أوراق النقد تواجه خطر الانقراض مميز

  • الاشتراكي نت / عمر القاضي

الأحد, 15 تشرين1/أكتوير 2023 18:00
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

تواجه أوراق عملتنا الوطنية النقدية مخاطر انقراض حقيقية منذ بداية الحرب. مئات الأوراق نوع الفئات الصغيرة، 50 و 100 و200 و250 ريالاً تندثر وتنتهي من السوق يومياً، ولو قدرنا قيمة عدد الأوراق المنتهية، التي انتهت وخرجت عن الخدمة خلال الحرب سيكون المبلغ بمئات الملايين إن لم يتجاوز الرقم المليارات وفق تقديرات غير رسمية.

لا نرى تصريحات رسمية بمخاطر الانقراض، لكن ما نراه هو نهاية محزنه لأوراق عملتنا النقدية أمام أعيننا ولا وجود أي حلول أو بدائل لها ولا خطط في ظل الحرب المجحفة التي طالت كل شيء.

مشهد يومي يصادف الجميع للتعامل مع أوراق نقدية منهكة وملصقة ومدبسة بجميع أنواع اللواصق والمثبتات ومن جميع الاتجاهات، أوراقاً مبتورة وحالتها يرثى إليها. وعلى إثر ذلك ينشب صراع مستمر بين الزبائن والباعة وأصحاب البقالات، وبين الركاب وأصحاب الموتورات والسائقين، وبين الزبائن والمقاوتة، لما يحدث من صراع مستمر في سبيل تمرير وقبول الاوراق المهترئة.

مشهد واقعي

كل يوم أسمع وأشاهد مواطناً واقفاً أمام بقالة أو محل وهو يحاول ويترجى مالك البقالة لتمرير "الزلط" المقطعة مع الأيمان الغليظة على أنها ماتزال صالحة، وأن كل السيولة النقدية في السوق ممزقة. ومواطن آخر أسمعه يخاطب مالك البقالة محاولاً إعادة العملة المهترئة قائلا: " أنا أخذتها منك في الأمس". ومالك البقالة يتحسسها جيداً كأنه يتعامل مع مستندات تاريخية قديمة منذ زمن العصر البائد.

البعض من ملاك المحلات التجارية قد يقبل إعادة العملات المهترئة من الزبائن، والبعض الآخر يرفض أخذها منهم، مبررين عن ذلك بأن بقية الزبائن لن يقبلوها مرة أخرى.

حيل وصراع لتمرير العملة

في مواقف كهذه شخصياً أحاول التدخل لفض العراك بين ملاك المحلات التجارية والزبائن، وفرض التهدئة لهذا الشجار الدائم لأجل تمرير وقبول العملة، تارة أحاول إقناع الزبون وتارة أخرى أحاول إقناع مالك المحل بقبول العملة، مبدياً له مبررات وطنية وأن العملة كلها في حالة صعبة ومهترئة، وأن علينا تحمل بعضنا وتحمل عملاتنا التي تدمرت بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرضه التحالف علينا وعلى عملتنا.

ولا أنكر في أغلب الأحيان أقنع بنفس المأزق والمشكلة التي يقع فيها أغلب الزبائن والباعة لتمرير العملة المهترئة.

أحمد طه مواطن، قال رداً على سؤالنا له عن معاناته مع العملة اليمنية المهترئة متسائلاً وهو يضحك :" ايش نفعل؟ قد هذا الوضع أصبح على الجميع".

مضيفاً أنه "يستخدم عدة طرق وحيل من أجل تمرير الأوراق النقدية المهترئة حتى لا يشاهد ملاك المحلات التجارية والباعة عيوبها".

وفي حال اكتشف الباعة عيوب الورقة النقدية يقول "إذا رفضها البقال أكفت الزلط بيدي وأعود البيت خائباً. أيش نفعل يا خلق الله، وها هي عملتنا قد صلت إلى هذا الوضع المحزن".

بدائل غير عادلة

بالإضافة إلى معاناة المواطنين اليومية مع الأوراق المهترئة، هناك معاناة أخرى متمثلة في أزمة الصرف «الفكة» والعددي والباقي في السوق.

يقول الصحفي احمد الكمالي، أصبح الباعة وسائقي المواصلات وأصحاب المحلات التجارية بشكل عام، يرددون عبارتهم المعروفة للزبائن: "ما فيش صرف، ارجع بعدين"، وبعض مالكي البقالات اتخذوا بدائل إثر إنعدام "الفكة العددي". حيث يقوم أغلب الباعة بإعطاء الزبون جعالة كبديل عن بقية صرف العملة

وأوضح الكمالي " على سبيل المثال عندما يتبقى عند مالك البقالة  50 ريالاً أو 100 ريالاً، يقوم بإعطائك بدلا عنها شكولاته أو نعناع بدلا عنها. ويخارجك بطريقة غير منصفة".

وفي حال رفض الزبون هذه "المعادلة" غير المنصفة كما يقول الكمالي، وطالب بإعادة حقه الخمسين الريال، يرد عليك صحاب المحل التجاري، بأنه ليس لديه صرف، ويأكد لك ذلك بقيامه بفتح خزنة الفلوس!.

وأضاف أن" الوضع أصبح على هذا النحو. كل يوم يتبقى لدينا عند الباعة 50 ريالاً أو 100 ريالاً، حتى تتوفر هذه الأوراق الصغيرة من عملتنا والتي انقرضت أغلبها وأصبحت شبه منعدمه تماماً.

تدخل جراحي وتلصيق العملة

وإعتبر ما يقوم به مالكي البقالات وبعض المواطنين من تلصيق أوراق العملة المهترئة هو "دور عظيم وهم يساهمون في تلصيق العملة المتهالكة".

يقومون بعمل وطني بحت ويساهم في خدمة الاقتصاد الوطني ويحافظ على صمود العملة الوطنية إلى أقصى حد وإبقائها قيد الإستخدام أطول مدة ممكنة، ولو أن ما يقومون به عمل بسيط، وهو بالأساس ليس من مهمتهم، حسب تعبيره.

وهيب عبده، مالك بقالة يصف الحال التي وصلت إليها أوراق العملة المحلية قائلاً " لقد أصبح شكل أوراق فئة 250 ريال و 100 ريال، تشبه أوراق التتن (التبغ) ومهترئة وحالها محزن"، مشيراً إلى أن الأوراق النقدية السليمة " إما ستجد عليها جميع أنواع اللواصق من لصقة الزلط، ولصقة من تلك الخاصة بأسلاك الكهرباء، ولصقة الجراح الطبية، وليس هذا فقط، أحياناً تجد عليها دبابيس".

ويضيف عبده أن " بعض التجار والمواطنين يقومون بإضافة على جسم الأوراق المبتورة أجزاء من أوراق أخرى مشابهة وبطريقة احتيالية".

حلول غائبة

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، أن تدهور الوضع الفني للعملة المتداولة في صنعاء، أمر طبيعي، فهناك كتلة نقدية كبيرة تم إعادتها للتداول منتصف العام ٢٠١٦ عند بروز أزمة سيولة نقدية، وبسبب انعدام البدائل نتيجة ظروف الحرب والحصار بموازاة تماسك سعر العملة القديمة، تراجعت  السيولة النقدية من فئات ٥٠ ريال وتدهورت بشكل كبير الفئات النقدية من فئات ١٠٠ و٢٠٠ و٢٥٠ ريال وهي العملة التي يحتاجها العاملين في اسواق التجزئة كفكة .

وأضاف الحداد أن هناك تناقض للمعروض النقدي في السوق من الفئات الآخرى ولكن لايزال الغرض النقدي مستقر من العملة القديمة.

وأشار إلى أن الوضع يتطلب دراسة بدائل وطرحها في السوق على المدى المتوسط، إما بطباعة عملة بالتوافق مع الأطراف الأخرى بنفس مواصفات العملة السابقة، أو بتفعيل العملة الإلكترونية حتى يتم التوصل لاتفاق ينهي الانقسام النقدي والمالي.

 

قراءة 843 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة