مراكمة الفشل وتسرب ما تبقى من هيبة الدولة

  • الاشتراكي نت/ الثوري - وسام محمد:

الخميس, 05 حزيران/يونيو 2014 18:34
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

لا يبدو أن دورة العنف التي تشهدها البلد سوف تتوقف قريباً، كما أنها لن تحظى بالتفسير الكافي وتوضيح الأسباب الحقيقية التي تقف خلفها، ثم أن الأوضاع الاقتصادية والانسانية تواصل تدهورها، ومما لا شك فيه أن هذا التدهور سينتج أسباباً إضافية للعنف والفوضى ومراكمة الفشل العام. توقفت الحرب على القاعدة في المحافظات الجنوبية بعد أسابيع من بدايتها وتحقيق الجـيش اليمني لأول مرة انتصارات معتبرة على الإرهاب، توقفت المعارك هناك دون أن تصل إلى النهاية، ولم تجد السلطات اليمنية نفسها مضطرة لتوضيح أسباب توقفها، خاصة وأن عناصر تنظيم القاعدة قاموا بتنفيذ غارة على مدينة سيئون الأسبوع الماضي، واحتلالها لمدة ست ساعات، ونهب أموال من داخل البنوك، والتقاط صور تذكارية ذات دقة عالية أمام بوابات بعض المكاتب الحكومية.

تراكم سلاح الميليشيا

تُسيطر المواجهات المسلحة التي تشهدها مديريات محافظة عمران، هذه الأيام على المشهد السياسي والأمني في البلاد، حيث كان قد سبق تلك المعارك تحريض طائفي واسع النطاق، يهدد باتساع مساحة الحرب، التي أصبحت تغذيها أسباب سياسية وقبلية وطائفية. كان الانفلات الذي عم مؤسسة الجيش خلال السنوات القليلة الماضية، قد شكل فرصة ثمينة لتجار الحروب، حيث تم نهب الكثير من الأسلحة وبيعها للأطراف التي كانت تستعد للحرب، ولم تكتف تلك الأطراف بنهب سلاح الدولة، بل راحت تستورد أسلحة من الخارج، مستغلة الضعف الأمني لإدخالها إلى البلاد، وكانت فرص الأجهزة الأمنية قليلة في كشف هذه العمليات. تراكم السلاح في أيدي المليشيات أصبح مصدر تهديد حقيقي للسلم الاجتماعي ولوجود واستمرار الدولة اليمنية، فالسلطات أصبحت شبه عاجزة عن احتواء هذه الأسلحة، لكن مهمتها تحتم عليها الإقدام على مثل هذه الخطوة، اذا أرادت أن تحافظ على ما تبقى من هيبة الدولة.

يرى متابعون أن الحرب في عمران لن تتوقف بسهولة، واذا توقفت فإنها ستترك شرخاً عميقاً في حالة الوفاق السياسي التي ظلت شبه قائمة خلال الفترة الماضية، ولم يعد هناك مجال للحديث عن الوفاق الاجتماعي، وإلى جانب القاعدة التي ما تزال منتشرة في عدد من المحافظات، فإن هناك من يسعى إلى تفجير الوضع في الجنوب من خلال استهداف الجيش للمدنيين في محافظة الضالع، ودعم جهات محسوبة على الحراك الجنوبي بالسلاح، وتوفير الاستفزازات الكافية لكي ينجروا إلى العنف.

العجز الاقتصادي

أصبح من الواضح أن الحكومة اليمنية تواجه أزمات عديدة أبرزها وجود عجز في الموازنة العامة، وعدم وجود مصادر لتغطية هذا العجز، الأمر الذي قد يجعلها تذهب لفرض «الجرعة السعرية» من خلال رفع الدعم عن المشتقات النفطية ورفع اسعار المواد الغذائية، لكن هذه الخطوة ما تزال غير مأمونة العواقب. لم تبحث الحكومة عن مصادر أخرى لتغطية العجز، فيما أزمة المشتقات ما تزال مستمرة في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات منذ ما يزيد عن شهرين، فيما تواصل بقية الخدمات الأساسية في الاختفاء من حياة المواطنين الذين لم يواجهوا ظروفاً صعبة كهذه إلا في العام 2011 أثناء الثورة، عندما أراد النظام السابق معاقبة اليمنيين الذين خرجوا ضده، أما اليوم فإن الأزمات تفتقر للسياق.

تفاقم الوضع الإنساني

ما يثير للاستغراب حقا أن الحكومة اليمنية ليس لديها أية خطة تساعدها على مواجهة الظروف الصعبة التي تعيشها البلد، فيما الظروف مرشحة للتفاقم اكثر، حيث أكدت مسؤولة في برنامج الغذاء العالمي مطلع هذا الأسبوع ، أن اليمن يعيش في خضم أزمة انسانية حادة، بعد أن أصبح ما يقارب نصف سكانه، أي أكثر من 10 ملايين، إما جوعى أو على حافة الجوع. وأوضحت اليزابيث بيريز المتحدثة باسم البرنامج في تصريحات بجنيف أن من بين هؤلاء حوالي 5ر4 ملايين شخص أو %22 من إجمالي عدد السكان (نحو 25 مليوناً) يعانون من الانعدام الشديد للأمن الغذائي، وهو ما يعني انهم بحاجة الى المساعدات الغذائية لعدم قدرتهم على العثور على ما يكفي من الغذاء لإطعام أنفسهم بشكل يومي. تقرير برنامج الغذاء أشار إلى أن حوالي 5 ملايين آخرين «يوجدون ضمن دائرة في خطر الانزلاق نحو انعدام الامن الغذائي الحاد»، مؤكداً ان الوضع في اليمن «بات يتسم بحركة نزوح واسعة النطاق وعدم استقرار سياسى وانعدام للأمن الغذائي، وأن هذا البلد «يشهد ايضاً ارتفاعاً لأسعار المواد الغذائية وانهياراً للخدمات الاجتماعية في ظل موارد ناقصة وانعدام للأمن وتدفقات للاجئين». وذكرت في هذا الصدد أن اليمن يستورد ما يقرب من %90 من المواد الغذائية الرئيسة، وأن سوء التغذية الحاد بين الأطفال، أقل من خمس سنوات، في هذا البلد بلغ نسبة تصل الى حوالي %13، مشيرة إلى أن سوء التغذية المزمن، المسؤول عن التقزم بين الاطفال في هذا العمر وصل الى نسبة تصل الى حوالي %47.

نتائج غير مفهومة

دخلت اليمن مرحلة انتقالية نهاية العام 2011 بناء على التسوية السياسية التي اقترحتها المبادرة الخليجية ووقعت عليها الأطراف السياسية، التي أصبحت شريكة في السلطة، كانت ثورة عارمة كانت قد انطلقت مطلع ذات العام، وحملت مطلب إسقاط النظام، لكن تمنع الأخير وتصلبه، ومواجهة الثورة بالقمع والقتل، ولد عملية احتقان واسعة، وأثار مخاوف أن تكون البلاد مقبلة على حروب أهلية لن تنتهي بسهولة في حال أنها وجدت من يشعلها، وساد اعتقاد بعد ذلك أن التسوية السياسية هي الحل الأنسب، لتفويت الفرصة أمام الحروب المرشحة، حتى وان كانت التسوية ستجعل فرص التغيير الحقيقي الذي تطالب به الثورة يبدو ضئيلاً. مضى عامان ونصف منذ أن تم افتراض أن اليمن مقبلة على عهد جديد يسوده الحوار والتعايش ونبذ الحروب والعنف، لكن هذه الفترة كانت فترة ازدهار للعنف ومراكمة الفشل على خطى النظام السابق نفسها، لا يمكن الحديث عن شيء ايجابي حدث خلال هذه المدة، اذا ما استثنينا مؤتمر الحوار الوطني كفكرة وجدت طريقها للتنفيذ، لكن النتائج ما تزال غير مضمونة، فيما التحايل على بعض المخرجات كان قد بدأ منذ وقت مبكر.

قراءة 960 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة