خطأ
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 89
فكر وادب وفن

فكر وادب وفن (84)

حين قال سيد صعاليك الجاهلية بيته هذا:

أقسم جسمي في جسوم كثيرة*** وأحسو قراح الماء والماء بارد

قاله عقب تبادله وقبيلته الخلع البات. بل وإعلان الحرب الصعلوك الشاعر وقبيلته. كما قال مثل بيت عروة رفاق عديدون من شعراء الصعاليك بعد ان خلعتهم قبائلهم التي ينتمون اليها اما بالنسب أو الاسترقاق أو الموالاة أو الخدمة. فهذه كانت هي روابط انتماء الصعلوك الى قبيلته قبل لجوئه الى حياة التصعلك..

أجزم سلفاً أن الصعلوك الشاعر هو انموذج متقدم للمثقف الثائر والحر بالفطرة.. وهو أول مؤسس لثقافة الاختلاف والمغايرة في ثقافتنا العربية.. كل ذلك بفطرة ايضاً جرحها افتقاد العدل والمساواة بين البشر فنفرت وتمردت وثارت. فحين قال الصعلوك عروة هذا البيت قاله ولم يزل ابن بيئته الصحراء المقفلة بالرمل والبحر والسماء المثخنة بمظالم الصعلوك الطريد وبضغائن القبائل المتكالبة من كل الجهات.. لم يكن الصعلوك الشاعر الثائر قد اطلع على صحائف اليونان ولا سمع عن ثورة عبيد روما ولا رأى مشهد سبارتاكوس صريع تلك الثورة مصلوباً على باب روما.. لم تكن الثورة الفرنسية قد حدثت.. فسقط باستيل الطغيان وولد ميثاق حرية في التاريخ الانساني.. لم يكن قد قرأ ماركس وانجلز ولا عايش ثورة الجياع الرعاع.... ومع ذلك قال عروة ما قاله وكأنه يشخص الوجع الانساني لحقب لاحقة ويبتدر تبني علاجه بعطاء مثقف جسور لا يرى غير ذاته يهبها أو يهدرها لحياة الآخر وفي سبيل حياة الآخر برحب وجدان انساني يوازي رحابة وجدان السماء في وهب مائها الارض...

يجسد بيت عروة يقين الثوري الحر والمثقف الصادق المنكر لذاته الفردية حد الفناء في ذات المجموع الانساني لا العصبوي الذي اعتاد الدوران في فلكه مدحا وهجاء ورثاء وفخراً الانموذج النقيض من مثقفي شعراء الحقبة الجاهلية ..شاعر القبيلة فيما يمكن ان نعده راهناً مثقف السلطة أو المؤسسة المنفوخ بأنوية ذاته وذات عصبته لا يتعداهما...

الى الآن وقبل سلطان المؤسسة الغاشمة فإن المثقف يعاني من سلطة اكثر غشماً لصوته انها سلطة ذاته الفردية المثقلة بأنوية التعالي المعرفي والعصبوي....

في أوساط الثقافة كثيراً ما نصادف مثقفين راكعين بخشوع لذواتهم مرابطين في دائرتها معصوبي الوجدان خوفاً من اغماءة الشعور بهموم الناس وأوجاعهم المكتظة حول دائرة هذا النموذج المغلق..

المثقف انسان في المقام الأول وحين يغوص في ذاته فقط.. ينخلع من نبل وجدانه الانساني يصبح اكثر انانية واثرة من سلطان الحاكم واقسى واكثر بلادة من حديده القامع.

عدو المثقف أناه أنا الفرد أنا العصبة أنا المؤسسة.. حجب انوية تعيق صوت المثقف عن الوصول الى ما حول ذاته من سلطات.

كيف ينجح مثقف تغتصبه ذاته الفردية ان يخلق دوائرالعصيان والتمرد أمام سلطات اكثر مراساً في البطش والاغتصاب!!

فاقد الشيء لا يعطيه، لذا دور المثقف يبتدئ من التمرد على ذاته اولا وذات الفرد والعصبة ثانياً. ومن هذا الباب دخل مثقفو الصعاليك في الجاهلية.. لم يلغ هؤلاء ذات المثقف ولا روحه بقدر ما سعوا الى جعل ذاتهم خلية حياة في جسد عام أس ترابطه الوشيجة الانسانية.. صار الصعلوك وفقا لذلك مؤسس نسق التمرد والحرية على نظام العصبة ممثلا بالقبيلة وعلى الانساق الثقافية السائدة والساكنة في ثقافتنا العربية.

ومثلما كان الشعر بالنسبة للعرب آنذاك ديوانها، سجل حياتها.. الشعر ديوان العرب فإنه بالنسبة الينا وثيقة تاريخية شاهدة على الثقافة والانساق أو الهويات المتماثلة أو المتناقضة وشكلت تلك الثقافة..

أسس الشاعر الصعلوك نسق المغايرة والاختلاف في ثقافتنا فجوبه بحرب معلنة من القبيلة ومن سجل تاريخ الثقافة في عصر الصعاليك وفي العصور اللاحقة..

الصعلوك لفظ اطلقته وتداولته القبائل العربية وفقاً لإملاءات عرفية ومعرفية واجتماعية ماثلة آنذاك وأخذت باللقب معاجم اللغة والأدب وكتب الأخبار والسير لتعرف الصعلوك وتوصفه بناء على توصيف منقول من مجتمع هو في حالة نزاع مع الصعاليك فجاء التعريف مشوهاً وناقصاً لانه لم يبن علي الشمول في تشخيص الحالة الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع الصعاليك.. فالصعلوك هو الفقير الذي لا مال له الخارج عن نظام قبيلته القاطع طريقها.. المحارب لمصالحها...

ذلك ما درجت عليه مدونات الثقافة العربية في تعريف الصعلوك فاذا أشير الى القيم ومكارم الأخلاق فمن باب الاستدراك أو تحت إكراه منطق الصعلوك المثبت في اشعاره.. فماذا سيقول مدونو الثقافة الشعرية مثلاً حيال بيت عروة السابق؟؟؟!

لقد آثرت إيراده شاهداً على زهد المثقف المثخن بجوعه وشظفه ايثاراً للجياع وشغفا فيهم.. انها حالة استثنائية للمثقف المناضل ضرب عبرها مثلاً متقدماً في الايثار ونكران الذات في زمن هائج ومائج غارق من اخمصه الى رأسه بذات الفرد والدم والعصبة جاعلاً من تلك الذات الفجة قلب الثقافة الناضح بدم القبيلة المقفل عليها. فالشاعر الجاهلي التقليدي وما يقول ملك لقبيلته. فلا يملك أمام سطوتها راضياً أومختاراً إلا أن يذعن فيعلن هكذا:

وما انا إلا من غزية ان غوت***غويت وان ترشد غزية ارشد

تلك الملكية والاحتكار والانانية تحداها الصعلوك فرفضها وتمرد عليها ليهيم في رحاب الانسانية الرحبة مغادراً ضيق الوجه الآخر لمثقف القبيلة.. المؤسسة.. انظر الى معادل ذلك العطاء والوهب والزهد الخلاق في بيت عروة في صوت شاعر القبيلة انموذج المثقف النقيض للمثقف المتصعلك.. بيت عمرو بن هند وهو يعرض مجده العصبوي بقوله:

ونشرب ان وردنا الماء صفوا***ويشرب غيرنا كدرا وطينا

ففي أفق البيتين تكمن المسافة بين انموذجين للمثقف متعارضين متصارعين منذ عصر عروة وعمرو وحتى الآن..

آخر تعديل على السبت, 22 آذار/مارس 2014 21:53
الأحد, 16 آذار/مارس 2014 23:32

موعد الورد

كتبه

كانا يلتقيان دوما عند أكمة الجبل المطل على قريتهما وواديهم المخضر الذي تفوح منه رائحة الزهور الفواحة، وفي طريقها إلى مكان لقاؤهم فوق ذلك الجبل، وعند مرورها بالوادي كانت تقوم بقطف وردة جميلة لتهديها إليه..

بينما هو في انتظار وصولها، وبعد أن يتبادلان الحديث كانت تهديه تلك الوردة بعد أن جعلت موعد لقاؤهم ثانية مقترن بذبول تلك الوردة، كان يأخذ الوردة ليحتفظ بها في جيبه مهرولا بعدها منحدرات الوادي.

تذبل الورود ومع ذلك تتزايد فرص اللقاء، يقترب الربيع على الرحيل بينما كانت منشغلة من أين ستأتي بورود سيما أن الوادي قد خلا من الورود.. نظرت إلى جانب غرفتها لتجد تلك الوردة البلاستيكية؛ أخذتها مسرعة نحو الجبل وعند وصولها أخذت تنظر إليه بشوق وتتكلم كثيرا حتى أنه لم يرد عن بعض أسألتها برغم وجود الإجابة؛ يظن أنها تعلقت به كثيرا.

لكنها تعلم أن الوردة لن تذبل وأن لقاؤهم لن يتجدد. أخذ تلك الوردة ليضعها في جيبه دون تمييز  مهرولا كعادته، لا يعلم بأن تلك الوردة لن تذبل وأنها ستكون سر فراقهم وإلى الأبد.

الأحد, 16 آذار/مارس 2014 23:31

ميت وراجع ...

كتبه

قيل: ان الموت هو اللغز الوحيد الذي لم يستطع الإنسان حله حتى الآن , فما من أحد ذهب إليه وعاد ليخبر عنه .

لطالما أثار عالم الموت أسئلة عندي , ولطالما أثار فضولي واهتمامي , فلدي رغبة جامحة في اكتشاف ذاك العالم ؛ كنت أملك من المغامرة وحب الاستكشاف ما ولد رغبة في نفسي لزيارتة , ليس رغبة في الموت واللاعودة ؛ بل الذهاب للحصول على بعض الإجابات , حتى أن العلم في تطوره اليوم عجز عن ذلك ؛ كنت فعلا أريد الذهاب ؛ إلا أن فكرة اللاعودة كانت تُخيفني .

أخبرني أحدهم أنه يستطيع أخذي إلى هناك , وإعادتي , شريطة أن أذهب مدة ساعة واحدة فقط سواء حصلت على مرادي من الإجابات أم لا فإذا تأخرت عن تلك المدة سأعلق هناك , ولن يستطيع إرجاعي , وافقت على الفور لم أتردد في أن اكون سندريلا تلك المغامرة , كنت طموحة فلربما بعض إجابات ستصنع مني شخصية مشهورة فحل اللغز الذي لم يُعرف حله إلى الآن هو بالتأكيد أمر مهم ؛ أطمح أن أنال مقابلة الكثير من الجوائز؛ طماعة بعض الشيء , أو ربما طموحة ولكني كنت أرى بأني أستحق طالما وأني سآتي بالنهاية بإجابات تشبع فضولي وفضول عالمي .

كنت أفكر بأن التقي عمي الذي أصبح ذلك العالم هو عالمه منذ 1985. أجزم بأن عمي لديه أصدقاء كثر من الموتى , فلطالما كان اجتماعيا , وربما يحاول استقطابهم "بالخفى" إلى الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان ينتمي إليه كما كان يفعل دائما. لا أعلم هل أخبره بأن الوضع قد تغير, وبأن ثورة قد قامت, كان حزبه أحد الأطراف التي وقعت على موتها, وأخبره بأن أيام التنظيمات السرية قد ولت, ترى هل سيفرحه ذلك ؟ أم أنني سأكون سببا في تحطيم أحلام رجل ميت ؟ لا أعلم فقررت أن أترك ذلك لمجرى أحاديثنا.

ذهبت حاملة شوالة أسئلتي وأسئلة عالمي معي .

وكما توقعت كان عمي أول من رأيت عند دخولي ذلك العالم , وبعده جدتي , وبعض الأهل الذين انضموا لذلك العالم في فترات متفاوتة . لم يكن استقبالهم لي حارا كما توقعت؛ وكأنهم رؤوني قبل ذلك الوقت بقليل , استغربت لذلك ؛ فقد كنت اتوقع استقبالا ضخما ؛ وأسئلة ينهال علي الموتى بها . كل يسأل عن حال عائلته بلهفة ؛ وينتظر مني الإجابة ليمتلئني الغرور في عالم كنت الوحيد من يملك الاجوبة فيه؛ لكن ذلك السيناريو الذي توقعته لم يحدث فظهوري لم يلفت الكثير من الانتباه كنت أنا فقط من يطرح الاسئلة ؛ فعمي لم يسأل حتى عن بناته الذي توفي.

في عيد ميلاد إحداهن , ولا عن أبي الذي كان رفيق دربه ولا عن أمه العجوز الذي هو بكرها لم يقل كيف عرفني وبادر بالسلام علي مباشرة من أول لحظة رآني بها لم يقل حتى بأني كبرت ؛ فهو يعرفني طفلة صغيرة لم تتجاوز العاشرة من عمرها ,لا اعلم هل كان ذلك عدم اهتمام منه أم أنه مطلع على ذلك مسبقا كنت أظن بأن جدتي ستضل تقبلني وتحكي لي كم اشتاقت إلي وتكرر عباراتها التي كانت تسمعني إياها دائما ( أتت الغالية بنت الغالي ) وتخبرني كم كبرت وكم صرت أشبه عمتي كما يقال لي , لم يحدث كل ذلك ؛ كنت أنهال على عمي بالأسئلة التي كنت أريد إجابتها والعودة بها كان يجيب فقط على أسئلتي لم يسألني أي سؤال ليرضي غروري بمعرفة الإجابات عن عالم أتيت منه للتو .

لم يكن يبدو على هيئتهم أنهم أموٍات , لم أكن اتوقع أن تكون هيئتهم كما رأيت , أو كما نرى في أفلام الرعب بأنهم تحولوا وحوشا بأشكال غريبة يغطيها التراب .

فقد كان عمي الذي مات بقنبلة طالت شضايها أغلب جسده , وكانت سبباً في وفاته , بصحة. جيدة وجدتي التي كانت تعاني من مرض السكري في مرحلته المتأخرة , وتسبب ذلك في بتر قدمها وفقدان بصرها تمشي باتجاهي بكل اتزان .

وحتى جدي الذي مات أثر حروق بالغة في جسده قيل بأن أناساً تنازع معهم بسبب أراضي هم من أضرموا النار في جسده لم يكن سوى جدي عبدالخالق الذي لطالما عرفته بدون أثر لأي حروق .

فأثار ذلك عدة أسئلة عندي, وبدون أن أسأل أجاب عمي بأن الجروح والأمراض ليس لها مكان في عالمهم .

أخذت أغلب الإجابات التي كنت متعطشة لها , وادركت أن وقت الرحيل قد قرب .

كنت خائفة أن تمر الساعة دون أن أشعر, رفعت يدي اليسرى لأرى كم من الوقت تبقى لي في ذاك العالم , رأيت ساعتي وقد قررت عقاربها التوقف لسبب أجهله , ولاحظت أن الجرح الذي كان في يدي قبل أن ادخل ذلك العالم قد أختفى , ولا أثر له , لم يشغل بالي ذلك كثيراً فالوقت الذي لم يبدو مهما في ذلك العالم هو كل ما كان يشغلني , هز عمي رأسه, وهمس بأذن جدتي وكأن ذلك كان إشارة لشيء ما بينهما لم اهتم بذلك , كنت أريد أن أعرف الوقت , فقط كان عمي يبتسم في كل مرة أسأل فيها عن الوقت , واخبره بأني لابد أن أرحل ؛ ماكنت أنفك أحكي له حكاية المدة المحددة , والساعة الواحدة التي لدي , وأني لابد من أن أعود , فيكرر لي نفس العبارة وبنفس النبرة قائلاً : " نحن في عالما لسنا نحتاج فيه لمعرفة الوقت يا صغيرتي "

واستمر بالقول دون توقف : " حتماً بأنك قد رأيته , حتماً بأنك قد رأيته انطلت عليك حيلته ككل من في هذا العالم " .

الجمعة, 14 آذار/مارس 2014 19:34

تجريب

كتبه

الشوارع نظيفة

ما دخلي أنا بهذا..

الشوارع متسخة

لا يجب أن أتذمر

الأنقاض تهدم رأسي

وأنا أغني..

أغني لحتفي.. لحتفي أغني

لا تذهبوا بعيداً وتفرعوا لي من الضجر

لا تأخذوني إلى الحواف عندما أفكر بالانتحار

فأنا لا انتحر..

وعندما أنتحر

لا شأن لكم بهذا..

السيارات تجرني كالعوادم

واذهب مع الفراشات إلى الموقد

لكي احترق..

ولا شأن لكم بهذا أيضاً

لدي قلب من السيراميك والزنك

يأتي المساء فيئن كقطار في البلطيق

وعند الظهيرة يختمر

فيأتي بأنواع أخرى من فكهة الضحك.

 

الخميس, 13 آذار/مارس 2014 19:23

مثقفون أم كتبة سلطة

كتبه

مثقفو السلطة أوكتبة الحاكم واحد من أهم المفاهيم المصاحبة لتاريخ الثقافة الإنسانية وبتطور المعرفة تطور المفهوم ليصبح مصطلحا في نقد الثقافة.
وقد تداولته الحقب المعرفية بوصفه انجازا لثقافة خاصة منمطة بذات الحاكم عبر أدوات مشوهة يمثلها نخب ثقافة إنشائيون كتبة . تخلقوا في رحم السلطة الحاكمة للبشر وترعرعوا في بلاطها شأنهم شأن غلمان القصور ..هؤلاء هم بالقياس للموقف مما يعتري الإنسانية من ظلم وجور حكامهم مجرد مزايدين محتالين أوغاد طالما أسهم تصدرهم لمشهد الثقافة في تدجين الوعي وتخدير إرادات الناس تسهيلا لمرور سيف الحاكم وأكباله وزنازينه في وعي محكوميه ورقابهم بلا اعتراض.
عبر تاريخه نقد مثقف السلطة نقدا مهينا وأدين بفقدان كرامة ذاته وإهدار سلطته كمثقف ..حدث ذلك في اشد الحقب الثقافية قطيعة بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة الناقدة..
في الجاهلية أدين النابغة الذبياني في التفريط بفحولته الشعرية بذبحها على مسفك بلاط الملك المفرط في البغي : النعمان بن المنذر ..اهدر نابغة قومه كرامته وكرامة قومه وكرامة شعره في بلاط الحاكم وانتهى به الأمر تحت ضغينة هذا الحاكم وبطشه مطاردا مشردا ثم غريبا مقتولا بسيف ملكه النعمان ذاته...
في المقابل هناك معادل لنموذج النابغة يتمثل في نخب ثقافة هي من حيث موقفها انموذج  للمثقف المحترم بصرف النظر عن تقييمها في سياق تاريخي واجتماعي وعقدي معين كالشعراء الصعاليك وشعراء الخوارج والمعتزلة وظاهرة المعري...
ظل النموذج الثقافي بأنواعه من فكر فلسفي وديني ومن آداب وفنون أسيرا لصورة السلطة الحاكمة وظلت هذه الصورة في الوعي المشوه والمنحرف لمثقفي السلطة في حالة تصور دائم في وجوب تماهي المثقف في السياسي حد الذوبان فيه والغياب وان الثقافة مجرد وحدة خادمة وسياق هامشي في المؤسسة السياسية هذا الوعي السطحي المتسلسل امتد حتى منتصف القرن الماضي.. 
مع ظهور الفلسفة الاشتراكية ابتدأ وعي المثقف بجوهر المشكلة الإنسانية وحاجاتها يتصدر توجهات الثقافة المعرفية والإبداعية كما ابتدأ هاجس المثقف في الفصل بينه وبين السياسي فيما يشبه وعي الوليد المتدرج في فصل كونه عن كون ما حوله ..وتخلق عن ذلك نشوء سلطة المثقف المستقلة المتجاوزة في فاعليتها واهدافها سلطة الحاكم, نجم عن ذلك بروز مفهوم المثقف العضوي او الملتزم في شتي ضروب الثقافة المعاصرة.
ليس شرطا ان يقاس دور المثقف بمدى التطابق مع الايدولوجيا السياسية مهما كانت مسيسة الصلة بالقضية الإنسانية فكلما تبناها المثقف وتصورها بمنأى عن تصور السلطة وأدواتها كلما كان اكثر نجاحا في تمثله الناجح والخلاق لدوره الثقافي وتمثيله له في آن.
السياب احد صناع الثقافة الشعرية العربية المعاصرة تبادل وحزبه السياسي . الحزب الشيوعي العراقي فك الارتباط وأعلن الطرفان إنهاء العلاقة بل والقطيعة ليس لتضارب المصالح الشخصية بين السياب والحزب بل للتباين الذي رآه السياب بين رؤية قصائده ورؤية الحزب الشيوعي حول مفهوم الصراع الطبقي بين الفئات الاجتماعية.
تلك حالة والثانية من حالات المثقف العضوي أنموذج اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين قبل ان تطاله سلطة المؤسستين السياسية والأمن سياسية. وتدجنه بذاتها لصالح ذاتها.
ولد اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في رحم نضالات اليمنيين ومعاناتهم في الشمال والجنوب عبر تاريخه ظل الاتحاد إحدي المؤسسات النقابية المدنية المعنية بإنتاج الفعل الثافي وحماية هوية المثقف ودوره المستقل ..الاتحاد انتصر لأحلام اليمنيين وآلامهم .وآمن وساند تطلعات اليمني الي الحرية والعدالة الاجتماعية في شطري اليمن سواء...
غير إن ما يمكن ان يكون شاهد حسم هنا هو ان الاتحاد قبل الوحدة اليمنية . مايو ١٩٩٠ أعلن عن نموذج سلطة المثقف العصية عن الكسر والمستقلة العاصية لدوائر سلطتي القمع في الشمال والجنوب ..الاتحاد المؤسسة اليمنية الوحيدة التي لم تشطر ظلت موحدة رغم انف نظامي الشطرين ..هذا الموقف يكشف عن احترام المثقف اليمني لذاته ولدوره اولا . وثانيا بلورة موقف عملي حي علي دور هذه المؤسسة في الانحياز الى مطالب اليمنيين واستجابة لاحلامهم .عبر الاتحاد برهن المثقف اليمني على أنه لم يخذل اهله..
في السنوات التي أعقبت الوحدة لا سيما عقب حرب صيف ٩٤ تغولت السلطة السياسية في خيلائها ملتاثة بأبد الحكم وداء الاستبداد تدرجت محاولة السلطة في استهداف الاتحاد بانشاء نوادي ثقافية بديلة ..ولما اخفقت استعملت الياتها المعروفة لصنع قيادة بديلة من حلفائها الكتاب في سبيل تسيير الاتحاد باتجاه صنع ثقافة تمثل هوية الحاكم وتعكس سلطته...
ربما نجحت السلطة السياسية في اليمن بايجاد نماذج كتبة يعبرون بإيحاء من نشرة اخبار التاسعة علي شاشة التلفزيون ويصورون منجزاتها كما تصوره صحافتها الرسمية ...ويفوقون في الخوف من ان يتزلزل عرشها خوف قادة جيشها وامنها
محصلة ذلك هو اختزال المنجز الثقافي في منشور سياسي ...غير ان الاخطر من ذلك هو ان يكون هذا المنشور بدافع الانتصار لسلطة الحاكم ما يزال الي الان يمثل حالة من رد الفعل غير المقتصر علي دعم سلطة غاشمة بل يتجاوز الى فعل انتقامي يستهدف هوية الثقافة اليمنية وتاريخها . ويتجاوز الي الإساءة الي هوية اليمنيين وتاريخهم والاستهانة بالامهم واحلامهم في الحرية والكرامة والعدل ..ولا يحتاج الامر الي كبير عناء فمجرد نظرة خاطفة يمكن رؤية ذلك الطفو العبثي الناعم ..النائم علي سطح ماء الثقافة اليمنية ..ذلك الماء الذي كان وسيكون شلالا من الصفو الهادر,,,,

الى المرأة في يومها أهدي:

ورودا كثيرة ..

وعطرا كثيرا..

وحبا اكثر .

***

بين يديها تصير الورود ورودا..

وبعبقها يصبح العطر عطرا..

وبها يعرف الحب .

***

المرأة أمي..

المرأة اختي..

المرأة زوجتي..

المرأة ابنتي..

المرأة رفيقتي في مسيرة الحياة

***

يومها..

يلد اﻷيام..

يصنع السنين..

على حواشيه تنتظم اﻷزمان

وبين ثناياه

تأتلف مواكب المنتجين

في رحلة التواصل بين:

الأمس

واليوم

والغد..

***

طيفها ..

لوحة العمر

بألوانها المتناسقة

مع ألوان حلمها ..

***

حلمها ..

قنديل في كهف

تملؤه الاشباح..

ومخلوقات لا تبصر إﻻ في الظلمة

***

عمرها ..

صوت الحرية

يصفع وجه الاستبداد ..

ويمزق ثوب الاستعباد

***

صداها..

إيقاع الفرس

المتأهب ..

نط الحاجز .

8مارس 2014

آخر تعديل على السبت, 08 آذار/مارس 2014 18:55
الأربعاء, 26 شباط/فبراير 2014 19:27

رواية مخفية قسرياً لزيد مطيع دماج

كتبه

كثيرون لا يعرفون أن «الرهينة» ليست الرواية البكر -كما هو متعارف عليه- للروائي اليمني الراحل زيد مطيع دماج، فمنذ قرابة 35 عاماً، ما زالت روايته الأولى قيد الاختفاء القسري لدى جهاز الأمن السياسي «الأمن الوطني سابقاً».

 «سلطان الخبت» عنوان هذه الرواية المجهولة التي لم يستثنها من التنكيل جهاز محمد خميس سيئ الصيت؛ فيما الواضح أنه كان من ألد أعداء صنّاع الوعي الطليعي في السياسة كما في الفكر والأدب.

ففي تلك الفترة كثرت مداهمات الأمن الوطني على المثقفين ومصادرة محتويات مكتباتهم بشكل همجي، حيث كانت الأفكار الجديدة مثار رعب بالنسبة للنظام؛ لكن الروائي والقاص اليمني الأشهر الذي تميّز عن أبناء جيله بإيصاله النص السردي اليمني إلى مصاف متقدمة، حاول جاهداً ألا يفارق دنيانا وفي نفسه شيء من القتل المعنوي -الأشد وطأة من القتل المادي- حيث وجد عزاه وسلواه في أعماله المشهودة التالية، متمثّلاً في ذلك قول الشاعر الغريب -أخاه في رضاعة التنكيل السلطوي-: «فإن تحرقوا القرطاس، لم تحرقوا الذي.. تضمنه القرطاس، بل هو في صدري».

وتبدأ جريمة الأمن الوطني ضد عمله المنسي -الذي لم يدخل ذاكرة أدبنا المعاصر- حين قرّر خميس استدعاءه للمثول أمامه على نحو مفاجئ، إلا أن المخبرين الذين لم يجدوه سرعان ما تلقّوا الأوامر باحتجاز سيارته واعتقال سائقها، وقد تم ذلك برفقة «سلطان الخبت» طبعاً؛ التي كانت مستلقية بأمان في خانة السيارة استعداداً لطباعتها، لتظل عالقة المصير حتى اليوم.

والسؤال: ترى ماذا فعل محمد خميس بهذه الرواية، فهل اكتفى بضبطها وربما إتلافها، أم أنه قرأها..؟!.

«طبعاً لا أظن -يقول ساخراً الشاعر الأستاذ أحمد قاسم دماج؛ الرئيس السابق لاتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين- إذ لم يكن لدى محمد خميس الوقت الكافي لذلك، فهو الجلاد الشره الذي كان مشغولاً على الدوام بالاستماع إلى صراخ ضحاياه».

وبحسب الشاعر دماج فإن «سلطان الخبت» الرواية التي كانت مكتملة لرفيق دربه «ابن العم» قبل روايته المهمة في مسيرة السرد اليمني «الرهينة» حيث اشتغل عليها لسنوات بجهد كبير، ولم يطلع أحداً حتى أنا على فكرتها الرئيسة لأنه أرادها عملاً روائياً مفاجئاً، لكن يد الجهلة اختطفتها بعد أيام قليلة من تجهيزها للطبع وإتمام تنقيحها النهائي.

 مضيفاً: «من المؤسف أننا فقدنا نصّاً سردياً لروائي بديع كزيد كان من شأنه أن يثري وجداننا والمكتبة اليمنية الشحيحة كذلك، خصوصاً أن مسوّدتها الأولى كانت قد فُقدت من قبل زيد في إحدى الرحلات، كما أن جهاز خميس اكتفى بإطلاق سيارته المحتجزة وسائقه فقط، لنقضي سنوات عقبها ونحن نتلقّى منه المماطلة بشأن الرواية، بحيث لم تجدِ كل الوسائل والوساطات لإقناع هذا الجهاز باسترداد «سلطان الخبت» وصولاً إلى وضع مطلبنا - بعد مصرع خميس بفترة - أمام طاولة مطهر غالب القمش، ولكن بلا فائدة».

على أن محمد خميس –كما يبدو- كان يريد إيصال رسالة ما للروائي دماج الذي لا بد أنه قضى أزهى أيام حياته الأدبية بفائض قهر على مآل روايته المفقودة عبر جرم تعسّفي كهذا من قبل جهاز أمني لا يخضع للمحاسبة أو يهتم بالإنصاف وجبر الضرر.

فيما الثقل الأدبي والاجتماعي والوطني الذي كان يمثّله حال كثيراً دون اعتقاله أو حتى تعذيبه وصولاً إلى إخفائه قسرياً مثلما كان حاصلاً بشدّة حينها، ما حازه «سلطان الخبت» بدلاً عنه.

وإذ ليس هناك سبب قصدي شافٍ للنيل من العمل الأول لروائي بحجم زيد مطيع دماج؛ إلا أن محمد خميس كما يتردّد عنه كان متأثراً بأجداده في إعدام الكتب، حيث يورد ناصر الحزيمي في مسرده التاريخي عن إحراق وإتلاف الكتب في التراث العربي، قول الوزير جمال الدين القفطي في كتاب «أنباهُ الرواة على أنباهِ النحات»، وذلك في ترجمته للحسن الهمداني، ما جاء فيه قوله: «وإن كتابه في معارف اليمن وعجائب أهله المسمّى «الإكليل» وهو عشرة أجزاء كتاب جليل جميل عزيز الوجود، لم أرَ منه إلا أجزاء متفرّقة، وهي على تفرُّقها تقرب من نصف التصنيف، وقيل إن هذا الكتاب تعذّر وجوده تماماً لأن المثالب المذكورة فيه، في بعض قبائل اليمن، جعل أهل كل قبيلة منهم يعدمون ما وجدوه من الكتاب، وبل تتبعوا إعدام النسخ منه، فحصل نقصه لهذا السبب»..!!.

 

آخر تعديل على الأربعاء, 26 شباط/فبراير 2014 19:30
الإثنين, 24 شباط/فبراير 2014 18:59

أنسي الحاج ....مؤسس البيان الشعري

كتبه

حين أصدر الشاعر العربي اللبناني انسي الحاج ديوانه ( لن ) بهذا العنوان المختزل في بنية حرف نفي ...تمتد دلالة نفيه من الحاضر الى المستقبل ...فقد كان هذا الديوان بمثابة اعلان للبيان الاول المؤسس لشعرية مختلفة مغايرة متجاوزة للمألوف المتناظر المتشابه لعمر شعري يقارب الفية ونصف ...في ..لن ..اعلن فك الارتباط ..من اسر الماضوية المسكون بها جيل من الشعراء العرب المعاصرين ونخب الثقافة الادبية هؤلاء لأسباب عديدة لم يستطيعوا ان يجاهروا بمعصية قطعية نهائية لتقاليد هذ ا العمق الشعري الضارب في الاتباع والمحاكاة واعلان القطيعة مع هذا الكون الهندسي المتوارث للكلام ..الذي علي اساس نظامه ممثلا بالعروض يتحدد الشعر ذاته ..كانت الشعرية تقف بين اقدام ذلك النظام الشكل الخارجي الظاهر للكلام ..الشعر كلام موزون مقفى ...قبل جيل الماغوط وانسي وادونيس مس جيل الحداثة ركنا واحدا من اركان البناء التقليدي للقصيدة يتمثل بالبحر الشعري ...القانون الذي ينظم البناء الايقاعي العام للقصيدة ..واختط هذا الانجاز الشعري الحداثي رائداه ...بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وحاول هذان الشاعران ان يؤسسا بيانات تحدد سياسة هذا الشكل الجديد للكلام الشعري ..تمثل ذلك في كتابة نازك لمقدمة ديوانها شظايا ورماد وأفكارها المضمنة كتاب قضايا الشعر المعاصر ثم السياب في كتابة مقدمات بعض دواوينه ...لم تمس افكار التجديد لدى هؤلاء عمق الشعر بقدر ما اقتصرت علي السطح الخارجي الظاهر للكلام ...كما ان مفهوم الشعر لدى هؤلاء لم ينج من فخ الرجعية الثقافية وخصوصا نازك في كتابها قضايا الشعر المعاصر ...

في ديوانه ...لن ..اعلن بيانه المؤسس للتنديد بالحداثة الشكلية ..الحداثة الأولى ونقدها معلنا حداثة مختلفة يتجاوز الوعي بها اسطح الاشياء والكائنات في الكون الطبيعي والانساني والشعري ...ليطال الوعي الحداثي البنيه العميقة للنظام الكوني ..ومن ثم يصبح الشعر تعبيرا حداثيا منسجما مع ذاته ومع خارجه معا .. كان ديوان ..لن ... بمثابة بيان شعري لحداثة شعرية من خلال الشعر ذاته ...نصوص شعرية ثم من خلال مقدمة الديوان ..وهي أشبه ببيان سياسي خاص بسياسة الشعر ..يتضمن البيان / المقدمة مضامين الحداثة الشعرية والانساق المهمة والفاعلة للوعي بها ..ببيان انسي تأسست بيانات لاحقة للشعر لقاسم حداد وامين صالح وبنيس حددت مفهوم الحداثة واشكالياتها ماضيا وحاضرا ومستقبلا ...

برحيل انسي الحاج تكون الثقافة العربية قد فقدت واحدا من صناع حداثتها والشعر واحدا من ابرز فرسا ن قصيدة النثر الحديثةَ

السبت, 15 شباط/فبراير 2014 21:54

عدنٌ أيضاً...

كتبه

ماذا لو اني الآنَ في عدنٍ ؟

سأمضي، هادئاً ، نحو " التواهي" ...

والقميصُ الرّطْبُ ، يعبَقُ ، من هواءِ البحرِ.

في باب الجماركِ سوف أستأني قليلاً

ثم أمشي ، نحو أطلالِ الكنيسةِ

سوف أدخلُ:

ثَمَّ أمسحُ من ترابٍ أسوَدٍ ، لوحَ البِلى...

بحّارةٌ غرقى أراهم يملأون مقاعدَ اللوحِ العتيقِ.

أرى، هنالكَ ، بينَهم ، لي رفقةً...

وأصيحُ:

أحمدُ!

يازكيّ!

ويا سعيدُ!

ويا

ويا...

إني قطعتُ الكونَ من أقصاهُ ، كي آتي إليكم يا رفاقي

فَـلْـتُـفيقوا لحظةً

إني أتيتُ لكم بماءٍ سائغٍ من رأسِ رضوى

جئتُكُم بالرايةِ الحمراءِ

رايتِكُم

سأحملُها، وإنْ وهنتْ ذراعي...

لندن14/2/2014

 

الأربعاء, 05 شباط/فبراير 2014 00:15

رحلة قصيدة ونصوص أخرى .....

كتبه

رحلة قصيدة

_______

 أمسك  بطرف

الليل

من قعر التأمل  

أرق العنوان

وأصداء البيداء

لأجل ميلاد   قصيدة 

من معاني نحاسية

 تنبع من عمق  شتاء

 ذابل

لتنتفض مشتعلة 

ناحية الكيبورد

صوب المنتهى

_____

الهامش

 أفل الهامش 

 ونزوى

ناصية  

 أسفل الورق

هنالك 

 يقتات

من حروف

 ذابلة

يعيش بعيداً

عن   الاضواء

________

لم يهزم القلم

 وحينما  يداعب

  الكرى 

مقلة الشعر  

يكون القلم  

أستراح من  أنامل المساء

والصباح

من شيد  مدن   وأناس 

من قصاصة

الورق 

 لم يهزم القلم  

لم يهزم القلم

______

مقابر ...

يروق   حفار القبور  

بقعة الدماء

 ويسابق الموت

يزاور  جرحى   اقتتلوا باسم الله

سماحة الدين  

والدنيا

ووطنناً معطى

كم يا لله  في هذا اليوم

قتلى  لمن

لمن  

لمن تتسع  المقابر بضواحي المدن

قال لأنصار  اللات  والعزى

الصفحة 6 من 6