على هامش الرأسمالية (2) مميز

الأحد, 18 أيلول/سبتمبر 2016 17:46 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 لماذا يبحث أهم رجل في العالم عن وظيفة؟

نعلم أن هذا البؤس المستشري في كل العالم سببه الرأسمالية، لكننا لا نعلم أين هي هذه الرأسمالية. لقد توقفت عن الظهور بشكل علني، وإذا ما اضطرت فهي تظهر على شكل رئيس يبحث عن فرصة عمل وموظفين بيروقراطيين  يمكنهم الحديث عن قصص نجاحهم.

في ظل اقتصاد عالمي يعتمد شبه كليا على المضاربات المالية، وتوظيف العلم والتكنولوجيا لتسريع الإنتاج وخفض كلفته إلى حدها الأدنى، أصبحت إرباح خيالية تذهب إلى حسابات حفنة من اثريا العالم. ما ولد تساؤل عن المسئول الجديد عن كل هذا الإفقار؟

رأينا قبل أشهر قليلة ذلك الفيلم القصير، من بطولة الرئيس الأمريكي بارك أوباما الذي أراد أن يبدأ مشوار البحث عن عمل من بوابة السينما. اوباما حقا لن يكون بالنجم السينمائي بعد أن كان نجما سياسيا طوال ثمانية أعوام، ولكن مع اقتراب انتهاء ولايته الرئاسية أراد أن يرد الجميل للإعلام الجديد ويوجه الانتباه إلى القوة الصاعدة التي قد تشكل خطرا حقيقيا على العالم الرأسمالي.

الفيلم أنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي (الإعلام الجديد) بشكل واسع. مئات الملايين من مناطق متعددة في العالم شاهدوا الفيلم، لعلهم شعروا بالاسترخاء لبعض الوقت وهم يرون أهم رجل في العالم مثلهم يبحث عن عمل.

بالطبع لم تكن المرة الأولى التي يحرص فيها اوباما أن يظهر قريبا من وسائل التواصل الاجتماعي وما يدور فيها. ففي العام 2008، كان لوسائل التواصل الاجتماعي، "فيس بوك تحديدا" دورا كبيرا في وصول أوباما إلى البيت الأبيض. قاد شباب لديهم شغف لا محدود بالتقنيات الجديدة، حملات انتخابية واسعة ساندت اوباما.

لم تكن خبرتهم السياسية هي من دعتهم لتوظيف التكنولوجيا لصالح أوباما، بقدر ما كان شغفهم بالتكنولوجيا، وتوق الشباب للجديد. وكما هي سطوة الأشياء الجديدة عندما تجد متنفسا ولو بسيطا، فقد استطاع الشباب الأمريكي ترجيح كفة أوباما بسهولة. بمعنى أن التكنولوجيا كان لها دور وسيط ومحوري في تحقيق ذلك الانتصار، وهو دور محسوب للشباب في نهاية المطاف.

ذهبت التحليلات إلى أن أوباما بذلك الفيلم أراد أن يستميل الشباب الذين أصبح لديهم سلطة حقيقية تتعاظم يوما بعد يوم، بالقدر الذي تتطور فيه التكنولوجيا، وهي تتطور في كل ثانية تقريبا. سلطة هذه التكنولوجيا أصبحت قادرة على إحداث فارق إذا ما كانت وسيلة للتعبير عن مشاكل حقيقية.

ولابد أن مخاوف الرأسمالية تتصاعد إزاء القدرات التي تتيحها التكنولوجيا. وبعد اندلاع ثورات الربيع العربي، التي بدأت في الأساس من داخل وسائل التواصل الاجتماعي فإن تلك المخاوف تصاعدت، حيث يصبح من السهل تدويل الثورات.

إذن نستطيع القول أنه منذ أن توقفت الرأسمالية عن الاعتماد على الصناعة والزراعة لحماية نفسها، وكانت حقا قد تعبت من مواجهة العمال وتلك الثورات التي تظهر وكأنها بلا نهاية، اتجهت للعلم والتكنولوجيا لتكيف نفسها على البقاء، وبالفعل حققت نجاحات كبيرة.

وهذه النجاحات هي من جعلت الرأسمالية تعيش في عالم افتراضي. لم تعد قوة مادية ملموسة بشكل مباشر، لا أحد يشتكي من استغلال العمال، لكن توحشها تضاعف بما لا يقاس. مئات الملايين على مستوى العالم يشكون من عدم توفر العمل.

ومثلما أصبح لدينا رأسمالية افتراضية، أكثر وحشية وعابرة للقارات، نشأ بالمقابل عالم افتراضي مقاوم يعتمد على نفس الأدوات التي تعتمد عليها الرأسمالية. في الماضي كانت المقاومة تجري داخل المصانع لكن الآن لم يعد ثمة مصانع بذلك المعنى، أصبح هناك جيش الروبوتات الذي لا يتعب ولا يطالب بتحسين ظروفه المعيشية. وهذا لا يمنع طرحنا لسؤال من قبيل هل ستظهر ذات يوم روبوتات ثورية؟

لم لا؟ وان لم يكن بالمعنى التقني للكلمة، فالثورات ولتكن في أي مكان من العالم، لابد أنها تعمل على صقل العالم الافتراضي المقاوم وتمده كل يوم بخبرات جديدة. ولطالما ظلت دواعي الثورات قائمة، فإن الشغف التكنولوجي المقترن بمزاج مقاوم آخذ في التصاعد، سوف يقودنا إلى أدوات ثورية شبيهة بالأدوات التي وظفتها الرأسمالية لبقائها ومتفوقة عليها لإحداث الفارق.

نعيش اليوم زمن ثوري، تفرضه ظروف موضوعية كاملة، أما العامل الذاتي على المستوى العالمي فهو حتى الآن شباب ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، يعكسون مشاكل الواقع المعقدة، من خلال دور مبهر يتكامل باستمرار.

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

قراءة 2399 مرات آخر تعديل على السبت, 24 أيلول/سبتمبر 2016 20:07

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة