نحو سلطة العقل وسلطة الشعب

الأربعاء, 04 آذار/مارس 2015 20:42 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

عن مؤتمر تعز وشاصات أنصار الله واستعادة الاشتراكي لدوره والفصيل الشارد والتدحرج نحو الخلف وفرسان المرحلة

 

أن يواجهوا الطائفية بالمناطقية:

ما سمي بـ«مؤتمر تعز الجماهيري 2015» وهمٌ مناطقي أرادوا من خلاله أن يواجهوا الطائفية بالمناطقية، وهم لا يعلمون أنهم بذلك يعلنون هزيمتهم دون مواجهة تذكر!.

لم يتعلموا من أحداث التاريخ!، فالاستعمار البريطاني شجع القائم مقام محمد ناصر ماوية جد علي الصراري، والشيخ حسان، من جبل حبشي وعبدالوهاب نعمان في التربة والحجرية ومشايخ من حبيش وعلي عثمان جد المهندس أحمد محمد علي عثمان، الذي يتصدر مؤتمر «تعز الجماهيري عام2015، وبالمناسبة كان ابن عمه وأبو زوجته عبدالوهاب محمود من يترأس المؤتمر الجماهيري الذي عقد عام 1993في المركز الثقافي بتعز لامتصاص انتفاضة 10،9ديسمبر 1992- فجده علي عثمان قائم مقام صبر والمخا عام 1918وكان سعيد باشا معهم بسلاحه ومدافعه التي سلمها لهم، مع ذلك كانت النتيجة انتصار مملكة الإمام يحيى حميد الدين دون مواجهة سوى وعود لحفظ نفوذهم ومصالحهم... وتكرر الوهم مرة أخرى عام 1922، ولم يكن الإمام يحيى غائباً عن اجتماعات الإعداد للتمرد عليه ولا أميره على لواء تعز علي الوزير، فلقد كان أحمد الباشا جد العزيزة «أمل الباشا» و»المساوى» جد العزيز القاضي والمسؤول السياسي لأنصار الله في تعز «أحمد المساوى» حاضرين «كشاهد وكاتب» لهذا كان رد الإمام يحيى على من حرضه على محاكمة أحمد الباشا والمساوى بعد فشل حركة 1922، بقوله «ولا يضار كاتب ولا شهيد!» رغم أنهم جزء أساس بل وقيادي لحركة 1922-لكنهم جزء يتحرك وفقاً لبصر وبصيرة وتوجيهات الإمام يحيى! - التي جمعت حالة الرفض من قضاوات تعز المتعددة ومنها قضاء إب بنواحيه! حينها الاستعمار البريطاني أعطاهم، وتحديداً لعبدالوهاب نعمان - الضوء الأخضر، وغرض بريطانيا هو إنهاك الإمام يحيى وترضيخه لمطالب الاستعمار، لكن بريطانيا تعلم أن وقوفها مع لواء تعز ليس فيه مصلحة ولا منفعة ولا طائل سوى استخدامها ورقة وكرتاً لإجبار الإمام يحيى لما تريد... وأظن أن وضع محافظة تعز حتى يومنا هذا لا يتعدى كونها محافظة للضغط، والمساومات، ولهذا فعليها أن تعي أن مصلحتها الحقيقية في انتمائها لمشروعها الوطني الاجتماعي، الوحدوي، الإنساني... دون ذلك قولوا للتجمع اليمني للإصلاح، صاحب شعار «لكم إقليمكم ولنا أقاليمنا، وعدن عاصمة سياسية»!، بل وللمؤتمر الشعبي في تعز الحاضر في المؤتمر الجماهيري 2015بكوادره الأمنية ومنتدبيه داخل الأحزاب الذين مثلوا توجهه ولم يمثلوا توجهات الاشتراكي والناصري! إنكم تحفرون قبوركم بأيديكم!.

***

لافتة للمشايخ ووعي مهزوم:

يبدو أن مشايخ تعز أرادوا من «مؤتمر تعز الجماهيري 2015» مجرد لافتة ومهرجان صارخ، يقولون فيه للمملكة العربية السعودية: «نحن هنا في «اليمن الأسفل»» فمدي رعايتك «ولتصنع على عيني «نحونا»!.

هذا لا يعني أن السعودية لا ترى أبعد من شمال الشمال، بالعكس هي منذ الخمسينيات ولها في هذه الجغرافيا وجاهات وأعيان - ولعلّ حديث الملك سعود بن عبدالعزيز مع القاضي عبدالرحمن الارياني حين كان الثاني أميراً للحج، معيناً من الإمام أحمد - عام 1961ومحاولة القاضي أن يطْمَئن من دعم المملكة لو تحركوا لإسقاط المملكة المتوكلية، وجس نبض السعودية بعدم تحرك وجهاء وأعيان اليمن الأسفل بالمطالبة بالانفصال بدعم سعودي بريطاني، حينها طمأنه الملك سعود بعفويته بأن أصحابهم في إب وتعز لن يتحركوا دون مشورة المملكة السعودية!.

لكن في السياسة لكل حسب حجمه وتأثيره وأهميته في خدمة مصالح أمراء مملكة آل سعود!.

صحيح أن من سموا أنفسهم بـ»القضية التعزية» الواهمون منهم والمرتزقون من هذه «القضية»/الوهم - قد أدخلوا أهدافاً للمؤتمر الجماهيري تتحدث عن «هوية تعز» ومطالبة السلطة المحلية بالبدء بخطوات تنفيذية لإعلان إقليم الجند! وتحدثوا عن جذور مختلقة لقضية مصطنعة أرادها سعيد باشا عام 1918حين شجع قائم مقامات تعز: علي عثمان في المخا وصبر والشيخ حسان في جبل حبشي ومحمد ناصر ماوية في ماوية وما بعدها وصولاً للحواشب وعبدالوهاب نعمان في الحجرية، ومشايخ حبيش والعدين إلخ «وجهاء وأعيان ومشائخ» بعد هزيمة تركيا ضمن دول المحور في الحرب العالمية الأولى - إلى إعلان اليمن الأسفل حكماً ذاتياً مستقلاً، له خصوصيته الهوياتية المختلقة وأنه سيكون في خدمتهم كقائد عسكري يحمي هذا التوجه ويدافع عنه!.

أظن أصحاب هذه الدعوى قد قرؤوا عن مؤتمر العماقي من كتابي «تحرير التحيزات» الصادر عام 2008، لكنهم وظفوا المعلومة باتجاه تكرار النسق الانهزامي والهروبي، لا الاستفادة منه في تجاوز كل أشكال «الهويات القاتلة» بردائها المذهبي والجهوي!، بل وأمعنوا في هاويتهم حين أشاروا إلى مؤتمر الجند كخلفية أخرى لوهمهم المهزوم سلفاً دون معركة تذكر من قوى الطائفية الجدد!.

هم أرادوا مواجهة الطائفية بالمناطقية، وكل أشكال ما قبل الوطنية لا تدحض وتهزم سوى بخطاب وطني جامع أساسه عدالة تحقق كرامة الناس كمواطنين، ووحدة عربية كأفق ما دونه انتعاش لكل أشكال ما قبل الوطنية!.

***

لنكن واضحين ودقيقين فـي توصيفنا:

تعز لن تصلها «شاصات أنصار الله» لأن مفاصل السلطة فيها بيد علي عبدالله صالح!.

عند التوصيف لنحيد رغباتنا سلباً وإيجاباً كي تتسع رؤيتنا ولو ضاقت عبارتنا!.

إن طبيعة التحالف بين «أنصار الله» وعلي عبدالله صالح تحالف شبيه بعلاقة صالح مع صدام حسين والذي كانت مخرجاته لصالح الغرب الأمريكي، وكذلك ستكون مخرجات تحالفه مع أنصار الله، فلا إيران ولا يحزنون وإن كانت هدفاً وغاية غربية أن تخرج من جحرها ومحيط قوتها! فإيران قوتها في انكماشها لا في تمددها، ولو تمددت لسهل انكسارها! وتلك رغبة الغرب وغباء الإسلام السياسي الشيعي يستجيب لها!، وكذلك ما سمي بأنصار الله تمددهم الذي غواهم وتم إغواؤهم به هو طريق نهايتهم، ولقد أزفت ساعتهم!.

نحن الآن ما زلنا في سياق توصيف قوى الهيمنة والتخلف!.

لن يذهب شوقي أحمد هائل لمقابلة الرئيس عبد ربه هادي «الأيدي الأمينة» لكن ذراعه «الجماهيري» المتمثل بمؤتمر تعز الجماهيري 2015سيذهبون!.

***

استعادة الحزب الاشتراكي لدوره:

تنظيمياً وفكرياً ينبغي أن تكون أولوية لاستعادة مسارنا الوطني الاجتماعي الوحدوي الانساني... لا يكفي أن نراهن على صدق وشجاعة الناصريين وجرأتهم، نحتاج إلى حزب الوطنية اليمنية كخلاصة لفصائل الحركة الوطنية بأبعادها الوطنية والاجتماعية والوحدوية والإنسانية... هنا لا أنطلق من عواطف ولكن من منطق رياضي مقدماته استعادة الحزب الاشتراكي لدوره الحركي والفكري، ونتائجه: يمن واحد بمواطنة وديمقراطية جوهرها سلطة العقل وسلطة الشعب.

وكي يتجاوز «حزب الوطنية اليمنية» معوقاته، وهي معوقات وطن وإنسان - فإن عليه أن يبدع فكراً يترجم بخطوات نلمسها عملاً صادراً عن ذلك الفكر.

فكل فكر - بحسب رومان رولاند - لا يؤدي إلى العمل يعد خيانة.

ومن الخيانة الانشغال بالعثرات اليومية، وتحويلها إلى حيثيات تستند عليها عصبوياتنا التي تتضخم بفعل التخلف، وعدم إبداع فكر ثوري يحررنا من قولبة الآخر كـ»ثور» يستفزه اللون «الأحمر»!.

لا فرق في منظوري بين من يحمل «خرقة الولي» أياً كان لونها، وبين من يستجيب لمناطحتها.

***

الفصيل الشارد بشجاعته:

حتى عام 1965كانت حركة القوميين العرب هي المتبنية لخطاب الثورة العربية، وزعيمها الكاريزمي جمال عبدالناصر، بل إنني أكاد أن أجزم أنها حزب حركة التحرر العربي، مع وجود مسافة تحفظ للقائد دوره وللحركة قدرتها واستقلاليتها...

في عام 1966كان اجتماع حركة القوميين العرب في لبنان، وكان انقسام الحركة بين من أراد أن تكون الحركة حزب عبدالناصر، ومن أراد من ناصر أن يكون معبراً عن هذه الحركة في تحرر المنطقة العربية واشتراكيتها ووحدويتها، بما يتجاوز فكرة التأسيس الثأرية نحو بناء الأمة العربية على أسس علمية أساسها الحرية وعمادها العدالة الاشتراكية، وأفقها الوحدة العربية... ذلك الانشقاق تولد منه يمنياً تأسيس تنظيم للناصريين، هو الطليعة العربية فرع اليمن، واستمرت حركة القوميين العرب حتى غيرت اسمها وطنياً باسم «الحزب الديمقراطي الثوري اليمني» بما يعني أن هناك أحزاباً ديمقراطية ثورية عربية هي من مخرجات حركة القوميين العرب... لقد كانت الماركسية كنظرية ثورية واقتصادية سياسية، ورؤية فلسفية هي عصب التوحيد لفصائل الحركة الوطنية اليمنية شمالاً وجنوباً: الحزب الديمقراطي الثوري، وهو الجوهري الفاعل في الوطنية اليمنية تاريخاً ورؤية وموقفاً، وحزب الاتحاد الشعب الديمقراطي، بشيوعيته التي أساسها هوية عروبية لمؤسسيها، ولإطروحاتهم، ثم حزب العمل كبعثيين وشيوعيين وديمقراطيين، والطليعة الشعبية شمالاً وجنوباً كقوميين اتخذوا الماركسية منهجاً في التفكير... تلك هي فصائل الحزب الاشتراكي...

سردي السابق أردت من خلاله أن أقول بأن هناك فصيلاً وطنياً واشتراكياً وعروبياً استمر «كأعرابي يهيم في الصحراء وحيداً ومتمسكاً بمبادئه في الحرية والاشتراكية والوحدة» منهمكاً بالواقع دون نظرية تقيه عثرات وتخبطات «التجربة والخطأ»...

الناصريون فصيل من فصائل الوطنية اليمنية التي شردت عن توحدها بما سمي بالحزب الاشتراكي اليمني، وهو الحزب بفصائله الذي انتقل من التجريب إلى العمل وفق نظرية تقيه أخطاء الطفولة التي تتحسس طريقها عبر التجربة والخطأ...

ضعوا في أذهانكم بأن سقوط الحزب الاشتراكي اليمني هو سقوط للوطنية اليمنية، وأن ورثته لن يكونوا سوى قوى الهيمنة والتخلف... بعد سقوط الاتحاد السوفيتي كتجربة ستالينية ودولة «رأسمالية الدولة» انتعش وهم التوريث لدى البعض من فصيل الشرود التحرري، وبعد حرب 7-7-1994انتعش الوهم من جديد، وحين كان برنامج الحزب يعيد بناء رؤيته وفقاً للتحديات وبحثاً عن وسائل تحقق حرية وكرامة وشراكة الناس في تقرير مصيرهم توهم «الشارد» بوعيه الأعرابي أنه انتصر!.

تنتصرون أيها الناصريون بشجاعتكم وصدق اندفاعكم، لكن تحديات الإنسان تحتاج إلى عمق في الرؤية تفتقدها شجاعة مواقفكم... المسألة أعمق من مواجهة اللحظة العابرة بصوت صارخ... القضية تحتاج إلى انتصار صوت العقل، والعقل هنا ليس مهادنة لكنه الحضور الفعلي لسلطته التي تتأسس عليه سلطة الشعب.

***

تدحرج نحو الخلف:

التدحرج نحو الخلف من خلال الهروب بالعاصمة إلى عدن والهروب بـ»أقاليم» جهوية ومذهبية باتجاه البحر - ليس سوى تأكيد للتخلف الثقافي الذي يجعل من اليساري والقومي أشباهاً ونظائر مع الأصولية الدينية التي ترفع رايتها بإمارة أو حارة إسلامية!.

لا توجد ثورة يمكن أن تتحقق إنجازاتها دون فكر تنطلق منه، لكن في اليمن لم يغب الفيلسوف المنظر للثورة فحسب وإنما كانت يقينيات التخلف الاجتماعي هي من تتصدر أصحاب شعار «دعوها فإنها مأمورة» في الإسلام السياسي السني، ونسختهم الثانية الذين «يرون بنور الله» في الإسلام السياسي الزيدي.

***

«فرسان المرحلة» بلا خيال:

«فرسان المرحلة» كما يصفهم ما يسمى برئيس اللجنة الثورية التابعة لأنصار الله «لا يبحثون عن التنظير إلا في إطار التطبيق...» لديهم خصومة مع الخيال وما يسميه بالمثاليات التي تتجاوز النظر إلى الإنسان كونه حيواناً يحتاج إلى طعام وشراب وأمن، فهو ليس حيواناً اجتماعياً حتى ينظم حياته من خلال عقد وتوافق أساسه الحرية وحيواناً مبدعاً يعرّف الثقافة كرؤية للمستقبل، الخيال أساسي في إبداعه وتغييره الثوري، وهو ما يجعل الماضي مُنْتَجاً مستقبلياً يعزز حياة وإبداع الانسان لا أن يسقطه في كهوف أوهام وأساطير «العرق الآري» كنسب مقدس وعرق يعلو على جميع البشر!.

لا خيال ولا رؤية مستقبلية لدى أنصار الله، وموقفهم الثقافي يجسد التخلف بأعلى وضوحه تجاه المرأة والحريات الشخصية وحرية الفكر والتفكير والتعبير، بل إنه يتجاوز الموقف السلبي للنظام السابق عن الحزبية، فإذا كان يحلو لعلي عبدالله صالح تعريف الديمقراطية بـ«لعبة» بكل ما تعنيه المفردة من خفة بالعمل الحزبي، وأنها سوء وشر فرض «ليس هناك أسوأ من الديمقراطية إلا غياب الديمقراطية» فإن «فرسان المرحلة، أنصار الله، المسيرة القرآنية، اللجان الشعبية، اللجان الثورية» وكلها أسماء لجسد واحد هم «أنصار الله» بحسب توصيف محمد عايش في حواره مع نبيل الصوفي بقناة اليمن اليوم، وكأننا أمام صفات حُسنى لذات مقدسة، لا يجوز فيها الخلط بين الذات والصفات وإلاّ سقطنا في الهرطقة! - فإن «فرسان المرحلة» يرون الحزبية: «... وحل الحزبية... زوايا مظلمة... للمعتقين» وهي الرؤية التي شكلت السلوك الإجرامي لجهاز الأمن الوطني طيلة عقود جمهورية 5نوفمبر! فهم «المعتقون الحزبيون، في زواياهم المظلمة» وهذه صفة مُجَرَّمَة لدى أنصار الله وقائد لجانهم الثورية، ومرشدهم الأعلى عبدالملك الحوثي.

قراءة 1210 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 04 آذار/مارس 2015 20:55

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة