سحر العبسي

سحر العبسي

الإثنين, 08 آذار/مارس 2021 16:51

في اليوم العالمي للمرأة

لقد حققت المرأة بنضالها الدؤوب وتضحياتها الجسام نجاحات عظيمة انتزعتها كحقوق مشروعة من قبضة المجتمعات التي لا تؤمن بحقوق المرأة ولا بقدراتها ولا تعطي حتى أهمية لوجودها، ورغم هذه النجاحات مازلن يكافحن بضراوة وقوة لتغيير الصورة النمطية السائدة في أذهان المجتمعات المتخلفة لتحقيق المساواة والعدالة التي تضمن لهن العيش بسلام وطمأنينة بعيداً عن العنف الذي يمارس ضدهن بكافة أشكاله وأنواعه وأساليبه، وفي مقدمتها اعتبارها كائناً ناقص عقل ودين، في حين أنها نصف المجتمع وأساسه السليم، بل ومدرسة قيمه وأخلاقه وأسس بنائه ونمائه وتطوره.

إن يوم المرأة العالمي الذي تحتفل به نساء العالم في 8 من مارس من كل عام هو يوم تتكاتف فيه جميع النساء، يرفعن فيه أصواتهن عالياً ليقلن لهذا العالم بأنهن لسن كائناً ناقصاً أو عديم الأهّلية والقدرات، بل هن المجتمع كله.

إن الدور النضالي العظيم في حركة النضال ومرحلة التحرر من الاستبداد في الشمال والاستعمار في الجنوب الذي قادته المرأة، لم يكن يقتصر على المدن فقط، بل أن دورها كان له الأثر الأكبر في المدن وكثير من مناطق الريف، فكانت المقاتلة الشرسة والممرضة وساعي البريد أيضاً، واقفة بشموخ إلى جانب أخيها الرجل ببسالة وشجاعة نادرة، وما مناطق الضالع وردفان سوى مثال على تلك المشاركة الفاعلة في مضمار الخلاص من الاستبداد والتحرر من الاستعمار، حيث لم تتردد في تلك المشاركة وتقديم المساعدة والعون للثوار بكل ما يحتاجونه من إمداد مادي، بل ودعم لوجستي يتمثل في نقل الذخيرة، وتقديم الإسعافات الأولية، فقد كانت منازلهن مأوى مفتوحاً لكل الثوار المقاتلين عند الضرورة.

لقد رفضت المرأة مثلها مثل الرجل الاستبداد والاستعمار وقاومتهما مقاومة شرسة، وما المناضلة "دعرة" إلا مثال ونموذج مشرف للمرأة اليمنية يفتخر به على مر الزمان، فكانت مقاومة للاستبداد في الشمال، وشاركت في عدة معارك في المحابشة بمحافظة حجة ضد الكهنوت الإمامي، ثم انطلقت لمواجهة الاستعمار، تطلق رصاصتها من أعالي الجبال بلا خوف أو تردد إلى جانب المناضل الشهيد راجح بن غالب لبوزة.

إن الدور الكبير الذي لعبته المرأة وهي تقوم بنقل الرسائل الخاصة والمعلومات السرية إلى أماكن تواجد الثوار، وتقوم بتوزيع المنشورات في الشوارع والمقاهي والمدارس وفي كل مكان تستطيع الوصول إليه، بصلابة وشجاعة نضال يشهد لها به التاريخ ولن تنساه ذاكرة الأجيال المتعاقبة أبداً.

فالدور البارز الذي أدته المرأة في تلك الفترة ليس بالسهل، ولا بالدور الذي يمكن أن يستهان به، خصوصاً وأنها لعبته في ظل مجتمع لا يعترف بأي دور للمرأة سوى دورها الذي فرض عليها وعطل قدراتها وإسهاماتها في بناء المجتمع، وهو دور البقاء في منزلها "كمرضعة وربة بيت".

إن تعدد الأدوار التي لعبتها المرأة وخاضت غمارها من ربة بيت إلى مقاتلة استشهدت وأسرت ومناضلة حاملة هماً وطنياً كبيراً جعلها أكثر وعياً وإدراكاً لأهمية ما تقوم به، بل ما يجب القيام به دون تردد في سبيل انتزاع حقها في التعليم وحرية الرأي والاستقلال والكرامة والمساواة والعيش بشرف بعيدة عن الامتهان والتقليل من شأنها ومن قدراتها المشهودة عبر التاريخ.

وأخيراً.. وبهذه المناسبة الخاصة بالمرأة نقولها باللسان الفصيح والقول البليغ لكل أولئك المتغنين بحقوق المرأة، والذين وصل بهم الحال إلى تحقيق أكبر انتصار للمرأة كما يدعون والمتمثل بـ "الكوتا" نقول لهم: يؤسفنا جداً أن تكون حقوق المرأة مجرد هبة منكم، وأنكم إذا كنتم تحترمون حقوق المرأة حقاً فالواجب يحتم عليكم الانتصار لحقوقها من كل القوى السياسية بنصوص دستورية يثبت هذا الحق ويعترف به، مالم فإن المرأة اليمنية قادرة على انتزاع حقوقها والانتصار لنفسها، وهي جديرة بذلك.

الجمعة, 06 كانون1/ديسمبر 2019 18:18

لن يمروا

 

الشهقة الاولى:

رصاصة غادرة تخترق قلب بحجم وطن..

بعد أن ألقى التحية وناشد الجميع

 بالمحبة والسلام...

عين فاجرة تترابص بقلب صغير

كان بحجم وطن.

عند منتصف الكلمة كانت الرصاصة

تشق المكان وتسكت صوتنا.

وشهقنا.. و بكينا..

 وصرخنا لا

لا لا  لن يمروا..

أعداء الكلمة.. قتلة الأنبياء

لصوص الحرية والشرف

لا لن يمروا....

لكنهم بالأمس مروا!!

من فوق رغيفنا اليابس مروا

من أمام دموع الأرامل مروا

من بين صرخات اليتامى مروا

كـ كلاب مسعورة جائعة

كعاهرات الليل اللاتي يُسابقن الظلام

 خوفا من الفضيحة..

لكننا شاهدناهم.. وعرفناهم

وصرخنا عاليا لا لن ندعهم يمروووا...!!

و مروا

من فوق جثثنا

و بالقرب من جنائزنا..

ابتسموا بخبث

بعثوا لنا التعازي بقلم احمر جبان

ومرووا.. مرووا...!!!

 والان...

 يتسللون بخفة غادرة

في الجهة المقابلة..

يرفعون البنادق.. ويحفرون الخنادق

فلما لا نمنعهم من أن يمرووووا...!!!

 

الشهقة الثانية:

رصاصة اخرى تخترق قلب بحجم وطن..

هم يدركوا بأن شمس النهار

ستفضحهم.. ستعريهم.. ستكشف عورتهم

و سنرى الحقيقة الأكثر قبحا و فجور

أرادوا أن يطفئوا النور

أن يشعلوا نار الحقد و الفتن

حاكوا الدسائس ليلاَ

 كالخفافيش

وعند منتصف الظهيرة قتلوك!!

و شهقنا... بكينا.. و صرخنا

تبا لهم قتلووك!!

برصاص العار والغدر

ظنوا بأننا سنضعف.. و أننا سنهزم

 ونرضخ.. ومع مرور الأيام سننسى

كيف قتلوك!!

 سيذرفون الدمع كالعادة..

ويكتبون تعازي الفقد والوجع

سيصافحون بعضهم البعض

ويظنوا بذلك انهم سيمروا..!!

لكننا حصنا َ منيع.. بركان ثائر

صوتا هائجا يصيح

لا لن تمروا.. لن تمروا... لن تمروا

السبت, 02 آذار/مارس 2019 23:05

لكنه لم يمت..

مقبل مات هكذا جاءني الخبر في صبيحة 1/ مارس هذا التاريخ الذي لن يمح من الذاكرة..

مقبل مات فجرا.. تردد بداخلي صوت مثقل بفاجعة الموت و مرارة الانكسار.. مزيج من الدمع والالم.. "لكنه لم يمت"

ربما كان ذلك الصوت محاولة يائسة لتفادي شرارة الصدمة التي اصابتني بالذهول..

مقبل مات فجرا..

وحدهم الأنقياء يرحلون عند الفجر

وحدهم الأنبياء يصعدون إلى السماء في هذه الساعات الممتلئة بالسكينة.

وحدهم  الفقراء.. و الكادحين.. و عشاق الأرض من يودعون في هذه الساعات الراحة والدف  ليشقوا طريقهم إلى الكفاح وحبات العرق تتلألأ فوق جباههم..

مقبل الفارس الصلب الشجاع.. كلمة الحق امام الباطل..

القوة امام الضعف والجبن..

للفقراء صديقا

للتائهين نجما لا يفل

هو لم يمت..

بل ربما ارهقته فكرة الوطن المسلوب.. اتعبه منظر الانكسار والحزن المرسوم في العيون.

ولأنه قويا لم يضعف امام أحد من خصوم هذا الوطن، ومحاربا لم ييأس يوما.. شديد العزيمة في اشد أوقات الهزيمة.. فضل أن يغمض عيناه طويلا على أن يرى هذا العبث والقبح. 

كان يرقد في احدى غرف مستشفى الثورة يعاني المرض والخذلان..

في 13 من يناير

ذهبت بمعية بعض الرفاق لزيارته لكنها لم تكن زيارة عادية، هناك فقط شعرت بمعنى أن تقف امام شجرة باسقة لا تنحني مهما بلغت العواصف من شدتها..

سرت بي قشعريرة كبيرة وأنا اقترب من سريره خطوة  خطوة قبلت رأسه ويديه.. وجلست بجانبه كنت كورقة صغيرة بجانب شجرة عملاقة ابتسمت له كثيرا ورد لي بابتسامة  بيضاء نقية وهزة صغيرة من راسه وكانه يقول لي اهلا.. أو هكذا حسبت..

الزوار يتجاوز عددهم العشرات الجميع يدخل ليقبل راسه ويلتقطون معه صور للذكرى ويرحلون.. لكنني بقيت ولم أرحل معهم ولم التقط صورة ايضا.. كل الذي فعلته انني جلست بجواره ممسكة بيده المرتعشة من آثر التعب والارهاق.. تمعنت كثيرا في ملامحه فهي المرة الاولى التي اقابل فيها مقبل وجدته قويا لا يُهزم.. مبتسما وهو يعاني.

رحل الجميع وبقيت أنا والرفيق فيصل وزوجته.. امتلأت الغرفة بالصمت.. قلت له "ما شاء الله صحتك جيدة.. نحن نستمد قوتنا منك".. كانت محاولة مني لاختراق حالة الصمت التي سادت في المكان.. نهضت بعدها لترتيب بعض الأشياء التي كانت في الغرفة ومنها باقات ورود من بعض محبيه.

كانت سعادتي لا توصف.. مر الوقت سريعا و كان قد تأخر على موعد الغداء والدواء بسبب كثرة الزيارات

اقتربت منه ( أم عفاف) زوجته لتناوله الغداء ولكنه رفض وقال شابع لكنها أشارت لي بان أخذ الطعام واطعمه بنفسي وكان ذلك.

 استجاب سريعا لطلبي بأن يأكل حتى القليل  كي يتعافى.. كنت في قمة السعادة وأنا اطعمه بيدي بدلا من الملعقة البلاستكية وكلما قال لي (خلاص شبعت) اترجاه مجددا أن يتناول المزيد ..فيكرر ابتسامته لي ويهز راسه بالموافقة..

ولم يتبقى الا العلاج ناولته علاجه وانا أقسم له بأن جميع الأطباء أكدوا أن صحته احسن من اي وقت مضى نظر إليا مطولا لكن دون ابتسامة وقال:

اشكرك اشكرك جدا عزيزتي...

في الساعة الخامسة والنصف تقريبا غادرت الغرفة بعد أن طبعت فوق رأسه قبلة وحيدة وأخيرة...

مقبل لم يمت.. لكن ارهقته فكرة الوطن المسلوب ..