أخـــر الأخبــــار

 

إبرة فولترين !

الأحد, 01 حزيران/يونيو 2014 17:52
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

 الإهداء: إلى شيماء جمال .

لم يستطع إخفاء الألم الذي يعاوده بين الحين والآخر، فقد كان شديدا في تلك المرة.. كان الوقت صبحا باكرا، والزمان: قبل يوم واحد من حلول "اليوبيل الذهبي" لثورة الـ26 من سبتمبر، فأصرت زوجته على نقله إلى أقرب مستشفى. وافق على طلبها بعد إلحاح منها، واشترط عليها أن تخرج لشراء "إبرة فولترين"، لحقنها قبل أن يتوجها إلى المستشفى.. فوافقت أيضا بعد إلحاح.

بعد ساعات من انتظار الطبيب المختص، استدار برأسه نحوها -وقد كانت تقف خلفه في العيادة التي كانت أشبه بالمقهى- مذكرا إياها برأيه بالبقاء في البيت بدلا من البحث عن الشفاء في مستشفى حكومي، ومحذرا إياها من تكرار عنادها. وقبل أن يكمل حديثه تركته وذهبت تجلس على كرسي بعيدا منه..!

أدرك من حركاتها وهيئتها أنه "غلطان بالنمرة"، وأن من حدثها (موبخاً) لم تكن زوجته.. وضع يديه على رأسه حرِجا حائرا، وحمد الله أنها لم ترفع صوتها، ولم تتهمه بالتحرش. توكأ على عصاه، وخرج يبحث عن زوجته في أماكن الانتظار.

وفي وسط أكوام من العبوات السوداء، كانت مهمته صعبة وخطرة كمن يمشي في حقل ألغام، فلا هو قادر على المناداة، ولا هاتف معها للاتصال، وقد بات حذرا من التسرع والمغامرة حتى لا يُكرر ما حدث في العيادة.

تذكر أيام المراهقة والشباب حين كانا في القرية، وكيف كان يرقبها بملابسها الصبرية الملونة من مسافة كيلومتر، وها هو اليوم -بعد 25 عاما من الوحدة الاندماجية معها- يبحث عنها سرا في حقائب وأقدام الجالسات والواقفات، كمن يبحث عن حذائه في مدخل صالة أعراس..! "سامحيني يا "بِت أمير" على سوء التعبير".

أخيرا وجدها -بل هي من وجدته- حدثها بما جرى له داخل العيادة، وطلب منها أن تعتذر لتلك المرأة نيابة عنه. ضحكت من حكايته، ولم تُخفِ حنقها من عدم قدرته على تمييزها، فقال لها مازحا وجادا في آن: كيف لي أن أميز وكلكن بدون أرقام..!

لم يبدُ عليها الاقتناع أو الصفح، فما حصل منه يعتبر بالنسبة لها خطأً فادحاً، ليس بحق تلك المرأة، بل بحقها هي "كيف متعرفنيش"؟! أشار لها نحو المرأة، فذهبت لتعتذر منها، وإذا بها تقع في نفس الخطأ الذي وقع هو فيه.

كان عليهما العودة إلى المنزل قبل زوال مفعول إبرة الفولترين، فلا أمل في حضور الطبيب المختص.. خرجا من المستشفى، ومن أقرب صيدلية تزودا بحقنة فولترين أخرى. وقبل أن تتحرك سيارة الأجرة، اقترحت عليه رفيقته أن يتوجها إلى مستشفى الثورة، بدلا من العودة إلى البيت..

أجابها بانفعال: مستشفى إيش وثورة إيش؟ أنا مش ناقص دردحة. لو في ثورة حقيقية ما كان حالنا هكذا.. الثورة نفسها كانت حُقنة فولترين

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

قراءة 1209 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة