صالح.. والقفز في كل الإتجاهات مميز

  • الاشتراكي نت/ خاص

السبت, 10 كانون1/ديسمبر 2016 18:40
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يتودد صالح لدول الخليج، ولا يقر بأنها قد نفضت يدها عنه، فهو يعمل بدون غطاء دولي واضح، وهذا هو الفارق بينه وهادي.. لكن بالرغم من ذلك،  يحاول أن يبدو قوياً ومتحكماً بالمواقف، كما في أحاديثه الأخيرة التي نستشف منها عدة اضمارات وتوقعات.

فعلى المدى القريب والمتوسط، سيتحرك صالح في خطين على الأرجح ..خط عدم إستقرار الجنوب بشتى الطرق، كما سيكثر من استمالة جنوبيين إلى صفه.. وخط إرباك الحوثيين وتوسيع السخط ضدهم مع التنصل من تبعات تحالفه الانقلابي معهم.

وإضافة إلى محاولته فرض سلطة الأمر الواقع، سيبعث تطمينات للخليج بإمكانية قيامه بدور التحالف في جزئية دحض الخطر الإيراني من جانب الحوثية خصوصا، على أن تضحي السعودية بهادي كذلك.

والحال انه بعد عامين من الإنقلاب والحرب، يزداد الشرخ في صفوف الإنقلابيين بحسب المراقبين، فمن هو الطرف الذي سيدفع ثمن تحالفه مع الطرف الآخر، عندما تحين اللحظة الحاسمة .؟

وبقدر ما ينتظر تحالف صنعاء، تشظي أطراف تحالف هادي، ينتظر تحالف هادي، صدام صالح والحوثيين أيضا. على انه الإنتظار الذي لن يجدي بالنسبة للشرعية لإدارة الصراع بشكل مسؤول وناضج، إذ سيكون من غير المعقول انتظارها لحدوث إحتمالات فقط.

كما أن كل مالا يصب في صالح إستقرار وضع المناطق التي تم دحر الميليشيات منها، لن يفضي إلى تعزيز الثقة الشعبية المطلوبة للشرعية.

وفي صنعاء عموما، ثمة أهواء وأمنيات تتناقض مع نفسها تماما كما في الرياض للأسف.. طموحات حوثية مشحونة بوعي الولاية،  مع طموحات عفاشية تريد إستعادة مسعى التوريث.. ترحيل لأولويات طرفي الإنقلاب، وهما يواجهان المقاومة والجيش الموالي للرئيس هادي والتحالف العربي.

أما بحسب الوقائع، فإن صالح لم يغادر مقعد إدارة السلطة  منذ مابعد المبادرة الخليجية، وهذه هي الحقيقة الجوهرية التي أفضت إلى وضعية الإنقلاب وصولا إلى  إنقسام كيانية الدولة.

بل انه إستطاع -وبشكل براجماتي حثيث- إختراق أو فتح قنوات تفاهم، قادته إلى التحالف مع أبرز متطرفي الجهادية بشقيها السني والشيعي داخل اليمن.. والمعنى كما يعلق مراقبون أن صالح يبرع في جمع الأضداد لصالحه.

وإذا كان قد تحالف مع الجماعة الحوثية، لتتوحد عصبية قوتهما العسكرية والمليشاوية، فها قد خسرا كثيرا جراء شنهما الحرب الداخلية وضربات التحالف ودحر المقاومة لقواتهما.

غير أن صنعاء هي نقطة قوة صالح والحوثي إذا جاز التعبير،  في حين ان عدن هي نقطة ضعف هادي وحكومته حتى اللحظة.. وفيما فرضت على صالح استحقاقات مرحلة القفز على مخرجات الحوار الإلتقاء مع الحوثي، فقد فرضت طموحات الحوثي المدعومة إيرانيا الإلتقاء مع صالح-بحسب هؤلاء. 

لكن التحالف خربط أوراقهما بالطبع، وبالرغم من ذلك مازال التحالف باختلالات كبيرة، كما بلابوصلة متجانسة.

وإذ تتوحد المصالح لكنها تتناقض أيضا ، بين صالح والحوثيين،  فعلى ما يبدو بأن صالح مازال قادرا على توجيه الجيش الموالي له والتحكم بالقاعدة لضرب استقرار الجنوب ومارب، والاستعداد لتطويق حلفائه في الانقلاب حين تحين اللحظة المقررة .

والخميس لوح صالح بإستئناف الحرب على الجنوب، كما تغنى بقوة الحرس الذي وصفه بالحرس العائلي كسخرية من ثورة 2011م التي راج ذلك الوصف بعدها.

وبحسب صحيفة البيان الاماراتية في عددها الصادر أمس الجمعة " يشوب التحالف بين المخلوع صالح وزعيم الحوثيين، توترات خفية بالكادر تظهر للعلن، وهي في الواقع ليست خلافات سياسية بقدر ما تعبر عن تصادم مغرورين لا يقبل أحدهما بتفوق الآخر.

ويرى مراقبون أن هذا التوتر الذي انعكس على شكل اشتباكات عديدة بين أتباع الطرفين مرشح للتطور وقد يفضي مع أي حل سياسي إلى صدام عميق قد يكون دامياً بين الحليفين".

الحوثيون بالطبع ليسوا بذلك الغباء،  كي يكونوا لقمة سائغة بسهولة.. والأرجح ان لهم جهازهم الأمني الخاص، بمقابل جهاز صالح، وهم على إستعداد للمواجهة في حال قرر صالح بدء الصدام معهم.

بمعنى آخر كل طرف يتربص بالآخر الآن. لكن صالح سيعتمد أكثر من أي شيء آخر على إتساع نطاق التذمر الشعبي من الوعي الإمامي المسيطر على الجماعة، أفضل من المواجهة المسلحة على المدى القريب والمتوسط كما يبدو.

ثم أن إنفجار الصراع بين صالح والحوثيين قد يفضي إلى كارثة دموية، ستكون أكبر من كارثة الإنقلاب والحرب المتواصلة لإعادة الشرعية.

ولقد حث صالح وزراء حكومة صنعاء الانقلابية التي بلا اعتراف دولي، على أهمية إستعادة السيطرة على الجنوب،  كما ركز بأنه على تواصل مع أمريكا.

هكذا.. رغم كل التحولات التي حصلت، يوحي صالح بأنه مازال يعمل في ورشة الماضي جيدا.. فهو يصر على تحقير الرئيس هادي وحكومته و الإصلاح، وإعتبار هادي مجرد مرحلة قد فاتت، وبأنه هو لا غيره رجل تأمين مصالح الدول المعنية بالصراع وتداعياته في اليمن.

والحادث ان صالح يتصادم مع المتغيرات التي لا يعترف بها،  فبحسب الواقع لم يغادر الكثير من أوهامه بعد.

ومؤخرا كان لافتا تهديده للعرادة، محافظ مأرب بشكل خاص.

وإذ نفى صالح تحالفه مع الحوثيين قبل اجتياح صنعاء، فإنه استمر يتخبط ويراوغ، سواء في كلمته أمام مؤتمريين او في لقاء البي بي سي المزعوم معه، معتبرا ان الحوثيين هم من يحكمون منذ الإنقلاب، وبأنه تحالف معهم ضد التدخل السعودي فقط، وليس قبل تلك المرحلة.

و كعادته أراد الظهور كوحدوي منافح عن الوحدة.. الوحدة التي هشمت ممارساته في الحكم قيمتها الرمزية الفاعلة في نفوس المتضررين من الإقصاء والعسف في الجنوب، وتراكم المظالم منذ ما بعد حرب 94م.

ثم بصريح العبارة طالب بإنهاء القرار 2216، وصولا إلى مطالبته السعودية بالتعويضات، ورفض دستور الدولة الاتحادية.

كان صالح يتحدث ولا يلزم نفسه بشيء ولا بأية تنازل يذكر.. بل انه لا يأبه بكارثية إستخدام العنف للاستيلاء على السلطة، وليس انتهاءا بالانقلاب على هادي والمرحلة التوافقية، ثم وضع الجميع أمام قدر الحرب.. الحرب التي كان من الطبيعي أن تأخذ بعدا داخليا و إقليميا فادحا.

واستطرادا: طمأن المخلوع أمريكا بأن مصالحها موجودة في اليمن،  مشددا إلى أن تحالفه مع جماعة الحوثي تم بعد اسقاطهم لصنعاء، ومتهما هادي بإدخالهم.

ها انه يحاول القفز في كل الإتجاهات بلاشك، ولقد قال بأن ما حدث ليس انقلابا، ولكن هادي انقلب على نفسه. كما أضاف. بل وزاد تأكيده بالقول "نحن الشرعية وليس الذين في الخارج"،  متحديا حكومة هادي- التي انكر شرعيتها -الدخول لصنعاء،  قبل ان يتمادى في إنكار حصار تعز من قبل قواته وميليشيات الحوثي.

و فضلا عن تركيزه بأن المعركة مع السعودية والانفصال وداعش والإخوان المسلمين،  حث اتباعه على عدم التصادم مع الحوثيين في مؤسسات الدولة التي يديرونها معا.. كما أقدم على حث مصر على الانسحاب من التحالف.

وبخصوص مصر التي نشبت بينها والسعودية مؤخرا جملة خلافات بشأن سوريا واليمن وليبيا، والعلاقات مع تركيا، والموقف من الدورين الإيراني والروسي،   نشير إلى أن طلب صالح من مصر الإنسحاب من التحالف الذي تقوده السعودية،  قد جاء متوافقا مع اتصالات تجريها مصر مع الشرعية من أجل الإفراج عن المصريين المحتجزين في صنعاء، وعددهم 49 شخصاً، اعتقلوا من عدة محافظات تقع تحت سيطرة صالح والحوثي، وكانوا يعملون في مهن مختلفة، ومنهم صيادين، بينما لم تكشف مصر حسب خارجيتها التواصل مع صنعاء للإفراج عنهم.

صالح في هذا السياق أيضا قال إنه يتمنى من أمير الكويت الانسحاب من هذا التحالف، "والعمل كوسيط لرأب الصدع بيننا وبين الإخوان في السعودية".

كثيرون يصفون صالح بأنه يغرد خارج السرب طبعا.

ولكن كيف يمكننا قراءة عقل صالح مهما كان الإختلاف معه.. تلك هي المسألة الواقعية.

ثم إن الصراع أكثر تعقيدا مما يبدو،  فجميع الأطراف متباينة مع بعضها،  وهي ذات اصطفافات تكتيكية اكثر منها إستراتيجية. فإذا كان الرئيس هادي يحظى بدعم واعتراف دوليين، إلا إنه على الأرض غير قادر على جمع التباينات -وردم الفجوات-بين حلفائه الداخليين وبين الحلفاء الخارجيين ذوي الرغبات والحسابات المختلفة.

وبالطبع يستغل صالح تلك المعمعة لخلخلة طرف هادي بشتى الطرق.. يستغلها بمرونة وتكيف ودهاء ومكر كما يقول التاريخ.

وباختصار علينا أن نأخذ في الإعتبار أيضا تلك التحولات المريبة في مواقف الأمم المتحدة، بما أفضى بها من القرار 2216الى ما سميت بمبادرة كيري، وخطة ولد الشيخ التي رفضها الرئيس هادي لأنها تحاول شرعنة الإنقلاب كما قال مسؤولون حكوميون.

فوق هذا لا توجد مسارات واضحة للصراع منذ فترة طويلة، ولا مساع جادة لحسمه. ولذلك يمكننا القول ان الوجهات السياسية لمرحلة ما بعد الصراع المسلح هي التي ستحدد المسارات الحقيقية لكل الأطراف.

وكان لافتا قبل أيام فرض الولايات المتحدة عقوبات على القيادي في مقاومة الجوف وحزب الإصلاح الحسن أبكر، وعبد الله فيصل الأهدل،  ومنظمة رحماء خيرية التي يديرها، مشيرة إلى أنهم على صلة بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

وسبق للولايات المتحدة أن أدرجت محافظ البيضاء الموالي للشرعية الشيخ نايف القيسي، في قائمة ما تمسى بـ "الإرهاب".

وفي هذا الصدد دان التجمع اليمني للاصلاح ذلك القرار واعتبره "دليلاً واضحاً على تخبط الإدارة الأمريكية واعتمادها على معلومات مضللة ومغلوطة من جهات تستهدف الشخصيات الوطنية ذات الفكر الوسطي المعتدل، دون استناد إلى أي دليل ملموس".

كما جدد الاصلاح في بيانه "التأكيد على موقفه المبدئي الرافض للإرهاب بكل أنواعه وأشكاله ومصادره ويلتزم بالشراكة الكاملة مع سائر القوى الوطنية والإقليمية والدولية تحت قيادة السلطة اليمنية بمحاربته بالوسائل المشروعة".

والحال أن اقلمة الصراع،  قد فتحت تداعيات عديدة على المشهد.. وبحسب المؤشرات لن تتنازل السعودية على تحويل موازين القوة لصالحها في النهاية كما تؤكد مرارا.. لكن إلى أي مدى ستصر إيران على أن تثمر جهودها الداعمة للحوثيين وبالذات في مؤسسات الدولة مثلا.

بلغة أخرى يبدو من الصعب أن يقرر طرف بعينه شكل المستقبل الغامض.

وفي حال إستمرار الحرب بوتيرتها الراهنة دون حصول متغيرات فارقة، سيطول الصراع المسلح، وستتراكم مآسي الشعب فقط، بل ان هناك إحتمالات حقيقية خطرة ومغامرة لتغيير الخارطة السياسية للبلد في ظل الحرب.

قناة الاشتراكي نت تليجرام _ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

https://web.telegram.org/#/im?p=@aleshterakiNet

قراءة 6998 مرات آخر تعديل على الأحد, 11 كانون1/ديسمبر 2016 20:28

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة