الاستسلام الكارثي لردة الفعل

الجمعة, 18 تموز/يوليو 2014 22:21
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

ردة الفعل لم يسبق أن كانت هي الرد الوحيد المناسب ازاء أي موقف قد نتعرض له أو في المواقف الخطرة عادة، عندما لا يعد بإمكاننا استدعاء المنطق من أجل تسجيل موقف تستدعيه اللحظة، ومع ذلك يمكن تفهم ردة الفعل هذه أيا تكن بمشاعر تضامن حقيقية لا أحد بإمكانه أن يجبرنا عليها، لكن أن تصبح ردة الفعل التي ظهرت عقب الأحداث الأخيرة في محافظة عمران وكأنها توجه عام لدى قطاع واسع ومؤثر في حزب الاصلاح وتنال من شركائه بدون مبرر فهذا ما لا يمكن تفهمه.

هناك حالة من سوء الفهم المتعمد الذي أصبح يُنتهج من قبل ناشطون وقيادات في تجمع الاصلاح، تسعى إلى توسيع المعركة لكي تطلق رصاصة الرحمة على ما تبقى من العملية السياسية، وعندما يقال بأن الاصلاح فرط بالعملية السياسية عندما راح يدعم خيار الحرب مع الحوثي، ويعمق من مسألة اضعاف الدولة في شمال الشمال، فإن هذا يصبح شماتة وموقف متربص.

في الحرب لا انتصار مطلق أو خسارة مطلقة، فالجميع يصبح خاسرا في النهاية، وكان الحزب الاشتراكي قد أنطلق من هذه المعرفة في تعامله مع مختلف الحروب والصراعات المسلحة التي جرت وتجري في البلد بناء على مصالح ضيقة لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال مصالح الشعب. أنطلق الاشتراكي من تجربة غنية بالصراعات المكلفة، فراح يدين الحرب كعادته، ويحاول أن يعلي من شأن العملية السياسية من خلال مبادراته التي تدعو للحوار، لكن هذا الموقف أصبح مدانا أكثر من الحرب.

يعرف اندريه كونت سبونفيل، وهو فيلسوف فرنسي معاصر السياسة بأنها "الإدارة غير الحربية للمعارك والتحالفات وعلاقات القوة – ليس على مستوى الأفراد فحسب، حيث يسعنا ملاحظة ذلك داخل الأسرة أو داخل جماعة معينة أيا كانت- لكن في نطاق كل مجتمع. إنها، إذن، فن العيش معا داخل دولة معينة أو حاضرة معينة (....باليونانية) مع أناس ليسوا من اختيارنا ولا نملك ناحيتهم عاطفة خاصة، وهم منافسون لنا، بل يمكن اعتبارهم هكذا أكثر بكثير من كونهم حلفاء".

معظم قواعد وقيادات الاصلاح بدلا من اعادة تقييم وقراءة مواقفها السابقة من الحرب، راحت تبحث عن طرف ثالث  تحمله مسئولية ما تعرض له الاصلاح من ضربات موجعة في عمران، ووجدت هذا الطرف في الرئيس هادي، وفي والاشتراكي لأنه لم يصطف مع أحد طرفي الحرب.

اصبح الاشتراكي بالنسبة للإصلاح خائن وعميل، ومحلا للمن والشتم بل والتهديد بعودة التحالف القديم مع صالح والمؤتمر في استسلام كارثي لردة الفعل غير المحسوبة، هي غير محسوبة فعلا بالنسبة للإصلاح وليس هذا حرصا على المشترك الذي أصبح مغيبا منذ أن تصدر الاصلاح المشهد، على صعيد التسوية والحرب، وصادر امكانية لعب أي دور من قبل الفاعلين السياسيين.

فالاشتراكي لم يحصل على شيء يمكن ذكره من تحالفه مع الاصلاح، بل أن قواعد الاشتراكي وبعض قياداته ترى أن هذا التحالف خسر الحزب الكثير، وأظهره على الدوام في موقع التابع، إلى جانب أن هذا التحالف نفسه قد عطل الحياة الحزبية الداخلية للاشتراكي، لأنه أستنزف طاقة قياداته في النضال تحت يافطة الأهداف المشتركة.

في المقابل يمكن القول أن هذا التحالف أفاد الاصلاح كثيرا، وأول تلك الفوائد هو أنه جنب الاصلاح خوض المعركة مع الحوثي، منذ الحرب الأولى، ونجح في تحييده، وفي حصر فاعليته في الميدان السياسي، وادانة نظام صالح وحده، بينما يدرك الجميع أن حروب صعدة كلها كانت في جزء كبير منها، هي نفسها حروب الاصلاح الديني والقبلي والعسكري، لكن العسكري هو من مسك بزمام الأمر، ومع ذلك لم يتجرأ أحدا على القول أن المعركة هي معركة الاصلاح، إلى أن قال الاصلاح ذلك بنفسه.

قراءة 1360 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة