ابو حاتم العولقي

ابو حاتم العولقي

الأربعاء, 22 أيلول/سبتمبر 2021 19:23

العلم والضمير والقلم

 

 

 رحل بصمت مطبق، وعاش مناضلا في دروب احلام اليمنيون، التواقين  للحرية والعدل والحقوق  فقيد الحزب والوطن الرفيق  قائد صالح الطيري، كان الفقيد يحلق عاليا في فضاء اليمن الكبير، مترفعا عن الانتماءات الضيقة، ينحت في جدار الظلم والظلام، بذخيرة الحرف وبندقية المعنى، يهدم بمعول الموقف   والمسئولية الحزبية والوطنية والأخلاقية، صنمية الجهل والتخلف، على صدر صحيفة الثوري نثر درر الكلام، وقال ما ينبغي أن يقال.

صحفيا ذو مبدأ وقيم، وحزبيا ملتزم، ووطنيا لا يضاهى عشقا وهيام في وطن عاش يحلم به، يسوده العدل والسلام ودولة القانون والنظام. تعرفه وزارة الاعلام ونقابة الصحفيين، ومنظمة الشهيد جارالله عمر، واللجنة المركزية، كعضو فاعل في كل هذه الكيانات.

كان مخلصا لقضية أمن بها، متواضعا يتوارى عن الأضواء، وهو في القلب منها، يعرف ان الكلمة لها وقع الطلقة، في الضمائر الملوثة والايادي المرتعشة، وقد يؤدي ذلك إلى أن يلقى حتفه على يد اللصوص والقتلة  لكنه كان مؤمنا بأنه  صاحب رسالة، وعليه أن يؤديها على أكمل وجه ولو كلفه ذلك حياته، لم يكن الموت مخيفا له، فلديه يقين بنيل وسمو رسالته.

سلم الراية لمن بعده، ورحل مطمئنا إلى ربه، وترك على  جدار التاريخ بصمة لا تمحى، ومثل هذه القامات،  أن ماتوا يبقوا في الناس أحياء، يقتص أثرهم كل النبلاء، ويلهمون أجيالا تلو أجيال، معاني الحرية والعدل والحقوق..

وداعا ابا جارالله، الذي جمعتنا بك الجغرافيا المتقاربة، حد الالتصاق ببعضها، ولكن لم يكن لها تأثيرها، كما هي القيم والمبادئ التي جمعتنا، ومنك تعلمنا الكثير وعلى العهد باقون.. سنذكرك كل حين، علما وضميرا وقلم

نم قرير العين، لروحك الرحمة والسكينة وللحزب والوطن العزاء فيك.

السبت, 31 تموز/يوليو 2021 19:46

ميك آب الديموقراطية

صحيح ان الديمقراطية أرقى نظام حكم توصلت إليه البشرية، لكن كمنظومة متكاملة يؤخذ بها، وهي ليست اغلبيه عددية، ولاميك اب يزين قبح جماعات دينية، هي في الحقيقة لاتؤمن بها مطلقا، وإنما تتخذها كتقية سياسية، وتعبث بمضمونها، فالعمل الحزبي والسياسي لديها يدار بعقليات استخباراتية، وشبكات مصالح فاسدة، تتخذ من الدين وسيلة لبلوغ غاياتها، في رحلة التمكين والمغالبةوهوسها في السلطة والثروة..

 

تلعب في مساحة الفقر والجهل، لتضل بسطاء الناس، وتشتري الذمم والولاءات، وتفيد حرية الإبداع والتفكير ولاتؤمن أن الديمقراطية هي الرأي والرأي الآخر، فرايها مستمد من السماء وهي الناطق الرسمي بأسم الله جل في علاه، ولا تمارسها في مكوناتها كسلوك وتعتنقها كثقافة، فقياداتها محنطة منذ بدأ تكوينها، لاتؤمن بالحقوق والحريات، فاي انتهاكات، هي ابتلاء أو عقاب، السلطة القضائية مخترقة وتمارس من خلالها الظلم والعبث وتجيرها لمصالحها، الإعلام الذي ينتقدها، خونة وكفار، الجيش والأمن مخترق من قبلها، وهي التي عبثت فيهما وملشنتهما وحزبتهما، واخرجتهما من وظائفهما، كمؤسسات وطنية، لها مهام دستورية محددة، البرلمانات تشوهت في حضورها وأصبحت مستميته، في العمل على مشاريع قوانين لاجندة حزبية، ولم تعد تعنى بالمصلحة الوطنية، وأصبحت ساحات للمناكفات والسب والشتم والتخوين والتكفير والاعتداء اللفظي والجسدي، على كل من يختلف معهم أو ينتقدهم، لذالك حديث الجماعات الدينية عن الديمقراطية والتباكي عليها، عبثا لفظيا ومسرحية هزلية سئمت الشعوب مشاهدتها، والفقر والأمراض والحروب تفترسها، والجماعات الدينية تصارع طواحين الهوى في معاركها اللفظية وعنتزياتها الكلامية الفارغة، وبالتالي في الديمقراطية، فاقد الشيء لايعطيه.

الجمعة, 12 آذار/مارس 2021 19:01

تفرقت أيدي سبأ

 

الحديث عن السلام والحب والجمال، جبانة وصياعة وقلة مرجلة، في مجتمع واقف عند إرث بكر وتغلب ومضارب القبيلة والبادية، وينهل من ثقافة عدوانية، وقودها الحقد والكراهية، فجريمة القتل "بطولة" واللصوصية "شطارة" وقيم العدل والخير والصدق والنقاء والوفاء والتسامح، تعتبر شطحة من شطحات الخيال ورومانسية ومثالية واحلام صعبة المنال، فيما العالم من حولنا نهض بهذه القيم ونبذ الحروب والعنف بكل أشكاله، وثقافة الوصاية والإقصاء وآمن بالتنوع والعيش المشترك والقبول بالآخر، وجعل المواطنة هي القاسم المشترك بين كل فئات المجتمع وجعل سقفها الأعلى في الولاء والانتماء..

تلاشت كل العرقيات والقوميات والاثنيات، ليقوم على انقاضها مسمى شعب، والتئمت مسميات الجغرافيا المتعددة في إطار وطن، تعشقه الشعوب حد القداسة، فيما نحن رجعنا بخطى حثيثة للنشأة الأولى، التي تجاوزها العالم، بالوطنية وبلغ مشارف الإنسانية، وربما سبقنا العالم وكنا دولة يوم كان المحيط قبائل وامارات وتجمعات بدو رحل، كانا يسكنا الخيم وكنا نشيد المدن والقصور والسدود، ويمارس أجدادنا التجارة ولهم اطماع توسعية لممالكهم، وكانت المرأة تتوج ملكة، فأصبحنا نوأد المرأة، وبلادنا أصبحت ساحة حروب بالوكالة والإقليم ودول كبرى لها اطماع توسعية فيها، ونقتات من حسنات العالم ويكاد وطن عظيم ذات إرث حضاري أن يتلاشى ويتمزق اربا اربا، حين أرتهن ساسة البلاد للخارج وفقدوا سيادة قرارهم واستقلالهم، وحق علينا القول الشهير

 " تفرقت أيدي سبأ"

العالم له مصالحه وليس معنيا بنا، الحل لن يكون الا يمنيا، وأول محطة له الوعي بعبثية الحرب والدعوة الجادة لوقفها، بعد أن أثبتت ست سنوات من الحرب أحرقت الحرث والنسل وإعادتنا عقودا إلى الوراء، أن الحرب لن تسجل لاحدا نصرا، واننا هزمنا جميعا، الاعتراف بالمشكلة وتشخيص الداء بداية الحل والشفاء، هنا ممكن نستطيع القول إن الحكمة اليمانية عادت لأهلها.

الجمعة, 11 كانون1/ديسمبر 2020 19:07

الاشتراكي.. بوصلة اليمن إلى المستقبل

 

تشرفت بمعرفة ولقاء اغلب القيادات التاريخية للحزب الاشتراكي في فترات متفرقة

استمعت بشغف لهم وعلقت في الذاكرة كلماتهم..

لم تكن رغبة اللقاء بهم لغرض شخصي أو لحب الظهور، ولست هنا بصدد إبراز الأنا، فكان ذلك مقدمة ومدخل اضطراري للسرد، حتى لا ينسب للرومانسية والأحلام وسطوة الأماني والعاطفة..

 كانت الرغبة أن اقترب من الصف الأول حرس الحلم الجميل خط الدفاع الأول عنه..

ربما من فرط الحماس كنت اعتقد بشيء من غرور وأعتقاد اننا أكثر حماسة منهم، وان المناصب قد اخذتهم بعيدا، وان العمر والتاريخ الطويل قد استنفذوا فيه كل قدراتهم..

لأكتشف الحقيقة الرائعة، اننا قطرة في بحر عطائهم، وجملة في سطر تاريخ يسطروه لم تنتهي فصوله..

ليس بيدهم شيء يمنحوه لاحد ليمدحهم أو يصفهم بغير صفاتهم ، ويقيني  أن من يجاملهم، يستاؤوا منه.. ويستاؤوا من الاباطيل والتحامل عليهم..

هم مستعدين للنقد والمسائلة، زاهدين بالمناصب والمال والشهرة، بسيطين جدا متواضعين جدا..

تطلب اللقاء بهم وبدلا من أن تذهب إليهم يأتوا إليك هم..

تبدأ بأسئلة محرجة وجارحة واتهامات وكأنك الادعاء في جلسة محاكمة..

يجيبوك بوضوح وصراحة، فتكتسي ملامحك الخجل، فتعتذر عما قلت فيهم، ومصدرك وكالة انباء (قالوا) ومراسليها، عفوا مبعسسيها، الذين يتصدروا مهمة تشويه الآخرين، ولأسباب غير معروفة وواضحة..

لم يستوعب البعض واقع الحزب في هذا الظرف العصيب في ظل استقطابات حادة داخلية وخارجية، فيها المواقف السياسية في سوق العرض والطلب..

ولم يستوعب البعض الفارق الكبير بين حزب شمولي حاكم كان رأس حربة اليسار العربي وحليف السوفييت الاستراتيجي احد قطبي العالم آنذاك..

 وبين حزب جماهيري اجتماعي ضمن خارطة تعددية سياسية...

بين وظيفة حزب سياسي، غادر الفعل الثوري والكفاح المسلح، إلى النضال السلمي..

ويرى أن الحرب مهمة الجيش والسلطة وليست مهمة حزب..

قالها بصوت مدوي، أن عقودا خلت من دوامة العنف، اوصلتنا إلى قناعة تامة بالقطيعة الكاملة مع الحروب، ووضع السلاح نهائيا وعدم العودة بتاتا إليه.

ومن الطبيعي جدا حين تهرول البلاد مسرعة للخلف للجهل للحرب يضعف حضور الاشتراكي وليس بوسع بعض من ركاب سفينة أراد كل ركابها اغراقها أن يوقفوها..

فصخور الغباء وطوفان الجهل والعداء والرغبة الجامحة في الاستئثار والتميز والتشبث بالمال والسلطة، وبضاعة الوعود الزائفة وشد بسطاء الناس من خلال العاطفة..

كل ذلك وأكثر من التضليل الممنهج كفيلا أن يخفت بريق حضور الاشتراكي..

حين تتوقف الحرب ويستوعب الشعب دروس الحرب، ستجدون الاشتراكي بوصلة اليمن إلى المستقبل.. والنجم الذي يهدي جموع الكادحين سواء السبيل.

الخميس, 10 كانون1/ديسمبر 2020 19:57

الإشتراكي أنتهى..!

 

 

هذه الجملة سمعناها كثيرا، وهي نتاج الثقافة الإقصائية، وموروث الحقد والكراهية والعدوانية المتأصلة في مجتمعنا..

في كل حي وقرية في طول اليمن وعرضه اشتراكيين اصيلين لا يساومون بالمبدأ، كان جوع ووجع الناس ، هو الملهم لنضالاتهم ، قاوموا ورفضوا الظلم والاستبداد، لم يضعوا رؤوسهم على اكفهم من أجل أنفسهم بل من أجل شعبهم، لم يستقطبوا من حلقات المساجد أنصارا لهم ويسمموا أفكارهم ويشوهوا وعيهم.. ويجعلوا من بسطاء الناس والمسحوقين رافعة شعبية لجلاديهم، وناهبين قوتهم وقوت أطفالهم، لم يستغلوا الوظيفة العامة والمال العام  لشراء الولاءات والذمم.

الايام كفيلة أن تثبت من انتهى أخلاقيا ووطنيا وانسانيا.

قدم الاشتراكي الشهداء وتعرض أعضاءه ومناصريه لشتى أنواع الأذى، للقمع والتنكيل والسجون والمنافي ثمنا لمبدأ وقضية شعب آمنوا بها وارخصوا أنفسهم من أجلها.

 

الجمعة, 12 حزيران/يونيو 2020 22:48

الفلاَّح الذي زرع بذور الأمل ورحل

عن صهوة جواده ترجل أحد أهم فرسان النضال الوطني، القيادي التاريخي والمناضل الصلب، اللواء - أحمد علي السلامي – أبو خالد. بماذا نرثيه، والأبجدية وحرفوها لا تفيه، لا تستطيع أن تحمل رحلة كفاح لأكثر من خمسون عام، لبطل كبير ومعلم علم الكثير كيف يتشبثوا بالحلم، ويتسلحوا بالصبر والإصرار والأمل، جاء من الحقل ومن بين حاملين الفأس والمنجل، فقرر أن يزرع وعي  للرفض والمقاومة والثورة، على الطغيان والاستبداد، وبناء وطن حر عزيز مزدهر.. غادر خارطة القبيلة وضيق الأفق فيها إلى فضاء الشعب الواسع، وكان الشمالي في الجنوب، والجنوبي في الشمال وحدويا حتى النخاع بنسختها الأصلية كأثمن احلام الشعب، ومن عقر دار القبيلة، ذهب إلى العلم وهو متشحا حميتها وشجاعتها، واعرافها المجتمعية الحميدة، من مدينة رداع وقلعتها التاريخية التي شيدها الملك "شمريهرعش" قبل الإسلام.

رداع الأصالة والتاريخ، بلاد القادة الكبا، التي أنجبت الشهيد علي الأحمدي أول وزير إعلام في حكومة الجمهورية العربية اليمنية، وأنجبت الشهيد محمود عبدالله عشيش، أول وزير مالية في اليمن الديمقراطية وأنجبت القائد الشهيد حسن الحريبي، وكثيراً من القيادات الوطنية، ومن ضواحي مدينة رداع مديرية العرش، التحق الفقيد السلامي في كلية الشرطة درس ومن ثم درّس الانضباط، وفي المعتقل بعد انقلاب خمسة نوفمبر على الرئيس السلال وصعود القاضي عبدالرحمن الإرياني رئيساً، أزداد إيمانا بصوابية توجهه وبصبر وجلد هزم سجانيه وانتصر، لم ينكسر، لم يساوم أو يهادن أو يركب موجة الأحداث والتحولات باحثاً عن الذات، بل ازداد قوة وصلابة، وإيمان ويقين في السير نحو الحلم بوطن يتسع جميع اليمنيين، وضل على هذا المبدأ، حتى توارى جسده في الثراء. وكانت البداية، فأسس مع رفاقه د. حسين الهمزة واللواء محمد صالح الحدي"منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين" وترأسها وقاد معاركها في المناطق الوسطى تعز. اب. البيضاء. ذمار، قبل أن يتم دمج فصائل العمل الوطني، لتشكل في العام 1978 "الحزب الاشتراكي اليمني" وشغل أبو خالد فيه عضوية المكتب السياسي، وقيادي في الجبهة الوطنية الديمقراطية، التي خاضت الكفاح المسلح، ومسؤول في حزب الوحدة الشعبية، فرع الاشتراكي في الشمال، المكلف بالعمل السياسي السري، وكان يملئ كل موقع باقتدار، لم يبحث عن المناصب، بل المناصب كانت تبحث عنه، شغل عضوية البرلمان في أول مجلس نيابي، وانتخب في 1993 عن إحدى دوائر مديريات رداع  مرشحا للاشتراكي، ومن ثم شغل منصب وزير الكهرباء، ومن ثم عضو مجلس الشورى، وضل في قيادة الحزب وفي مكتبه السياسي حتى اللحظة الأخيرة، حاضراً بخبرة خمسين عاماً من النضال، يصوب بها رفاقه، يشيد حينا ويصوب بأدب جم ولطف، كنت أحد هؤلاء الذي استفدت كثيرا منه، رغم انني لم التقيه، ولكنه يشعرك وهو يخاطبك بود كأنه يعرفك حق المعرفة ومن زمن بعيد، فالأرواح تتألف، والأفكار والقيم والمبادئ، هي التي تشكل شخصية الإنسان.

وداعا ابا خالد فقد أديت رسالتك على أكمل وجه وبصمت ونكران للذات ونزاهة وشرف، وتركت فينا إرث نضالي كبير، ذلك عزاؤنا فيك، سلمت الراية لرفاقك من بعدك، ورحلت مطمئنا إلى ربك.

مجداً وخلوداً أيها القائد الفذ الأبي، من وقفت كالطود شامخا طيلة حياتك، لم تنكسر أو تنحني بقلبً ضل شابا طموحا لم يشيخ أو يكل أو يمل أو يفقد الأمل  بثمانية عقود كانت عمر الفقيد الحافل بالمآثر، كنا بك كثيراً وكنت وستضل خالداً فينا وكبيراً.

الجمعة, 28 شباط/فبراير 2020 17:28

الطريق إلى اليمن الذي به نحلم.

 

عندما تسمع النشيد الوطني كل صباح في المدارس والمعسكرات وفي الإذاعة والتلفزيون ويحفظه اليمنيون صغارا وكبارا عن  ظهر قلب ويهز وجدانهم، ويوقفوا عند سماعه اجلالا لعظمة الوطن تاريخا وحضارة وارضا وانسانا.

هنا يكون قد تقدمت اليمن سنوات للأمام.

حين يزرع الورد في الحدائق وفي كل المنازل وتزين الأشجار كل الطرقات والساحات وحين تعشق الناس الموسيقى والغناء والرقص والفنون جميعها وتعرف الناس أهمية وقيمة آثارها.

هنا ستتراجع الجريمة والقتل والعدوانية إلى معدلات صفرية.

حين تحترم الناس النظام والقانون وتحتكم إليه في خلافاتها، وترى نظافة الشارع بأهمية نظافة بيوتها، وتنبذ الفوضى والعبث بمقدرات الشعب وتحافظ على الممتلكات العامة مثل الحفاظ على ممتلكاتها الخاصة، وتنبذ مجتمعيا كل أساليب السطو والعبث والفساد ويكون المواطن جندي الأمن الأول يحافظ من المنحرفين على الأمن والهدوء والسكينة العامة.

هنا الدولة أرست اساساتها المتينة.

حين يصبح حمل السلاح أمر مخجل ويستبدل المسدس بجوال والكلاشينكوف بلابتوب، وتصبح الجنبية زينة في خاصرة اليمني لا أكثر وعيب وعار استخدامها في الشجار..

وحين تكون معاركنا بالقلم نرفع مكانة العلم والعمل وبالفأس والمنجل. نعود للبن مكانته والعسل صدارته والرمان تفوقه واللوز جودته والثروة السمكية اهميتها، بوسائل الإنتاج ومكانة البلاد الاقتصادية يستعيد الإنسان اليمني ذاته وكرامته.

هنا يكون يمن عظيم قد بدأ يتشكل.

حين يدعوا ائئمة المساجد والخطباء والوعاظ الناس للحب والسلام والأخاء والوئام والخير والاحترام، ونبذ العنف والفوضى والعدوانية والظلم والحث على قيم الحق والصدق والأمانة والأخلاق والوفاء.. وحين ينتشر الوعي الديني والقانوني والحقوقي، وعقوبة الانتهاكات لحقوق الإنسان، وتلك أيضا مهمة المدرسة إلى جانب الجامع ومهمة الإعلام ونخب المجتمع، فالإنسان عدو ما يجهل، ومن أمن العقوبة ساء الأدب.. فالامومة والطفولة لهما حقوق يجهلها المجتمع بثقافة يرى الذكور فيها خصوصية وملكية خاصة، مع ان هناك في حقب زمنية كان يوجد نظام الحسبة على مثل هكذا مظالم، حتى لاينتج المجتمع جيل منحرف ومشوه وعيه ومعقد نفسيا ولم يحظ برعاية صحية أو غذائية أو استمتع بطفولته ولم يحظ بحقه في التعليم.

الأمومة والطفولة اساسات الأسرة والمجتمع فالانثى تعاني أيضا من السلطة الذكورية وثقافة العيب والعورة، وحقها في اختيار شريك حياتها وتكون في أحيان سلعة تباع وتشتري لا تحترم ادميتها ولا حقها في الحياة، وبذلك تكون حالات العنوسة والطلاق والخيانات الزوجية وأطفال الشوارع ممن يناموا في أرصفة المدن ويعملوا في سن مبكر. هم نتاج هذه العلاقة غير السوية بين الأنثى ومجتمعها الذكوري.

أبا واخا وزوجا..

هنا سيعود اليمن سعيدا..

حين يصبح عامل النظافة وكل المهن الذي نراها وضيعة محل تقدير واحترام المجتمع لها، ويكون سقف المواطنة هو الأعلى وينسف من عقلية اليمني التمايز الاجتماعي الأغباء الذي يضع المجتمع في تراتبية وتصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان.

هنا ستكتسي اليمن تاج الإنسانية

حين يعاد تعريف الشرف والعزة والكرامة، وأنها ليست في شعر ووجه امرأة مكشوف.. ، وان سرقة مال الناس والنصب والاحتيال والغش والخداع،

أمور تصيب كل معنى للشرف للرجولة بمقتل.

هنا تكون اليمن قاب قوسين أو أدنى من عتبات المستقبل..

حين ندفن التعصب الأعمى ومعها احقادنا والكراهية والبغضاء.. ونصل إلى قناعة مشتركة أن الحقيقة نسبية وأننا بشر نصيب ونخطئ، وان لا احدا فوق النظام والقانون والمحاسبة وان لا قداسة لبشر مهما علا شأنه.

هنا لا يستطيع كائن من كان أن يمرر ظلمه علينا، ويعلم يقينا أنه كان اولا واخيرا موظفا لدينا نحن الشعب ولا فضل له علينا.

هنا نتحدث بفخر واعتزاز عن شعب ودولة ووطن غادر مرابع القبيلة والمناطقية والولاء آت الضيقة..

وطن سيحترمه العالم ويسعى لكسب وده وإقامة علاقة ندية معه، وطن لا يستطيع أحدا كسره ولا استباحته وفرض وصايته والتدخل السافر في شئونه..

وطن يختلف أهله في كل شيء كأمر طبيعي يختلفوا برقي، ويتفقوا جميعا حوله.

وطن لم ولن تكون مشكلتنا سياسية في سلطات متعاقبة تعيد إنتاج ذاتها..

مشكلتنا ثقافية، ضعف انتماء وولاء للهوية الوطنية الجامعة، مشكلتنا قناعات راسخة وأفكار جامدة وتطرف وتعصب أعمى وثقافة الوصاية وامتلاك الحقيقة المطلقة..

مشكلتنا اجتماعية في عادات وتقاليد متخلفة بالية، من إرث القبيلة والقرية والمنطقة، تنتهك فيها حقوق المرأة وحقوق الطفولة بسلطة ذكورية تنظر للمرأة بدونية والطفولة كملكية يفرغ فيها ساديته وعدوانيته، وليس كمسئولية وتربية حديثة..

مشكلتنا في ثقافة دينية لا تحترم التباينات والخلافات الفقهية والمذهبية وتستغل في معترك السياسة استغلال رخيص، وتشوه وعي الناس وتدفع بهم إلى ضفتي