جحاف.. الممسوس بالعشق والشغف مميز

  • الاشتراكي نت/ خاص - فتحي أبو النصر

الأربعاء, 01 حزيران/يونيو 2016 19:01
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

كان علي عبد الرحمن جحاف، ممسوسا بالعشق حتى آخر لحظات عمره.

وهو يعترف " انني رجل مضياع متلاف لشعره،  ومعظم شعري ضائع إلا ما اتلافاه من أيدي الأصدقاء، وبعض مما يحفظونه في الذاكرة، فأتلقاه كصدقات يجودون بها علي".!

رغم كل ذلك.. إلا انه صاحب نتاج شعري غزير .

وتعد أغنية "واطائر امغرب " التي عرفناها بصوت الجليل أيوب طارش من ابرز روائع العامية التهامية.

مطلع التسعينيات ترأس تحرير صحيفة الكشكول التي كانت حينئذ أول صحيفة أدبية تصدر في اليمن، ثم توقفت عن الصدور لأسباب تمويلية.

تميز جحاف بالتواضع والطرافة والظرافة وزهد النفس، لكنه على رأس أدباء اليمن الذين كابدوا شظف العيش وقسوة الحياة .

صدرت له أربع دواوين شعرية كاذي شباط 1989، فل نيسان 2002، رياحين آذار 2002 ، ورود تشرين 2006.

يصنف جحاف على انه من جيل الستينات..لكنه ظل بعيدا عن الأضواء لفترة طويلة، واتسمت حياته ببوهيمية وحساسية الشعراء الذين ضد القوالب الجاهزة في الحياة والقصيدة .

فيما تميز شعره بايغاله في الحياة وتفاصيلها، وشغف المرهفين والغرباء الكبار، إضافة إلى قدرته الجبارة والعفوية في بعث الطاقة الكامنة في العامية، خصوصا في الغزليات ، والقصائد الناقدة للفساد،  ماجعله يمثل مدرسة خاصة من مدارس الشعر الغنائي .

لكن الشاعر عامر السعيدي -ابن منطقته- يرى أن " الشاعر علي عبدالرحمن جحاف أحد أولاد الجمهورية الذين دللتهم ثورة 26 سبتمبر؛  والذي كان هو أحد أصواتها الجميلة، لكنه مات كافرا بها ومؤمنا بسلالته وطائفته " .

إلا ان السعيدي يستدرك "لكن ومهما يكن فالشاعر هو الكائن الوحيد الذي لا نلومه على مزاجه وتقلباته السياسية وشطحاته؛ فكيف بنزعة الاصطفاء التي لها تأثيرها على الأشخاص والأمم ".

ويضيف: "طائر امغرب ذي وجهت سن امتهايم ستظل أغنية جميلة على لسان كل يمني، وسننسى قصيدته الأخيرة التي يمجد فيها زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله باعتباره صوت الإمام علي" .

ويتابع : "رحم الله جحاف شاعرا لا ثائرا".

واقع الحال ان جحاف شخصية إشكالية وشاعر كبير ونوعي، بالذات في الحمينيات بجمالياتها الفنية والموضوعية.

تتميز تجربته بحرارة المعنى والانفعال والشفافية.. وله عشرات القصائد المنحازة لثورة 26 سبتمبر التي ناصرتها أسرته مبكرا. وهو من مواليد عام 1944 قرية العبيسة مديرية كشر -محافظة حجة.

درس على يد أحمد هاشم الشهاري الذي كان ممن درسوا على يد الأستاذ أحمد محمد نعمان، حين كان سجينا في حجة .

قامت ثورة 26 سبتمبر وجحاف في حجة أيضا ، فسافر بعدها إلى مصر حيث درس فيها بمدينة حلوان، ثم بمدينة طنطا لمده عامين، ثم عاد بعدها إلى صنعاء، ثم انتقل إلى الحديدة، حيث عمل لمدة في سكرتارية مشروع سردود الزراعي، ثم التحق بالعمل بمديرية الإعلام بالحديدة،  واشتغل مذيعا في إذاعة صغيرة كانت تغطي مدينة الحديدة آنذاك.

وعقب زواجه من إبنة عمه،  انتقل إلى صنعاء حيث مكث ما يقارب الأربعة أعوام يعمل  في سكرتارية المجلس الوطني الذي أنشئ تمهيداً لمجلس الشورى.

وفي تلك الأثناء أفتتح بالإذاعة برنامج بريد المستمعين الذي عرف عبره على نطاق واسع، إلى أن التحق بعضوية مجلس الشورى لمدة أربعه أعوام مرض خلالها بالأعصاب .

وهكذا..مابين شواهق حجة وسهول التهائم قضى الشاعر الكبير أجمل صبوات ومواجيد حياته كشاعر هائم من طراز انساني رفيع. كما استمر ذلك النوع من الشعر- الأشد عمقا في بساطته-يفيض به بلاحدود.

لكن من غير اللائق أن يظلم الشاعر حيا وميتا. فضلا عن تفسير مواقفه ورؤاه-مهما كان حجم الاختلاف معها- عبر حدية التجاذبات السياسية والاجتماعية التي يتم حرفها للأسف واخضاعها للتطييف فقط .

فمن ناحيته يقول الإعلامي والأديب منصور النقاش: " يظل جحاف شاعراً طري الكلمة،  دوزن قصائده  بمفردات محلية، إنسابت بفنية أصيلة في أشعاره، فأكسبتها مخملاً ملوناً بألوان التضاريس اليمنية والتهامية تحديداً؛ حين إنتمى للأرض  وإنسانها  .

غير  أن ما شدته في أواخر عطاءه لا يتسق أبداً  مع زخم الشعرية المعروفة لديه ولا رهافتها  ؛ ولجأ  الى صناعة الشعر  وفق قوالب شكلية  خالية الروح  لا تنتمي لقصيدة جحاف ولا لوطنه  ،لكن مجدداً سنقطف الجميل  من جحاف وندعوا له بالرحمة".

تعليق النقاش جاء على  إثر ما اعتبره نكوصا من جحاف في آخر أيامه ، وتحديدا" كمن يعود على عقبيه متبرئا من أجمل  قصائده ( واطائر امغرب) حيث كان قد نقل عن جحاف قوله قبل عامين  : "  أبرأ إلى الله ماكان في كلمي من البذاءة والفحشاء والكذب ..وطائر امغرب كانت فتنة أخذت جمعاً من الناس نحو الغي والريب ".!

لمتابعة قناة الاشتراكي نت على التليجرام

اشترك بالضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

 

قراءة 1190 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة