شنت جماعة الحوثي يوم أمس الخميس، حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من موظفي الأمم المتحدة والوكالات الاممية التابعة لها، وقيادات في المجتمع المدني، في صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
ونقلت وكالة رويترز اليوم الجمعة عن ثلاثة مسؤولين في الحكومة اليمنية القول: إن قوات الأمن التابعة للحوثيين اعتقلت ما لا يقل عن خمسة عشر موظفا يمنيا يعملون في منظمات دولية من بينها الأمم المتحدة.
وأوضح المسؤولون أن أفرادا من المخابرات التابعة لجماعة الحوثي المسلحة اعتَقلوا تسعة موظفين في الأمم المتحدة وثلاثة موظفين في المعهد الديمقراطي الوطني الممول من الولايات المتحدة وثلاثة موظفين في جماعة محلية معنية بحقوق الإنسان، وذلك خلال سلسلة من المداهمات يوم الخميس.
وحسب رويترز، داهم أفراد المخابرات التابعين لجماعة الحوثي، التي تسيطر على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من شمال البلاد، منازل ومكاتب هؤلاء الأشخاص وصادروا هواتف وأجهزة كمبيوتر.
وقال المسؤولون، إن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين يعملون في مكتب حقوق الإنسان ومكتب الشؤون الإنسانية.
وفي السياق أكدت مصادر محلية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، "إن عناصر تابعة لجهاز الأمن والمخابرات التابعة للحوثيين اختطفت نحو 12 موظفاً لدى الأمم المتحدة وأودعتهم في سجن الأمن والمخابرات".
ووفقاً للوكالة، قامت عناصر جهاز الأمن والمخابرات، بتنفيذ الاعتقالات يوم أمس الخميس، في محافظات صنعاء وحجة والحديدة.
وذكرت عريضة موقعة من قبل موظفين يمنيين لدى المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والمعهد الديمقراطي الأمريكي، تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، نسخة منها "إن عناصر من جهاز الأمن والمخابرات نفذت اعتقالات جديدة لستة موظفين يعملون لدى المفوضية السامية، وثلاثة من المعهد الديمقراطي الأمريكي وثلاثة من مكتب الأوتشا و ثلاثة آخرين يعملون لدى منظمات أخرى".
ووفقا للعريضة، "اعتقل الحوثيون خلال الأسبوع الماضي، موظفين اثنين يعملون لدى منظمة رنين بينهم امرأة تم اعتقالها هي وزوجها وأطفالها ، وموظف لدى منظمة ديب روت".
وطالبت العريضة، سلطة المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين في صنعاء وجهاز الأمن والمخابرات، بالإفراج الفوري عن الموظفين اليمنيين الذين تم اعتقالهم. وأكدت أن اعتقال الموظفين اليمنيين العاملين في المنظمات الأممية عوضاً عن أنه انتهاك لحقوق الإنسان، فإنه يساعد في عزل البلاد عن العالم "واعتقال موظفين من منظمات مصرح لها بالعمل داخل البلاد يعني وضع البلاد أمام مشكلة حقوقية كبيرة".
من جانبها نقلت صحيفة "الشرق الاوسط" عن مصادر حكومية وحقوقية القول: أن الجماعة اعتقلت نحو 35 موظفاً وعاملاً إنسانياً في صنعاء وحجة والحديدة وعمران وصعدة، في يوم واحد (الخميس)، وأكدت أن حملة الملاحقة مستمرة وأنها شملت أكثر من 15 شخصاً من العاملين في مكاتب الأمم المتحدة والمعهد الوطني الديمقراطي الأميركي ومنظمات دولية أخرى.
وبحسب المعلومات التي تحصلت عليها «الشرق الأوسط»، طالت الحملة التي نفذها ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» الحوثي، 6 من العاملين لدى مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في محافظات حجة والحديدة وصنعاء، كما استهدفت 3 من العاملين لدى مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، و3 موظفين لدى مكتب المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي، وسط أنباء عن اعتقال موظف لدى مكتب مبعوث الأمم المتحدة في صنعاء.
وذكرت المصادر أن الاعتقالات الحوثية طالت أيضاً موظفين اثنين كانا يعملان لدى منظمة يمنية محلية، وأحدهم تم اعتراضه أثناء سفره إلى محافظة إبّ مع أسرته، كما تم اعتقال امرأة وزوجها وأطفالها، وموظف آخر لدى منظمة «ديب روت».
وأكد ناشطون وعاملون لدى منظمات أممية ودولية أن زملاء لهم اختفوا عن الأنظار مع بدء حملة الاعتقالات الشاملة، ورجحوا أن هؤلاء يبحثون عن مخرج للفرار إلى مناطق سيطرة الحكومة خشية الاعتقال، وقالوا إن من اعتقلتهم الجماعة سيتعرضون للتعذيب والاتهام بالجاسوسية كما حصل مع آخرين من قبل، أما إذا تمت إحالتهم إلى المحاكمة فسوف تصدر أحكام بالإعدام في حقهم.
وبحسب المصادر الحقوقية، فقد قامت قوات تابعة للأمن والمخابرات الحوثية باقتحام منازل الموظفين الإنسانيين وتفتيش غرف نومهم وهواتفهم وهواتف أقاربهم وأجهزة الكمبيوتر الشخصية دون الإفصاح عن التهم الموجهة إليهم.
وقالت إن الحملة مستمرة حيث تواصل الجماعة البحث عن عاملين سابقين لدى منظمات أممية ودولية محددة لاعتقالهم، وإن الحملة طالت مكاتب تدقيق محاسبية تعمل لصالح الجهات المستهدفة بالاعتقال.
على وقع الاعتقالات الحوثية للعاملين الإنسانيين، أصدر ناشطون وكتاب وحقوقيون يمنيون بياناً استنكروا فيه هذه الاعتقالات ومصادرة هواتف المطلوبين وأفراد أسرهم بما فيها أجهزة تخزين المعلومات الشخصية، وطالبوا الحوثيين بالإفراج الفوري عن المعتقلين وإعادة المضبوطات وكل ما تم أخذه.
ووصف ناشطون الوضع في صنعاء بالمرعب، قائلين لـ «الشرق الأوسط» إن الحوثيين يعيشون في حالة هستيرية غير معهودة، وإن عربات جهاز المخابرات والأمن التابع لهم داهمت مكاتب محاسبة قانونية ومساكن موظفين لدى منظمات محلية وآخرين عملوا سابقاً لدى السفارة الأميركية أو البريطانية، وإن الكثير من المعتقلين لم تُعرف أسماؤهم بعد.
من جهتها، أفادت منظمة «ميون لحقوق الإنسان»، وهي منظمة محلية، بأن الجماعة الحوثية نفذت حملة مسلحة متزامنة في صنعاء والحديدة وصعدة وعمران استهدفت موظفين يمنيين يعملون لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وأن عدد من اختطفتهم الحملة بلغ 18 موظفاً وعاملاً في منظمات وهيئات ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات دولية، عدد منهم تمت مداهمة منازلهم والتحقيق معهم داخلها ومصادرة جوالاتهم وحواسيبهم قبل اقتيادهم على متن مركبات عسكرية إلى جهة مجهولة.
وقالت المنظمة إنها حصلت على قائمة بالمنظمات الأممية والدولية التي ينتمي إليها المختطفون، منهم موظف واحد يعمل لدى «اليونيسيف»، و6 من موظفي المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وموظف واحد لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وموظف واحد لدى برنامج الأغذية العالمي، وموظف واحد لدى مكتب المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن.
وبحسب المنظمة، شملت الاعتقالات موظفاً لدى منظمة «إنقاذ الطفولة»، و3 من موظفي الاستجابة للإغاثة والتنمية (مؤسسة مجتمع مدني يمنية)، وموظفين اثنين لدى منظمة «أوكسفام»، وموظفاً لدى منظمة «كير»، وموظفة لدى الصندوق الاجتماعي للتنمية (مؤسسة يمنية حكومية).
ونددت منظمة «ميون» بأشد العبارات بالتصعيد الحوثي الذي وصفته بـ«الخطير» الذي «يشكل انتهاكاً لامتيازات وحصانات موظفي الأمم المتحدة الممنوحة لهم بموجب القانون الدولي». وعدت ما قامت به الجماعة «ممارسات قمعية شمولية ابتزازية للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية».
وطالبت المنظمة الحقوقية بالكشف عن مصير المختطفين والإفراج الفوري عنهم وعن زملائهم الذين لا يزالون في معتقلات الجماعة في صنعاء منذ نحو 30 شهراً، وجميع الأشخاص الآخرين المحتجزين بشكل غير قانوني في مناطق سيطرتها.