بعيدا عن الشعب

الجمعة, 29 آب/أغسطس 2014 21:53
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

لا  يركب  الشعب  إلى فجوة      دبابة...   لا   يمتطي   قاذفه

الشعب    لاهثاً،   صـــــابراً      ممتطياً     أوجاعه    النازفه

يأتي..  كما تأتي سيول الربى      نقية       خلاقة       جارفه

البردوني

هذا هو الشعب كما يصفه مفكر اليمن الكبير "البردوني" يصطف مع أوجاعه ويأتي معها كسيل نقي جارف وخلاق وليس الشعب من يساق كقطيع كما هو حاصل اليوم من قبل بعض القوى السياسية التي تسوق اتباعها ومؤيديها تحت مسميات هي بعيدة عنها وضد بعضها البعض في مجالات استعراض للقوة لا مع الوطن.. بل ضده كحلم منشود لكل الشعب.

ففي ظل صراع الأصوليات الدينية الذي يتجلى تعبيراته في أكثر من مناسبة ومكان، وهيمنة قوى النفوذ وغياب الدولة الوطنية التي تتأمر على قيامها هذه القوى، تبرز التشوهات والتعبيرات الغير وطنية وما قبلها، يُحشد الاتباع تحت يافطات لا تعبر عن الشعب ولا تعبر عن أوجاعه النازفة ويهتف باسمه، بشعارات طائفية تعمق تشظيه وتفككه وتذكي الصراع المناطقي والطائفي المذهبي.

حيث يحشد الحوثي الالاف من أتباعه هنا وبالمقابل يحشد تجمع الاصلاح مصطفا مع السلطة الالاف من أتباعهم هناك بشعارات تستغل التعب اليومي للناس والانهاك الذي يعتري هذا الشعب المسكين مبتعدين عن الحلول الجدية التي قد تعبر به إلى ضفاف الامان والاستقرار، بل تضاعف من متاعبه وتعيق الطريق أمام اي حلول أو استقرار، لست ضد أن يعبر الناس سواء كانوا تكتلات سياسية او مجتمعية أو غيرها عن أراءهم بمظاهر احتجاجية سلمية راقية، تحت يافطات ومشاريع وطنية تنقذ ما تبقى من هذا الوطن، لكن ما هو مؤلم أن تذهب هذه القوى بعيدا عن معانات الناس ولو بدت مغلفة بها إلى استعراض للقوة والاستعراضات المضادة لها وبأبعاد تعمق التشظي المجتمعي وتذكيها حالة هذيان ممسوس في الخطابات السياسية والاعلامية، حتى الخطاب والاعلام الرسمي تورط مؤخرا في هذه المسألة كما كان في زمن صالح ولم تستفيد السلطة القائمة اليوم من ما حصل له، وكأنها تعبير وامتداد طبيعي لذلك النظام، إذا كيف لنا أن نثق بهذه السلطة أن تمضي بنا إلى أن يكون الوطن لكل الناس والسلطة تعبيرا حقيقيا عن تطلعات كل أبنائه.

هل تعي هذه القوى التي تحاول خلق حالة من الارباك أمام عملية التغيير إلى أين تمضي بهذا البلد، ألم تتعلم من دروس التاريخ ومن تجاربها التي حكمت بها هذه البلاد، الا تعي حجم الخراب الذي خلفته فيها وأوصلتها إلى ما وصلت إليه اليوم.. أم تمارس هوايتها التي تمرست عليها، يبدو أن حجم المصالح التي تحركها كبيرة جدا بحساباتها واكبر من وطن لكل الناس لذا نراها تتخندق في متاريسها القديمة ولم تحاول مغادرتها ولو قليلا بإتجاه الوطن بالحسابات الوطنية، بل تتجه نحو الوطن من خنادقها وبحسابات مصالحها التي تتعامل معها على اساس انها التعبير الوطني لمصالح كل المواطنين وبالتالي تحاول تحشيدهم بكل الوسائل للدفاع عنها والاصطفاف معها مستغلة حالة الجهل التي كرسته كسياسة ممنهجة وخاصة في مناطق القبائل والارياف، وحتى المدن ليست أوفر حضا فانعدام حالة الوعي والتجهيل حالة شبه عامة في ظل غياب الدولة وخطط التنمية.

إذا لم تعي هذه القوى ما تمارسه اليوم من عبث ولم تحسن التعامل مع المتغيرات التي حولها وفرضتها الظروف الموضوعية وصيرورة التاريخ وحركته، تكون قد حكمت على نفسها بالفناء وبصورة دراماتيكية محزنة، فبدلا من الوقوف سد منيع أمام حركة التغيير واعاقته التي لن تدوم طويلا، لماذا لا تنخرط في حركته والتغيير من نفسها، بحيث تساعد على حلحلة الاوضاع التي نعيشها، وتحافظ على وجودها في الاطار الوطني المشترك لا المهيمن والمتنفذ والمنفرد بالسلطة والثروة.. قمة الغباء إن ظلت تمارس هذه القوى تعنتها أمام هذه الحقائق والمعطيات، فإنها لن تجد ما تهيمن عليه.

قراءة 1503 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة