أخـــر الأخبــــار

 

تعز: تزايد الانتهاكات والاغتيالات وسط غياب كلي للأمن

  • الاشتراكي نت/ تعز - تقرير: وسام محمد

السبت, 17 تشرين1/أكتوير 2015 17:52
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ما بين وقت وآخر تسمع في مدينة تعز عن انتهاك جديد، في الغالب يحتفظ بطبيعته الغامضة: لا يوجد طرف يمكن توجيه اتهام صريح له، عوضا عن ان مؤسسات الدولة بما في ذلك الأجهزة الأمنية عطلتها الحرب بشكل كامل.

في الوقت ذاته تسمع عن مساعي تقوم بها قيادات في المقاومة الشعبية من أجل اعادة العمل في مؤسسات الدولة أو على الأقل ايجاد هيئات تتبع المقاومة بشكل مباشر وتضطلع بالمهام الأمنية تمارس مهامها وفقا للقانون ويكون على راسها قيادات أمنية معروفة. قال قيادي في المقاومة الشعبية بتعز، أن المسألة الأمنية هي المعضلة الأولى التي تواجه المقاومة، رغم كل الجهود التي تبذل، لم يتحقق شيء يمكن الحديث عنه في ارض الواقع. وأكد القيادي الذي تحدث لـ"الاشتراكي نت" وطلب عدم ذكر أسمه، أن الاشكالية ليست في غياب الأمن، ولكن في غياب الجهة المسئولة التي ستقوم بحفظه.

وأرجع السبب في ذلك، إلى كون المقاومة تشكلت من عدة فصائل ليست متفقة دائما، وأن هناك خلافات اذا لم تكن حول ادارة المعارك في الجبهات المفتوحة، واستلام الدعم وتوزيعه، فهي حول الأحقية في ادارة الملف الأمني في المناطق التي يسيطر عليها كل فصيل.

وأضاف "كل طرف يعتقد انه من حقه ان يسجن ويحاكم ويبادل الأسرى، وأيضا يتعامل مع مختلف الاشكاليات الأمنية التي تقع ضمن مربعه، وتكون المشكلة في ان هذا التعامل لا يكون وفقا للقانون، وانما بحسب أمزجة شخصية، واحيانا قواعد لا تمت للقانون بصلة". وعندما يتم الاتفاق على تشكيل هيئة من مختلف الفصائل وتضطلع بالمهام الأمنية، فإن عملها يتعطل لأسباب أخرى.

ومن بين تلك الاسباب بحسب ما أوضح القيادي في المقاومة، أن هناك انتهاكات تتهم بها اطراف في المقاومة، وفي ذات الوقت فإن الارتجال الذي قامت به بعض الفصائل للتصدي للمهمة الامنية، أصبح بقائه عائقا أمام نجاح أي عمل مشترك.

عدد من الناشطين الذين يساندون المقاومة، عندما حاولنا طرح الاستفسارات عليهم حول الانتهاكات التي تحدث ضمن المربع المسيطر عليه من قبل المقاومة الشعبية في تعز، ابدوا تحفظا، لم يرغبوا في أن يتحدثوا عن مثل هذا الأمر بصراحة، خصوصا اذا كان الحديث سيذهب للصحافة.

وأغلب هؤلاء اعادوا نفس الكلام الذي تسمعه من أي شخص يتعاطف مع المقاومة، أن هناك مساعي لتشكيل مجلس أمني، البعض قال أنه قد تشكل، وأن القيادات الأمنية التي طرحت اسمائها، من المعروف أنها ليست طرفا مباشرا في الحرب الدائرة، ومهامها حفظ الأمن فقط.

وعن عدم لمس أي ترجمة واقعية لهذه المساعي، البعض ارجع السبب الى غياب الدعم المادي، فيما أخرين ارجعه الى تعطل مؤسسات الدولة وظرف الحرب.

مع كل حادثة انتهاك جديد، يتأكد فعلا أن المعضلة الأمنية هي المعضلة الرئيسية في مدينة تعز؛ فالانتهاكات مستمرة وتتسع مساحتها كل يوم، ولا يبدو أن هناك حلا قريبا يلوح في الأفق في ظل استمرار الحرب، بل أن الأخطر فعلا هو أن هذه الانتهاكات أصبحت توظف كأحد أدوات الصراع من قبل طرفيه، لتضيع في هذه المعمعة حقوق الناس، أغلبهم لا يعرفون لماذا كانوا هم المستهدفين على وجه التحديد؟

قالت إلهام القدسي، أن أخيها عصام قتل أمام منزله قبل اشهر، لأنه كان لديه راي يخالف راي بعض المتشددين ممن اصبحوا يقاتلون في صفوف المقاومة الشعبية؛ فهو كان يناقشهم بكل ما يؤمن به.

وأضافت القدسي في تهاتف مع "الاشتراكي نت"  "كان عصام يحب ان يناقش في قضية الصراع الدائرة اليوم في اليمن وفي دول أخرى في المنطقة، مهتما بالشأن العالمي، يؤيد ايران لأنها من وجهة نظره تواجه الغرب، ورغم انه لم يعرف قيادي حوثي واحد لم يتردد في مدح أنصار الله، أمام متطرفين يقفون على الضفة الأخرى".

وأوضحت القدسي ان اخيها كان يتحدث مع متطرفين بعد تأدية الصلاة معهم في الجامع، وكانت الحرب تشتد ضراوتها، الى أن وصلت الى نفس الحارة التي يسكن فيها، حينها بدأ يتلقى تهديدات، لم يأخذها على محمل الجد. قبل ايام من قتل عصام، تم قطع الشارع الفرعي المؤدي الى الحارة التي يسكنها، بوضع أحجار ومتاريس، "هو خرج غاضبا ورفع تلك الاحجار والمتاريس، لأنه رأى أن هذا سيجلب الويل للسكان، لأن أي عمل ينطلق من الحارة سيرد عليه الحوثيين عشوائيا" هنا لم يكن لآرائه السابقة اية علاقة بما قام به، غير أنه تم تفسير الأمر بناء على تلك الآراء.

وذكرت الهام ان التهديدات تزايدت اتجاه اخيها، إلى درجة أنه توقف عن الذهاب لتأدية الصلاة في المسجد، فهو شعر بالخطر وأصبح يتحدث مع زوجته بأنه سيلحق بصديقين له كانا قد قتلا في الحرب ولكن في ظروف مختلفة.

وتابعت: بعد تلك الحادثة بأيام، حاول بعض المتطرفين استمالته لحضور عزومه، فرفض الذهاب معهم، وفي اليوم الثاني جاء عدد من المسلحين الى امام البيت، وطلبوا منه الخروج، وعندما خرج الى أمامهم باشروه بإطلاق النار وأردوه قتيلا.

أنور الوزير حادثة أخرى، تقول المعلومات، أن متطرفين قاموا بقتله لأنه كان يتبنى أفكار علمانية ويجاهر بها من خلال صفحته على "فيس بوك".

إذن هناك نوعين بارزين من الانتهاكات: الأول تتهم فيه المقاومة بصورة مباشرة، بينما النوع الآخر يكون بسبب غياب الأجهزة الأمنية، في الغالب تقوم بهذه الانتهاكات جماعات أو أفراد يدعون أنهم يتبعون المقاومة غير أن جرائمهم تترك طابع الدوافع الشخصية أكثر اذا ما قارنا ذلك بأي دوافع أخرى، ولعل قضية اعدام الشاب عيسى كبح من هذا النوع الأخير.

قبل عيد الأضحى بأربعة أيام، جاء عدد من المسلحين على متن سيارتين الى أمام منزل الشاب عيسى كبح، وطلبوا منه ان يذهب معهم، كان مسلحا مع اثنين من اصدقائه، وعندما حاول الاستفسار باشروه بإطلاق النار، فأصابوه في رجليه.

قال ابراهيم كبح في حديث سابق عقب وقوع الجريمة، ان المسلحين اخذوا أخاه بعد "تكوينه" من أمام منزله في شارع جمال، إلى ساحة الحرية، وهناك قاموا بإعدامه، بوابل من الرصاص والعبث بوجهه، ثم تركوه هناك وغادروا.

وأضاف كبح، أن الذين كانوا الى جوار اخيه عندما قدم المسلحين، اعتقدوا بأنهم من المقاومة الشعبية، لأنهم كانوا جماعة ويتخذون نفس هيئة بعض المقاومين.

كبح رفض اتهام أي طرف بالوقوف وراء اعدام أخيه، وحمل قائد المقاومة الشعبية في تعز حمود المخلافي المسئولية في القاء القبض على القتلة، مشيرا الى ان هناك محاولات لتمييع القضية من خلال اتهام اخيه بمساندة الحوثي. غير أن مقربين منه، تحدثوا لـ"الاشتراكي نت" عن خلاف سابق بين اسرة عيسى كبح (القتيل) وأبناء عمومتهم، وأن هذا الخلاف كان قد أودى بحياة أخيه الأكبر قبل اندلاع الحرب بأسابيع.

قالوا أيضا، بأن أولاد عمومة كبح لديهم ارتباطات ببعض فصائل المقاومة، ومن غير المستبعد أن يكونوا قد استعانوا بهم لتصفيته، لأنه كان يشكل عامل قلق لهم، خصوصا وأنه مسلح طوال الوقت.

لا يبدو أن الانتهاكات ستتوقف عند هذه الصورة، لأن غياب الأمن يوفر بيئة مشجعة لتنامي الجرائم والانتهاكات، وهو أمر أصبح يقلق سكان مدينة تعز، بقدر ما تقلقهم قذائف وصواريخ مليشيا صالح والحوثي التي تسقط في الحارات وعلى المسكان وتخلف كل يوم العشرات من القتلى.

غير أن هناك بارقة أمل وحيدة، بزغت خلال اجازة عيد الأضحى المبارك عندما زار وفد من المقاومة الشعبية الرئيس هادي ونائبه بحاح في مدينة عدن.

مصادر مطلعة قالت لـ"الاشتراكي نت" أن الوفد طالب هادي وبحاح بضرورة حضور الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها في المناطق التي تسيطر عليها المقاومة، خصوصا الجهاز الأمني، فوعدا بتلبية هذه المطالب. وأكدت ذات المصادر أن هناك خطوات عملية تقوم بها قيادات في السلطة المحلية، لترتيب الملف الأمني، بعد تكليفها من قبل الرئيس هادي وتوفير الدعم الكافي لذلك، لافتة إلى أن وزير الداخلية سيصدر في الأيام المقبلة قرار بتعيين أحد القيادات الأمنية في المحافظة مديرا للأمن، ومباشرة سيتم اعادة فتح اقسام الشرطة وممارسة المهام الأمنية وأيضا احتكاره من قبل هذه المؤسسة وحدها.

قراءة 4295 مرات آخر تعديل على السبت, 17 تشرين1/أكتوير 2015 21:33

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة