مبادرة الاشتراكي وإمكانية العودة للعملية السياسية مميز

الخميس, 23 نيسان/أبريل 2015 19:04 كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

قدم الحزب الاشتراكي اليمني مبادرة سياسية لحل الأزمة الراهنة التي تعيشها اليمن على أساس استعادة العملية السياسية التي جرى اختطاف ومصادرة مجال فعلها بعد ان حقق الكثير مما كان قد ينقذ اليمن من الانهيار والانزلاق الى وهدة الحروب والعنف.

لم تشهد اليمن عملية سياسية حقيقية منذ حرب صيف 1994 الظالمة على الجنوب وحتى العام 2011 الفترة التي استطاع بها تحالف 7/7 من إقصاء وإزاحة الحزب الاشتراكي اليمني من المشهد السياسي، حيث ان حرب صيف 94 لم تكن حرباً للحفاظ على الوحدة كما كان يزعم تحالف الحرب حينها، وإنما حرب على العملية السياسية بذاتها حيث كان الاشتراكي أهم ركائزها ورافدها الحقيقي بما يمتلكه من رصيد نضالي وطني راكم عنده توجهاً حقيقياً للانفتاح على العملية السياسية بخياراتها الديمقراطية، عكس القوى الأخرى التي شكلت تحالف حرب 94 والتي انقضت على العملية السياسية الديمقراطية وأصابت مشروع بناء الدولة الوطنية في مقتل.

بعد العام 2011 استطاع اليمنيون من خلال ثورة شعبية ضد نظام كان يسعى -فوق ما خلفه من كوارث وازمات خلال فترة حكمة الثلاثين- الى توريث الحكم وحصره في أضيق إطار اسري بعد ان تخلص من حلفاء 94. استطاعوا ان يستعيدوا الفعل السياسي بعملية امتزج فيها الثوري بالسياسي وأزيــح رأس النظام وتوجت العملية الثورية والسياسية بمخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور للدولة الاتحادية المتوافق عليها رغم ما شاب العملية من اختلالات وخروقات عمدت قوى النفوذ على وضعها أمام العملية السياسية لإفشالها وعرقلة تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، مع ذلك توافق اليمنيون على وثيقة لمخرجات الحوار شكلت بحد ذاتها منجزاً وطنياً كبيراً كان من الممكن ان يبنى عليه القواعد الأساس لبناء الدولة اليمنية. فلم يرق الأمر للقوى التي ظلت طوال عقود منذ نشأة اليمن الحديث تعمل على عرقلة وضرب أي مشروع وطني حقيقي وظلت مستأثرة بالسلطة وتراكم ثروة غير مشروعة على حساب التنمية والنهوض باليمن والشواهد التاريخية كثيرة وليس هنا المجال لحصرها.

اتجهت هذه القوى مجتمعة حول مصالحها الخاصة التي حققتها خلال العقود الماضية وكانت تتعامل على انها مكتسبات وطنية تحشد كل أدوات السلطة لحمايتها، أو منفردة متصارعة في ما بينها لتحقيق مكاسب تخدم مصالحها واستئثارها بالسلطة -والصراع الجاري اليوم في اليمن هو في المحصلة النهائية يندرج في هذا الاطار- اتجهت الى تقويض المرحلة الانتقالية وعرقلة تنفيذ مهامها التي تضمنته المبادرة الخليجية، فانهارت العملية السياسية وهرولت القوى المتصارعة الى خوض حروب داخلية على أكثر من جبهة بدأت منذ سقوط صنعاء كعاصمة للدولة اليمنية في يد الميليشيات المسلحة لجماعة الحوثيين، وانتهت بانقضاض الميليشيات الحوثية على السلطة والتمرد على الشرعية التوافقية التي حكمت الفترة الانتقالية وخوض حرب عبثية استهدفت الجنوب وتعز بالتحالف العميق مع الرئيس المخلوع علي صالح.

يحتد الصراع اليوم أكثر وتتوسع بؤره حتى تبدو معه بوادر السلام منعدمة مع تخوفات من انتقال الصراع إلى مستويات أخرى تأخذ أبعاداً تعبر عن طبيعة الصراع الإقليمي بحدته في المنطقة وتكون اليمن ساحة خصبة له، خاصة بعد تدخل دول عربية بقيادة السعودية بضرب معسكرات وتجمعات لميليشيات الحوثي ومواقع عسكرية يسيطر عليها الحوثيون وصالح.

بالعودة الى مبادرة الحزب الاشتراكي اليمني السياسية التي أعلن عنها قبل ثلاثة أسابيع، كانت كل المعطيات التي أنتجتها الحرب حتى الآن وما ستؤول اليه اليمن من تمزق تعطي تأكيداً إضافياً على حيوية وفاعلية مبادرة الاشتراكي التي طالب من خلالها بإيقاف الحرب التي يخوضها تحالف الحوثي وعلي صالح، وسحب المسلحين من المدن خاصة صنعاء وعدن، وإيقاف الضربات الجوية لعاصفة الحزم، والعودة للحوار بين القوى السياسية واستعادة العملية السياسية، والاستمرار في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية.

جاءت مبادرة الاشتراكي استشعاراً منه بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية التي وجد الاشتراكي نفسه ملتزماً لها في عمله السياسي الوطني ووفق قراءته لما ستؤول اليه الحرب اذا تركت تمضي الى خيارتها الكارثية. حزب خَبِر الحرب والسياسية معاً، وعصرته التجارب في معارك النضال الوطني فكانت السياسة خياره الأخير الذي اختط مسارها منذ تحقيق الوحدة في العام 1990، ويدرك ما ستفضي اليه الحرب بذهاب البلاد الى كوارث لن يجد المتحاربون فيها مساحة تحصنهم.

القوى التي انقضت على العملية السياسية في الأمس واليوم والتي اعتادت على حسم خياراتها بالحرب والقوة لم ترق لها المبادرة وتعمل جاهدة على التشويش عليها وتنتهج مساراً متعالياً على أي مبادرات تعيد الأمور الى نصابها، وتمضي بالبلاد الي بر الأمان.

قدمت مبادرة الحزب الاشتراكي رؤية متكاملة لإنهاء الحرب واستعادة العملية السياسية التي صادرتها الميليشيات لصالح خيارات القوة وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني للانتقال إلى الدولة الاتحادية التي أقرها مؤتمر الحوار قبل فوات الآوان وتمزق البلاد الى كنتونات طائفية ومناطقية.

يعول اليوم كثيراً على الحزب الاشتراكي لإنقاذ ما تبقى من البلاد قبل الانهيار العميق، لذا عليه ان يكثف جهوده للعمل على إنفاذ مبادرته فهي الوحيدة حتى الآن على المستوى المحلي التي قدمت حلاً يمنياً للأزمة الراهنة وتنسجم كثيراً مع قرار مجلس الأمن الأخير حول اليمن في كثير من مضامينها رغم انها سابقة على صدور القرار بأسبوع تقريباً.

وعلى قوى الصراع التي أهدرت كثيراً من الفرص لبناء اليمن الجديد وعملت على إعاقة أي حلحلة لأزماته ان تعي جيداً الجحيم الذي تسوق البلاد اليه، وتعود الى جادة الصواب لإنقاذ ما تبقى، وتتعامل مع مبادرة الاشتراكي بمسؤولية وتخوض حولها حواراً معمقاً لإكمال ما ينقصها، فباعتقادي هذه المبادرة تستطيع من خلالها القوى اليمنية استعادة العملية السياسية والمضي بالمشروع الوطني حتى بناء الدولة الوطنية.

قراءة 1835 مرات

من أحدث خليل الزكري

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة