طباعة

لا ولاية ولا خلافة..

الأربعاء, 04 آذار/مارس 2020 21:00 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لماذا هذا الإصرار الفج والمتزمت بكون الإسلام ليس إلَّا ولاية شيعية أو خلافة سنية؟ أربعة عشر قرنًا ونصف ومجتمعاتنا غارقة في خضم صراع عبثي عنيف وبلا منتهى بسبب الحُكم وأحقيته وسُبل الهيمنة عليه واستخلاصه لشخص من بني هاشم أو من قريش..

أصدقكم أنني وكلما أوغلت في قراءة تاريخنا الإسلامي فلا أعثر على مبرر أخلاقي أو ديني أو إنساني يمكنه تفسير وتبرير حالة الصراع التاريخي الطويل بين الطوائف والجماعات الإسلامية حول الحُكم.

كما وتنتابني حالة من الهلع والألم على مجتمعاتنا المتناحرة منذ وفاة رسول الله محمد بن عبدالله، عليه أفضل الصلاة.

فبرغم إنَّه رسول الله وخاتم النبوة ورسالته أكبر وأعظم من أن تختزل بنطاق مكاني أو بعصبة عرقية، إلَّا أن أُمَّته التي يفترض أنها خير أمة -ليس بالمعنى البيولوجي الأثني وإنما هي أفضلية معنوية أخلاقية إيمانية- عجزت عن فهم واستيعاب رسالة الإسلام الإنسانية الكونية.

للأسف تم فهم هذه الأفضلية بكونها أفضلية عرقية اصطفائية عنصرية لا صلة البتة لها بالرسالة التبليغية الروحية الإنسانية، فهذه الرسالة هي لكل البشر ولا تختص بفئة وشعب مثلما آلت إليه اليهودية بُعيد حصرها بنسل النبي يعقوب وبطائفة بالغت في غلوها بكونها الفئة المختارة والمتمايزة عن سائر الفئات البشرية.

ما أفهمه وأدركه هو أن جوهر رسالات السماء جميعًا تتشارك في إرساء العدل والحق والفضيلة والمساواة والسلام والتسامح، كما وترفض الظلم والطغيان والفساد والتمييز والعنف والبغي والعدوان.

أتأمل الآن ما يجري في العراق ولبنان، وقبلهما، اليمن وسوريا، فلا أجد غير الدم النازف والقتل والتكفير والإرهاب والخراب، وكل هذه المشاهد المروعة لا أساس لها أو باعث غير السلطة والسطوة ولو بالجبروت والقهر والإذلال للمجتمعات.

فلا علاقة للإسلام بهذا النزاع الدموي، فمنذ سقيفة بني ساعدة ونحن في خضم حروب وصراعات باسم الله والرسول والدين وخلافه، بينما هي في الحقيقة حروب وصراعات غايتها السلطة والنفوذ والاستئثار بهما ولا شيء سواهما..

قراءة 2926 مرات

من أحدث محمد علي محسن