل نسيت سبب وجودك هنا وكيف وافقت على المجيء بعد أن تعهدوا لك أنهم سيعطون لأمك الأرملة وأخواتك البنات راتباً شهرياً يمنعهن من ذل الفاقة..

نكس رأسه ذلك الصغير وهو يحلم بالعودة لحضن أمه الدافئ وتنهد كبيرهم وهو يصك على أسنانه غيظاً وبرداً، وهو يشتم قادته الذين لم يجدوا سوى هؤلاء الأطفال ليرسلوهم إلى هذه المحرقة.

مضى أكثر الليل وهم يراقبون الوضع علهم يجدوا ثغرة ينفذون منها بعد أن لجأوا لأحد الكهوف بعد أن حصدت غارة أرواح زملائهم ووجدوا أنفسهم بين الدخان والنيران والأشلاء.. كانوا ثمانية يتراوح أعمارهم بين العاشرة والسادسة عشرة ساقتهم الأقدار ليكونوا حطب هذه الحرب.. تركوا بيوتهم ومدارسهم راكضين وراء وعود دنيوية وأخروية.. فوجدوا أنفسهم في أرض محروقة لا نبات فيها ولا زهر وكيف ستنبت فيها الورود وكيف ستلاحق الضوء لتزهر.!! وقبل الفجر يحاولون التسلل ويحاول هو أن يخفي دموعه على رفاقه كي لا يتهموه بالجبن.. يتطاير الرصاص من حولهم.. وضع يديه فوق رأسه كأنهما ستنجيانه من رصاصة غادرة أو شظية تبحث لها عن مأوى، أغمض عينيه.. أعادوه لأمه في صندوق.

قراءة 4386 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة