صالح والحوثي ونقطة اللاعودة"تقرير"

  • الاشتراكي نت/ خليل الزكري

الإثنين, 28 آب/أغسطس 2017 00:35
قيم الموضوع
(0 أصوات)

التصعيد بالتصعيد

تنتقل الازمة بين علي صالح والحوثيين الى طور جديد من التعقيد الذي قد يفضي الى مواجهات دامية ومفتوحة بين حليفي الانقلاب والحرب تتوسع على كل المناطق الخاضعة لسيطرتهما.

تصاعدت حدة التوترات بين صالح والحوثي منذ دعوته انصاره للاحتشاد في ميدان السبعين احتفاء بذكرى تأسيس المؤتمر، والذي رأى فيه حليفه ان صالح يحاول الاتجاه في مسارات لن تصب في خدمة مشروعه، فواجهه بتصعيد مضاد لا زال متناميا، كشف عن عمق الانقسام بين الحليفين اللدودين.

انتهى استعراض السبعين كما اراد له الحوثي ان يتم، وسط مساعي عدة لتهدئة الوضع بين الحلفين، لكن ما اعقب السبعين من احداث متسارعة افضت الى مقتل احد اهم رجالات صالح العميد خالد الرضي في اشتباكات اندلعت مساء السبت في محيط دار الرئاسة وسط العاصمة صنعاء.

واندلعت الاشتباكات بعد ان أوقف مسلحون حوثيون في جولة المصباحي، نجل المخلوع صالح "صلاح" ساعتها اشتبك الطرفان بالرصاص الحي اسفرت عن سقوط ما يقارب من 11قتيلا وجريحا بينهم الرضي.

ولم تتوقف المسألة عند هذا الحد بل لاحق المسلحون الحوثيون نجل صالح حتى منزل اخيه الاكبر احمد علي صالح في حدة وحاصروه لعدة ساعات مستعدين لاقتحامه قبل ان تتدخل وساطة رفيعة عملت على تهدئة الموقف نسبيا.

عقب ذلك دعا حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي صالح، حلفاءه الحوثيين إلى فتح تحقيق عاجل لكشف حيثيات الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالحزب العقيد خالد الرضي.

وقال المؤتمر في بيان نعي بمقتل الرضي "أن السكوت على حادثة اغتياله والتهاون مع القتلة قد يفتح باب فتنة من الصعب إيقافها".

في المقابل وتعليقا على الاشتباكات، دعا رئيس ما يعرف باللجنة الثورية التابعة للحوثيين محمد علي الحوثي إلى "ضبط النفس"، وإعطاء الأولوية لجبهات القتال.

محمد علي الحوثي في تعليقه تناول الحادثة كأنها عرضية، واتجه كالعادة للتقليل من شأن كل ما يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية حد زعمه.

ما شهدته صنعاء من اشتباكات مساء امس لم يكن عرضيا او وليد اللحظة وانما تراكم لصراع بين حليفي الحرب والانقلاب "صالح والحوثي" كان قد بدأ منذ تتويج تحالفهما بإعلان ما يعرف ب " المجلس السياسي الاعلى" الذي اتفق الطرفان على رئاسته الدورية كل سته أشهر، بيد أن الحوثي لم يسلم رئاسة المجلس لحزب صالح.

وفي الوقت الذي يدفع فيه الطرفين بمزيد من قواتهما الى صنعاء والاحتشاد في محيطها يرى مراقبون للشأن اليمني ان وصول الصراع بين صالح والحوثي الى المواجهات المسلحة يكشف أن حلف الضرورة، وصل الى نقطة اللاعودة.

حشد السبعين

لم يستغل صالح الاحتشاد الجماهيري الكبير الذي احتضنه السبعين لتعزيز موقفه سياسيا وجماهيريا في ما بدى من القضايا الخلافية مع حلفائه الحوثيين والتي تتمثل في تقاسم السلطة وادارة ملف الازمة سياسيا وعسكريا، الامر الذي شعرت معه جماهير صالح بالانكسار والخذلان بعد ان تجشمت عناء المشاركة وسط جملة من المضايقات مارستها المليشيا الحوثية لإثنائهم عن المشاركة.

ويقول المراقبون ان صالح لم تكن امامه فرصة تتيح له استغلال ذلك بعد ان شعر ان حليفه الحوثي يطبق عليه حصار خانق لا يتيح له التحرك الا في الخيارات التي يحددها هو أي الحوثي فقدم تنازلات كبيرة مقابل حفظ ماء وجهه امام انصاره الذي ظهر امامهم من على منصة السبعين واعدا حليفه برفد الجبهات بالمقاتلين.

وكانت معلومات تداولها عددا من المواقع الالكترونية ان حسن نصر الله الذي شكره صالح في خطابه المقتضب لعب دورا كبيرا في اقناع حلفائه الحوثيين السماح له بتنظيم احتفاله في السبعين. بعد ان كان الحوثيون حتى اللحظة الاخيرة على اهبة الاستعداد لمنعه حتى ظهر زعيمهم عبد الملك الحوثي ببيان يدعو فيه للتهدئة والتسهيل لحليفه بإقامة احتفاله.

ويقول الناشط السياسي راشد السامعي ان خطاب صالح وظهوره الخاطف أمام أنصاره لم يترك له فرصة الحديث عن أي شيء وسط ضغوطات الحوثي سوى تلبية رغبة الأخير برفد الجبهات.

واضاف: لم يقل صالح ما كان متوقعا أن يقال، لذلك يبدو أن توتر العلاقات بين شريكي الانقلاب ستفصح عن خيارات صالح التي لم يقلها في السبعين وهذه المرة ستفرض بالعنف والتراشقات.

وحول المخلوع صالح حشد السبعين الى استعراضي لم يستطع معه ان يحقق أي مكاسب على الواقع، بعد ان كان متوقعا منه ان يشكل تحولا في مسار المؤتمر واستعادة دوره كمؤسسة سياسية، غير ان زعيمه مضى في الخيار الاسواء الذي سيؤدي حتما الى تدمير ما تبقى منه، حسب ما يعتقد المراقبون.

ويتابع السامعي: صحيح ان صالح لم يقل شيء يستحق الوقوف أمامه في تظاهرة السبعين، غير أن الرجل الماكر كان قد أفصح عن نقاط الخلاف التي قد تعصف بتحالفه مع الحوثي في حديثه السابق للمهرجان الذي تحدث فيه عن دور ما يسمى باللجان الثورية الحوثية وتدخلاتها في شؤون وزراء صالح، إضافة إلى توجيه رسالة خاصة للحوثيين بأنه لا يمكن لأحد أن يخرجه من صنعاء، كذلك ما بدى في سجال الخطابات بين قيادات الحليفين وانعكس كتصعيد اعلامي برز في وسائل اعلام الطرفين وفي ما تداوله انصار صالح على شبكات التواصل الاجتماعي والتي كانت أغلبها تسخر من الحوثيين.

طوق النجاة

يعتمد صالح غالبا على إيصال رسائله عبر الحشود الجماهيرية فإن لم يتحقق له ذلك فلديه طرقه الخاصة والعنيفة لإيصال رسائله، لكن هل بات صالح اليوم ممسكا بخيوط اللعبة ليتسنى له فعل ذلك؟

مع تصاعد وتيرة الصراع بين حليفي الحرب تكثف المليشيا الحوثية من حصارها الخانق على حليفها صالح حتى ان الاصوات تتعالي على مستوى قيادي عالي للمليشيا تطالب بالتخلص من صالح بأي صيغة كانت حتى وان كان بالتصفية الجسدية وهذا ما تجلى في مطالب القيادي الحوثي حسن زيد الذي طالب بتصفية صالح فيما طالب، صادق أبو شوارب، بالحجر السياسي على صالح، وإقالته من رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام.

في هذا السياق يقول سفير اليمن لدى المملكة المتحدة الدكتور ياسين سعيد نعمان "لم يعد أمام صالح من شيء يعمله إزاء تضييق الخناق عليه من قبل حليفه الحوثي سوى الكلام.. الكلام وحده، وليس أكثر من ذلك".

واضاف في تغريدة له على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" "صالح يعرف جيداً أن السحر إنقلب على الساحر.. ففي الوقت الذي اعتقد فيه أنه استخدم الحوثيين لتنفيذ المشروع الانقلابي الانتقامي فقد كان يسلم لهم كل ما جمعه من أدوات نفوذ وقوة خلال ثلاثة عقود بصورة عكست حماقة المنتقم حينما يدمر كل شيء ليجد نفسه محاطاً بخراب.

واستطرد قائلا "فمهما جمع ومهما حشد فإن الخراب قد طال كل شيء حواليه، بما في ذلك الانسان، وأفرغها من نضارة الحياة وحيوية الفعل . وهو لا يجد ما يعوض به هذا الخراب وهذا التفريغ المريع سوى أن يتكلم ويتكلم بينما يدرك أن حليفه لن يتجرأ على أن يقدم على أي عمل عسكري ، لا لأنه ،أي صالح، في وضع يستطيع فيه المواجهة، ولكن لأن هذا الحليف يحتاج إليه الان كغطاء لمشروعه، من خلال المؤتمر الشعبي، وأنه ليس لمصلحته أن ينهي هذا الحلف في الوقت الراهن.

واكد ان صالح لم يعد يمتلك القوة على تعديل المعادلة مع حليفة الحوثي، ولا الحوثي لديه مصلحة في إنهاء التحالف مع صالح والذي يعطيه الغطاء لمشروعه.

وقال كل ما سينتج عن هذا الزعيق لن يكون أكثر من كشف عورة وإدراك حقيقة هذا المشروع الفاسد الذي حكم هذا التحالف الانقلابي باعتباره مشروعاً عبثياً قاد إلى هذا الوضع الذي دمر البلاد.

يدرك صالح انه بات لقمة سائغة بالإمكان التهامه في أي وقت من قبل المليشيا التي تغولت حتى اصبحت لا ترى غير وجودها المدعم بقوة السلاح المنهوب من مخازن الدولة، غير انه لم يعد يدرك اين طوق نجاته بعد ان وجد نفسه محاطا بكل هذا الخراب حسب تعبير الدكتور ياسين.

تعدى الصراع بين حليفي الانقلاب ما هو ابعد من الشراكة واستحواذ الحوثي  على المؤسسات العامة خاصة الجيش والأمن بل اصبح الصراع وجودي، ستفصح عنها كل ضغوطات الصراع خلال الايام المقبلة وبتعبيرات اكثر وضوحا.

ضحى صالح بالسياسة منذ الوهلة الاولى من تحالفه مع الحوثي لصالح مشاريع الحرب وترك حليفه يتحرك على مساحة كبيرة كان هو يشغلها كانت من الممكن ان تشكل له طوق نجاة لكن الاوان فات.

يقول الناشط السياسي راشد السامعي يبدو أنه لم يعد أمام صالح من خيار سوى ان يبحث له عن تدخل خارجي لإنقاذه فمليشيا الحوثي لم تترك شيء لم تسيطر عليه ولا مساحة للآخر يمكنه التحرك منها.

الازمة شرط الاستمرار

عادة ما تقوم التحالفات مثل تلك التي بين صالح والحوثي على الأزمات و استمرار الفوضى والنهب للمال العام وتقويض كامل لكل بنية الدولة.

وفي هذا الصدد يرى السامعي إن استمرار الأزمة والحرب يعني طول عمر تحالف الانقلابيين، لكن التوجه الجاد من قبل الشرعية وقيادة التحالف العربي سيقود حلف الانقلابيين إلى التصدع.

ويذهب السامعي الى ابعد من ذلك حيث يقول "بشكل أكثر دقة يمكننا القول بأن تصاعد الأحداث تشير إلى احتمالية ذوبان حزب المؤتمر في جماعة الحوثي. فالزعامات القبلية دائما تنشط في هامش الاستقطاب مع ما يرافق العملية من تمويلات، في حين يضيق الحوثي المجال أمام هذه الزعامات بفرض جماعته كقوة وحيدة لاستقطابهم أو تحجيم ومحاصرة خياراتهم.

حتما يتجه تحالف الانقلاب والحرب الى مألات التصدع الامر الذي يتوجب ان يقابله تحركات جادة للشرعية والتحالف العربي تفرض استقطابات في صفوف التحالف الانقلابي ستؤدي في نهاية المطاف الى استمرار تسرب القيادات السياسية والأكاديمية إلى صف الشرعية كلما مر الوقت.

قراءة 15900 مرات آخر تعديل على الإثنين, 28 آب/أغسطس 2017 03:10

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة