طربوش المنحاز لإنسانيته

الإثنين, 27 آذار/مارس 2017 18:15 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تعرفت على الفقيد محمد طربوش سلام في العام 1969 بصنعاء عقب حصار السبعين يوما  لكن بقائي في المدينة لم يطل حيث عدت انا الى الحديدة وبقي هو هناك ، حيث كان معروف لدى الجميع بتوجهه السياسي الذي طغى  على الجانب العسكري في شخصيته وهو ما جعله يبرز كقائد سياسي اكثر منه قائد عسكري.

تميز بعلاقاته الواسعة ليس في منطقته فحسب بل في كل منطقة تواجد بها أعضاء او مؤيدون للفصائل التي شكلت الحزب الاشتراكي اليمني، وكنا في الحزب نرى فيه واحدا من القيادات السياسية الكبيرة  الى جانب ما  يتمتع  به من قدرات  قيادية في الجانب العسكري، و حينها كنا نشعر ان العسكري في إطار الحزب  هو الاكثر تضحية من الحزبي السياسي فقط ، ومع هذا  ورغم وجوده في قمة الهرم الحزبي الا ان الفقيد  كان لا يحب الظهور ويعمل بدأب بدون ضجيج. 

في العام 1977 هربت الى عدن وعلاقتنا  لم تنقطع  وكان طربوش عنوانا بارزا للمنتمين للحزب الاشتراكي والجبهة الوطنية، فهو شخص  غير متكلف  ومن الأصدقاء الأكثر قربا مني، وكان حريص على تقديم الخدمات لرفاقه وزملائه وأسرهم ،   ولذلك كان يلجأ اليه كل من احتاج الى المساعدة. 

 بشخصيته الجادة والصارمة  التي ارتبطت بتربيته العسكرية وهذا ربما كان سببا في جعل من لا يعرفونه يخشون صرامته العسكرية لكن عند الاقتراب منه يجدونه مدنيا أكثر من المدنيين وستجد معنى البساطة في علاقته مع الناس بمختلف مستوياتهم او توجهاتهم، ولا يوجد  احدا من الرفاق المشردين الا وتولى الفقيد الاهتمام به ومتابعة قضيته أيا كان نوعها بحكم قربه من مصدر القرار السياسي.

كان من المتحمسين والمناضلين في سبيل الوحدة ورأى ضمن اخرين ان حل المشكلة  اليمنية  سيكون عبر الوحدة باعتبارها الحاضنة لهموم وتطلعات الشعب المتزايدة والمتنوعة ، ومكسبا للحركة الثورية اليمنية، وراقب مسار العملية الوحدوية عن قرب، ورغم ابتعادنا عن بعض عقب الوحدة الا ان علاقتنا لم تنقطع سواء عبر التواصل المباشر او بحكم القناعات المشتركة.

محمد طربوش شخص يمتلك صفات إنسانية وكفاحية ميزته عن غيره أهمها الوفاء والتضحية والشعور بالمسؤولية ، وارتبط بعلاقة حب وحرص مع زملائه في الحزب وخارجه، وكان اول من يقف معهم اذا احتاج الامر لذلك او تعرض احدهم لأي مكروه، كان من الناس الذين نذروا حياتهم  للوطن وقضاياه، عايش ثورة 26 سبتمبر بروحها وفعلها وتضحياتها، وعاش ثورة 14 أكتوبر بكل ما فيها من احلام وتضحيات  والام وكان صديقا حميما ورفيقا مثابرا وفيا.

عرفته مبدعا في مسؤولياته جديرا بكل ما يوكل اليه من مهام باعتبار ذلك مسؤولية وقضية وليست وظيفة ، عاش هموم الفلاح والجندي والعامل والكاتب وكل هموم المجتمع  وكان اكثر المناضلين حركة وصلابة ومعاناة. وعن قرب وجدته قائدا حزبيا من طراز رفيع لم تمنعه مواقعه العسكرية من ممارسة الحياة السياسية بأفق متقدم  متلهفا لخدمة من حوله مدنيين او عسكريين متجاوبا مع اي حالة إنسانية.

اعلم يقينا ان فرصا كثيرة مرت عليه ليكسب ماديا والابتعاد عن هموم الناس لكنه رفض ورغم الإغراءات الا انه تمسك بانتمائه للناس وللمجتمع الذي نذر حياته لخدمته والعمل على تقدمه ورفاهيته.

*الأمين العام الأسبق لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

قناة الاشتراكي نت تليجرام _ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

https://web.telegram.org/#/im?p=@aleshterakiNet

قراءة 1213 مرات

من أحدث د. سلطان الصريمي

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة