عن جريمة قتل المهمشين

الجمعة, 03 حزيران/يونيو 2016 19:21 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

"السكوت عن الجريمة، إفلاس اخلاقي وسقوط إنساني كليهما يصنعا الفساد ويهدما دستور التعايش ويمزقا سكينة ووئام المجتمع ..كما أن الجريمة إذا لم تلقَ رادعا مجتمعيا وقضائيا يحدا منها ،تزداد يوم بعد يوم حتى تبلغ إنتشارها في  نطاق واسع من الوطن، والحد من الجريمة وإيقافها ليس صبعا أو مكلفا كما يعتقد البعض.

فقط تحتاج إلى فضح مرتكبها إذا كان واحدا أو مرتكبيها إذا كانوا جماعة وتسليمهم إلى الجهة المسئولة والنختصة، لينالوا عقوبتهم هناك دون مغالطة أو إنحياز لإي جهة أو طرف ما، طبقا للدستور والقانون.

إن إنعدام الأمن وغياب الدستور وتفشي اللامسئولية وإنتشار الفساد والسكوت المخزي وتشظي المجتمع، جميعها تعد سببا في تفشي الجريمة وخلق المجرمين وإزدياد الفوضى والمشكلة في أوساط الناس، لاسيما أن مثل هذه الأسباب تعد بيئة خصبة لنمو الجريمة والمجرمين وتنامِ الفساد.

لا صوت يعلو فوق صوت القانون ..هكذا يقول منطق التشريع لإي سلطة كانت أو تود أن تكون.

وأخرى :القانون للجميع وليس محتكرا على شخص كحد ذاته أو مجتمعا أو لسياسة ما.

وجود القانون وتطبيقه بالطريقة المشروعة والسليمة هو وجود للعدالة ووجودهما معا يعدا وجود للأمن والإستقرار وطالما تحققت كل هذه البديهيات، فهي تعبر عن وجود وطن حقيقي صارم يسود الجميع ويحترم فيه الجميع.

لو قرأنا واقع اليوم وكل ما يدور فيه من مآسٍ ونزاعات وإشكاليات، قراءة منهجية تستند إلى متابعة ومراقبة الأحداث منذ السابق بعيدا عن التعصب لأي جهة أو لحزب سياسي أو لقبيلة، لكانت محصلة ونتيجة قراءاتنا، كلها تؤول وتشير بأن سببها هو النظام الديكتاتوري والديماغوجي السابق والذي كان حتفه وهلاكه ثورة الشباب السلمية (11فبراير) العظيمة التي أطاحت بفساده وغطرسته وفرعنته والتي لازلنا إلى اليوم نقاوم في خندقها.

هو نفسه النظام التسلطي الجهوي الذي يتمترس وراء جرائم اليوم ويقوم بها؛ جميعنا لاننكرر أن دمار الوطن بكل مكوناته ومؤسساته وكل ما يحدث اليوم كان ولايزال سببه هذا النظام الجهوي وعصاباته المتلفعة بأدوات العصبوية الخطرة (الطائفية والمذهبية والمناطقية والعنصرية) وهو الأمر الذي جعل لنا  من المقاومة أمرا مقدسا وقادنا إلى ميادين التصدي والقتال دفاعا عن الكرامة والشرف والقانون والوطن.

ومن هذا المنطلق ينبغي أن لا  نخوّن أو نقزّم كل هذه الجهود أو نتهم ذويها بالتقصير واللامسـئولية ويلزم علينا أن نحترم دورهم ونضالهم الصلب تجاه هذه التحالف الإنقلابي الإرهابي (تحالف صالح والحـوثي) فكل المناطق التي تسيطر عليها الشرعية على جغرافية الوطن، لاتعد أمنة ومستقرة، لطالما أن بعض من خلايا النظام السابق لازالت متواجدة فيها وهي من تقوم بزراعة هذه المشاكل وحياكة إشكالياتها وصناعة مثل هذه الجرائم والمعضلات وإضطهاد المواطنين فيها تحت قميص الشرعية وبشكل مدروس ومخطط وخفي من وراء الستار.

فالأمر الذي اود أن اقوله هنا هو أنه، ينبغي علينا أن لا نلقي كل لومنا وغضبنا على كاهل الشرعية المسيطرة على هذه المناطق سواء كانت عسكرية أو مدنية أو نحملها الثقيل من الإتهامات والتشكيكات بسلطتها ودورها، لأن هذه التوترات لاتخدمنا أوتخدم الشرعية كما تخدم الأخر وتكبح مشروعنا الوطني الذي يعد وليد فجر ثورة فبراير المجيدة ألا وهو مشروع اليمن الفيدرالي الإتحادي ـ حلم كل اليمنيين ـ فالتخلص من هذه المشاكل والممارسات التي طرأت على مجمل المواطنين والمناطق، وإزالتها وتفاديها، يحتاج إلى وقوفنا ـ نحن المواطنين ـ إلى جانب الشرعية والعمل إلى صفهم في رصد ومراقبة هؤلاء المجرمين والفاسدين والتصدي لهم.

صحيح أن هناك من أفراد المقاومة ممن اعتادوا على ممارسة الفساد واكثروا تسلطهم الهمجي فوق بعض المواطنين ولكنهم بالشكل القليل ونطالب من قيادات هذه الجماعات عسكرية أو مدنية العمل على ضبطهم وإصالحهم بالطريقة التي تراها مناسبة لها وللمجتمع ولهم، أو معاقبتهم وعليها أن تتوخى الحذر منهم وأن تكون عند حسن المسئولية والجدية في إيقاف هذه مثل هذه النعرات الخطرة وتسعى لتوفير الأمن والإستقرار للمواطنين.. كما نطالبها أن لاتتدخل بالنزاعات المدنية التي هي من مهمة إدارة الأمن.

جريمة المهمش التي حدثت في مديرية المعافر ماهي إلا واحدة من تلك الجرائم التي شهدتها بعض المديريات التي تسيطر عليها الشرعية نتيجة التوترات والظرف الراهن والعصيب وإنعدام الأمن بالشكل المطلوب وقلـة الحرص بسبب ضغوطات الحرب.

ولأن هذه الجريمة قاتمة الأسباب وغامضة الأحداث وصعبة التأويل، رغم الجهود التي بذلتُها في التحقيق فيها إلا أنّي لم اتوصل إلى أي جدوى، لكنها تظل بحد ذاتها جريمة مأساوية يندى لها الجبين ويهتز لها عـرش الإنسانية، ونأمل أن تأخذ هذه الجريمة مجراها الرئيسي في التحقيق والإنصاف والردع لمن تسول لهم أنفسهم إنتهاك حقوق الإنسان، كما نأمل أن لا تتكرر مثل هذه المآسي الموجعة والتي تعزز لثقافة الكراهية بين المجتمعات وتمزق نسيجها الإجتماعـي وتقود إلى صراعات وإنتقامات بين الناس.

لمتابعة قناة الاشتراكي نت على التليجرام

اشترك بالضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

 

قراءة 3448 مرات
المزيد في هذه الفئة : « الرماد تحت مسمى القانون »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة