أخـــر الأخبــــار

 

أزمة استئناف العملية التعليمية فـي الجامعة

  • الاشتراكي نت/ خاص -عارف الواقدي

الأربعاء, 12 آب/أغسطس 2015 20:30
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الصراع الممنهج، وتفاقم الأزمات السياسية، لم يكن كافياً، لإدخال البلاد فـي خندق عميق من الصراعات، كان توقف العملية التعليمية على المستوى الأساسي والجامعي فريسة سهلة جداً لتجار الصراعات والأزمات، فجامعة صنعاء كانت الفريسة والمتصارعون بمثابة الجلاد، الى ان عادت الحياة الى مسارها الطبيعي بإعلان الجامعة لاستئناف عملية التعليم، تحت ظل وضع غير آمن ومستقر، وصعوبات فـي غاية الصعوبة تواجه الطالب الجامعي منذ خروجه من البيت وصولاً الى صنعاء للالتحاق بالفصل التعويضي المعلن، يرافقه حظه الجميل غير أولئك الذين يقطنون مناطق كانت مسرحاً للجريمة وما تزال حتى اللحظة، وبعض أبنائها ممن يدرسون فـي جامعة صنعاء، إما مشردون فـي قرى بعيدة يرافقهم الحظ السيئ، أو آخرون رافقهم البؤس والنزوح فـي آنٍ واحد.

فمن كان الحظ حليفهم واستطاعوا الوصول الى صنعاء، لإكمال الفصل التعويضي المعلن من قبل رئاسة الجامعة، والذي بدأ منذ نهاية أبريل الماضي، كانت الطريق أمامهم ممتلئة بالصعوبات.

كما يرى الكثير من الاكاديميين والطلاب الرافضين لقرارات رئاسة الجامعة، التي تقضي بالاكتفاء بما قد تم أخذه من دروس وتحديد نهاية شهر أغسطس للعام الجاري كموعد للامتحانات النهائية، والتي وصفها البعض بغير المنصفة والمستعجلة، التي تجزم بفرض سلسلة من الصعوبات والسلبيات بالنسبة للطالب في المستقبل، أقل ما يمكننا تسميته بالمجهول، في وقت تحولت فيه الجامعة من الضحية الى الجلاد!.

إنهاك العملية التعليمية

لم يكن الوضع في الأزمة الحاصلة مقتصراً على الجانب السياسي والاقتصادي والإنساني فحسب بل امتد الى الجانب التعليمي على مستوى المدارس والمعاهد والجامعات، فمنذ 23 مارس الماضي، اضطرت الجامعات والمدارس الى إغلاق أبوابها وتوقيف سير العملية التعليمية في جميع المدن والمحافظات اليمنية، نتيجة لشدة عملية الصراع وتفاقم الأزمات، وبروز نشاط عملية القتال والاختطافات التي طالت طلاب الجامعة.

وتعرض حينها المئات من الطلاب والأكاديميين لعمليات همجية، أقل ما يمكن تسميتها بالمضايقات والاختطافات، وكانت جامعة صنعاء في المرتبة الأولى، ونتيجة لهذه الصراعات اضطرت الجامعة الى إغلاق أبوابها وتوقيف العملية التعليمية، في وجه أكثر من 84 ألف طالب، واستئناف المرحلة الدراسية الى عودة الأمن والاستقرار داخل البلاد، وتوفر الجو الملائم.

وخلال الفترة من مارس الماضي الى شهر أغسطس الجاري دخلت البلاد في صراع عميق، كان سبباً لتدمير مئات المدارس والجامعات، مما كان عاملاً مساعداً لإنهاك العملية التعليمية على المستويين الأساسي والجامعي.

قرارات ورفض

كان لا بد لجامعة صنعاء الاعلان عن استئناف العملية التعليمية، لذلك أعلنت الجامعة، والعديد من الجامعات الأخرى التي أوقفت التعليم للسبب ذاته، استئناف الدراسة منذ 25 أبريل الماضي للفصل التعويضي الذي حدد بفترة زمنية قدرت بشهر كامل، كان نتيجة لاجتماع رئاسة الجامعة مع عمادة وأكاديميي الكليات، رغم حصول بعض المعارضات من قبل بعض الاكاديميين في الجامعة، خوفاً من الوضع الراهن، وحفاظاً على حقوق الطالب الجامعي، من الانهيار المعرفي الذي قد ينتج عن عدم تلقي المعلومات الكاملة في التعليم.

ويرى الدكاترة المعارضون لقرارات رئاسة الجامعة، بأن الوضع الراهن أجبر الآلاف من طلاب الجامعة، الى مغادرة صنعاء والذهاب الى القرى وأماكن إقامتهم البعيدة، ووجود أغلب الطلاب المغادرين من الطلاب في أماكن يتمركز فيها الصراع والنزاعات الحاصلة على قدم وساق.

وبرر الاكاديميون المعارضون للقرار اعتراضهم، بعدم استطاعة الطلاب الوصول الى صنعاء للدراسة وإكمال الفصل التعويضي المقرر، في ظل الأزمات والنزاعات والانفلات الأمني، والشيء الأهم من ذلك الأوضاع المادية الصعبة التي لحقت بالجميع، والطلاب كانوا الضحية الأكبر بلا منازع.

لكن اعتراضاتهم واجهت الرفض، كون من رفضوا هذه القرارات قليلين، خلالها تم الإعلان عن الدراسة، ومنذ الأسبوع الأول للفصل التعويضي، شهدت جامعة صنعاء، حضوراً ضعيفاً جداً، نتيجة لسلسلة من الأسباب تتمحور في الآتي:

-1 احتدام الصراع، في أغلب المناطق التي يقطنها الطلاب، وتحويلها الى ساحات لمعارك طاحنة، كانت سبباً لعدم قدرة الطلاب الوصول إلى صنعاء لإكمال الدراسة في الجامعة.

-2 الوضع المادي الصعب، خصوصاً مع الارتفاع الكبير للاسعار وانهيار الوضع المادي للآلاف من طلاب الجامعة.

-3 ارتفاع أسعار المواصلات بنسبة %300، في جميع مدن ومحافظات الجمهورية نتيجة لتوسع دائرة الصراعات والنزاعات الحاصلة.

-4 سوء الوضع الأمني الذي جعل رفض الأسر إرسال أبنائها لإكمال التعليم الجامعي، خوفاً عليهم.

لم تكن هذه الأسباب المحصورة، تحد من وصول الطلاب الى الجامعة، فهناك الكثير من الأسباب التي كانت ضمن المعوقات للطلاب في إكمال الفصل التعويضي المعلن.

هل تزيد القرارات من معاناة الطالب؟

كان الحضور القليل للطلاب العائدين الى الجامعة، والحضور الضعيف لطلاب جامعة صنعاء يشكل عائقاً كبيراً، ومشكلة كبيرة لرئاسة الجامعة، مما جعلها تعقد اجتماعاً طارئاً، مع عمادة الكليات لدراسة الوضع، والذي أدى عدم تجاوب الطلاب الى إنتاج معضلة كبيرة برزت في وجوههم.

وخلال دراسة المشكلة التي واجهت رئاسة الجامعة، لم يخرجوا بأي حلول جيدة، سوى بنتائج غير منصفة للطلاب، مما يوسع من تفاقم المشكلة بشكل أكبر من السابق، ويجعلها تواجه كثيراً من الصعوبات، نتيجة لاتخاذ قرارات غير مدروسة.

ونتيجة الاجتماع الطارئ الذي دعت إليه رئاسة الجامعة، خرجت بالقرارات التالية:

-1 تحديد موعد الامتحانات النهائية، كموعد نهائي، بتاريخ 29 أغسطس 2015.

-2 الاكتفاء بالمحاضرات، والدروس، التي تم دراستها، قبل توقف الدراسة في الجامعة.

-3 تحديد آلية خاصة للاختبارات للطلاب الذين باستطاعتهم الحضور الى الجامعة لإكمال العام الدراسي.

-4 تحديد الدرجة للطلاب الذين سيتقدمون للامتحانات بالدرجة النهائية 100 درجة في المادة وإلغاء المحصلة، بدلاً من الاختبار على 70 ومحصلة 30، كما كان في السابق.

-5 مراعاة الطلاب اللاجئين والنازحين، والغائبين الذين لا يستطيعون الحضور للعديد من الأسباب.

-6 وضع آلية خاصة بالطلاب المقدمين على مشاريع التخرج.

ويبقى السؤال الوحيد الذي يطرح نفسه بعد خروج رئاسة الجامعة بهذه القرارات عن أهم السلبيات التي قد تطال الطالب الجامعي بعد الانتهاء من الاختبارات، خصوصاً عدم تلقيه للمعلومات المفيدة والجيدة، وما هو المستقبل المهني والوظيفي والمعرفي الذي ينتظر هؤلاء الطلاب مع انهيار المستوى التعليمي الذي تلقوه، والاكتفاء بالشيء اليسير من المحاضرات، التي وصلت بعضها، لمقدار %20، من الدروس المفترض أخذها؟. وعلى الرغم من هذا، هناك بعض الدكاترة لم يعطوا الطلاب محاضرة واحدة على الأكثر، من المواد المقرر دراستها، وحيال الوضع المنهار لجامعة صنعاء تظل قرارات رئاسة الجامعة العامل الأساس الذي سوف يزيد من معاناة الطالب في كل الأحوال.

ردود أفعال مؤيدة، وأخرى تستهجن

رغم الاعتراض الكبير التي يواجه قرارات رئاسة جامعة صنعاء، والتي وصفها البعض بغير المنصفة والمستعجلة في الوقت نفسه نجد من يؤيد هذه القرارات.

كان لنا جولة في الجامعة لمعرفة الآراء، حصلنا خلالها على العديد من الأجوبة لتساؤلاتنا، فالدكتور عادل الشرجبي، دكتور علم الاجتماع، في كلية الآداب، جامعة صنعاء يرى ان قرارات رئاسة الجامعة كانت حكيمة جداً بالنسبة لما توصلت إليه من قرارات بعد جهد طويل من النقاش والدراسة، خصوصاً بعد الأوضاع الصعبة، التي تمخضت بإيقاف الدراسة لأكثر من خمسة أشهر، ومن ثم العودة للمواصلة بإعلان الفصل التعويضي للطلاب حتى لا يضيع حقهم في التعليم، لأخذ ما تبقى من دروس متأخرة، وفي صدد ذلك كانت هناك تسهيلات تمحورت بالاكتفاء بما قد تم أخذه من محاضرات، مؤكداً ان الامتحانات النهائية لن تكون إلا من الأبواب والفصول التي تم أخذها في المحاضرات، ونشيد بالطلاب بقراءة بقية الدروس في الملازم، كونها مهمة وليس عليهم إلا قراءتها جيداً.

أما بالنسبة لأوضاع النازحين والذين لا يستطيعون الوصول الى صنعاء، نتيجة للظروف التي تمر بها البلاد، فقد قال الشرجبي: إن رئاسة الجامعة، وضعت آلية خاصة لهؤلاء الطلاب تتمثل بعدم حرمانهم من أخذ حقهم في الامتحانات حال توفر المناخ والجو الملائم لذلك الذي يتمثل باستطاعتهم الحضور والمواصلة، وعودة الأمور الى نصابها المتمثلة بالأمن والاستقرار وتحسين الظروف المادية والخروج من هذه الأزمات المتراكمة.

وأضاف الشرجبي حسب وجهة نظره ان من الأفضل للمتواجدين من طلاب جامعة صنعاء والمناطق الآمنة في صنعاء بذل الجهد في المذاكرة من أجل التقدم للامتحانات النهائية في موعدها المقرر والحرص الدائم والكبير على القراءة الجيدة والعميقة لما لم يتم أخذه في المحاضرات.

كما يدين الشرجبي الفئات المتخاصمة تحويل الجامعات وأماكن التعليم الى مناطق موبوءة بعملية الصراع وإدخالها ضمن نطاق دائرة النزاع ويختم قائلاً: إننا نأمل من الجهات المتخاصمة بالوصول الى حل سياسي يرضي جميع الأطراف المتنازعة وعودة الأمن والاستقرار والعملية التعليمية الى ما كانت عليه سابقاً.

بينما يرى الطالب في كلية الإعلام جامعة صنعاء صامد السامعي ان: إعلان الجامعة لبداية الدراسة للفصل التعويضي هو إعادة الحياة الى طبيعتها الآمنة.

وقال السامعي إن قرارات رئاسة الجامعة لها ايجابياتها وفي الوقت نفسه لها سلبيات فمن ايجابياتها عودة الحياة لمسار العملية التعليمية، مؤكداً ان القرار الذي يقضي بالاكتفاء بما تم أخذه من المحاضرات المأخوذة والاختبار منها تعد من السلبيات التي قد تؤثر على المستوى التعليمي للطالب في مستقبله المهني نتيجة لعدم حصوله على حقوقه التعليمية كاملة.

وأضاف الســــامعي ان هذه القرارات الصادرة من رئاسة الجامعة تعد ظلماً واضحاً في حق الطالب الجامعي خصوصاً وان الآلاف من الطلاب لا يستطيعون الحضور الى جامعة صنعاء التي تضم أكثر من 84 ألف طالب من مناطق مختلفة في الجمهورية نتيجة للأوضاع المادية والإنسانية التي يعيشونها، إذ يتواجد الكثير منهم ضمن إطار مناطق الصراع.

ويشير السامعي الى ان هناك العديد من الكليات التي تحتاج الى وضع خاص ورعاية خاصة لإتمام الدراسة ودراسة مشاريع التخرج المقدمة من الطلاب المقبلين على التخرج.

ويؤكد السامعي بأن المستفيد الوحيد من هذه القرارات هي الجامعة لأنها بذلك تكون قد قامت بإتمام وإنهاء العام الدراسي وتخلصت من العبء الثقيل الذي تتحمله للدخول في عام جديد لن يكون هو الأفضل مما هو حاصل الآن، مشيراً الى ان الخاسر الوحيد في هذه الحالة هو الطالب نفسه.

واختتم السامعي بأنه في هذه الحالة تتحمل رئاسة الجامعة وعمادة الكليات النتيجة السيئة التي قد تلحق بالطالب مستقبلاً.

وفي هذا الجانب تحدثت طالبة كلية الشريعة والقانون في جامعة صنعاء كريمة الأكحلي قائلة: نحن في كلية الشريعة والقانون نظامنا عبارة عن نظام الترم الواحد طوال العام ويختلف نظامنا عن باقي الكليات وكنا قد بدأنا في الدراسة للعام الجديد قبل تعليقها بشهرين فقط رغم المدة المحددة للدراسة في كليتنا بـ9 أشهر.

وتشير الأكحلي الى انهم في كلية الشريعة والقانون لم يتلقوا أي شيء ولو بسيطاً من المحاضرات عكس بعض الكليات التي حصل طلابها ولو على جزء يسير من المحاضرات قبل ان تعلن الجامعة توقيف العملية التعليمية نتيجة الأوضاع والصراعات في البلاد.

وأضافت الأكحلي ان القرارات الصادرة من رئاسة الجامعة حول الامتحانات النهائية والاكتفاء بالمحاضرات السابقة يعد ظلماً واضحاً للطالب كما وصفتها بغير المنصفة لحقوق الطالب الجامعي وان طريقة التفكير التي اتخذتها رئاسة الجامعة انطلقت من منطلق سياسي كون الوضع غير مناسب للدراسة أو المذاكرة والاستيعاب لدى الطالب.

وأكدت الأكحلي بأن رئاسة الجامعة كانت مستعجلة في إصدار قراراتها ولم تكن مدروسة جيداً مما ستترك هذه القرارات أثرها السيئ على الطلاب في مستقبلهم الوظيفي والمعرفي.

قراءة 4834 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 12 آب/أغسطس 2015 21:45

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة