طباعة

فلاش باك.. من ذكريات الحرب

الأربعاء, 22 كانون2/يناير 2020 03:46 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في حرب2015 كنتَُ في مواجهة شرسة مع الجرذان، في إحدى الليالي الصعبة احتميت من القصف الشديد في غرفة ضيقة جدًا فاضطررتُ لمشاركتها تلك المساحة الضيقة طيلة الليل. رغم قرفي وخوفي منها إلا أني كنتُ أُحدّق في عينيها ببلاهة. كانتا مفتوحتين على نحوٍ غريب. حاولتُ الحفاظ على هدوئي رغم الاضطراب، حاولتُ بجهدٍ الحفاظ على مساحتي الضيقة ملتصقة بجدار الغرفة تحت السرير المهترئ دون أن تغفل عيناي لحظة واحدة فاقترب منها وأجد أصابعي المرتعشة قد لامستها سهوًا.

اشتد القصفُ فجأة فاهتزت جدران الغرفة وارتبكت فازداد التصاقي بمساحتي الضيقة، أطلقتُ تشهدي الأخير وصرختُ بهلعٍ: لا اريد أن أموت مع هذه الجرذان.

شعورٌ مقيتٌ بالذنب نهشني حين وجدتها تجري مسرعة نحوي تحتمي تحت قدماي المرتعشتان. لقد خافت من أصوات القصف واحتمت بي! .

أيُّ قلبٍ قاسي كنتُ أحمله، أيُّ شبح إنسان كان يتلبسني. شعرتُ بالخزي من نفسي وقررتُ في ليالي القصف اللاحقة ألا أتذمر من مشاركتها تلك المساحة الضيقة لابل من ملامستها لي إن دعت الحاجة.

انتهت الحرب في مدينتي ولم تنتهي في مدنٍ أخرى. الجرذان باغتتنا من كل مكان، عادت للبيوت مع كل النازحين، لا زلتُ أُراقبها من بعيد، تتسع حدقاتها في العتمة بينما لا تمل من قضم أرواحنا المتعبة.

هذا جرذٌ يُطلقُ الرصاص وهذا جرذٌ يُطلق الصواريخ وهذا آخر يتحدث في التلفاز عن الحرب وهذا يُكفّر وهذا يُخوّن وآخرٌ يخون.

هذا جُرذٌ يضحك لأصابع الأطفال المبتورة وهذا آخر يقتاتُ من جوع وتشرد آخرين وهذا يضحك وآخر يكذب.

الجرذان اجتاحت مدينتنا، الجرذان اجتاحت حياتنا، الجرذان اجتاحت بلادنا، الجرذان اجتاحت أرواحنا.

إنّه الطاعون يا سادة!!! .

من صفحة الكاتبة على فيسبوك

قراءة 2220 مرات

من أحدث شيماء باسيد