إلى رفيق الدرب محمد الهجري

  • الاشتراكي نت / خاص- قائد علي الشاطر*

السبت, 19 نيسان/أبريل 2014 18:13
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 

لا أقسى من رثاء الكبار، أولئك الذين انتزعوا وجودهم، في أصعب مراحل النضال التاريخية بصمت، وكانوا أساطير خاضوا بطولة الشرف والمجد في سبيل مشروعهم السياسي والوطني.

الرفيق محمد غالب الهجري واحد من هؤلاء الكبار، الذين تركوا في أعماقنا جرحاً كبيراً، وخلفوا وراءهم تنهدات مجتمع لطالما آمن بحبهم ونقاء سيرتهم.

لعله رحل وسحب ضله وراءه بينما لم يترك لرفاقه ومحبيه سوى حسرة قاسية.. انا واحد منهم لكنني غير جديرً كغيري بإنصاف الرفيق محمد، كما يجب، وليس بمقدوري الآن استحضار أرشيف الذكريات الذي ألفته سيرة النضال معاً،  في أصعب  لحظات الحزب التاريخية المعروفة بفترة العمل السري، حيث كان الرفيق محمد "الدينمو" الجدير بحركة الحزب في محافظة ريمة وعامل الوصل بينها وبين محافظات اليمن الأخرى.

أتذكر مغامراته الأكثر بسالة وحيوية في تفعيل وتنفيذ العمل الحزبي، وانشطته السرية وغير السرية في كل من محا فظته، والعاصمة صنعاء بالتحديد حيث كلف نفسه اكثر من مرة بتوزيع ولصق المنشورات الوحدوية، وتلك المناهضة لسياسة نظام صالح وحكمه العسقبلي ليلاً على جدران أقبية المخابرات وأجهزة القمع السلطوية أنذاك.

حينها لم اكن أفكر الا في كيف يمكن لحزبنا الاشتراكي ان يرد الاعتبار لمثل هؤلاء، وهو الحزب الذي عاش الرفيق محمد مزهواً به، وبمواقفه ورؤاه السياسية.

اعترف أنني مصدوم بفاجعة الرحيل هذه، ولأنني كذلك صرت لا اقدر على مقاومة الاحساس بالحزن حتى اللحظة، وفيما يبدو الرثاء صعباً تعجز اناملي كل مرة عن الكتابة، ولقد صرت اتخيل صوته ينط من شاشة الهاتف كعادته، كل ليلة بينما لا تنط سوى دموع الألم، فاحتفي بحزني وخيبة رحيله.

عظمة الرفيق محمد أنه لم يكن يوما مداهناً او متطرفاً، ولا مناضلاً حزبياً ضاع في زحمة الهموم الشخصية وطموحه الرأسمالي. لقد كان بحق اشتراكيا صلباً لا يمل وناشطاً اجتماعياً من الطراز الوطني المسئول.. سخياً وكريماً لا يبخل عن العطاء والمشاركة في فعاليات وانشطة الحزب أينما يكون.

ولأنه كذلك فلا يبدو الحزن لائقاً بهذا النموذج الإنسان سيما وقد عاش حياة المناضل الوطني والانسان القريب من قلوب الناس في بلاده وسكن عيشه دون استثناء، فعاش تجربة الماضي الأليم وثورة الحاضر ومخاوف المستقبل، ولكن محافظاً على ابتسامة الأمل في عينيه.

ولقد نذر الفقيد الرفيق ايامه وسنواته الشابة لغاية اعلاء قيم العدالة الاجتماعية، والحرية التي هي منهاج الحزب الاشتراكي ؛ آمن بها  والتزمها في حياته النضالية منذ الوهلة الاولى على طريق نضاله مع رفاقه في الجبهة الوطنية وحزب الوحدة الشعبية أواخر السبعينات. كما انخرط في صفوف الشباب وثورتهم ليواظب على حضوره وفاعليته في المسيرات والفعاليات، وما أكثر ما وضع يده على قلبه خوفاً من سارقي الثورات ومستثمري نضالات الشرفاء واحلام الشهداء.

وفيما يشكل رحيل الرفيق محمد خسارة للحزب الاشتراكي ولوجوده العريض في الساحة الوطنية لا  احسبه  الا أسطورة انتزع وجوده في لحظة خارج حسابات الزمن. لكن الزمن عدو شرس، والحرب معه كأنها معاندة للقدر.

 

*عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني

قراءة 1728 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة