بطاقة عيدية (2)

السبت, 01 آب/أغسطس 2020 20:01 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

 

المجد لروح الباعث الأول عاشق النجمة، حبيب البحر ،صديق القلعة ،رفيق السنبلة،،

عدن وجه عيد، اخر الغيمات، والألحان، وخاتمة النشيد.. هكذا غنى الزمن ودندن..

اما نكون هنا، واما ارواحنا تفيض.!

سنعود هكذا تقول صديقتي .. كُن بانتظاري لنرفل عند المعبد، همست لي سنرقص يا أنت ،لا تتعجل الرحيل.

قالت: لن يموت من يمارس القضية مثلك لا يموت..

كانت ترتق شقوق الروح، ترمم عطش السنين، تضاحكت لديها بغزارة، عندما راحت تسرح ضفائرها بصدري كانت تشنقها، تسدل خلفي ستارة.. كدت اشعل سيجارة، عندما تعرت عرض البحر كدت معها اغرق، كدت أذهب فلا يعود  لست اجيد البحر عشت اسبح على اليابسة ببحر السموم في صنعاء انفقت جُل عمري، البعض وزعته على البحاره، الكثير اهديته للصديقات ، القليل لأمي وابي ،واخوتي القليل لأولادي، حصدت جوائز مثيرة اولها انتِ كُنتِ نِتاج اعمالي الكثيرة، اشتغالي من اول الشوط باستثمار المهارة، اجيد كثير من المهن آخر مهنة كنت اعمل بها الانتقال من حارة إلى حافة.. اول المهن اشتغلت في اخراج القمامة من البيت إلى براميل تشبه اتحاد الادباء كما حكى البردوني.

"إلى اين تمضين يا براميل القمامة.؟

قالت: إلى دور الثقافة."

 انتجت فائض قومي ضاعف من خساراتي وذهبت لتكديس العملات المعدنية بكوب شاي ملبن بعد افرغته ليصبح خزنة سرية، كاد ينهار ذات وجه عيد اذ رفعت سينماء" حدة وخالدة" اسعار التذاكر قبلها كنت قد اشتريت كوبون مكون من خمسون بطاقة.. سراً حملته لإجازات عديدة عدت اسينم جهاراً بعد صفعني شقيقي الناصري جداً حين التقينا ذات ليل ونحن نلهث خلف باص لنعود إلى البيت الواقع "باب القاع" حيث اختفى معظم رفاقنا المخفيون قسرياً..!!!

كنت يومها ادرس في التاسع اساس، وقد كان عليّ أن اعيد العام بمادة واحدة كانت الرياضيات تفت عقلي ،واحقد عليها عدت العام ،وقبل الانتقال للثانوية كنت قد مزقت رقم الجلوس احتجاجاً على صفعة شقيقي الناصري جداً..مزقت رقم قديم ،واحتفظت بالجديد لكني اجيد الخداع ..كان الشقيق الاكبر لي يجيد تسديد الصفعات لكنه لم يفعل ذلك المساء فقد تعهدني عضو التنظيم الناصري.. كنت اشتراكياً قد انتسبت قبل العام 85 لخلية تجلس مقهى بباب القاع مهمتها تقريش طبق بيض من الخامسة عصراً، وحتى السابعة مساءً

 كانوا سبعة ،وثامنهم هذا العابر برصيف المدينة المفخخة.. كانت قلاصات الشاي جوار الكراسي الحديدية تتناثر ،بينما بيدي ثلاجة "دَبَة" تشبه ثلاجة "حسان" لشحنها بشاي ملبن لعمال المعمل الذي اتدرب فيه بمهنة "الخياطة" مع الرفيق اخي، والمهد الأول، كنت ارمق ذلك الانيق الذي يقهقهه كثيراً ثم يعود ليطبطب بقدمه اليسار بالتوافق مع انتظام رمش عينيه كما لو يؤدي فروض ،وربما عروض مثيرة استقطبتني ليعود الى المعمل بعد مضى وقت كثير ، احدهم كان يرتدي بدلة سفاري ذو لون ازرق سماوي ،واحداً منهم يرتدي جاكت بني من الجلد القادم من موسكو ، اصغرهم يرتدي قميص ابيض، وبنطال اسود تبدو عليه أثار الكاوية، وقد تركت خط مسطر منتصف الركبة، القميص بزرارت سوداء بينما من يجلس جواره يتحلق حولهم، ويطيل الانصات يكاد لايبتسم حين يضحكون ، يلبس بانتظام كوت له فتحتين من الخلف بثلاثة زرارات، ومثلث احمر وسط جيب يسار الكوت وربطة عنق مشروغة اللون كما لو تعشقت بلون الفراشة،  كنت اطالع احذيتهم فخمة تبدو انها من "حديث المدينة" وربما عادوا بهن من بلدان المهجر بعض الرفاق حين حصلت على حذاء بعد سنوات، وقد اصبحت عضواً بمنظمة *اشيد" اتحاد الشباب اليمني..

 عدت، ودبة الشاي وقد تأخرت كثير تلك الليلة رفضت بشديد العبارة غسل القلاصات.. رميت الدبة منتصف المعمل، ومضيت باتجاه البيت..

قبل السابعة من المساء كانت صحيفة السياسة الكويتة توزع في الجولات، ومعها الشرق الأوسط ومجلة المجلة، والحياة اللندنية، وعدداً كبير من المجلات الاقليمية، والعربية، والدولية كانت مؤخرة السياسة الكويتة تعرض "كاري كاتير" وعليه قبر كتب بخط انفعالي "عبدالفتاح اسماعيل في ذمة من.؟"

تناولتها ومضيت اقلب اقرأ تاريخ اليوم كان 18/يناير/1986

كنت طالب في المتوسط اجيد متابعة الموجات واضبط الذبذبات على إذاعة عدن وهي تبث الاغاني ولاغير..

 يعود الرفيق ويسأل ليش روحت وما تكلمت.؟

 دونما يشعر كانت الإجابة أن تحركت من مكاني لقلب الجريدة على الكاريكاتير ليلتقطها ويذهب اقصى الغرفة يطالعها ويعود ليصالحني بكلمات مبثوثة لازالت تتحشرج بصدري حتى اللحظة..

 عاد صبيحة اليوم الثاني يعزز جبهتي بكثير مصروف يكتب متطلبات البيت ويؤكد خذ سمك ديرك طري افتح الخيشوم قبل تقطع منه..كم معك حصص بكرة الخميس .؟

 الكارثة معه نسخة من جدول الضرب.. تخرجت من الثانوية، وانا لم احفظ جدول الضرب.. حقدت على الجدول كثيراً يومها هربت وقت الراحة وكنت اجيد تغيير تواريخ الدروس يومها قدمت له دفتر الجغرافيا حين سألني ايش درستم اليوم.؟

اجبت بسرعة البرق.. جغرافيا

رمقني بنظرة فيها صفعتين.. قال: بالجدول مافيش اليوم جغرافيا وعدد ست حصص وقال: كم لك ما تروحش المدرسة.؟

 كان قرر يحضر معي إلى المدرسة..

الصباح بنصطبح انا وانت وبانشرب بن بالحليب وبحضر معك الطابور اشتي اشوفك كيف تنشد.؟

يا الله كيف انشد..سمعت له النشيد.. قال: ممتاز..

 ايش درست غير الجغرافيا.؟

اين دفتر الحصة واين دفتر الواجب.؟

هذا هذا الواجب حق النصوص.. قال الجدول اليوم.. نحو.. النحو، والرياضيات والتجويد اليوم ما درسناش.. الاستاد غائب.. قال الثلاثة غائبين

صمت.. طيب التعبير انت احمد تسكي وتسكي بس ضروري تكون تسكي للاعرب والضبط بالشكل..

طيب يا الله الصباح ضروري اشوفك تنشد..

 السابعة صباحاً..شارع هائل سعيد انعم وشركاؤه

المكان، والزمان

التاريخ آثم.. منتصف كانون اول شتاء 1986

الصحف جميعهن بالبنط العريض باللون الأحمر..

 دلفنا المدرسة بعد البن بالحليب.. تعاطى سيجارته المصنوعة بضواحي تشيفلد كان رائحتها بفمي تعوي، انشق جواره كمدخن سلبي للتبغ والعوادم التي يفرزها صدره الشاسع،

 التقى الاستاذ عبدالباري وهذا مدرس العلوم ورئيس الكنترول..

 التفت نحوي الاستاذ، واشار لي بالذهاب الى ركن الطارود..

وقفا يتحادثان، ويشيران باتجاهي..

الطابور تلاميذ صغار صفوف اولى، والنشيد خافت..

 النتيجة؛ صف ثالث اعدادي تم نقلهم للدراسة الفترة المسائية تنفيذاً لقرار الوزير ..

من اسبوعين تم التنفيذ..

طخ طيخ..صفع..ركل..

 هات الجريدة.. اقرأ باسم الفدائي المقاتل.. اقرأ باسم الفدائي المقاتل.. اقرأ باسم الفدائي المقاتل

لا لن ننام ..

اليوم يومك..

 الرعشة الأولى .. الاستاذ عبدالباري وهذا السامق من اوائل المتخرجين من جامعة صنعاء كلية التربية قسم الفيزياء كان كبير المعلمين بمدرسة بغداد الواقعة اول ش هائل عمودي على ش الزبيري ..

  كان يستجوبني بمفرده

اسبوعين تغيب..

 صمت يلفني..رموشي فقط ترد باستفهامات عديدة..

 ليش يا احمد ما تدرسش .؟

 هم حولوا حقنا الدراسة بعد الغداء وانا اشتي ادرس الصبح..

ليش.؟

 بعد الظهر اشتغل.؟

فين تشتغل؟

 بالمعمل..

اين تروح لمن ما تروحش المدرسة.؟

 سينماء خالدة..

طخ طيخ طخ طيخ..

حمام الملاطيلي والا سعاد حسني؟

 لا..

ابي فوق الشجرة ،،،

قراءة 6428 مرات
المزيد في هذه الفئة : « بطاقة عيدية دعوة الأوطان »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة