أخـــر الأخبــــار

 

ذكرى الوحدة.. وكيف نتجاوز مايفرقنا إلى مايوحدنا

الأحد, 25 أيار 2014 18:52
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

لماذا صارت ذكرى الوحدة تجلب الرغبات الوحشية لدى المتنفّذين، ومن قام بتشويه قيمة الوحدة على هذا النحو المؤسف..؟!.

كلنا نعرف الأسباب والحيثيات، ومن يستمر في تجاهلها مجرد أخرق لا يُعوّل عليه، علينا ألا ننسف القيمة الجليلة للوحدة باستمرار الفظاعات باسم الوحدة ومنح ذرائع للمتربّصين بحاضر ومستقبل اليمن واليمنيين.

فلقد تعرّضت الوحدة إلى انتهاك منظّم؛ تمّت مصادرتها حتى جعلوا نعيمها للأقوياء فقط، الوحدة كأسمى قيمة في حياة اليمنيين مازالت تُنتهك حتى الآن، قامت الوحدة على أساس أن المقياس هو قانون المواطنة؛ لكنهم كانوا على درجة عالية من الغشم والعسف؛ أعني من اعتبروا الوحدة منفعة لكروشهم وأرصدتهم وأملاكهم.

والشاهد هو أن الوحدة انبثقت على أساس أن تكون مصلحة وطنية عليا في كل الظروف؛ لكنهم برّروا وسوّغوا لأنفسهم الانقضاض عليها بدعوى الدفاع عنها؛ هكذا فجأة وجدنا كل المزايدين والطائفيين يحوّلونها إلى وسيلة لإذلال قطاع واسع من الشعب، باتت «القبيلة» روح الوحدة والدولة معاً، ويا للمكيدة؛ إلا أن الواجب على السياسيين تحمُّل أخطائهم الفادحة التي أعاقتنا عن استعادة روح الوحدة كما ينبغي.

المعنى أن «ذيول النظام السابق تشتشرس في عدم معالجة الأخطاء» على أننا نحتاج إلى أفق عقلاني جديد يطرح الأسئلة ويحاول أن يجيب عنها بدلاً من خدمة جذوة الخراب على هذا النحو بالتطنيش والتعالي.

نحتاج إلى المكاشفة وإعادة صياغة الوعي الوطني بما يليق نحو تحرير الوعي واحترام الذات والآخر، إضافة إلى مغادرة الأطر الفكرية والنفسية الجامدة وإجراء مراجعات فكرية وسياسية وسلوكية حثيثة بكامل المسؤولية تعمل على تعضيد قيمة الوحدة في العقل اليمني بما يليق بها كوحدة؛ ذلك أن الانفعاليات العاطفية التسويفية في ذكرى الوحدة لا تشفي الجرح الوطني بقدر ما تزيد من اتساعه كما تؤكد دلائل الواقع.

علينا جميعاً العمل الجاد لتهيئة الفرصة الحقيقية للمراجعة والتقييم، ولنبدأ خطوات تحقيق الحلول الموضوعية للقضية الجنوبية في الواقع وليس في المؤتمرات أو على الورق.

صدقوني، تلك القوة التي تنتظرها الوحدة ولا مناص منها للنجاة، كما ليس بخواء التسويفات والتهويمات يمكننا النجاة وطنياً مهما أحاطتنا لغة المغالطات ومنطقها التبريري والفهلوي البليد الذي يحقّق الانكسارات ولا يلبّي الطموحات على الإطلاق.

بلغة أخرى؛ علينا أن نشير بأصابع غير مهزوزة إلى من عملوا على توسيع الانقسام بين اليمنيين، والحاصل هو أن الشروخات المجتمعية تزداد على نحو مهول وصادم بعد كل الذي حصل عبر تنامي ضغائن وثأرات وطغيانات، فمتى يكون لدينا عقل وطني ضامن لحل النزاعات والقضايا بشكل سوي وفاعل..؟!.

وأما ـ بحسب الدكتور أبوبكر السقاف ـ فإن «أبسط إصلاح يصطدم بمصالح راسخة للقاعدة الاجتماعية لنظام 7 -7- 94م، والمنتصر لا يعرف مفهوم التنازل..!!» ثم إن العنف لا يمكن أن يشكّل أي حلول موضوعية مجدية؛ كما السخرية من كل هذه الشروط يناقض الوحدة بالضرورة.

والمطلوب الآن هو سرعة استيعاب أهمية عدم تكرار الأزمات، تحديداً: كيف نتجاوز ما يفرّقنا إلى ما يوحّدنا، كما قال أحد النشطاء في حوار شخصي: «أستغرب كيف يغضبون حين يرون الناس في الجنوب يخرجون مندّدين بما حصل لهم بينما لم تُنصف قضيتهم إلى اليوم..؟!».

على أن المرحلة أكثر من عميقة واستثنائية لا شك، بينما يجب التشديد على أنه من الأهمية في ذكرى عظيمة كذكرى 22 مايو المراجعة التامة ووقوف الأحزاب والنُخب والمثقفين ضد تآكل المجتمع، فالثابت هو أن الشخصية اليمنية تبدو مصابة بخلل رهيب؛ لأننا نفتقد لحظة الصدق مع أنفسنا، ذلك الصدق المؤلم الذي يجعلنا نتطهّر على نحو لا مراوغة فيه.

نعم.. هنالك ظلمٌ رهيب وفادح في المحافظات الجنوبية انعكس حتى على مستوى التفكير الانتقاصي تجاههم؛ لأنهم أقل سكاناً وبلا قبائل قوية ودون وعي بالعصبية الطائفية أيضاً؛ غير أن كل هذه العوامل جعلتهم يتطرّفون في داخلهم المغبون؛ ومعهم الحق لأننا كنّا لا نسمع جيداً أنينهم المتصاعد؛ وإن سمعنا كنّا لا نبالي.

في هذا السياق أجد أنه لا يمكنني أن أدين الضحيّة أخلاقياً ووطنياً مادام الجلاد هو الوحدوي الهمام إلى اليوم، وعصابته هم فصيل الوحدوية الأنقى والأعلى..!!.

إنها مفارقة لا تُستساغ أبداً أن يصير علي عبدالله صالح هو الزعيم الوحدوي الأول؛ وكأن فترة حكمه لم تنتج كل هذه الأهوال والمصائب، ثم إن التاريخ لن يغفر حالات الاستخفاف التي لا تُحتمل ولطالما ووجهت بها القضية الجنوبية؛ بل لعل أفضل ما قدّمته ثورة 2011م هو إمكانية أن تغيّر السلطة من أدوات تفكيرها.

وبما أن جميع الفرقاء في مؤتمر الحوار قد اتفقوا على القضية الجنوبية وعدم إنكارها كما كان يحدث على مدى سنوات؛ فإن التفكير من خلال نفس الأدوات السابقة سيُدخل اليمن في تعقيدات كارثية جديدة نحن في غنى عنها.

باختصار شديد.. صرنا نتفق على أن الوحدة ليست شعارات للنهب والاستعلاء والقهر بقدر ما هي عدالة وشراكة واحترام، الوحدة ليست العاطفة الرومانسية البلهاء التي تكبّد الناس كرامتهم وتثخنهم بالهيانة أو الإذلال، الوحدة الجليلة التي ناضلت الأجيال من أجلها ينبغي أن تكون الدليل الواقعي المعاش على عافية المواطنة المتساوية والحقوق والمحبّة الوطنية وسعادة اليمنيين جميعاً؛ وذلك عبر معالجة المظالم التي تفاقمت في المقام الأول، وجبر ضررها بكل شفافية ونضوج والتزام.

قراءة 1305 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة