أخـــر الأخبــــار

 

راشد.. مواقف وتضحيات

الجمعة, 09 أيار 2014 18:34
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

{يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربّك راضية مرضية} صدق الله العظيم.

ودّع الوطن في الثلاثاء المنصرم واحداً من رموز النضال الوطني الذين شهدتهم ساحة النضال الوطني والقومي في منتصف خمسينيات القرن المنصرم.. إنه المرحوم إلى جوار ربه: عثمان عبدالجبار راشد، ذلك الشاب الذي عرفته يوم ذاك لأول مرة في مدينة التواهي بعدن مع ثلة من زملائه طلبة المدرسة الأهلية، الذين ساهموا في مقاومة كافة أشكال القهر والاستبداد لسلطات الاحتلال البريطاني في جنوب الوطن، ولنظام الأئمة الكهنوتي المتخلّف في شمال الوطن الذي فرض على البلاد حكماً فردياً أوتوقراطياً رهيباً مقروناً بعزلة رهيبة أغلق بها أمام الشعب كافة نوافذ النور والمعرفة بهذا العالم، وكيف يعيش، فلم تكن أمام أية معارضة أو مقاومة لذلك الحكم الوحشي إلا نافذة الضوء والنور الوحيدة “عدن”.

ولذلك حفرت مدينة عدن في نفوس كل أبناء اليمن وفي عقولهم أجمل وأسمى وأجل معاني الذكريات لهذه المدينة، على اعتبار أنها قد مثّلت لليمن أرضاً وإنساناً النافذة الواسعة، التي أطللنا من خلالها على العالم، وما يزخر به من التطورات المذهلة، وبعد فلقد مثّلت لي وفاة المرحوم الهزّة العنيفة لذاكرتي النائمة التي أيقظتها من مرقدها لينتصب أمام المخيلة شريط طويل مفعم بالأحداث والتطورات والمواقف التي لا تُنسى في هذه الفترة من تاريخ مدينة عدن برزت حالة يقظة وانتفاض، هي أشبه ما تكون بحالة الربيع العربي التي اجتاحت بلادنا عام 2011م من حيث المظاهرات والاحتجاجات والإضراب عن العمل والمؤتمرات الخطابية..الخ.

وفي نفس الوقت كانت هناك حالة نشوء أجنّة للبعض والبعض الآخر في حالة مخاض لعدد من الأحزاب السياسية والقومية، والأممية الماركسية، كل تلك الحركات قد كانت وراء تلك الهبّة الشعبية الوطنية، إلا أن أهم دافع وباعث لتلك الأحداث قد تمثّل بالمؤتمر العمالي الذي كان يشكّل أكثر من عشرين نقابة عمّالية كانت منضوية لذلك المؤتمر الذي كان بمثابة قلعة كبيرة للعمّال.

وفي تلك الفترة في خضم المسيرات والتظاهرات سقط في مدينة التواهي شهيداً الطالب: قاسم هلال ودائماً كان الشباب هم الدماء المتدفقة إلى كافة أعضاء الجسم، وكان في مدينة “التواهي” مجموعة من الشباب الذين عرفتهم وعملت معهم، فكان عثمان عبدالجبار راشد، وعبده علي عثمان، والدكتور قاسم سلام، ومن الأساتذة الذين كانوا قد تجاوزوا أولئك الطلاب: صالح عبدالله الحبشي وأحمد محمد حيدر، وهناك عدد من زملاء عثمان وعبده علي لا تسعفني ذاكرتي لإيراد أسمائهم يرجى ممن يطلع على هذا الموضوع أن يصحح ما أغفل، ولا أنسى دور المرحوم عبدالله سلام ناجي الذي كان يزورنا إلى دار جمعية الإخاء والتعاون بالتواهي، وزيارة المرحوم عبدالله سلام كانت بهدف الاطلاع على سير أنشطة الندوة التي تأسست في إطار الجمعية المشار إليها آنفاً.

وهذه الندوة كانت تحمل اسم: الندوة الثقافية للشباب العربي في اليمن، وكان منوطاً بهذه الندوة سلسلة من الأنشطة الثقافية، وإقامة المحاضرات المختلفة، إلى جانب الاحتفاء بالمناسبات الوطنية والدينية.. الخ..

وعلى ما أذكر إننا كنا قد دعونا للإسهام بأنشطة الندوة كل من الأساتذة: محمد أحمد نعمان نجل الأستاذ النعمان وكذلك الأستاذ:محمد عبدالله الفسيل، والأستاذ: علي عبدالعزيز نصر، والأستاذ: عبده خليل سليمان والذي كان من قادة المؤتمر العمالي.. الخ..

وكان الأخوان عثمان وسعيد عبدالجبار لهما الفضل في توفير “قرطاسية الندوة” عندما لا تفي تبرعات الأعضاء بالحاجة.

وإنني كلما تذكّرت تلك الأيام وتذكرت أولئك الشباب، وما كانوا يتمتعون به من حيوية وإرادة أكبرت فيهم تلك المواقف، وبالرغم من أن الواحد منهم كان لا يتجاوز عمره الخامسة عشرة، إلا أن نفوسهم وعقولهم كانت عامرة بالإيمان اللا محدود أمام إرادتهم الصلبة الراسخة.. فتحية إجلال وتقدير للجميع، والرحمة والغفران لفقيدنا والله نسأل أن يسكنه فسيح جناته، والتعزية الحارة لأبنائه وكافه أهله وذويه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.   

قراءة 1452 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة