خريجو الجامعات اليمنية بلا أفق.. ارتفاع قياسي للخريجين الباحثين عن فرص عمل مميز

  • الاشتراكي نت / صحيفة الثوري - محمد عبد الإله

السبت, 20 كانون2/يناير 2024 22:35
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

يواجه حاملو الشهادات الجامعية اليمنية صعوبات مادية واقتصادية كبيرة، بعد تجاوز المرحلة الجامعية وتحدياتها، لم تكن هذه التحديات سهلة إذن، إضافةً إلى العقبات التي يواجهونها، أبرزها: انعدام لفرص العمل في السوق، والمحسوبية في الحصول على الوظائف العامة، والفساد الإداري والمؤسسي، إضافةً لاستمرار الحرب، في بلدًا يشهد نزاعًا ـ مسلحًا على السلطة. نزاعًا خلف مئات الآلاف من القتلى وملايين العاطلين عن العمل، وتسبب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم وفقًا للأمم المتحدة.  

قال أستاذ علم الاجتماع، في كلية الآداب ـ جامعة صنعاء، عادل الشرجبي، "إن ظاهرة البطالة لخريجي الجامعات بدأت قبل ثورة فبراير 2011، وأن بطالة الخريجين ـ خريجي الجامعات كانت أحد أسباب ثورة فبراير، حينها أصدر علي عبد الله صالح تعليمات تقضي بتوظيف 60 ألف خريج اعتقادًا بأن ذلك سوف يساهم في احتواء الثورة، لكن الأمر لم يكن يتعلق فقط في بطالة الخريجين، ولكن كانت هناك أسباب كثيرة".

وتقول الأمم المتحدة أن نسبة البطالة بلغت 45% من 14% قبل الحرب. كما زاد الفقر إلى نحو 81% ليجد الشباب الذي يشكلون 70% من إجمالي السكان البالغ 32.6 مليون، أنفسهم أمام طريق مسدود.

وبحسب الشرجبي "ضمت ساحة الثورة فئات اجتماعية أخرى غير الطلاب وخريجي الجامعات، ولكل منهما مطالبهما وأهدافهما، إذا أن بطالة خريجي الجامعات قديمة، ولكن الأمر الذي استجد خلال السنوات الأخيرة أن البطالة المقعنة لخريجي الجامعات قد تحولت إلى بطالة صريحة وواضحة. بمعنى أن الأعمال التي  يمارسها خريجي الجامعات، والتي لم تتناسب مع تخصصاتهم ومعارفهم ـ التي تلقوها في الجامعات لم تعد تعد متاحة".

وأضاف "أن بعض خريجي الجامعات كانوا يعملون في مجالات مثل المطاعم والمرافق السياحية وغير ذلك حتى أن فرص العمل هذه لم تعد متاحة أمامهم، فقد اضطر الكثير من أصحاب المشروعات السياحية والمشروعات الصناعية والتجارية إلى إغلاقها؛ بسبب الحرب والحصار. الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة".

بالمقابل، عضو مؤتمر الحوار الوطني، عيبان محمد، " تمثل البطالة مظهر من مظاهرة الأزمة البنيوية ـ التي تعصف بالمجتمع اليمني منذ عدة عقود، وما زاد الطين بلة هو انتهاج الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ 1994 ما يسمى بسياسة الانفتاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي وما تبعها من اجراءات الخصخصة ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وتعويم قيمة العملة الوطنية، وانسحاب الدولة من أداء وظائفها الاجتماعية والاقتصادية وتحولها إلى ما يشبه دولة تسلطية حارسة يقتصر مهامها على تأمين مصالح الطبقة الطفيلية المسيطرة فقط. كل هذه السياسات والاجراءات كانت لها مآلات كارثية على الاقتصاد الوطني وعلى المجتمع، فقد أدت إلى تزايد التفاوت الاجتماعي وتآكل الطبقة الوسطى وتزايد أعداد الفقراء واتساع رقعة البطالة وارتفاع مؤشرات الجوع والحرمان".

وأضاف "قبل العام 1994 كانت البطالة منتشرة في أوساط العمال غير المهرة ومن ذوي التأهيل المتدني، لكن بعد ذلك أصبح خريجو الجامعات من الشباب المؤهلين يعانون تدريجياً من محدودية فرص العمل، ثم من البطالة الموسمية فالبطالة الهيكلية والسافرة".

وتابع "لقد أخذت البطالة في أوساط خريجي الجامعات خطاً تصاعدياً مع مرور السنوات، ففي العام 2004 كانت نسبة البطالة في أوساط الخريجين تقدر بحوالي 25%، وفي العام 2010 قفزت إلى 45%، وفي العام 2020 وصلت إلى مستوى مخيف، حيث تخطت حاجز 75%. لقد كان لهذا الوضع الكارثي انعكاساته على مختلف المستويات، على سبيل التمثيل لا الحصر، تراجعت القيمة الاجتماعية للتعليم بسبب تراجع وظيفته في تحقيق الحراك الاجتماعي، إذ لم يعد التعليم القنطرة التي يمكن أن تحقق للإنسان آماله، وتحسّن من وضعه الاقتصادي، ومكانته الاجتماعية، بل صارت هناك مداخل كثيرة غير مشروعة. الأمر الذي أفضى إلى نشوء ظاهرة الاغتراب الاجتماعي، وهي ظاهرة الشعور بعدم الانتماء، وانعدام الجدوى، وانسداد أبواب الأمل، وشيوع البؤس والعجز الكلي".

وأوضح "أن لمواجهة وضع كارثي كهذا يتطلب الأمر إجراء معالجات بنيوية شاملة ترتقي إلى مستوى الأزمة بل الكارثة التي تسحق المجتمع، وفي مقدمة ذلك إجراء تغيير جذري في طبيعة السياسات الاقتصادية والاتجاهات التنموية المشوهة المعمول بها منذ أكثر من 3 عقود والتي تعتمد على المساعدات الخارجية وعلى روشتات صندوق النقد والبنك الدوليين، باتجاه تبني سياسة اقتصادية وطنية مستقلة تقوم على مبدأ الاعتماد على الذات أولاً وقبل كل شيء. ثانياً: إيجاد مشروعات تنموية وصناعية كثيفة العمالة تستوعب العاطلين عن العمل. ثالثاً: إجراء تغييرات جذرية في فلسفة التعليم والسياسة التعليمية باتجاه ربط التعليم بقيم العمل والإنتاج. رابعاً: إلزام مؤسسات القطاع الخاص بتجسيد مبدأ المسؤولية الاجتماعية، من خلال الالتزام بخلق فرص عمل للعاطلين، والتوجه نحو الصناعات الإنتاجية بدلاً من التركيز على الأنشطة الاقتصادية الطفيلية التي لا يستفيد منها سوى الأقلية المتخمة. خامساً: إن تحقيق كل ما سبق مرهون بوجود سلطة وطنية ديمقراطية جادة ونزيهة، وهنا بيت القصيد".

ـ البحث عن فرصة عمل ـ

بدأت خريجة في الإذاعة والتليفزيون من جامعة صنعاء، فضلت عدم ذكر اسمها، البحث عن وظيفة خلال السنتين الماضيتين، لكنها لم تعثر على فرصة حتى الآن.

وقالت للثوري إنها تقدمت بطلب توظيف في المؤسسات الحكومية والخاصة، ولم تتلق ردود على الإيميل حتى الآن.

وتجد العديد من الخريجات في فتح مشاريعهن مغامرة كبير لأسباب مجتمعية قاهرة.

ولطالما كانت البطالة المرتفعة بين الشباب وصمة عار آبان حكم الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، لعدة سنوات، وتفاقمت مؤخرًا؛ بسبب الحرب بين الحوثيين، والحكومة، التي حدت من فرص العمل والحصول على الوظائف العامة وقوضت مستقبل الشباب.

ـ ظروف الحرب ـ

قال أحمد الكمالي، وهو خريج من قسم الصحافة في جامعة صنعاء، إن خريجو الجامعات اليمنية لا يجدون فرص عمل؛ بسبب ظروف الحرب وانعكاساتها على جل الأصعدة في البلاد.

وتابع أن الظروف الاقتصادية تلقي بثقلها على الشباب الذين لا يجدون فرص عمل، يصيب الكثير الإحباط والجمود، وتتحول طاقاتهم الإيجابية إلى طاقات سلبية، وينعكس ذلك على الحياة في كل الأصعدة المعيشية والاجتماعية والصحية وغيرها.

وبرر الكمالي ذلك بعدم الاهتمام بالطلاب وصقل مهاراتهم قبل تخرجهم لمواكبة التخصصات المطلوبة في سوق العمل.

في السياق، قالت أستاذة علم الاجتماع بجامعة صنعاء، عفاف الحيمي، تواجه الشباب مشاكل جمة أبرزها انعدام الوظائف المناسبة للخريجين. ووفقًا للحيمي بأنه لا يوجد توظيف في وزارة الخدمة المدنية لكثير من التخصصات.

وأضافت الحيمي من يجد  فرصة عمل تبتعد بشكل كلي عن مجال تخصصه الدراسي مشيرًةً، أن خريجي الصحافة مثلًا عاطلين عن العمل ويعملون في مهن هامشية بعيدًا عن تخصصهم،  وأن أصحاب التخصصات: التربية والرياضات والمحاسبة والحقوق يمارسون المهنة، يبرز عدم المساواة والتمييز في الحقوق للحصول على الوظائف المختلفة.

وأوضحت يعمل الشباب اليوم في مهن غير تخصصهم كما أن فترة الحرب لم تسمح لتوظيف الشباب وحدة من تحركاتهم؛ نتيجة للوضع القائم.

وتابعت يترافق ذلك مع تدني شديد للقطاع الخاص الذي لم يتح للخريجين الوظائف المطلوبة لتغطية احتياج السوق، وأن الجامعات اليمنية لم تؤائم من احتياج السوق والدراسة، وبالتالي ظهرت البطالة التي تقدر الآن بـ 60% بين الخريجين.

ـ العمل في أحد الأفران ـ

يعمل أحد الخريجين ـ الذي فضل عدم ذكر أسمه ـ منذ تخرجه من قسم هندسة الحاسوب في جامعة الحديدة 2013، في أحد الأفران في صنعاء بعد أربع سنوات شاقة.

وقال تقدمت بطلب توظيف في كل المؤسسات الحكومية والخاصة كمحاسب ولم أعثر على الفرصة التي لطالما أطمح بالوصول إليها منذ سنوات تخرجي. مشيرًا أنه أضطر إلى تسليم ملف شهادته الجامعية للعمل كمحاسب في أحد الأفران.

ودفعت الظروف القاهرة مئات الآلاف من الخريجين اليمنيين الحاصلين على شهادة التخرج في الإدارة والمحاسبة، والتربية والإعلام والآداب واللغات والهندسة إلى العمل في مهن هامشة. بعد معاناة استمرت لسنوات ومعظمهم حط شهادته في أرفف المكتبات.

كمان أن إنعدام الإمكانيات والفقر حرم الآلاف منهم، وحد من تحركاتهم مما جعلهم لا يحصلون على فرص للتدريب واكتساب الخبرة التكنولوجية التي تبحث عنها الشركات الإقليمية.

 

قراءة 555 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة