ازمة معيشة تفتك بملايين المواطنين وتنبئ بثورة جياع قادمة "تقرير" مميز

  • الاشتراكي نت/ خاص – منذر الزكري

الإثنين, 31 تشرين1/أكتوير 2016 19:02
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تتفاقم الحالة المعيشية للمواطنين يوما بعد يوم بشكل متسارع ومنهم موظفي المؤسسات المدنية والعسكرية للدولة، بعد مرور شهرين حتى اللحظة، من عدم صرف المرتبات الأساسية التي يعتمدون عليها لإعالة أسرهم، الى الحد الذي تقترب منه الى مجاعة حقيقية ستجتاح البلاد.

وضع ينذر بكارثة حقيقية يعيشها المواطنين في اليمن، نتيجة التدهور الاقتصادي الذي يعود سببه لحرب المليشيات الانقلابية "تحالف علي صالح والحوثي" التي تخوضها داخل البلاد، منذ ما يقارب العامين، وسيطرتها على جميع مؤسسات الدولة، ونهب مبالغ مالية طائلة من صناديق الإرادات المالية التي تورد للمؤسسات الحكومية، لدعم جبهاتها القتالية داخل اليمن وعلى الحدود مع السعودية، وحرمان موظفي الدولة من مستحقاتهم المالية من مرتبات وحوافز وغيرها.

وتتحدث تقديرات غير رسمية ان ما يقارب من ثمانية مليون مواطن - يشكلون مجموع موظفي الدولة وما يعولون من اسر - فقدوا مصدر دخلهم الوحيد بسبب توقف صرف المرتبات؛ ومع ذلك يستمر تحالف مليشيات الحرب والانقلاب في حروبه التي تمول بمئات الملايين من ما نهب من مخزون مالي اضافه الى ما يجمع من تبرعات تحت غطاء دعم البنك المركزي اليمني، التي دعى لها زعيم جماعة الحوثي في سبتمبر الماضي. بعد قرار الحكومة الشرعية نقل البنك المركزي وادارة عملياته المصرفية الى محافظة عدن.

موظفو مأرب خارج الحسابات، وخلال الأسبوع المنصرم تحدث محافظ محافظة مارب سلطان العرادة في مؤتمر صحفي وقال ان السلطات المحلية في محافظة مارب صرفت مرتبات موظفي المكاتب التنفيذية اولا بأول.  

العرادة أعلن ايضا عن صرفت ميزانية ورواتب شركة صافر ومصفاة مارب، وذلك بعد رفض الانقلابين صرف المخصصات المالية للمحافظة. 

وتساءل كثيرون عن المغزى من صرف مرتبات الموظفين في مأرب وعدم صرفها في عدن وبقية المحافظات المحررة، لكن الأكيد في الامر ان السعودية هي التي حرصت على صرف مرتبات الموظفين في مأرب خوفا من أي قلاقل في المحافظة التي تدير عملياتها العسكرية منها.

ورغم ما بدى من ارتياح لدى كثير من الاوساط المجتمعية والشعبية التي تؤيد الحكومة الشرعية بقرار نقل المركزي الى عدن يرى رشيد الحداد الخبير الاقتصادي اليمني، إن قرار الرئيس هادي بنقل البنك المركزي اليمني قرارا غير مسؤول ويعرض مصادر عيش 1.2 مليون موظف يمني معظمهم في المحافظات الشمالية للخطر بل يعرض الاقتصاد اليمني للانهيار.

وأوضح الحداد في حديث تناقلته وسائل إعلامية مختلفة أن الرئيس هادي وحكومته لم يقدما أي التزامات بشأن سداد مرتبات موظفي الدولة والحفاظ على أموال المؤسسات والصناديق الحكومية لدى البنك، كما أنه يضع كافة العاملين في مؤسسات الدولة المناهضين له تحت طائلة العقاب والابتزاز. 

وبيّن أن حكومة بن دغر لم تعلن عن أي خطط اقتصادية ومالية للتعامل مع عملية نقل مركز السلطة المالية من صنعاء إلى عدن، معتبرًا أن قرار هادي في هذا التوقيت "انقلابًا" على صندوق النقد الدولي الذي رفض مرارًا وتكرارًا مطالب هادي وحكومته بنقل البنك، وانقلاب على الهدنة الاقتصادية السارية بين الحكومة والمليشيات.

وكانت الحكومة الشرعية قد اتهمت إدارة البنك -الواقع تحت سيطرة تحالف سلطة الانقلاب- بالعديد من التجاوزات، منها استنزاف الاحتياطي النقدي ومراكمة الدين الداخلي، وإيقاف رواتب المنتسبين للحكومة الشرعية، وإنفاق ‏‏٢٥ مليار ريال شهريا (مئة مليون دولار) على وزارة الدفاع التي يسيطر عليها صالح والحوثيين. 

وكان محافظ البنك المركزي الجديد منصر القعيطي اكد أن "السحوبات النقدية غير القانونية من قبل الحوثيين في صنعاء والحديدة بلغت نحو 450 مليار ريال يمني (1.8 مليار دولار) خلال فترة الـ 18 شهرا الماضية".  

ونوه إلى أن سيطرة الحوثيين على المنظومة المالية والمصرفية مكنتهم من إطالة أمد الحرب واستخدام موارد البنك المركزي لتمويل "المجهود الحربي". 

واعلنت السلطات الشرعية عند اتخاذ قرار نقل البنك المركزي عن استعدادها دفع رواتب الموظفين في كل الأراضي اليمنية، بيد ان المرتبات لم تصرف للشهر الثاني على التوالي .

وتقول مصادر مطلعة في حديثها لـ"الاشتراكي نت" ان أحد أسباب تأخر صرف الرواتب هو عدم تسليم المليشيات لقواعد البيانات، وهي القواعد التي عدل فيها الحوثيين مؤخراً واضافوا دون أي مراعاة المئات من عناصرهم. 

المصادر ذاتها قالت ان الحكومة والبنك المركزي في عدن يخافون من سيطرت المليشيات على الرواتب في حال ارسالها إلى المحافظات الشمالية وهو ما يشكل عائقا حقيقيا امام المضي قدما في عملية الصرف لاسيما والبنك لم يتلقى أي ضمانات حقيقية في هذا الجانب. 

وكانت معلومات مسربة تحدثت الأسبوع المنصرم على اتفاق الحكومة مع شركة تأمين قضى بتسليم الحكومة رواتب الموظفين لشركة التأمين التي ستقوم بدورها بتوزيعها في المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات. 

انهيار الاقتصاد اليمني ومنذ الانقلاب على السلطة الشرعية مطلع العام 2015 بدعم من الرئيس علي صالح، سيطرت ميليشيات الحوثي على البنك المركزي اليمني، ومارست عملية نهب غير مسبوقة لموارده رغم التحذيرات التي أطلقتها الحكومة الشرعية ودعواتها للأطراف والمؤسسات الدولية بهدف الضغط على الانقلابيين للإبقاء على حياد البنك وعدم إقحامه في الصراع القائم. 

وتراجعت قيمة العملة الوطنية من 215 ريالاً مقابل الدولار الأميركي الواحد قبل الانقلاب إلى أكثر من 340 ريالا للدولار الواحد مطلع اكتوبر الجاري، كما تآكل الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية ما يقارب الخمسة مليار دولار أميركي في مارس 2015 إلى أقل من 1,1 مليار دولار أواخر يونيو الماضي، وفق ما تحدثت به مصادر رسمية".

يقول الصحفي (م _ ص) في حديث لـ"الاشتراكي نت" في تقديري مادامت الحرب ستبقى فلن تتوقف الكارثة الاقتصادية، ومالم يتحقق السلام فلن تتوقف طوابير الموت بالرصاص والموت بالجوع".  

ويضيف "اليوم وحدها المليشيات تسرح وتمرح وتعبث بالمال العام، وبحق الناس في الامن والحياة في هذا البلد، وبالمقابل لدينا شرعية لا يهمها من امر الجوعى شيئا". 

ويزيد "باختصار يفقد الناس آخر آمالهم بالدولة وبالمواطنة وبالعدالة وبكل هذه القيم وغيرها، داخل مساحة يتسيد فيها الموت والجوع والكوليرا وسواها من الامراض التي تفتك بحياة اليمنيين".  

ان قرار نقل البنك المركزي ساهم بشكل مباشر في تأليب المواطنين وموظفي الدولة على سلطة تحالف الانقلاب، وذلك في المناطق التي لا زالت تقبع تحت سيطرتهم، لا سيما عند عجزهم عن توفير المرتبات لهم. 

وكانت بوادر ثورة واحتجاجات واسعة بدأت بالظهور مؤخراً حينما تداعى عمال وموظفي الدولة وبدأوا الترتيب لمظاهرات واسعة في صنعاء بيد ان المجزرة التي ارتكبها طيران التحالف في الصالة الكبرى حالت دون الخروج.

ولمواجهة استحقاقات رواتب نحو 1,2 مليون موظف رسمي يتقاضون شهريا 80 مليار ريال، وأيضا بعض النفقات التشغيلية للوزارات والهيئات الحكومية المختلفة، قالت مصادر مطلعة إن البنك المركزي الذي يسيطر عليه الانقلابيين عمد إلى طباعة أكثر من 400 مليار ريال بدون غطاء نقدي أجنبي، كما لجأوا إلى إصدار سندات حكومية وبيع أذون خزانة للبنوك والمستثمرين المحليين مقابل نسبة فائدة تصل إلى 16 بالمئة، وهو إيراد مكلف ومدمر في نفس الوقت لاقتصاد البلد. 

ومع تفاقم الوضع واستنفاد كل تلك المعالجات، اتجه البنك إلى تغطية مرتبات شهر أغسطس لموظفي الكثير من الجهات الحكومية عبر إخراج أوراق نقدية قديمة وتالفة، كان قد سحبها في فترات سابقة من الأسواق وصدرت محاضر رسمية بإتلافها. 

وساد الغضب والإحباط بين الموظفين إزاء استمرار احتجاز مرتباتهم وعدم صرفها من قبل السلطات المسؤولة والمسيطرة على أرض الواقع وعلى كافة المؤسسات الحكومية.

وحتى اليوم لم يسمع موظفو الدولة سوى وعود بالصرف في أقرب وقت، ومراوغات كان اكبرها توجيه من اسموه بالقائم بأعمال رئيس الوزراء المعين من قبل تحالف الانقلاب بعمل كشوفات بالموظفين الراغبين في شراء مواد غذائية تخصم قيمتها من مرتباتهم وتورد للتاجر.

يقول الزميل (م _ص) انه عندما يصل الحال حد غياب الراتب الشهري فهذا يعني تطورا مؤسفا يقود الى تجويع اكثر مما كان عليه الامر، مضيفاً "اليمنيون يفقدون كل شيء، بما في ذلك معاشهم الشهري بعد ان فقدوا الامان والامن وافتقدوا الى ابسط الخدمات. 

وبحسب الصحفي، فان الاف الاسر تدخل اليوم مرحلة المجاعة والكارثة الحقيقية، التي يقول إن شواهدها المؤسفة بدأت في بعض مديريات الحديدة، والتي ستستمر في الاتساع مالم يتدارك المجتمع الدولي وقبل ذلك يتدارك الطرفان المتحاربان الصراع في البلاد معنى ان يدخل اليمنيون كارثة كهذه.  

وما يجب على الحكومة فعله حدد الخبير الاقتصادي اليمني الدكتور ” فيصل الحذيفي ” في حديثه لوسائل اعلاميه سبع نقاط أساسية على الحكومة اليمنية التركيز عليها بعد قرار نقل البنك وتتعلق بسيولة الأموال ومرتبات الموظفين إلى المحافظات الأخرى خصوصاً الواقعة تحت سيطرة المليشيات. 

وقال ” الحذيفي ” أن تلك النقاط تتمثل في : تسليم الرواتب فرديا من فروع بريد عدن وتحويله إلى الشمال عبر الصرافين, مثلما كان الجنوبيون يسحبون الرواتب من صنعاء ويرسلوها عبر الصرافين إلى الجنوب، غير أن أبناء الشمال لم يعد لهم وجود كافي في عدن ليقوموا بهذه المهمة, ودخولهم إلى الجنوب صار متعسرا في ظل الأوضاع الجديدة التي فرضتها السلطة المحلية.  

وبحسب الحذيفي فإن النقطة الثانية: نقل الأموال إلى مركز البريد في كل محافظة ليتم من خلاله صرف الرواتب, وهنا لا توجد اي ضمانات لوصول الأموال دون نهبها, في ظل حرب ومواجهات عسكرية.  

ويرى في ثالثا: لن تنجح عملية نقل البنك المركزي دون تجفيف الإيرادات من الانقلابين وهذا يقتضي من السلطة الشرعية السيطرة على الساحل البحري من ميدي إلى ذو باب لمنع أي توريد تجاري يسند خزينة الانقلابين بالجمارك والضرائب والاتاوات الإضافية.  

وفي رابعاً يقول: ان تكون السلع الداخلة إلى جغرافيا الانقلابين آتية من موانئ عدن بعد أن يتم استقطاع الجمارك والضرائب وأي رسوم أخرى إلى البنك المركزي في عدن 

وتطرق في خامساً الى: سيتعين على الحكومة الشرعية نقل الأكواد الخاصة بالاتصالات والنت والبث الفضائي إلى عدن لكي يتم قطع الخدمة عن اي محافظة تحت الانقلابين لمجرد عدم إدارة المعركة ..  

ويتابع في سادساً: سيكون من المهم أن تعمل الخدمة المدنية في حكومة عدن على إعداد كشوفات الرواتب للعسكرين وفقا للولاء للدولة, وتنزيل رواتب كل من وقف مع الانقلابين ومن تم تعيينهم في الوظيفة أو ترقيته ..وتترك الباب مفتوحا للعسكريين المقاتلين في الميدان بالانتقال إلى المحافظات المحررة ليتم إعادة تأهيلهم وفق برنامج خاص.

اما في سابعاً فيرى: أن تبقى الحكومة على صرف رواتب كل الإدارات المدنية مثل التعليم والصحة وما يماثلها, إضافة الى أن تعمل حكومة بن دغر على تحريك عجلات التنمية من خلال تنمية الإيرادات السيادية في تصدير البترول والغاز والإيرادات الخدمية مثل الجمارك والضرائب والرسوم وتقديم خدمات الكهرباء والماء للمواطنين ..للشعور بوجود حكومة يمكن الركون إليها.

بعد مرور ما يقارب الشهرين على قرار نقل المركزي اليمني الى عدن لم ترسل الحكومة اليمنية أي تطمينات للشارع اليمني وتحديدا فئة الموظفين خصوصا في المحافظات الشمالية التي تسيطر عليها المليشيات بصرف المرتبات ولم تفصح عن ما هي المعوقات التي تحول دون ذلك، ويأتي هذا وسط تحذيرات دولية من جائحة مجاعة تهدد البلاد الى جانب ما تعيشه من حروب.

وعلى المستوى المحلي حذرت عدد من الاحزاب السياسية والفعاليات المدنية من ما تعيشه البلاد من تفاقم متسارع ومخيف للازمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد بسبب الحرب التي تخوضها المليشيات الانقلابية منذ عامين داعية الانقلابيين والحكومة الشرعية الى استشعار معاناة الناس التي تسبب بها مآلات الحرب وكانت نتاجها.

الحزب الاشتراكي اليمني حذرت امانته العامة في بيان صادر عنها الاسبوع المنصرم  من التداعيات الكارثية للإصرار على المضي قدماً في الانقلاب, والدفع باستمرار الحرب، داعية طرفي الشرعية والانقلاب إلى  عدم المكابرة وتحمل مسؤوليتهم الوطنية القانونية والأخلاقية, وعدم الاستهانة بمعاناة المواطنين, والاطلاق الفوري لمعاشات ومرتبات الموظفين الحكوميين والمتقاعدين واستحقاقاتهم المالية الشهرية.

وتطرق بيان الاشتراكي اليمني الى التداعيات الاقتصادية المنعكسة سلباً على مستوى الحياة المعيشية للناس, والتي وصلت إلى مستويات مروعة من التردي والإنحدار, وفقاً للمؤشرات الوطنية والدولية المتاحة, حيث ارتعفت نسبة الفقر إلى 85% من إجمالي السكان, ويخيم شبح المجاعة على عدد متزايد من محافظات الجمهورية, تتسع فجوتها باستمرار الحرب التي استنزفت على نحو متصاعد الموارد العامة للدولة, بما في ذلك الاحتياطي من النقد الاجنبي بأكثر من خمسة مليار دولار, كما يصل الانفاق  على الحرب ما يقارب من مائتي مليون دولار شهرياً من الموازنة العامة مباشرةً لما يسمى بالمجهود الحربي، وفق البيان.

واضاف ان الحرب اصابت جل جوانب الحياة المعيشية بالشلل التام, وانعدمت على إثرها مصادر العمل اليومي لشريحة واسعة من الفقراء المعتمدين على الدخل اليومي الضئيل لسد متطلبات الحياة الضرورية, وفقد مالا يقل عن ثلاثة ملايين شخص عملهم في الشركات الخاصة والاجنبية التي تم تصفيتها او أغلقت أبوابها لانعدام الأمن وشحة الوقود وغياب الكهرباء.

ورأى الحزب الاشتراكي ان في تضافر فعل وتأثير مجموعة تلك العوامل الاقتصادية والمعيشية المتردية للناس التي يعبر عنها بوضوح شبح المجاعة  المخيمة على العديد من المحافظات, اضافة الى استمرار الحرب العبثية  القائمة, في ظل الانسداد السياسي القائم- رأى ان ثورة الجياع أفضل الخيارات المتاحة أمام الجموع الشعبية الجائعة والغاضبة, وأقلها كلفة في معارك الموت جوعاً, أو قتلاً أو انتقاماً, في دوامة حرب عبثية منسية ومدانة.

 

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

قراءة 5118 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 02 تشرين2/نوفمبر 2016 19:04

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة