كان يمنح مقايل منتدى الجاوي بصنعاء نكهة خاصة بنقاشاته وأفكاره التنويرية شديدة الوضوح.. كان قارئاً نهمًا، يحضر المقيل ومعه أعداد مختلفة من الصحف الصادرة بكل تنوعها ولا يغادر المقيل إلا بعد أن يقرأها جميعها ويستوعب مضامينها، لأن تعليقاته البعدية على الأخبار والتقارير وموضوعات الرأي المنشورة في هذه الصحف تكون حصيفة.
تعرفت عليه في مطلع الألفية بواسطة السفير أحمد كلز وكان يستهويني في حديثه سعة اطلاعه وخبرته في الحياة والناس والمواضع في اليمن كلها، فتجربته السياسية والأمنية الطويلة منحته هذا القدر من النباهة والمعرفة.
كان ناشطًا في حركة القوميين العرب في بواكير حياته، قبل أن ينتمي للحزب الديمقراطي الثوري وقت تأسيسه، وبعد أحداث أغسطس الدامية في صنعاء في العام 1968، انتقل إلى عدن ضمن كثير من القيادات الأمنية والعسكرية التي تم التنكيل بها ومطاردتها وفصلها من الخدمة.
في عدن كان واحد من أعمدة تأسيس جهاز أمن الثورة في الدولة الوليدة (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية)، وتدرج في مواقع أمنية مختلفة حتى وصل إلى موقع متقدم في قيادة الجهاز على مستوى الجمهورية، وحين تأسست الجبهة الوطنية الديمقراطية في 1976 وبعدها حزب الوحدة الشعبية في 1978، كان شرف المنسق الأمني السري بين فصائل الشمال والجنوب، وبعد أحداث يناير 1986، انتقل إلى صنعاء مرة أخرى ،فوظف علاقته في حماية الكثير من المطاردين والمعتقلين من قبل الأجهزة الأمنية.
ظلت علاقته برفاقه القدامى، وغير رفاقه أيضًا، قائمة ومتصلة، يسودها الود والمحبة وكان جسرًا للتواصل بين الجميع، يلجأ إليه الكثيرون لخدمتهم وحل مشاكلهم، وبكل تفان وحب يقدم أعماله الجليلة لغيره في نكران لا يبارى للذات.
في أشهر الحرب عاد إلى عدن، وكان الواتس هو وسيلة تواصله الحميمة مع الجميع، لكنه في السنوات الأخيرة عانى من غزوات الأمراض العديدة لجسده، وحين لم يستطع الصمود أكثر أسلم روحه اليوم في المدينة التي أحب عن 76 عامًا.
أصدق التعازي لأسرته ورفاقه ومحبيه