أخـــر الأخبــــار

 

(حقوق المبعدين عن وظائفهم) قضية سياسية ذات بعد وطني

الأحد, 04 أيار 2014 19:05
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

 يعرف الجميع أن من أثار حرب 1994م  ضد الجنوب ، إقدام تحالف الحرب المنتصر فيها على إقصاء عشرات الآلاف من الكادر العسكري والأمني والكادر في الجهاز الحكومي المدني ، بمختلف فروعه وتكويناته ، عن أعمالهم ووظائفهم والاستبعاد عن العمل في مجالاتهم ، وإلغاء صفاتهم الاعتبارية بمن فيهم من هم منتخبون من هيئاتهم الناخبة في مؤسساتهم ، ولم تسلم  القيادات النقابية من ذلك .

وكانت هذه القضية قد تصدرت القضايا التي تأسس  الحراك السلمي الجنوبي الذي انطلق عام 1970م من أجلها . وشهدنا حينها محاولات النظام التعامل مع هذه القضية بتصرفات لا تخلو من الحيلة بهدف إسكات الأصوات ، دون الذهاب إلى جوهر المشكلة والاعتراف بها وبأسبابها والاستجابة للحلول الجذرية لها كجزء من مشكلة سياسية كبرى في البلاد .

إن جوهر المشكلة ، هو إزاحة الناس الذين شكلوا جسم الدولة الموحدة من قبل من اعتبروا أنفسهم شركاء للوحدة ، وقد وكان واضحاً للمتابع أن التحالف المنتصر في حرب 1994م كان معداً خططه مسبقاً لإزاحة الشركاء واقصائهم والاستفراد بحكم اليمن والاستيلاء على ثرواته وتحويل الوطن كله إلى مزارع خاصة بالعوائل الحاكمة . ولتنفيذ ذلك تمت عملية إقصاء عشرات الآلاف من العسكريين والمنتسبين لأجهزة الأمن وكذلك من الكادر المدني  في أجهزة الدولة ، بدون أدنى شعور بالمسئولية القانونية والوطنية والتاريخية ، وكان ذلك ضروريا من وجهة نظرهم لاستكمال السيطرة على الدولة بكل مفاصلها ومكوناتها بما في ذلك مواطن الثروات .     

هذا جانب هام من الجوانب التي تؤسس لاعتبار أن قضية من ثم إقصائهم لها جذور سياسية، وهي واحد من الأسباب التي أعطت القضية الجنوبية جذورها السياسية.        

بعد اتساع الحراك السياسي الجنوبي ووقوف الشعب اليمني معه لم يكن بمقدور أركان النظام واطراف تحالف الحرب ، إلا أن يعترفوا بوجود مشكلة ولو على استحياء .. أوبخطاب إعلامي خاص لايعطي هذه القضية حقها . ومثلما كانت القضية الجنوبية هي حجر الزاوية في القضية اليمنية وفي كل التحركات الشعبية والسياسية خلال السبع سنوات الماضية ، فإن قضية هؤلاء المبعدين (المقصيين) عن وظائفهم وأعمالهم ومراكزهم ، كانت في صدر كل المقترحات والسنياريوهات والمشاريع السياسية والاجتماعية خلال البحث عن الحلول.

وكان الحزب الاشتراكي اليمني باعتباره الحامل الرئيس للقضية الجنوبية في طليعة القوي السياسية التي قدّمت تصوراتها للحلول لهذه القضية حفاظاً على وحدة اليمن أرضاً وشعباً. وقد تصدرت النقاط الثلاثة عشرة التي أقرتها لجنته المركزية وقدمتها قيادة الحزب كأساس ضروري لحل القضية  الجنوبية وللسير قدما في الشراكة السياسية مع القوى الأخرى على الساحة اليمنية ، وناضل الحزب لتحقيق الاعتراف بذلك كخطوة هامة تؤكد المصداقية في السير نحو الحوار الوطني الشامل ، وكانت النقاط الأولى والثانية و الثالثة تعالج قضية المبعدين ، ونتيجة لذلك تحقق ما يلي :-

- في 2/12/ 2012م أقرت اللجنة الفنية التحضيرية للمؤتمر الوطني للحوار الشامل (20) عشرين نقطة " لازمة لإنجاح الحوار الوطني " ، وكانت قضية المبعدين قد تصدرت النقاط خاصة النقطتين الثانية والثالثة منها .

- أصدر الأخ/ رئيس الجمهورية القرار رقم (2) لعام 2013م بتشكيل اللجنة الرئاسية لمعالجة هذه القضية .

- بعد بدء سير أعمال المؤتمر الوطني الشامل تم تكوين فرق لمعالجة القضايا الكبرى موضوع الحوار وكان أحدها فريق القضية الجنوبية كتأكيدٍ على أهمية هذه القضية وجوهرها السياسي ، وابتدأ هذا الفريق بتقديم متطلبات عاجلة وفورية ضمنها الــ(11) الإحدى عشرة نقطة الشهيرة مشدداً في النقطة الرابعة منها على الحلول العاجلة  لقضية المبعدين .

- في 8 يوليو 2013م وجه الأخ رئيس الجمهورية بتنفيذ النقاط العشرين والـ (11) نقطة استناداً إلى القرارات والتوصيات الواردة في تقرير ونتائج وتوصيات المرحلة الأولى من مؤتمر الحوار الوطني الشامل .

- في 28أغسطس 2013م صادق مجلس الوزراء على مصفوفة الإجراءات التنفيذية للنقاط العشرين والإحدى عشر.      

وقد أجمعت كل الأطراف والمكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل على كل مستلزمات حل هذه المشكلة وأولوياتها ، وضمنتها النتائج النهائية للمؤتمر.

كل ما سبق عرضه يعطي لقضية المبعدين أهميتها وحجمها ، وكذلك وزنها ضمن القضية الجنوبية ، وقد كان تشكيل اللجنة الرئاسية الخاصة بمعالجتها التي ضمت في عضويتها خمسة من القضاة اليمنيين ، حتى يعاد للعدالة اعتبارها فيما يخص حقوق مواطنين يمنيين ثم انتهاكها ، ومن أجل الإنصاف . و تؤكد معلومات اللجنة أنه تقدم إلى اللجنة نحو (120) ألفا ملف من القطاع العسكري والأمني ومن القطاع المدني ، ويعتقد أنه هناك كثيرون لا يزالون مترددون  من التقدم إلى اللجنة لعدم ثقتهم بجدية المعالجة .

تؤكد المعلومات إن اللجنة الرئاسية الخاصة بالمبعدين قد اجزت قوائم كثيرة من فئات العسكريين الأمنيين ، وصدرت بهم قرارات من الأخ رئيس الجمهورية ، لتسوية أوضاعهم  وترتيب أوضاعهم وصرف مستحقاتهم ، ولكن لم يتم  تنفيذها ، ما يعنى أنها تلقى مقاومة من بعض القيادات العسكرية المرتبطة بتحالف حرب 1994م ، وقد تكون شاركت أو بعضها في عملية إقصائهم ولا يستسيغون إعادتهم إلى وحداتهم . ووتتردد كثير من المواقف من قبل هؤلاء أن إعادة هذا العدد الكبير إلى الوحدات العسكرية سيكون على حساب "الشماليين " - حسب تعبيراتهم - .. ما أغرب هذا المنطق ، ألم يكونوا هؤلاء في وحدات الجيش والأمن سابقاً ؟ أو ليسوا يمنييون ؟ . لقد دأبت هذه القوى منذ عام 1990م تنظر إلى الوحدة بما تحققه لهم من مصالح خاصة ، وهو ما تجسّد في في الاهتمام بوحدة الأرض والتنكيل بالبشر . و هذا السلوك اليوم هو خطر على وحدة اليمن ويعبّر عن الرغبة في استمرار ربط الجيش أو بعض وحداته بمصالح سياسية وفئوية وفردية أو جهوية بدلاً من مصالح الوطن والشعب ، و قد أقدم أحد أطراف هذا التحالف خلال الأحداث منذ مطلع 2011م بتجنيد عشرات الآلاف من المنتمين للإخوان المسلمين (الإصلاح) عبر عناصرهم القوية في الجيش ، وتسربت معلومات كثيرة عن عمل مماثل في إطار أجهزة الأمن بعد تشكيل حكومة الوفاق وتولي أحد عناصرهم وزارة الداخلية و مثل هذه التصرفات تمثل خطورة كبيرة على وطنية وحيادية الجيش وأجهزة الأمن  .

في خضمّ هذا المشهد سيظهر وضع عشرات الألاف من المدنيين الذين بدأت اللجنة الرئاسية البت في ملفاتهم وهم بحاجة لتسوية أوضاعهم وإعادتهم إلى أعمالهم وسيجدون مقاومة أيضاً أو أبواب مغلقة .

 إذاً أمام هذه الصورة الغير مقبولة يينبغي لنا إن نشحذ الهمم ونطالب بالوقوف والتبني الوطني لإعادة الإعتبار لليمن الذي يبدأ بحل فوري وجذري لهذا الإستحقاق ، وفي هذا  المسار لابد من عمل ما يلي :

- علنيا أولاً أن نؤكد الثقة العامة باللجنة الرئاسية وخاصة أن فيها خمسة قضاة نجلهم جميعاً و نثق بنزاهتهم وإحقاقهم للحق .

- على جميع الجهات والجمعيات والنقابات الممثلة والمعبرة عن المبعدين ، التعاون الكامل مع اللجنة الرئاسية ، وتقديم المعلومات والمقترحات والدراسة المشتركة معها للحلول المطلوبة لاتخاذها .

- باعتبار هذه القضية هي قضية وطنية ينبغي أن تحصل الإجراءات العادلة للجنة الرئاسية على الدعم  السياسي والمجتمعي بحيث تلعب كل الأطراف دور فاعلاً في سبيل السير قدماً نحو تحقيق الإجراءات وتنفيذها ، وابتداع أساليب للضغط على المعرقلين حتى يتم تنفيذ الإجراءات وتحقيق العدل . وهنا ينبغي أن يبرز دور الأحزاب السياسية المؤمنة بطبيعة هذه القضية ، وكذلك نقابات العمال والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني ومنها المنظمات الحقوقية ، جميعاً عليها أن تعمل على توجيه الضغوط ، وتبني والمشاركة بالإحتجاجات ، وتنظيم الوقفات والمسيرات الشعبية لهذا الغرض ، والمطالبة بمحاسبة المعرقلين .

قراءة 1191 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة