ورقة من كتاب الحرب

الإثنين, 08 أيلول/سبتمبر 2014 20:26 كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 

هي الحرب...

تبدأ من خلل في دماغ الزعيم

ومن شرر من جحيم الكلام

ومن عطل في تروس الضمير

ومن ظمأ لدماء العروق

ومن شبق لارتداء الوسام

ومن نزوات الجنون العجيب.

هي الحرب...

ناب يلوك أورطي القلوب

ونار تلظى

ودرب يؤدي الى عتبات القبور

وثقب على واجهات السنين

تخر المدائن ساجدة

والبيوت تفر بأحجارها والحنين

البلابل صامتة

والقنابل شاحذة صوتها

والقصائد تبكي على جثث تتكدس فوق الرصيف

تلوح النعوش مقهقهة

يضحك الجنرالات في نشرات المساء

والقذائف تقصف برج الحمام

وتقصف سارية العلم المدرسي

ومشفى الولادة والشجرات.

هي الحرب...

سيف يحز الرؤوس

وليل يهشم قرص الشموس

ووحش ظروس يلوك البساتين والطرقات

ويشرب ماء العيون

ويركض خلف الطيور

ويطهو المناقير والحوصلات.

هي الحرب...

حاء الرحى

وراء الكرى

وباء الوباء

اذا قرعت طبلها

زاغ عقل الجبال

وداخ الرجال

واغلقت الأرض اسماعها

وانزوت في كهوف الأنين

يدوس الجنود على قطرات الندى والورود

ويقتحمون الحدائق والجامعات

تصير الكتابة وهما

وتضحي الأذاعة لغما

وتختنق الريح سما

وتسقط من معجم العمر ياء الحياة

تصير السماوات ممطرة بالرصاص

وتقصف اهدافها الطائرات

وتقصف عود المغني

وريشة رسم الصغار

وسنبلة القمح

تقصف صنبورة الماء

تضحي البحار مدججة بالفناء

تصوب نيرانها حمما

وتطلق اسماكها القرش في كل منعطف وزقاق.

هي الحرب...

تطهو على مهلها وجبة من لحوم فرائسها الأبرياء

وتشرب انخابها من دماء معتقة للضحايا

وتغسل مخلبها بدموع الثكالى

وتصغي لأيقاعها المدفعي

ولا صوت يعلو على اللعلعات.

واذ تضع الحرب أوزارها

يترقى الزعيم

وتملأ صورته الواجهات

ويضحك في العملة الورقية

يسطر اسمه في كتب المنهج المدرسي

وحين تعود الحياة رويدا رويدا

وتخلع هذي المدائن احزانها وثياب الحداد

وتهجر اصواتها الهمهمة

يلوح الزعيم الذي ملأت صدره الأوسمة

ويلقي خطابا عنيفا

يدشن حربا جديدة

فتبقى المذيعة كالببغاء

وتبقى المدينة واجمة كحروف القصيدة.

قراءة 2170 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة