اميمة حسن شكري

اميمة حسن شكري

أميمة حسن شكري
 
   
 مرمدوك بكثال Marmaduke Pickthall، 
"فرسان الجزيرة العربية: قصة اليمن في القرن الخامس الهجري" نشرت في عام 1917م عن دار كولينز. في لندن. 
الروائي  
يحظى مرمدوك بكثال Marmaduke Pickthall  (١۸٧٥-١٩٣٦م) بقدر من الشهرة ترجع في المقام الأول  إلى كونه من مترجمي القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية، ولكنه كان كذلك كاتباً له نتاج أدبي ذو قيمة فكرية: ثلاث مجموعات قصصية، وخمسة عشر رواية أستلهم معظمها من الشرق الأدنى، ولذلك حقّ لأحد النقاد أن يقول: "تعد الروايات الشرقية التي كتبها بكثال أهم ما أُنتج لنا لمعرفة الشرق المسلم في أي بلد في هذا القرن." وقال عنه إي.فورستر E. Forster إنه "الروائي المعاصر الوحيد الذي يفهم الشرق الأدنى".1
بدأ بكثال رحلاته إلى الشرق منذ عام ١۸٩٤م، حيث جال مدن فلسطين، وسورية، ومصر، وتركيا، وجمع كماً كبيراً من الذكريات أصبحت مادة لأعماله الأدبية، أبرزها الروايات :"سعيد الصياد"Sa'id the Fisherman (١٩۰٣م)، و"دار الإسلام" The House of Islam (١٩۰٦م) ، و"أبناء النيل"  The Children of the Nile (١٩۰٨م)، و "وادي الملوك" The Valley of The Kings (١٩۰٩م)، و"نساء محجبات" Veiled Women (١٩١٣م)، و "دار الحرب" The House of War (١٩١٦م)، و"لقاءات مشرقية:  فلسطين وسورية ١۸٩٤-١۸٩٦" Oriental  Encounters,Palestine and Syria 1894-1896 (١٩١٧-١٩١٨م). في جميع هذه الروايات حاول بكثال عرض حياة الإنسان الشرقي في فلسطين، وسورية، ومصر، وتركيا، وتناول التغيّرات الإجتماعية والثقافية فيها، و دور الأوروبيين وعلاقاتهم بشعوب هذه البلدان.2 وفي سبتمبر من عام ١٩١٧م، أي قبل إعلان بكثال إسلامه بشهرين نشر "فرسان الجزيرة العربية"(Knights of Araby)، التي أعطيت عنواناً فرعياً أو تكميلياً "قصة اليمن في القرن الخامس الهجري" A Story of the Yaman in the Fifth Islamic Century، ونشر بعدها "الضحى" The Early Hours (١٩٢١م). و ينبه عدد من الدارسين لحياة وأعمال بكثال إلى حقيقة وهي أن هاتين الروايتين جعلت من بكثال الرائد الأول لظهور "الرواية الإسلامية" في الأدب الإنجليزي، غير أن مايميز "فرسان الجزيرة العربية: قصة اليمن في القرن الخامس الهجري" عن غيرها هو أنها "رواية تاريخية" من منظور التصور الإسلامي، وهو مالم يسبق بكثال في ذلك أحد من الكتاب الإنجليز.3
الرواية  
يقول بيتر كلارك Peter Clark  في  كتابه  "مرمدوك  بكثال: مسلم  بريطاني": "جميعها [الروايات] باستثناء "فرسان الجزيرة العربية"، تدور أحداثها في الشرق الأدنى الذي عرفه بكثال"؛4 فالمعروف ان بكثال لم يزر اليمن في حياته، و في هذه الرواية عنها في العصور الوسطى رجع إلى عدة مصادر تاريخية باللغتين العربية والإنجليزية وعلى رأسها "تاريخ اليمن المسمى المفيد في أخبار صنعاء وزبيد" لنجم الدين عمارة الحكمي.5 تدور الرواية بين الأعوام (٤٥٨-٥١٣ﻫ/۱۰٦٦-١١٢٠م) التي جرت فيها صراعات دامية بين الدولتين النجاحية والصليحية المتعارضتين سياسياً وعقائدياً، حيث اتسمت الأولى بالسنية وتبعيتها للخلافة العباسية، والثانية بالشيعية وولائها للخلافة الفاطمية.6 والشخصيات المركزية في الرواية من النجاحيين، الأخوان سعيد الملقب بالأحول وجياش، من أبناء نجاح الحبشي مؤسس الدولة النجاحية، ويظهر من الصليحيين، مؤسس الدولة الصليحية، أبو الحسن علي بن محمد وزوجته أسماء بنت شهاب، وابنهما المكرم أحمد وزوجته سيدة بنت أحمد (أروى)،7 وهناك عدد من الشخصيات الثانوية من أفراد العائلتين، وشخصيات أخرى حقيقية أو مثبتة في التاريخ، بالإضافة إلى حشد من الشخصيات المتخيلة. وتنقل بكثال بالشخصيات بين عدة مدن يمنية صنعاء، وذو جبله، وعدن، وتعز، والمهجم، وباب المندب، وغيرها، ولكن تجري معظم أحداث الرواية في زبيد عاصمة تهامة،التي تقلبت السيادة عليها بين  النجاحيين والصليحيين، وكثيراً ما جاء ذكر دهلك من جزر البحر الأحمر8 التي أنسحب إليها النجاحيون وأتباعهم بعد مقتل مؤسس دولتهم واستيلاء الصليحيين على عاصمتهم زبيد. ونقرأ في الرواية عنها: 
 "كان علماء زبيد جميعهم من السنة دون استثناء، كانت مدينتهم منارة السنية، ومع ذلك كان المنشقون يرجعون إليهم في المسائل العقدية، ويرسلون أبناءهم لطلب العلم في مدارسهم. والآن أصبح الشيعة هم المسيطرون سياسياً، وأصبح في القصر والي شيعي..."
استمر سقوط الدولة النجاحية بعد أن نجح علي بن محمد الصليحي بتدبير حيلة وقتل نجاح بالسم، وبقي سعيد الأحول و جياش يتحينان الفرص لاسترجاع حكم أبيهما حتى تمكنا من قتل الصليحي وأخيه ومن كان معهما من آل الصليحي في موكب الحج إلى مكة، وأسرا زوجته أسماء بنت شهاب وعادوا بها إلى زبيد. قام المكرم أحمد بن علي الصليحي بعد ذلك بإنقاذ أمه من الأسر، وأستولي على زبيد مرة أخرى بعد قتال شديد، ولكن خرجت زبيد من يده واستعادها سعيد الأحول وجياش، ثم غلبهما مرة أخرى، ودُبرت مؤامرة لقتل الأحول. نقرأ في الرواية قول أحد علماء زبيد حول إراقة الدماء: 
"أنتم تعرفون قول النبي (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذا... وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ."  كل الناس يعرفون أن الثأر محرم، لكن أنظر إلى كل بلاد العرب، جميع الحكام كباراً كانوا أم صغاراً في صراع؛ فتعاليم ديننا لم تترسخ إلا لدى أهل العلم وعامة الناس. وأولئك الكبار الذين يبجلون أنفسهم وأفعالهم، هم قليلو الأهمية، عبيدهم ومرتزقتهم هم فقط من يمجدونهم، بينما الناس بأسرهم يقاسون منهم وأهل العلم يزدرونهم."
وفي مجلس آخر لعلماء زبيد دار فيه نقاش طويل، يقول أحدهم:
"ان التعصب لأي حاكم أو أي أرض، وكراهية الآخر هو سبب نصف الشرور التي تعصف بالبشر."
الصراع بين  بني نجاح  و بني الصليحي لم يتوقف؛ فبعد مقتل سعيد الأحول، فر جياش إلى الهند وأشاع أنه مات ثم عاد إلى اليمن متنكراً في زى فقير هندي؛ فتسنى له الاقتراب من عامة الناس، لذلك يقول:
"الناس لا يريدون إلا السلام. أنا أتعامل معهم يوميًا، وأنا أعلم ذلك."
ونقرأ في الرواية ما يذكره أحد المؤرخين في زبيد حول ما آل إليه الحال من وبال الصراعات:
"قُطعت أشجار الفاكهة وأُحرقت، ودكت البيوت، وجاب السكان البائسون تهامة يتسولون."9
و تنتهي الرواية باستعادة جياش لزبيد واستمرار حكمه لتهامة، بينما عاد المكرم أحمد لمناطق حكمه. ويحدث أن يعقد كل منهما النية على أداء فريضة الحج، وقبل وصول جياش إلى مكة أبُلغ أن المكرم أحمد وزوجته سيدة بنت أحمد (أروى) بين الحجاج، ويُرجى منه التراجع لتجنب تجدد الصراع بينهما. قرر جياش بعد أن أعياه التفكير أن يكتب خطاباً للمكرم أحمد يبلغه فيه بما عقد عليه النية من أداء فريضة الحج، ويعلمه بعزمه على عدم العودة إلى مسار الصراع القديم، وتعهد بعدم التعرض لحياته أو أراضيه. ورد عليه المكرم أحمد بمثل ما تعهد بعدم التعرض لحياته أو أراضيه، وأنهى خطابه بقوله انه سيتجنب لقائه خجلاً من كل ما جرى، وإذا التقيا وجهاً لوجه فيطلب منه ان لا يلقي عليه السلام.
كما ذكرنا بداية، رجع بكثال في روايته "فرسان الجزيرة العربية: قصة اليمن في القرن الخامس الهجري" إلى عدة مصادر تاريخية، وهي في الحقيقة تنقل روايات مختلفة في كثير من أجزائها وإن كانت متقاربة في بعض سياقها. ولكن بكثال حين أستلهم الرواية من التاريخ، كتبها لتكون عملاً أدبياً وليس بغرض إثبات حقائق تاريخية، لذلك نجده يدمج في روايته بين الحدث التاريخي والخيال الأدبي محاولاً إتمام مالم ُيذكر أو مالم يحدث في التاريخ. و يقوم بكثال أحياناً كثيره في الرواية إيضاح مفاهيم الإسلام للقارئ الإنجليزي كما في ترجمته للقرآن الكريم، فضلاً عن آرائه الخاصة. كتب بكثال في مقدمته للرواية أنها: "محاولة لشحذ الذاكرة التي جفت وإحيائها من جديد ببعض جمال الشخصيات. وحتى لو لم تكن الرواية ناجحة فإنها تلفت انتباه القارئ الإنجليزي إلى حقيقة وهي أن المسلمين طوال القرون الماضية واجهوا نفس المعضلات التي نواجهها اليوم..." 
الهوامش
* المقال جزء من بحث تعده الباحثة.
1. بيتر كلارك، مرمدوك بكثال: مسلم بريطاني، ترجمة أحمد بن يحيى الغامدي (الدوحة: منتدى العلاقات العربية والدولية،٢٠١٥م)،ص۲٩. و
. Fremantle , Anne, Loyal Enemy. London : Hutchinson.1938, p.258.
2. المرجعان السابقان، ص١٣٥-١٨٨ و ص۲٩-٩٤ على التوالي.
3. بيتر كلارك، مرجع سابق، ص٣٢. وصلاح عبدالرزاق، المفكرون الغربيون المسلمون، (بغداد: مركز دراسات فلسفة الدين، و بيروت: دار الهادي،٢۰۰٨)، ص٢٨.و
Ashraf, Adnan. A Vehicle for the Sacred: Marmaduke Pickthall’s Near Eastern Novels.In Geoffrey P. Nash (Ed.),Marmaduke Pickthall Islam and the Modern World.Liden/Boston: Brill (pp.182-195).
4. بيتر كلارك، مرجع سابق، ص٣١. 
5. المرجع نفسه، ص١٧١.  
6. الدولة النجاحيَّة (٤١٢ -٥٥٣هـ / ۱۰٢٢-١١٥٨م) أسَّسها نجاح الحبشي من موالي أمراء دولة بني زياد واصبح أهم قاداتها، ملك زبيد وسائر بلاد تهامة، وقد توالى على الحكم بعده ستة أمراء، أشهرهم سعيد الملقب بالأحول وجياش من ابناء نجاح. اتَّسمت الدولة النجاحيَّة بالسُّنِّيَّة وتبعيَّتها للخلافة العباسية في العراق. أما الدولة الصليحيَّة (٤۲٩-٥۳۲هـ/ ١٠٣٧-١١٣٨م) اتسمت بالشيعية وولائها للخلافة الفاطمية في مصر. وقد أسَّسها علي بن محمد الصليحي، وجعل صنعاء عاصمة له، وفي عهده كان أقصى اتساع للدولة الصليحية في اليمن، وقد توالى على الحكم بعده ثلاثة ملوك: إبنه المكرم أحمد، ثم سبأ بن أحمد بن المظفر بن علي الصليحي، ثم سيدة أو أروى بنت أحمد الصليحي، وهي التي رأت نقل عاصمة الدولة إلى جبلة. وكل ما سبق ذكره هو عند أغلب المؤرخين (راجع محمد السروري، الحياة السياسية ومظاهر الحضارة في اليمن في عهد الدويلات المستقلة من سنة (429 هـ/1037م) إلى(626 هـ/ 1228م)، (د.م.ن،۱٩٩٧م).
7. هكذا ورد اسمها في الرواية كما هو في العديد من المصادر التاريخية الصليحية وفي وصيتها، بينما يؤكد آخرون ما ذكره إدريس عماد الدين في "عيون الأخبار وفنون الآثار"، و وجيه الدين الوصابي في " تاريخ وصاب المسمى الاعتبار في التواريخ والآثار"، اللذين عاشا في فترة قريبة من عهد الدولة الصليحية، وهو ان اسمها أروى بنت احمد، وان سيدة هو أحد ألقابها مثل الملكة والحرة (راجع محمد السروري، مرجع سابق، ص۱٤٣-۱٤٧).
8. دهلك: مجموعة جزر في البحر الأحمر بين اليمن وإرتيريا، لها تاريخ طويل من تغير السيادة عليها، ولكن منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) وحتى القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) أل أمرها إلى الدولة الزيادية في زبيد، ومن بعدها الدولة النجاحيَّة. (مجموعة مؤلفين، العرب والقرن الأفريقي: جدلية الجوار والانتماء، (بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ٢٠١٣م)، ص١٠. 
9.أنظر النصوص الإنجليزية في:
.Pickthall, Marmaduke. Knights of Araby: A Story of the Yaman in the Fifth Islamic Century. London: W. Collins Sons & CO. LTD1917.p.13-14, 47,197,353.
الأحد, 11 تشرين2/نوفمبر 2018 16:01

قصص مترجمة

 

طاقم الإنقاذ

 

في جالانت (١)، في  إحدى محطات الإنقاذ البحرية، كان الطاقم على وشك الإنطلاق بقارب الحياة  في جولة تفقدية. رأى أفراد الطاقم، على بعد مسافة قصيرة من الشاطئ، سفينة مقلوبة و العشرات من راكبيها يتشبثون بعارضتها؛ فقالوا:

"حظنا موفق. تبين  الأمر لنا في الوقت المناسب؛ فقد نلقى  نفس  مصيرهم."

رجعوا بقارب الحياة،  وبقوا  ذخراً  لوطنهم.

The Crew of the Life-Boat

THE Gallant Crew at a life-saving station were about to launch their life-boat for a spin along the coast when they discovered, but a little distance away, a capsized vessel with a dozen men clinging to her keel.

"We are fortunate," said the Gallant Crew, "to have seen that in time. Our fate might have been the same as theirs."

So they hauled the life-boat back into its house, and were spared to the service of their country.

———————————————————————————————————

(١) جالانت   :Gallantمدينة أمريكية تقع  في ولاية  ألاباما.

 

ظل القائد

في يوم مشمس، كان أحد قادة السياسة يمشي، حين وجد أن ظله يفارقه و يمضي مسرعاً؛ فصاح: "عُد أيها الوغد."

رد الظل وهو يزيد من إسراعه: "لو كُنتُ وغداً لظللت معك."

The Shadow of the Leader

A POLITICAL Leader was walking out one sunny day, when he observed his Shadow leaving him and walking rapidly away.

"Come back here, you scoundrel," he cried.

"If I had been a scoundrel," answered the Shadow, increasing its speed, "I should not have left you."

الجمعة, 18 أيلول/سبتمبر 2015 18:37

السفينة الغارقة "ترجمة"

تأليف: روبرت لويس ستيفنسون*

*روبرت لويس ستيفنسون (١۸٥٠-١۸٩٤) شاعر،و قاص، و روائي، و كاتب مقالاسكتلندي ذاعت شهرته الأدبية بروايته "جزيرة الكنز".من رواياته الأخرى: "المخطوف"، و"السهم الأسود".

ترجمة:أميمة حسن شكري

"أيها القبطان، السفينة تغرق." قالها الملازم أول عند دخوله قمرة القيادة. 

القبطان:"حسن جداً، ألهذا أتيت قبل أن تكمل حلاقة لحيتك؟! اعمل عقلك قليلاً يا سيد سبوكر، و سترى أنه من وجهة نظر منطقية لا جديد في ظرفنا هذا: إذا كانت السفينة تغرق، فمن الممكن القول انها تغرق منذ بداية إبحارها."

  عاد الملازم أول بعد إكماله الحلاقة، وقال للقبطان: "ان السفينة تهبط سريعاً."

القبطان: "سريعاً يا سيد سبوكر؟! يبدو تعبيرك غريباً؛فالزمن يعد أمراً نسبياً."

الملازم أول: "أيها القبطان، أظن انه لا ينبغي لنا أن نخوض في حديث كهذا في حين أننا قد نصبح في قعر المحيط بعد عشر دقائق."

رد القبطان بلطف:"بمنطق مماثل، لا ينبغي لنا أن نخوض في أي حديث ذي أهمية؛ فاحتمالات الخسارة قوية، و هي أننا سنموت قبل أن نتوصل إلى حل، ثم هز رأسه باسماً و قال: "أنت لم تتفكر في حال البشر."

الملازم أول: "أنا مستغرق في التفكر في حال السفينة."

قال القبطان وهو يضع يده على كتف الملازم: "تقولها كضابط جيد."

و على متن السفينة، وجدا الرجال قد تدافعوا إلى حجرة الكحول، وكانوا يصلون إلى حال السكر سريعاً.

قال القبطان: "أيها الرجال،لا معنى لكل هذا. سوف تغرق السفينة في عشر دقائق؟ حسناً، وماذا بعد؟ من وجهة نظر منطقية لا جديد في ظرفنا الحاضر. المرء منا في حياته قدتتمزق أوردته، أو تنفجر شرايينه، أو يصعقه البرق، ليس في عشر دقائق وإنما في عشر ثوانٍ-إلا أن كل ذلك لا يصرفنا عن تناول وجبتنا الرئيسة، أو أن نودع المصارف أموالنا. أقولها لكم بكل صدق، إنني أخفقت في فهم موقفكم."

كان الرجال في حال لم تمكنهم من الإصغاء لما يقول.

قال القبطان: "ان منظرهم يبعث في النفس الأسى."

الملازم أول: "و مع ذلك، من وجهة نظر منطقية، أو أياً كان، من الممكن القول انهم يصلون إلى حال السكر منذ ان اصبحوا خارج الوطن."

رد القبطان بلطف: "لا أدري إن كنت منتبهاً لما أقصده، ولكن لنواصل حديثنا."

[و هنا بدأ أحد قدماء البحارة بسرد حكاية:]"وجدوا بحاراً قديماً و هو يدخن غليوناً في مخزن ذخيرة السفينة."

صاح القبطان: "يا إلهي، ماذا تكاد تقول؟"

قال البحار معتذراً: "أخبرونييا سيدي ان السفينة تغرق."

القبطان: "و لنفترض ذلك، من وجهة نظر منطقية لا جديد في ظرفنا هذا. الحياة يا زميلي القديم، الحياة في كل حين و من كل ناحية أمر خطر كغرق سفينة؛ مع ذلك هناك من يتبع الموضة الملفتة في حمل المظلات، و ينتعل أحذية المطاط، و يقوم بأعمال واسعة النطاق، و يبدو من نمط حياته وكأنه سيحيا إلى الأبد. من وجهة نظري المتواضعة ينبغي إزدراء الذي– وإن كان على متن سفينة غارقة– يترك تناول دوائه أو إعادة ملء ساعتة؛ فهذا يا صديقي، لا يعكس موقفاً بشرياً."

الملازم أول:"المعذرة يا سيدي، لماذا تجد فرقاً بين الحلاقة أثناء غرق السفينة و التدخين في مخزن ذخيرتها؟"

صاح القبطان: "أو القيام بأي شيء يمكن تصوره في أي ظرف كان؟" ثم قال: "الفرق شاسع، أعطني سيجاراً!"

وبعد دقيقتين، أنفجرت السفينة إنفجاراً مدوياً.

 

النص الأصلي المترجم

The Sinking Ship.

“SIR,” said the first lieutenant, bursting into the Captain’s cabin, “the ship is going down.”

“Very well, Mr. Spoker,” said the Captain; “but that is no reason for going about half-shaved. Exercise your mind a moment, Mr. Spoker, and you will see that to the philosophic eye there is nothing new in our position: the ship (if she is to go down at all) may be said to have been going down since she was launched.”

“She is settling fast,” said the first lieutenant, as he returned from shaving.

“Fast, Mr. Spoker?” asked the Captain. “The expression is a strange one, for time (if you will think of it) is only relative.”

“Sir,” said the lieutenant, “I think it is scarcely worth while to embark in such a discussion when we shall all be in Davy Jones’s Locker in ten minutes.”

“By parity of reasoning,” returned the Captain gently, “it would never be worth while to begin any inquiry of importance; the odds are always overwhelming that we must die before we shall have brought it to an end. You have not considered, Mr. Spoker, the situation of man,” said the Captain, smiling, and shaking his head.

“I am much more engaged in considering the position of the ship,” said Mr. Spoker.

“Spoken like a good officer,” replied the Captain, laying his hand on the lieutenant’s shoulder.

On deck they found the men had broken into the spirit-room, and were fast getting drunk.

“My men,” said the Captain, “there is no sense in this. The ship is going down, you will tell me, in ten minutes: well, and what then? To the philosophic eye, there is nothing new in our position. All our lives long, we may have been about to break a blood-vessel or to be struck by lightning, not merely in ten minutes, but in ten seconds; and that has not prevented us from eating dinner, no, nor from putting money in the Savings Bank. I assure you, with my hand on my heart, I fail to comprehend your attitude.”

The men were already too far gone to pay much heed.

“This is a very painful sight, Mr. Spoker,” said the Captain.

“And yet to the philosophic eye, or whatever it is,” replied the first lieutenant, “they may be said to have been getting drunk since they came aboard.”

“I do not know if you always follow my thought, Mr. Spoker,” returned the Captain gently. “But let us proceed.”

In the powder magazine they found an old salt smoking his pipe.

“Good God,” cried the Captain, “what are you about?”

“Well, sir,” said the old salt, apologetically, “they told me as she were going down.”

“And suppose she were?” said the Captain. “To the philosophic eye, there would be nothing new in our position. Life, my old shipmate, life, at any moment and in any view, is as dangerous as a sinking ship; and yet it is man’s handsome fashion to carry umbrellas, to wear indiarubber over-shoes, to begin vast works, and to conduct himself in every way as if he might hope to be eternal. And for my own poor part I should despise the man who, even on board a sinking ship, should omit to take a pill or to wind up his watch. That, my friend, would not be the human attitude.”

“I beg pardon, sir,” said Mr. Spoker. “But what is precisely the difference between shaving in a sinking ship and smoking in a powder magazine?”

“Or doing anything at all in any conceivable circumstances?” cried the Captain. “Perfectly conclusive; give me a cigar!”

Two minutes afterwards the ship blew up with a glorious detonation.

أسفل النموذج